كان لدينا خطة محكمة. تسلّلتُ داخل صندوق أعدّناه مسبقًا ضمن عربة البضائع، بينما تولّى كايا إظهار وثائق التسجيل وأوراق الطلبية لحراس البوابة، فتمكّنا من الدخول دون عوائق.
هكذا بدأنا عمليّة التسلّل.
نظرًا لتاريخنا السابق في تزويد أسرة الماركيز بالبضائع، سُمح لنا بالعبور بسهولة إلى داخل القلعة.
“يبدو أن الطلبات ازدادت اليوم بسبب تجمع النبلاء وأفراد العائلة، أليس كذلك؟”
“بلى، هكذا هو الحال.”
وأنا مختبئة داخل الصندوق، أصغيت إلى الحديث المسموع عبر الخشب الرفيع.
تجمع أفراد العائلة في هذه الأوقات؟ ..
تُرى، هل يعود السبب إلى الكارثة الأخيرة التي حلت بالمنطقة؟ لقد لاحظت منذ دخولنا أن الأوضاع لم تكن على ما يُرام.
السوق الذي كان يُفترض أن يعج بالحركة كان هادئًا بشكل مريب، والناس في الشوارع بدت هيئاتهم رثة ووجوههم شاحبة. حتى الأطفال كانوا نحيفين بشكل يبعث على القلق.
يبدو أن الكارثة الحالية كانت “الجفاف.”
سلسلة الكوارث المتتالية أصابت اقتصاد المقاطعة بالركود، مما دفع ماركيز المنطقة إلى رفع الضرائب بشكل مُفرط، ليزداد فقر السكان.
“جئتُ لمقابلة سعادة الماركيز، فقد اتفقنا على الحديث بخصوص دعم المرتزقة.”
سمعتُ صوت كايا وهو يتحدث بنبرة رسمية ومتحفظة.
كان من الطبيعي أن يمنحه “عمي” الماركيز تلميحًا كهذا.
من المحتمل أن الموارد القليلة المتاحة لا تكفي لاستئجار فرسان أو سحرة محترفين لحماية المنطقة.
كانت مساحة قلعة بيلمور، مركز المقاطعة، شاسعة، ومع ندرة المياه كان من الصعب تأمين حاجات السكان حتى مع وجود مستحضرين لعناصر الماء.
وفجأة، شعرت بالصندوق يهتز حينما رُفع عن الأرض. بدأت الخطوات الثابتة تهز الصندوق مع كل خطوة يخطوها الشخص الذي يحملني.
كايا هو من يحملني، بلا شك. لكن إلى أين يأخذني؟.
نظرت من خلال ثقب صغير، فرأيت إيديل جالسًا على العربة يلوّح لي بابتسامة مرحة.
توقف الحامل بعد قليل، وسمعت صوت باب يُفتح قبل أن يُوضع الصندوق بلطف على الأرض.
من خلال الشق، استطعت رؤية الغرفة. إنها مكتب الماركيز.
كيف يمكن أن ينجح هذا المخطط بالفعل؟ أن تُهرّب مطرودة إلى مكتب الماركيز نفسه؟!.
“ما هذا الصندوق؟”
قال صوت مألوف ببرود.
كان ذلك صوت الماركيز بيلمور، وقد جعلتني نبرته الجليدية أشعر بوخز بارد في صدري.
“سييلا، يمكنك الخروج الآن.”
نادى عليّ كايا بصوت مطمئن وهادئ.
الآن؟ فجأة؟ لم أكن مستعدة بعد!.
حبست أنفاسي، ودفعت الغطاء ببطء، فأخرجت رأسي من الصندوق.
أما الماركيز، فقد بدا مذهولًا للحظات قبل أن تتلبّد ملامحه بالغضب، وأشار إليّ بيده.
“هل فقدتَ عقلك؟ كيف تجرؤ على إدخال مُطرَدة دَنسة إلى القلعة؟!”
قلت له ببرود، وأنا أخرج جسدي بالكامل من الصندوق:
“مَن وصفني بالدَنسة هو أنت، ياعم. ليس أنا، ولا والدتي.”
(هي متعمدة تنادي ابوها بالعم لأنها ماتعترف بيه كأب )
“ماذا تقولين فجأة؟! غادري القلعة حالًا!”
هل كان يجب عليهم إقصائي بهذه القسوة فقط لأنني لم أكن أشبههم أو أتمكن من استحضار قدراتي؟.
قلت له بنبرة حازمة:
“لا أريد ذلك.”
تجاهلتُ غضبه ووقفتُ بثبات، بينما كان يشتعل غضبًا ويسحب الحبل المجاور لاستدعاء الحراس.
“لقد استحضرتُ قواي أخيرًا. أصبحتُ مستحضرة أرواح.”
ارتسمت الصدمة على وجه الماركيز عند سماع كلماتي.
تابعتُ بسرعة قبل أن أضيّع الفرصة:
“لكنني لم أعد لأنال اعترافك كإبنتك أو لأن أعيش معكم كعائلة. جئتُ فقط لاستعيد مكانتي وأتخلص من وصمة الطرد. ما أريده بسيط؛ أن تقدّم اعتذارًا صادقًا لي ولأمي الراحلة. وبعد ذلك، لن أزعجك مجددًا، ولن أطلب منك دعمًا أو مساعدة.”
اكتفى الماركيز بالتحديق فيّ بنظرة جامدة دون أن ينبس ببنت شفة.
“ليس بطلبٍ صعب، صحيح؟ بإمكاننا إنهاء الأمر هنا، ثم يمضي كلٌّ منا في سبيله.”
لكنه لم يستجب، وقال بتهكم:
“لا بد أنك تستخدمين الخداع، كما كانت تفعل والدتك. سأقول لك للمرة الأخيرة، غادري الآن.”
شعرت وكأنني أتحدث إلى جدار.
في تلك اللحظة، دخل الحراس ووجّهوا سيوفهم نحوي.
تقدّم كايا خطوة، وحدّق في الحراس ببرود وهو يقول بلهجة باردة:
“لا مبرر لتوجيه السيوف إلى شخص غير مسلّح، أليس كذلك؟”
تردّد الحراس لوهلة وتراجعوا خطوة.
لكن الماركيز لم يهدأ، وقال:
“حتى لو كنتَ أنت، إحضار هذه الطفلة الملوّثة إلى هنا تصرّف مشين.”
قبل أن يكمل حديثه، اقتحم شخص الغرفة وركض نحوي بسرعة.
“مارسييلا؟ أنتِ حقًا؟ نحلتي الصغيرة هنا؟”
“عمي آليك؟”
كان هذا آليك نوير، عمي الذي كان يناديني بـ”النحلة الصغيرة” منذ طفولتي ويدللني.
قال بابتسامة مليئة بالارتياح:
“لقد مررتِ بالكثير، لكن من الجيد أنكِ بخير.”
عندما تم نفيي، كان عمي في ساحة المعركة. لم نلتقِ منذ سنوات طويلة. ترى، لو كان هنا وقتها، هل كان سيدافع عني؟.
أم أنه، لو كان يهتم حقًا، كان سيعود للبحث عني؟
“أجل…”
قلت ببرود، غير قادرة على إخفاء إحساسي بالخذلان.
نظر إليّ مليًا قبل أن يقول بلطف:
“هل أتيتِ لأنكِ استحضرتِ قواكِ أخيرًا؟”
“صحيح.”
“كما توقعت. يبدو أن شقيقي قد أساء الفهم.”
ازدادت ملامح الدوق بيلمور تعكيرًا، وهو يستمع إلى حديثنا.
“آليك، لم يتأكد شيء بعد. قد تكون تواصلت مع ساحر الظلام في يوديس وتظاهرت بأنها استيقظت كروحانية. إذا لم نخرجها فورًا، فقد يجلب ملك الأرواح كارثة بسبب غضبه.”
“سيدي، هذه مجرد افتراضات أيضًا، أليس كذلك؟ إلى جانب ذلك، ألم تصدر هالة الضوء التي تشير إلى ظهور وريث ملك الأرواح من إرث أرنس؟”
“اصمت، آليك. لا تجرؤ على مقارنة هذه الملعونة بإرث ملك الأرواح.”
قاطعه الماركيز بحزمٍ وقلقٍ واضح، مما جعلني أتساءل عن السبب الذي دفعه للدفاع عني فجأة. إرث أرنس هو قطعة أثرية تضيء عندما يتم اختيار وريث ملك الأرواح، فهل كان يتوقع شيئًا مني؟
لكن في النهاية، حتى آليك قد يغيّر موقفه إذا علم أنني عقدت اتفاقًا مع أرواح من الرتبة الدنيا.
“لا أريد شيئًا آخر، سيدي الماركيز. فقط أريد استعادة وضعي الاجتماعي. يمكنك استخدام إرث أرنس لقياس قدراتي. إذا كنت أكذب، فليُنزل ملك الأرواح عليّ العقاب.”
كررت طلبي بهدوء.
لم يكن مهمًّا نوع الأرواح التي أبرمت معها العقد.
المهم أنها اختارتني، وكنت أقدّرها بشدة.
كان أكثر ما يزعجني هو أنني أنتمي إلى عائلة تستهين بي وتقلل من قدري.
في تلك اللحظة، نظرت إلى كايا، الذي لم يظهر أي تعاطف أو شفقة، بل كان يحدّق إلى الأمام بجمود وكأنه لا يكترث. لكن تلك اللامبالاة جعلتني أشعر بالارتياح.
كل ما أردته الآن هو تحقيق هدفي والخروج سريعًا من هذا المكان.
كنت على وشك استدعاء روحيّ المرافقين، دوشيك وكامي، عندما قاطعنا أليك مجددًا.
“سيدي الماركيز، أليس من المقرر اليوم قياس قدرات الأرواح للأطفال من العائلات النبيلة؟ دعونا نستغل هذا الحدث ونعطي مارسييلا فرصة لإثبات نفسها.”
أدركت أن تجمع العائلات النبيلة كان بسبب التغييرات التي طرأت على إرث أرنس. لم يكن هذا من شأني، لكنني وجدت نفسي في خضم الأحداث.
عندها، تكلم كايا بصوت بارد:
“لم أتوقع أن يكون سموّك بهذا القدر من العناد وضيق الأفق. لقد خيّبت أملي. إذا كان هذا موقفك، سنلغي الصفقة بالكامل، بما في ذلك التعديلات على أسعار خدمات المرتزقة.”
لأول مرة، ارتبك الماركيز، واختفت ملامحه الحازمة.
“تحولت إلى تاجر انتهازي، أليس كذلك؟ هل تهددني لرفع الأسعار؟”
“إذا أظهرت بعض المرونة وأثبت تقبلك للفرص الجديدة، قد أعيد النظر.”
بدت عروق التوتر تتقلّب على جبين الماركيز، لكنه لم ينفجر في وجه كايا، وكأنه مقيد بأمر ما. يبدو أن الوضع المالي للإقطاعية في تدهور خطير، أو ربما كان لدى كايا معلومات حساسة عنه.
تذكرت ما سمعته أثناء إقامتي في القلعة، وما أخبرني به الجد جان دو فانسي. كانت أوضاع الإقطاعية بائسة؛ الإنتاج تراجع، والجفاف فاقم الأزمة، ومصادر المياه تلوثت بالسحر الأسود.
قلت بجرأة:
“سمعت أن النبلاء، الذين يمثلون أهم مصدر للتمويل، يزورون القلعة اليوم أيضًا.”
نظرت مباشرة إلى الماركيز بثقة، وأنا أعلم أن لديه ما يخشاه.
“أعلم الكثير مما يجري هنا، وأدرك أن الشائعات تنتشر دون أن يكترث الناس بمصدرها أو حقيقتها. أليس كذلك؟”
انزعجت ملامحه، لكنه لم يعترض، لأن أي فضيحة قد تثير استياء ضيوفه.
“حسنًا، سنفحص قدراتك الروحانية.”
أضاف بلهجة تهديدية:
“ولكن إذا اتضح أنك تكذبين، فستُسجنين مدى الحياة بتهمة التآمر مع ساحر الظلام لتضليلنا.”
أوه، السجن؟ لا شك أن هذا مرهق. كان الأمر أشبه باستنزاف طاقتي بالكامل.
لكني نظرت إليه بعناد:
“وماذا ستفعل إذا كنت صادقة؟ أليس من العدل أن يتحمل الطرف المخطئ المسؤولية؟ إذا ثبتت براءتي، عليك تعويضي.”
رد بتأفف وهو يشير لي بالمغادرة بحركة سريعة من يده، وكأنه يريد إنهاء الحديث فورًا.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 21"