وقفتُ مع إخوتي عند بوابة قصر غلادوين نودّع الضيوف.
أول من غادر غلادوين كانت عربة عائلة فيلد.
فقد أرادوا أن يعاقبوا جيلاتا بأنفسهم، وبما أنّ جيلاتا لم تمانع، فقد أخذوها معهم.
أما مياو فيلد، التي نالت اعتذارًا وتعويضًا وأخذت ممتلكات جيلاتا كتعويض، فقد اكتفت بتحية قصيرة ثم غادرت مسرعة.
‘رغم أنّها نالت الاعتذار والتعويض، إلا أنّ ذلك لم يكن كافيًا لمواساة ألم فقدان ابنها.’
وبعد أن غادرت عدة عربات، حان وقت توديع عائلة سينغافاني التي تنتمي إليها ساندي.
كانت ساندي تنظر إليّ بعينين دامعتين، ثم تقدّمت بخطى سريعة وانحنت أمامي بعمق.
“شكرًا لكِ، سيستيا. لقد أنقذتِ حياتي مرتين هذه الليلة.”
“هذا واجبي. لكن، هل تشعرين بتحسّن الآن؟ أعتذر إن كنتُ قد استخدمتُ هالتي القاتلة بقوة زائدة.”
“لا، لا بأس! لا تقلقي بشأن ذلك! بل على العكس، لقد كان شعورًا رائعًا أن أُغمى عليّ بفعل هالتك القاتلة!”
“……هاه؟”
تبادلتُ النظرات معها بدهشة، وفوجئتُ بما رأيته في عينيها.
كانت تلك نظرة تحمل شيئًا من الجنون.
“آه، كانت هذه الليلة التي حلمتُ بها طوال حياتي! كنت دائمًا أتخيّل أنّني سألتقي بشخص قدري تحت ضوء القمر الجميل… واليوم، التقيت به أخيرًا.”
“هكذا إذن…”
‘لا يُعقل أنّها تقصدني أنا بذلك، أليس كذلك؟’
لكنّ حدسي كان صائبًا.
“رغم أنّ سيستيا تنتمي إلى عائلة نبيلة لا يمكنني بلوغها، بل وإنّها مخطوبة أيضًا، إلا أنّني لا أمانع. سأحتفظ بذكرى هذه الليلة الثمينة في قلبي مدى الحياة!”
“أمم… حسنًا، شكرًا لكِ.”
“لكن، إن سمحتِ لي بطلب أخير… هل يمكنني الحصول على خصلة من شعركِ؟ سأضعها في قلادة وأحتفظ بها حتى مماتي…”
صفعت ظهرها بقسوة دون تردد، ثم انحنت لي باحترام وقالت:
“أرجوكِ، سامحي ابنتي على وقاحتها يا سيستيا. لقد انغمرت أكثر من اللازم في قصص الخيال، فصارت خيالاتها جامحة.”
“لا بأس.”
“لم أستطع أن أقول هذا سابقًا بسبب وجود عائلة فيلد، لكن أشكركِ بصدق على إنقاذك ابنتي من إهانات يونِت.”
وبحسب رولّو، فقد كان يونِت معروفًا منذ زمن بطباعه الشريرة.
حتى أنّ بعض السوين الذين عانوا من أذيّته اعتبروا موته عقابًا مستحقًا.
ثم انحنت رولّو وأفراد عائلتها وخدمها جميعًا احترامًا لي.
وبينما كانوا ينحنون، التقت عيناي بأحد السوين من الخلف؛ كان ذلك الذي اتهمني سابقًا بأنني أمرتُ جيلاتا بقتل يونِت.
وبعد أن تردّد قليلًا، انحنى لي معتذرًا بصوت عالٍ:
“أعتذر! لقد صدّقتُ إشاعات خاطئة وشككتُ فيكِ يا سيستيا!”
“وأنا أيضًا أعتذر!”
“ونحن كذلك…!”
انهمر الاعتذار من أفواههم واحدًا تلو الآخر، وبعضهم انحنى على الأرض، وآخرون قدّموا صناديق مجوهرات وذهبًا وفضة تعبيرًا عن الندم.
تناولتُ صندوقًا من بينهم وابتسمتُ بلطف.
“لا بأس. من الطبيعي أن ينجرف المرء أحيانًا وراء الشائعات. فالخطأ أمر وارد لدى الجميع.”
“صحيح!”
“لكن، إن تكرّر مرتين، فقد لا يكون خطأ بعد ذلك، بل عمدًا.”
“……”
ثم قبلتُ اعتذاراتهم وودّعتهم وهم يغادرون بعرباتهم.
وبعد مغادرة آخر عربة، أمسك أخواي التوأمان خدّيَّ من الجانبين وبدآ يهزّانهما.
“آه يا سيستيا الصغيرة اللطيفة! كدتُ أموت من شدّة جمالك! من أين تعلّمتِ أن تهدّدي الآخرين قائلة إنّك ستقتلينهم إن نشروا إشاعات مجددًا؟”
“آه، لا تْشدّ خدودي.”
“أكيد تعلّمتِها مني! فمن غيري سيعلّمك هذه الأساليب؟!”
“هيه، لو رآنا أحد لظنّ أنّك الأخ الوحيد لي.”
“ربما لستُ الوحيد، لكنّني الأفضل بلا شك!”
“تافيان، هل تريد القتال؟”
“لمَ لا؟ لنعرف من هو الأخ الأفضل، أنا أم أنت يا رازفان.”
“آه… خلّوني من الخناق.”
تنهدتُ بينما كانا يشدّان خدّيّ، ثم نظرت إلى صندوق المجوهرات الذي استلمته.
‘الصندوق يبدو لامعًا… لا بدّ أنّ ما بداخله ثمين.’
لكن تيغريس اقترب ووضع يده على رأسي قائلًا بابتسامة:
“لم أكن أعلم أنّك أصبحتِ بارعة إلى هذا الحد. لقد نضجتِ كثيرًا.”
“هاه؟ ماذا تقصد؟”
“الصندوق الذي تحملينه يحتوي على أغلى قطعة مجوهرات قدّموها. إنها قلادة تُدعى ‘ميلاد الكون’، كانت محفوظة لقرون في عائلة سومطرة.”
‘ميلاد الكون؟ ما هذا الاسم العجيب؟’
فتحتُ الصندوق بفضول، واتسعت عيناي دهشة.
كانت قلادة رائعة الجمال، مرصّعة بالألماس، ومعلّقة عليها زينة على شكل نجوم وشمس وقمر.
‘لم أكن أعلم أنّها ثمينة إلى هذا الحد…’
ضحك تيغريس بخفة وقال:
“لأنكِ ابتسمتِ بتلك الطريقة الجميلة وأخذتِها، ظنّوا أنكِ ستغضبين إن لم يقدّموا شيئًا مساويًا لها أو أغلى.”
‘هيه، مستحيل أن يكون الجميع قد عرف قيمتها، أليس كذلك؟’
لكن، على أيّ حال، لقد اعتذروا وتعهدوا بعدم نشر الشائعات مجددًا، وهذا كافٍ بالنسبة لي.
وبما أنّهم أعطوني هذه القلادة… فهي الآن ملكي!
عانقتُ “ميلاد الكون” وأنا أبتسم بسرور.
***
[اليوم العاشر من القمر الأخضر – مهامي اليوم]
☑ أداء الواجبات
☐ تناول الغداء مع ويني
☐ ترتيب الهدايا
ಠ_ಠ ‘الهدايا كثيرة جدًا…’
‘هاااه…’
تحولتُ إلى هيئة الهامستر وجلست على الطاولة، ثم تنهدت بعمق.
كان جسدي مثقلًا حتى شعرت أنه سيلتصق بالطاولة من الإرهاق، لكنني تحركت بصعوبة وتناولت بذور دوّار الشمس التي قدّمتها لي ديفا، وبدأت أقضمها.
ضحكت ديفا بخفة وقالت:
“رغم أنكِ تتنهدين، لا يمكنكِ التوقف عن أكل البذور.”
『عندما أكون متعبة، يجب أن آكل أكثر!』
وكان تيغريس محقًا بتوقّعه.
فالسوين الذين قالوا الحماقات أمامي أرسلوا تباعًا أغلى الهدايا واحدًا تلو الآخر، وكأنهم يقولون: “لقد قدّمتُ أغلى من غيري، فاغفري لي أولًا!”
وبفضلكم، أمضيتُ الأيام الماضية وأنا أرتّب الهدايا بلا توقف!
“ههه!”
وبينما كنت أتناول بذوري بسعادة، بدأت ديفا في تقريرها اليومي.
ففي وقت الوجبة الخفيفة هذا، لا يُسمح لأحد بالاقتراب من غرفتي، لذا كان الوقت مثاليًا للحديث بسرية.
“الأفاعي المسجونة بخير، ويبدون أكثر راحة من ذي قبل. لم يتفوّهوا بأيّ كلام غير لائق أيضًا.”
『بالطبع، نحن نراقبهم جيدًا منذ حادثة إيفيت، وطالما لزموا الصمت، فهم بأمان. أليس ذلك رائعًا؟』
“قلتِ إنهم هربوا من مجزرة حدثت في إقليم إيفانويل، صحيح؟”
『نعم.』
“لكن… كيف عرفتِ أنّهم من هناك؟ وكيف علمتِ بوقوع تلك المجزرة أصلًا؟”
『ذلك لأن…』
كادت كلماتي أن تخرج، لكنني لاحظت عيني ديفا تلمعان بإعجاب.
كانت نظرتها تقول: ‘كما توقعت، سيستيا مذهلة حقًا!’ أكثر من كونها تنتظر جوابًا.
『عرفتُ من الرقم المنقوش خلف رقابهم.』
“رقم؟ تقصدين وشمًا؟”
『ربما كذلك.』
“لكن… ماذا يعني؟”
『يعني أنّ جيلاتا وعائلتها كانوا موادَّ لصنع حجر الفيلسوف.』
“ماذا؟!”
قالت ديفا بصدمة:
“مواد؟! أتقصدين الحجر الذي حوّلك إلى هامستر؟ هل يُصنع من قتل السوين؟!”
『نعم. عندما يُقتل سوين ظلمًا ويُحتفظ بحقده، يتكوّن حجرٌ يحمل تلك الضغائن، وتُجمع لصنع حجر الفيلسوف. إنه كتلة من الكراهية.』
‘في القصة الأصلية، قتل تيغريس المجنون عددًا لا يُحصى من السوين ظلمًا، فتمكّن إيفانويل بسهولة من صنع الحجر.’
『ولمنع تكرار ذلك، أخفيت الأمر عن إخوتي.』
『لصنع حجر واحد، يحتاجون إلى ألف روح مليئة بالحقد. رقم هائل. وأفضل طريقة لتتبّع التقدّم هي بترقيم الضحايا المحتملين.』
“إذًا، نقشوا أرقامًا على أجسادهم استعدادًا للذبح… يا إلهي.”
تمتمت ديفا برعب.
كان ذلك يعني أنّ إيفانويل قد نفّذ تجارب عديدة لصنع الحجر واكتسب خبرة في ذلك.
『يبدو أنهم قرروا استخدام الأفاعي أولًا لأنهم الأسرع في متناول اليد، بما أنّ غلادوين يُعرقل خطتهم.』
“هل نُخبر تيغريس؟”
『لا، ليس بعد.』
“لِمَ لا؟”
『قال تيغريس إنه سيحقق بنفسه في ما إذا كانت مجزرة قد حدثت في إيفانويل، وهذا خطير. لو عرف الحقيقة، فسيكتشف أيضًا أنّ الحجر المغروس في صدري من صنع إيفانويل.』
“وإن عرف ذلك… فسيغضب جدًا، وقد يُسبب مجزرة أخرى.”
『بالضبط.』
“لكن إن لم نتحرّك، فقد يقتل إيفانويل جميع الأفاعي ليصنع الحجر!”
『لن يكون الأمر بهذه السهولة. لو أبادوا جميع الأفاعي، لثار الجميع ضدهم. ثم إنّ تيغريس بدأ تحقيقه بالفعل، لذا سيتريّثون الآن.』
“أتمنى أن يكون الأمر كذلك…”
نظرت إليّ ديفا مترقبة، فابتسمت لها بثقة.
『لديّ خطتي الخاصة لإيقاف إيفانويل.』
“كما توقعتِ… هل تخبرينني بها؟”
『سأتناول الغداء مع ويني!』
***
أما ييهوكين، فكان يسير في الصحراء الواقعة غرب الأراضي الخصبة التي تسكنها غلادوين وإيفانويل، حيث لا تطأ قدم سوين.
كانت الشمس الحارقة تصبّ لهيبها، والرياح الجافة تعصف من كل اتجاه، لكنّها لم تؤثر عليه إطلاقًا.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات