068.
‘رغم أنّ المكافأة كانت كبيرة إلى هذا الحد، إلا أنني تلاعبتُ بها. على الأرجح، النظام قد أدرك الآن أنني لستُ حكيمة حقيقية.’
أتساءل كيف سيكون طلب المهمة التالي. لا بدّ أنه سيكون فظيعًا.
‘لكن لا بأس، فإكسا موجود.’
كنتُ أفكر هكذا، لكن في اليوم التالي مباشرة، جاءني خبرٌ كالصاعقة.
“ماذا؟ راجپوت؟”
كان ذلك أثناء وقت شرب الشاي في الحديقة الزجاجية. كدتُ أبصق الشاي من المفاجأة التي أربكتني.
تحدّث إكسا بهدوء.
“وصل مرسوم رسمي. يجب أن أذهب إلى الحدود لبعض الوقت.”
“…….”
تحرّكت شفتاي دون أن أتمكن من قول شيء.
هذا مزعج. لا بد أن الكارثة لا تزال قائمة، وإن لم يكن إكسا موجودًا، فسوف تسوء الأمور.
‘لا، قبل ذلك….’
خفضتُ بصري. انعكس وجهه على سطح فنجان الشاي أمامه. كان، كما هو دائمًا، يصغي إليّ برباطة جأش وثبات.
‘… إذن، لن أتمكن من رؤيته؟’
تذكرتُ لحظات احتساء الشاي معًا كل ليلة.
تذكرتُ كيف كان يستمع إلى كلماتي بابتسامة خفيفة تحت ضوء القمر.
‘اللعنة. بمَ تفكرين الآن، بيكسان؟’
تجاهلتُ عمدًا نافذة معلوماته وقلتُ له:
“لا خيار لدينا. عد بسلام.”
“…….”
أطرق إكسا ببصره، ثم قال بهدوء:
“سأحاول العودة بأسرع وقت ممكن. إن كنتُ سأكتفي بالمظهر، فلن يتمكنوا من الاعتراض كثيرًا.”
“آه… حسنًا.”
لسببٍ ما، أصبحت الأجواء غريبة.
ابتسمتُ بتصنّع، محاوِلةً إخفاء مشاعري.
“على أيّ حال، كان هذا أمرًا يجب أن أتعامل معه وحدي منذ البداية.”
ابتسم إكسا ابتسامةً باهتةً مريرة، مما جعلني أفقد الرغبة في الابتسام بدوري.
—
في اليوم التالي، استيقظتُ في القصر الكبير دون وجود إكسا. كان وجهي بلا تعبير. لم يكن هناك ما يدعو للضحك، ولم أكن أشعر بالرغبة في ذلك.
بعد وقتٍ قصير من مغادرة إكسا، اشتريتُ منزلًا في العاصمة وغادرتُ القصر الكبير.
‘لديّ ما يكفي من المال، لذا سيكون من الغريب أن أبقى معتمدةً عليه.’
لم يعد هناك من يحاول كشف هوية الشخص الذي عالج الإمبراطور.
الجميع يعتقدون أن “الحكيم الغامض” لا يزال يجوب أرجاء أوركينا.
شراء منزل في منطقة سانسيون، حيث الأمن جيد، كلّفني حوالي مليون وأربعمئة وخمسين ألف قطعة ذهبية، لكنه كان مبلغًا زهيدًا مقارنةً بثروتي المتراكمة في بنك ستيلوني.
‘كان عائدة الى مزاد گاهشو كبيرًا. آخر مرة تحققتُ، كانت ثروتي حوالي أربعةٍ وعشرين مليونًا وسبعمئة ألف قطعة ذهبية.’
ثم جاءتني الماركيزة ليلي.
“أيتها المحتالة الصغيرة، لقد بدأ وباءٌ ينتشر في المناطق الريفية. ألا يبدو هذا مريبًا؟”
“أين بالضبط؟”
“مدينة سيلستيال جنوبًا. هل ستذهبين؟”
في العادة، كنتُ سأرفض. فمن الأفضل أن تأتي “الكارثة” إليّ بدلًا من أن أذهب إليها.
‘لكنّ الأمر هذه المرة يتعلقُ بوباء.’
كلما انتظرتُ أكثر، زاد حجم الضرر.
‘رغم أنّ إكسا غير موجود، إلا أنني قد أتمكن من التعامل مع المرض باستخدام نافذة المعلومات.’
استحضرتُ في ذهني الطريقة التي عالجتُ بها الإمبراطور، ثم أومأتُ برأسي.
“سأذهب.”
—
داخل العربة المتوجهة إلى مدينة سيلستيال.
كنتُ أجلس مع رينات، الذي أصرّ على مرافقتي بعد أن سمع بالأمر.
‘كنتُ أودّ أن أقول له إنه لا داعي لذلك، لكن لا يمكن إنكار أن قدراته ستكون مفيدة.’
حتى في الكارثة السابقة، لولا مساعدته، لكانت الأمور أكثر صعوبة.
كما أن لديّ بعض الأسئلة له أيضًا.
نظرتُ إليه بطرف عيني. كان رجلًا وسيمًا ذو ملامح ناعمة، يبتسم وكأنه يعرف كل شيء.
“إنها أول مرة نبقى فيها وحدنا دون إزعاج، أليس كذلك؟”
“إن كنتَ تقصد إكسا، فهو لم يكن إزعاجًا بل حماية.”
“لكنّه كان إزعاجًا بالنسبة لي.”
لا أفهم نصف ما يقوله هذا الرجل.
لا بأس، طالما أنني أتحكم بسير المحادثة.
“رينات.”
“نعم؟”
“تدّعي أنك تحب الأشياء الممتعة، فلماذا تريد قتلي؟”
ضيّق رينات عينيه قليلًا، ثم قال:
“لأن العالم سيكون مملًا إن دُمّر.”
“وهذا كل شيء؟”
“هل بدأتِ الآن فقط تشعرين بالفضول تجاهي؟”
قال ذلك، ثم اقترب ببطء، واضعًا ركبةً واحدة على الأريكة واسند يده بالقرب من رأسي.
مرة أخرى بهذه الوضعية.
قطّبتُ جبيني، ووجهه بات قريبًا كما لو أنه على وشك نطح رأسي.
“ألا تعتقد أنه حان الوقت لتدرك أن هذا لا ينفع معي؟”
“بل أجد الأمر ممتعًا أنك حتى الآن لم تحمرّي وجهك وأنتِ ترينني عن قرب.”
“سيحمرّ وجهي إذا عدتَ إلى مكانك.”
“يا للقسوة. كنتِ لطيفةً مع الدوق أكثر بكثير.”
توقفتُ للحظة، ثم أجبتُ:
“ذلك لأن إكسا كان لطيفًا معي.”
“وأنا أيضًا كنتُ لطيفًا معكِ، تعلمين؟ أعطيتُكِ كأس الفيضان، وأعرتُكِ روح الثمانية، وساعدتُكِ في صدّ الجراد.”
“وفي المقابل، جعلتَني أتناول الروبيت.”
“هممم.”
مال برأسه قليلًا.
“إذن، هل قوة ‘الحكيم’ تكمن في عينيكِ؟ الروبيت سمّ بلا طعم، لذا لم تتعرفي عليه من مذاقه.”
“…….”
كل حديثٍ معه هو فخ. إنه متعبٌ للغاية.
دفعتُ وجهه بعيدًا بيدي.
“تابع ما كنتَ تقوله.”
ضحك بمرح، لكنه جلس بجانبي بدلًا من العودة إلى مكانه.
تقاطعن ساقيه واتكأ بذقنه على راحة يده، متخذًا وضعيةً مريحة. لكن عيناه كانتا أكثر جدية مما توقعتُ.
“أيتها الخبيرة الشابة العبقرية، هل تعتقدين أن العالم يتقدم؟”
… ما هذا السؤال فجأة؟
“في الماضي، طوّرت الإمبراطورة ميا سيلستيال طريقةً لصهر الفولاذ، فدخلت أوركينا ‘عصر الابتهاج’. حتى بعد ‘عام الحزن’، استمرت في التحول إلى قوةٍ عظمى.”
استمعتُ له بصمت. هذه معلومات لم ترد في اللعبة.
“إذن؟ أليس هذا أمرًا جيدًا؟”
ابتسم رينات، لكن ابتسامته حملت إحساسًا بالفراغ بدلًا من المرح.
“تطوّر الأسلحة يؤدي حتمًا إلى الحرب. مع بدء إنتاج الأسلحة بكميات كبيرة في أوركينا، استأنفت ناوچين وراجپوت الحرب التي كانت متوقفة. هل تعلمين أن عدد الوفيات في القارة ازداد بشكلٍ كبير؟”
“…….”
“في تريڤيريوم، ظهر ‘السماء السوداء’. في ريتييه، قام الموتى من قبورهم. وفي سورك، انهار ‘وادي الخلود’. لا أعلم ما الذي حدث في سانت نار، لكن لا بدّ أنّ شيئًا قد وقع هناك أيضًا. كل هذا حدث خلال تسعين عامًا فقط.”
أدار رأسه لينظر من نافذة العربة.
“أعتقد أن العالم يزحف ببطء نحو الفناء.”
صمتُّ للحظة.
بصراحة، شعرتُ بالدهشة قليلًا.
“لكن هذا أمرٌ لا يمكن تجنّبه. إنها مشكلةٌ لا بد أن تحدث.”
“هل حقًا لا مفرّ منها؟ لماذا برأيك يحدث هذا؟”
عندها فقط، فهمتُ مقصده.
“أنتَ تعتقد أن هذا هو قصد الحاكم.”
“نعم.”
عقدتُ حاجبيّ. هذا حديثٌ مربك.
“لكن الاستشهاد بالكوارث الطبيعية كدليلٍ على أنه يريد تدمير العالم هو استنتاجٌ متسرّع.”
“ماذا لو لم تكن كوارث طبيعية؟”
نظر إليّ بثبات، بلا أيّ أثرٍ للابتسام.
[رينات شول]
ما زال يرغب بشدّة في قتلك.
وضعتُ يدي على جبهتي.
“… إن كنتَ تشكّ بي، فأنت مخطئ تمامًا.”
رغم أن شكوكه صحيحة.
ابتسم بسخرية.
“سنرى ذلك بمرور الوقت.”
☆★☆
سيليستيال سي. منطقة مشهورة بالنبيذ بفضل تربتها الجيدة.
تحققت بيكسان بعناية من رداءها قبل أن تنزل من العربة وتتفحص المنطقة المحيطة.
“هل هذا هو المبنى الحكومي في سيليستيال سي؟”
بدا أن الماركيز ريل قد أبلغهم مسبقًا، إذ كان هناك بالفعل بعض المسؤولين بانتظار العربة عند توقفها.
ما إن رأوا بايكسان، التي كانت تطي وجهها بغطاء الرداء، حتى اقتربوا منه على عجل.
“سيدني الحكيمة!”
“عذرًا، لكن هذا اللقب…”
“آه! لا يزال الأمر سرًا، أليس كذلك؟ أعتذر!”
° . • .✦ . ◌ ⋆ ° ✬ • ✫ ⋆。 .° ◌ • .●
التعليقات لهذا الفصل " 68"