عادَتْ ليرا وأغنيس بعد أن أطعمتا بيكسان كمية وافرة من الحلويات، وكأن ذلك كان مقصدهما منذ البدء.
وقفلت بيكسان عند الباب لتودّعهما، مترددة في مغادرة الغرفة خوفًا من أن تصادف إكسارك دون داعٍ.
وبينما كانت تودّعهما وتستدير عائدة، انطلق صوت رقيق من ناحية النافذة:
“يبدو أن إعطاءك وقتًا خارج الخدمة لم يُجدِ نفعًا.”
التفت بيكسان نحو الصوت، فإذا برجل يجلس على حافة النافذة، مُغطى بفراء دبّاس أبيض، إنه رينات.
“رينات.”
نظر رينات إلى بيكسان بعينين كسلتين، يتفحصهم بنظرة متمهلة، ثم قال:
“قد يكون من الوقاحة قول هذا لسيدة، لكن يا مينيرفينا، ألا ترين أنكِ أصبحتِ مجرد عظام؟”
ضحكت بيكسان ضحكة خافتة على كلمات رينات، فمنذ أربعة أيام لم تتذكر أنها تناولت طعامًا لائقًا.
“ليس لديّ شهية.”
لم يرد رينات، بل قفز بخفة ليجلس على الأريكة المقابلة، متقاطع الساقين، مستندًا بذراعه على مسندها، ينظر إلى بيكسان بعينين ثابتتين.
ثم سأل فجأة، كأنه يرمي السؤال رميةً:
“كارثة، أليس كذلك؟”
أطرقت بيكسان بعينيها، حريصة على عدم كشف ما في نفسها.
قال رينات بنبرة متضايقة:
“إنها كارثة، لا أعرف ما هي، لكن يبدو أنها هذه المرة كبيرة جدًا، أليس كذلك؟ لدرجة أن الآنسة مينيرفينا، التي طالما كانت واثقة بنفسها، تبدو مكسورة الجناح هكذا.”
“من يدري.”
تنهّد رينات بضيق وصمت للحظة، ثم عاد يسأل بغتة:
“هل تحدثتِ مع الدوق الأكبر؟”
ظل بيكسان مطرقًا، صامتًا.
“إنه مبارك، قد يستطيع مساعدتكِ.”
“إكسا لا يصلح.”
توقف رينات للحظة.
“لا يصلح؟”
“لا يمكنني التحدث مع إكسا.”
“ومعي يمكن؟”
“لا، ولا معك أيضًا. عليّ حلّها بنفسي.”
“أليس هذا حالك الآن لأنكِ عاجزة عن حلها؟ توقفي عن هذا الهراء وكوني صريحة، ما الذي يحدث؟”
كان يوبخها لكن نبرته تخللتها لمحة من القلق.
رفعت بيكسان عينيها، مترددة.
“رينات.”
“نعم.”
“إذا مات حكيم مثلي، ألن ينجو العالم؟”
اتسعت عينا رينات الخضراوان فجأة لسماع هذا الكلام المفاجئ.
“…ما معنى هذا؟ أن تموتي؟”
“مجرد افتراض.”
“هل قيل لكِ إن لم تنشري الكارثة فعليكِ الموت؟ هل هو قدرك؟”
“قلتُ إنه افتراض.”
ضحكت بيكسان كأن الأمر لا يعنيها، ولوّحت بيدها.
افتراض، لكنه لم يكن بعيدًا عن تفكيره.
فالعقوبة عند فشل المهمة، تلك الـ “???”، قد تكون الموت أو شيئًا شبيهًا به.
“بدلاً من أن أمسك يد إكسا وأقتل كل بكر في العالم، أليس موتي أنا الواحده أكثر جدوى؟”
عبس رينات وكأن الفكرة لا تُصدق، ثم مرر يده في شعره.
“اللعنة. سأبحث عن حل. ربما في المخطوطات القديمة أثرٌ ما. كم الوقت المتبقي؟”
[الوقت المتبقي: يوم واحد، 7 ساعات و14 دقيقة]
نظرت بيكسان إلى رينات للحظة .
“بقي حوالي أسبوع.”
“ضيّق لكنه يكفي للبحث. سأذهب الآن. كُلي جيدًا، أنتِ!”
قال رينات ذلك ثم اختفى فجأة في الهواء.
نظرت بيكسان إلى المكان الذي كان فيه وهمست:
“…آسفة، رينات.”
—
**[الوقت المتبقي: يوم واحد، 6 ساعات و49 دقيقة]**
بعد توديع رينات، اتجهت بيكسان نحو الحديقة الزجاجية أمام قصر الدوق الأكبر.
“لا أظن أن إكسا سيكون هناك في هذا الوقت.”
في الحديقة الزجاجية ذكريات كثيرة.
كانت تشرب الشاي مع إكسارك كل مساء، وتحت الأرض دُفنت بعض الجثث أيضًا.
“…لم أكن أتوقع أن تصل الأمور إلى هذا الحد يومها.”
بينما كانت بيكسان غارقة في أفكاره، تشق طريقها بين أوراق النباتات الاستوائية العريضة نحو المركز، رأت فجأة رجلاً واقفًا مطأطئ الرأس في وسط الحديقة.
شعر أبيض كالثلج، وظهْر عريض مغطى بثياب فاخرة.
إنه إكسارك.
استدارت بيكسان بسرعة لكنها سمعت صوتًا من الخلف أسرعت من حركتها:
“ميني.”
توقف جسدها عن الحركة لسماع تلك النبرة المتوسلة القلقة. ترددت، و التفتت.
كان إكسارك ينظر إليها بعينين غائمتين تحملان أملاً محطماً.
“…ما الذي أخطأتُ فيه؟”
تنفست بيكسان بعمق، محاولة الرد بهدوء:
“لم تخطئ في شيء.”
“إذن لماذا…؟”
تقدم إكسارك خطوة، فتراجعت بيكسان خطوة.
عض إكسارك على أسنانه بهدوء، ثم سأل بعينين باهتتين:
“…لماذا إذن؟”
لم تجب بيكسان.
“منذ يوم وفاة الإمبراطور السابق، يا ميني. منذ ذلك الحين بدأتِ تتجنبينني.”
أطرق إكسارك بعينيه، وتجعد جبينه كما لو يعكس اضطراب قلبه.
“مهما فكرتُ، لا أجد السبب، يا ميني. ألا يمكنكِ إخباري؟”
“يتعلق الأمر بالكارثة. أحتاج إلى بعض التفكير.”
“فكري معي. دعيني أساعدكِ.”
“لا تستطيع مساعدتي.”
خرجت الكلمات قاسية بعض الشيء. تراجعت بيكسان قليلاً لكنها أكملت بثبات متعمد:
“من الآن فصاعدًا، هذا أمر عليّ حله بمفردي.”
نظر إكسارك إليها. تلاقت أعينهما. ثم قال بوجوم:
“ليس صحيحًا.”
توقفت بيكسان.
“ليس صحيحًا، يا ميني. ليس هذا ما في الأمر. أنتِ تخفين شيئًا.”
كيف لم تكتشف؟
“هذا حقيقي.”
“أعرف أنه ليس كذلك. أنتِ تخفين شيئًا وتحاولين إبعادي. لماذا؟ هل أُمرتِ بقتل من تلقى البركة ؟”
يا إلهي.
كادت بيكسان أن تطلق تعجبًا لكنها كبحت تعابيرها وردت ببرود:
“لا تتخيل الأمور. ليس كذلك. فقط هذه المرة المشكلة معقدة بعض الشيء.”
“ميني.”
تقدم إكسارك خطوة أخرى، وتسرب إلى صوته شيء من التوسل:
“أنتِ تعرفين.”
لم تستمع بيكسان واستدارت مبتعدة.
كانت قد سمعت ما يكفي، وإن لم تسمعه، كان عليه ألا يسمعه.
لحسن الحظ، لم يتبعها إكسارك وهو يغادر.
شعرت بفراغ خلفها، وضحكت بيكسان قليلاً لهذا الشعور.
“بالطبع، لا يمكنني أن أجعل إكسا كارثة.”
فضلاً عن ذلك، أليس إكسارك أيضًا بكرًا؟
كذلك فيليكس، ورينات، وهاوارد.
“إذن، لا خيار سوى واحد.”
خرجت بيكسان من الحديقة الزجاجية ورفعت رأسها كان الثلج قد عاد يتساقط.
أغمضت عينيها، تشعر ببرودة الثلج على أنفها.
—
**[الوقت المتبقي: 13 ساعة و33 دقيقة]**
بعد ظهور مهمة الكارثة الأخيرة مباشرة، حاولت بيكسان إرسال هاوارد إلى أكاديمية أوريزون.
وحرصًا منها، جعلت كل ثروتها تُورث لهاوارد إذا ماتت.
لكن هاوارد رفض الذهاب إلى أكاديمية أوريزون.
لا يمكن لشخص عاجز عن حل مشاكله أن يدمر مستقبل طفل في الثالثة عشرة.
في الصباح الباكر، خرجت بيكسان من غرفتها متفقدة المكان بحذر.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 120"