حتى بعد رؤيتها للسحر الأسود، لم تكره أو تحتقره، بل كانت تحمل تعبيرًا يشير إلى الشفقة، كما لو أنها شعرت بألمه.
مد إيديل يده نحو القلادة التي حول عنق سييلا.
بالنسبة لإيديل، كان “التوقع” يحمل وجه الخيانة، ومع ذلك كان يتطلع بالفعل إلى ما سيحدث معها.
يد إيديل، التي كانت قد دفعت سييلا بعيدًا، أمسكت بها مجددًا.
إذا كانت ستظل وفية له، فعليه أن يجعل الخيانة أمرًا مستحيلًا.
لو استطاع أن يمحو كل الماضي الذي كان يعيقه ليصبح طفلًا طبيعيًا، ويبدأ من جديد من الصفر، كما كان يتمنى.
لم أرفض إيديل عندما جاء واحتضنني. حين دفن وجهه في ذراعي، شعرت بألمٍ في قلبي.
لم أكن أعرف كم مر من الوقت. شعرت بدوار طفيف؛ اختفت رائحة الغابة التي كانت عالقة في طرف أنفي والريح التي كانت تلامس خدي.
وعندما فتحت عيني ببطء، ظهر أمامي مشهد المحل العام المألوف.
‘ انتقال فوري؟ ‘
نظرت حولي بوجه مشوش.
بدأت الظلمة التي كانت تغلف داخل المحل العام بالتلاشي ببطء، وشع شعاع من ضوء القمر عبر النافذة.
عندما رأيت الملابس المبعثرة على الأرض، استعدت وعيي، وامتلأت أفكاري بالقلق.
من خلال ملاحظة أن الملابس التي كان يرتديها فيليب لم تكن هناك ، يبدو أنه هرب بسرعة.
‘ ماذا أفعل؟ ‘
سيكتشف العالم أن إيديل ساحرٌ مظلم.
“أعتقد بأنني قد كُشفت.”
تذكرت كلمات إيديل عندما استدعى الظل. كان صوتًا وحيدًا وحزينًا.
“إيديل.”
أمسكت بذراعه، ثم التفتت إليه.
“هل استعدت ذكرياتك المفقودة؟.”
ماذا لو عادت ذكريات يوري سينكلير؟ إذا كانت ذكريات حياة هذا الفتى الوحيدة، المملوءة بالكراهية والرغبة في الإنتقام قد بقيت كما هي… لم يكن من السهل تغيير المعتقدات والقيم التي كانت قد غُرست بعمق.
لقد كان وحيدًا منذ البداية وحتى النهاية. ومع معرفتي بذلك، أردت أن أحميه أكثر. أردت أن أخبره أن هناك أشخاصًا طيبين في الخارج، وأن العديد من الأشياء السعيدة كانت تنتظره في العالم.
إيديل، الذي تردد للحظة خفض عينيه وهز رأسه ببطء.
“لا. لا أتذكر بالتفصيل، لكنني أعتقد أنني كنت وحيدًا بسبب هذه القدرة. كانت الكتب التي قرأتها أيضًا تقول إن السحرة المظلمين كانوا يُرفضون.”
أوه، كان يجب عليَّ ألا أعطيه كتابًا عن السحر.
رفع عينيه اللتين كانتا تنظران لأسفل ببطء وتواصلت نظراتنا.
“نونا، منذ متى كنتِ تعرفين أنني ساحر مظلم؟.”
بعد أن ترددت لحظة، قررت أن أخبره بالحقيقة.
“في اليوم الذي تسللت فيه ليلاً. كنت أبحث عنك عندما اختفيت، ورأيتك مع ذالك الرجل.”
حتى لو كنت أعرف من هو، كنت أشك في أنه سيحاول قتلي. لو كان الأمر كذلك، لكان قد قتلني الذئب-الذي استداعه إيديل- في وقت سابق. علاوة على ذلك، كان لدى إيديل تعبير على وجهه يوحي أنه كان يخشى أن أحتقره أو أكرهّه.
نقر إيديل بأصابعه، وتغير الظل على الأرض إلى شكل جرو يهز ذيله.
هل صنعت ظل جرو لطيف لتقول أنك لست شخصًا مخيفًا؟ ، إنه مخيف ولطيف في نفس الوقت.
“نونا سييلا، كنتِ تفكرين في التخلي عني، أليس كذلك؟ كنت أنا سبب خوفك الذي تحدثتِ عنه سابقًا.”
نظرت إلى قلم الحبر الدموي في يد إيديل.
كان إختلاق عذر للبحث عن وصي أفضل له بسبب خوفي.
“نعم… أنا آسفة.”
لن أختلق أعذارًا.
بدلًا من أن يغضب، بدا إيديل حزينًا من الإجابة الصادقة. أصبح تنفسه أثقل، وخرجت من بين شفتيه كلمة خشنة.
“لا تتركيني، نونا.”
تحولت عيناه البنفسجيتان المملوءتان بالإخلاص إلى اللون الأحمر على الفور، وامتلأت بالدموع. عندما رأيت الدموع تتدفق على خديه، تسارع نبض قلبي. بغض النظر عما كان عليه حقًا في تلك اللحظة، ظل مجرد طفل صغير فقط.
“لا! لن أتركك! أنا لن أتركك حقًا!”
أسرعت بإحتضان إيديل، وبدأت أربت على ظهره. شعرت بالأسف تجاهه ، كانت كتفيه الصغيرتين ترتجفان قليلاً، بينما كان يتأوه ويرتجف. أخفى إيديل وجهه في ذراعي وهمس؛ “مهما فكرت في الأمر فلم أفهم. أنا ساحر مظلم يكرهه الناس.”
تحرك إيديل بهدوء في ذراعي.
كم كان من الصعب عليه أن يختبئ ويعاني بمفرده بسبب سحره المظلم؟.
فكرت في والدي الذي أحب إخوتي من أبي. لم يكن لي مكان في عائلتهم المثالية.
في قلعة الأرواح الرائعة، كنت مجرد شخص آخر، وحيدًا ومغتربًا.
الحقيقة هي أنني كنت وحيدة وغير سعيدة رغم أنني كنت أملك كل ما أحتاجه ، ولاكن الإنسانية أهم من البيئة التي تنشأ فيها.
“إيديل، أصبحتُ منفيّة بسبب غضب ملك الأرواح وتسببتُ في المصائب والكوارث. كان الجميع يكرهني. هل تكرهني أيضًا؟”
“كلا.”
“وأنا أيضًا. لن أكرهك لأنك ساحر مظلم.”
وضعت جبهتي على جبهته، نظرت في عينيه، وأعطيته ابتسامة مرحة.
“السحر المظلم يولد من ظلام القلب ، لكن تلك القدرة وحدها لا تجعل الشخص سيئًا. السبب في كره الناس للسحرة المظلمين هو أن هناك من استخدم هذه القدرة لفعل أشياء سيئة.”
نظر إليّ إيديل بتعبير مشوش. تابعت حديثي بنبرة هادئة.
“إنها قدرة جيدة إذا إستخدمتها في الخير، وإذا أصبحت شخصًا جيدًا ينقذ الناس بتلك القوة.”
ميّل إيديل رأسه. بدا كجرو يعاني من صعوبة في فهم التعليمات البسيطة.
“ثم سيدرك الناس أنه ليس كل السحرة المظلمين سيئون، وأن هناك سحرة طيبين هناك.”
تحولت عينا إيديل المملوءة بالدموع إلى اللون الأحمر عند الأطراف. وعلى الرغم حزنه، إلا أن الأمل في عينيه دفأ قلبي.
“كيف أصبح شخصًا جيدًا؟”
“يجب أن تكون طفلًا جيدًا أولًا.”
“كيف أفعل ذلك؟”
نظرت إلى الملابس المبعثرة في كل المكان، وغرقت في تفكير لحظة.
هل كان من الضروري أن أكون مثالًا كأم وأقوم بتأديبه على أخطائه؟ لقد قتل شخصًا قبل قليل، كما فعل من قبل.
لكن إذا لم يفعل إيديل ذلك، لكنت أنا قد متّ.
من المضحك أنني تلقيت المساعدة من إيديل وأنه حتى دمر الأدلة، ومع ذلك أقول كلمات فارغة مثل “لا يجب أن تقتل الناس.” إذا قلت ذلك، فلن أكون قديسة، بل منافقة.
القانون المكتوب بعدم قتل الناس كان وعدًا اجتماعيًا باحترام حياة الآخر وحقه في العيش، ما لم يكن الشخص الآخر هو من كسره أولاً، في حال كان الأمر يتعلق بالدفاع عن النفس. لم أكن شخصًا جيدًا بما يكفي لأشعر بالذنب أو الشفقة على موت الشخص الذي حاول قتلي.
كنت لا أزال أحاول بشكل يائس أن أبرر ذلك.
“إيديل، دعنا نكتشف ذلك معًا في المستقبل.”
على الرغم من أنها كانت حالة فظيعة، إلا أنه كان عليّ أن أعمل جاهدةً لمنعه من أن يصبح شخصًا سيئًا. حتى الذئب والجرو الذي صنعهم بالسحر الأسود كانا لطيفين للغاية.
بينما كنت امسح على ظل الجرو ، ابتسم إيديل بابتسامة مشرقة كما لو أنه لم يحدث شيء قبل قليل.
“نونا، ستعيشين معي إلى الأبد، أليس كذلك؟”
كانت لديه ابتسامة بريئة، لكن كانت هناك فكرة غريبة في عينيه لم تكن تمامًا كطفل.
أجبت بابتسامة على وجهي، وقلت:
“هل سنتمكن من العيش معًا لبقية حياتنا؟ في المستقبل، ستتزوج، وستحظى بزوجة جميلة، وستنجب أطفالًا لطيفين كالأرانب…”
إيديل، الذي كان يحدق فيّ بينما كنت أقول كلماتي الواقعية، أومأ بفهم.
“تزوجيني إذًا ، دعنا نربي أرنبًا أو طفلًا أو أيًا كان.”
“أنا في العشرين من عمري.”
“لا بأس، سأنتظر حتى أكون بالغًا.”
حسنًا، هذا ليس مقبولًا بالنسبة لي! ولماذا عليك أن تنتظرني؟.
جعلني إقتراح الزواج المفاجئ —البريء— أشعر بالدوار.
“فارق السن بيننا…”
“لا تموتي قبلي ، إحصلي على إذني قبل ذلك.”
لا تقل شيئًا غريبًا كهذا! لا يوجد ترتيب يحدد من سيموت أولًا. أليس كذلك؟.
صرخت في داخلي. ضغط إيديل على شامة دموعي في وجهي.
“إذا ضغطت على شامة دموعك تحت عينيك، هل ستسقط الدموع؟”
“لا؟”
“قرأت في كتاب أن الأشخاص الذين لديهم شامات دموع يميلون إلى أن يبكوا كثيرًا.”
“وهل أنا أبكي كثيرًا؟”
رفع إيديل رأسه قليلاً وهو يربت على المنطقة حول عينيّ، ثم ابتسم.
“سأتأكد من أنكِ لن تبكي طوال حياتك.”
كان هذا مختلفًا عن براءة الأطفال الذين يقولون:
“سأتزوج معلمتي عندما أكبر!”
لماذا تتصرف بهذه الطريقة فجأة وكأنك تتودد لي؟ ، شعرت بشيء غريب من دون سبب، وقررت أن أبسط كتفي.
“نونا سييلا، من فضلكِ لا تتركيني وحدي.”
نظرت إلى إيديل، الذي كان يفرك خده على ظهر يدي كما لو كان قطة محبة. هل من الممكن… أننا قد شكلنا ارتباطًا لا يمكن فكه؟.
“إذا هربتِ، سأبحث عنكِ.”
رفعت حاجبي في خجل من كلماته.
“ماذا ستفعل إذا هربت؟ ، هل ستعاقبني بقسوة؟.”
رؤية تعبير وجهي المصدوم ، جعل إيديل يضحك برفق، قائلاً:
“صحيح؛ سأبحث عنكِ، سيلا.”
ربما كنت اتخيل ان هذا قد بدا وكأنه هوس أكثر من كونه ارتباطًا.
تساءلت عما إن كان قد تم إلتهامي من قِبل الشرير الذي قمت بتربيته.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات