دهش جميع السوين الواقفين في المكان، وبدت عليهم علامات الصدمة وهم يتهامسون.
“يا للعجب. كيف يجرؤ أحد على محاولة اغتيال تيغريس جلادوين؟ من ذا الذي يملك الجرأة لارتكاب فعل كهذا؟”
“عائلة بايل وقعت في مأزق كبير الآن. بما أن محاولة الاغتيال وقعت داخل قصر بايل، فسيتحمّلون مسؤولية عدم حراسة القصر كما ينبغي.”
“لو اقتصرت المسؤولية على مجرد التقصير في الحراسة لكان الأمر هينًا. ربما…….”
“يا إلهي، يا إلهي. ربما يكون الأمر كذلك حقًا.”
أنا، التي كنت أجلس بذهول أستمع إلى التكهنات المتفشية، استعدت وعيي بصعوبة.
“……أخي. اغتيال؟ هل هذا حقيقي؟”
لم يُجب أخي سؤالي، بل اكتفى بالتحديق بهدوء في الطبيب، فيما تابع الطبيب كلامه على مضض، وعلى وجهه تعبير يدل على عدم ارتياحه.
“توجد عدة جروح طعن حديثة أسفل الفك. إنها في أماكن يصعب أن يصاب المرء بها عن طريق الخطأ، وبعدد لا يُستهان به. إن لم يكن تيغريس قد أحدثها بنفسه عمدًا، فالجواب الوحيد هو محاولة اغتيال.”
رفع تيغريس أخي رأسه متعمدًا، ومرر يده على خط يمتد من فكه حتى عنقه.
وكما قال الطبيب، كانت هناك عدة جروح لم تلتئم بعد، متداخلة فوق بعضها، تبدو آثار طعنات أو ضربات متكررة بالسيف.
قبضت كفي بإحكام. شعرت بالغضب يتفجر في داخلي.
“……من هو؟ من الذي تجرأ وأحدث هذه الجروح في جسد أخي؟”
ساد الصمت فجأة بين الحاضرين الذين كانوا يتهامسون قبل قليل.
يبدو أنهم لم يرغبوا بأن يُساء فهم كلماتهم، فيُظن أنهم حاولوا اغتيال تيغريس أخي.
وسرعان ما تحولت أنظارهم بحذر إلى اتجاه واحد.
إلى حيث كانت وانشين بايل واقفة.
تجمدت وانشين، التي كانت ترمش عينيها بذهول وارتباك، انتابها الفزع عندما التفتُّ أنا فجأة وحدقتُ بها بوضوح، فأدركت حينها النظرات العديدة الموجهة نحوها.
“لـ، لـماذا تنظرون إليّ هكذا؟!”
“لأن محاولة اغتيال كهذه لم تقع في جلادوين، ولا في إيفانويل، ولا حتى خلال الرحلة بالعربة، لكنها حدثت هنا في قصر بايل. أليس من الطبيعي أن تقدّمي لنا تفسيرًا بصفتك صاحبة القصر يا سيدة وانشين؟”
“تفسير؟! أنا لا أعلم شيئًا! أنا أيضًا ضحية هنا! إن حدثت مثل هذه الجريمة في قصري، فكيف يمكن أن يكون في ذلك أي مصلحة لي؟!”
“وكيف لا تكون هناك مصلحة؟ بل هناك، بلا شك.”
“……ماذا تقصدين؟”
أملت رأسي قليلًا وأشرت بيدي نحو النافذة.
كان يمكن رؤية التلة التي تدرب فيها تيغريس أخي مع وانشين قبل يومين.
“لو مات تيغريس أخي، ألا تصبحين أنتِ أقوى مقاتلة من فصيلة السوين يا سيدة وانشين؟”
“سيستيا!”
اشتعل وجه وانشين غضبًا حتى احمرّ بالكامل.
“هل ترينني كائنًا وضيعًا يسعى لأن يكون الأقوى عبر وسائل دنيئة كهذه؟ مهما كنتِ، يا سيستيا، إن واصلتِ تشويه سمعتي وتدنيس شرفي فلن أغفر لك ذلك!”
“إذا كان الاغتيال وسيلة دنيئة، فماذا عن إجبار أخي على القتال طويلًا في برد قارس يخدم مصلحتكِ فقط؟ هل تعتبرين ذلك وسيلة شريفة؟ هل راق لكِ الانتصار بتلك الطريقة؟”
“ذلك……!”
“تعالي لزيارتنا في جلادوين هذا الصيف. أتساءل من سيفوز إذا تبارزتِ بعد الوقوف طوال اليوم تحت شمس منتصف الصيف الحارقة”
جلادوين، الواقعة في الجنوب، حارة للغاية مقارنة بالشمال. من الواضح أن وانشين، ذات الفرو الكثيف ودرجة حرارة جسدها المرتفعة، لن تتحمل صيف جلادوين لساعة واحدة.
“أه…….”
أطلقت تنهيدة طويلة لتهدئة نفسي.
كنت أود لو أواصل توبيخ وانشين حتى تفقد وعيها، لكن الأهم من ذلك كان أن أعاقب ذلك الوغد الذي تجرأ على جرح جسد أخي الغالي والعزيز.
مددت يدي، ولمست بحذر عنق تيغريس أخي الذي كان مسندًا ظهره إلى لوح السرير. ارتجفت يدي.
“أعلم أنه لا داعي لهذا الجدل. كانت هناك محاولة اغتيال، لكن أخي نجا. رأيت، أليس كذلك؟ المجرم.”
“نعم.”
ابتسم تيغريس أخي برفق وهو يجيب.
ويبدو من ردة فعله أنني أجبت تمامًا كما أراد.
لكن الأمر كان واضحًا.
ذلك الشخص اقترب بما يكفي ليجرح أخي تحت ذقنه، لكنه لم يقتله. لقد كان اغتيالًا متعمدًا بطريقة ركيكة، أراد الفاعل أن يُكشف أمره.
وأخي، بعد أن أدرك هذه الحقيقة، استغل خطته ليحوّلها إلى لعبة مكشوفة.
أومأ تيغريس بخفة، ثم نطق باسم المجرم.
“زوي بينغ. أعتقد أن الوقت قد حان لأُنادي اسمك.”
“زوي……؟ مساعد وانشين؟”
“يا إلهي، إذن حقًا من دبر الاغتيال هو……!”
عاد الهمس يملأ المكان مجددًا، وتقدم زوي الذي كان واقفًا خلف وانشين برأس منحنٍ. تقدم حتى بلغ سرير تيغريس، ثم جثا على ركبتيه وانحنى أمامه.
“لقد رأيتني بالفعل، يا سيدي. نعم، كنت أنا. لقد تجرأتُ ووضعتُ سكيناً على جسد السيد تيغريس.”
وكانت وانشين هي الأكثر دهشة من اعترافه هذا.
“زـ، زـ، زـ، زوي! أيها الوغد! لماذا فعلت هذا….؟!”
“لأنكِ أردتِ ذلك يا سيدة وانشين.”
“ماذا؟! أنا أردت هذا؟!”
“ألم تقولي لي إنكِ ترغبين بالوقوف فوق تيغريس، وطلبتِ مني أن أفعل كل ما بوسعي لتحقيق ذلك؟”
صمت زوي للحظة، ثم واصل كلامه:
“وأبسط وسيلة تُمكّن الضعيف من التفوق على القوي، هي التخلص من ذلك القوي نهائيًا.”
في تلك اللحظة، رأيت ذلك.
زوي كان منحنياً على الأرض، وزاوية فمه ترتفع بابتسامة خبيثة.
استناداً إلى شهادة زوي، بدأ التحقيق الجاد.
غادر النبلاء الغرفة وهم على يقين بأن وانشين هي من حرّضت على اغتيال تيغريس أخي، بينما تمسكت وانشين ببعضهم، تصرخ مدافعة عن براءتها.
وبعد أن غادر السوين الذين ملأوا الغرفة، نظرتُ إلى جروح أخي التي وضعت عليها المراهم، فعقدت حاجبيّ بحدة.
مجرد النظر إليها جعل حلقي يلسع وأطراف أصابعي ترتجف.
“ما الذي حدث بالضبط؟ كيف يمكن أن يقع أمر كهذا وأنت لم تخبرني بشيء؟”
“لأنك كنت ستقلقين حتماً.”
“هل من المنطقي أن تُخفى عني أمور بهذه الأهمية فقط لأنك تظن أني سأقلق؟”
“نعم.”
أجاب أخي بإيجاز وببساطة، وهو يلمس بأطراف أصابعه حافة فكه حيث التصق الدواء اللزج.
قال الطبيب إن الجرح سيتحوّل إلى ندبة، لأن العلاج لم يبدأ فوراً، بل تُرك لأيام.
‘هل يُعقل هذا؟ حتى في أحداث القصة الأصلية، حين خاض أخي معارك تكاد تكون حرباً مع إيفانويل، لم يكن لديه ندبة كهذه! والآن، في أمر تافه كهذا، ستبقى ندبة على وجهه!’
قبضت يدي بقوة، وارتعش جسدي غضباً.
“ذلك الوغد زوي. حتى لو كان يريد أن يضع وانشين في مأزق، كيف يجرؤ أن يستغل أخي بهذا الشكل؟! لم أكن أنوي مسامحته أصلاً، لكن الآن لم يعد في قلبي ذرة رغبة في المسامحة.”
“أأنت غاضبة بسببي؟”
“بالطبع! لو كنتَ مكاني، ألن تغضب؟”
“حقاً؟”
على عكسي، كان وجه تيغريس أخي صافياً، يكاد يعكس سعادة بدلاً من الغضب.
لم أكن أتوقع تعبيراً كهذا، ففتحت عيني على اتساعهما وأملت رأسي متعجبة.
“……؟ لماذا تبتسم هكذا؟”
“لأنني أشعر أنكِ كبرتِ.”
“كبرت؟ أنا؟ ما الذي تقوله فجأة؟”
“كنت أعلم أنك ستقلقين، لكن لم أتوقع أن تغضبي بهذا الشكل من أجلي. حتى عندما غضبتِ على وانشين قبل قليل، فكرت أنني سعيد لرؤيتك تكبرين بهذا الشكل الرائع.”
“يا إلهي. هل تجد هذا شيئاً مفرحاً في موقف كهذا؟”
“يكاد يجعلني أشعر أن محاولة الاغتيال كانت شيئاً جيداً.”
“ماذاا؟”
قطّبت جبيني بدهشة، غير مصدقة.
لو كان الأمر بيدي، لصرخت به ألا يقول كلاماً سخيفاً كهذا وربما ضربته بخفة، لكن لم أستطع أن أفعل ذلك مع أخي المرهق المصاب.
“انتهى بخير؟ وهناك ندبة ستبقى على وجهك! منذ البداية، الأمر غير منطقي! حين علمت أن هناك قاتلاً كان يجب أن تمسك به وتعاقبه، لا أن تعرض فَكّك هكذا كالأحمق!”
“المهم أنني بخير. ثم ما المشكلة؟ أليست الندبة تحت الفك تعطي مظهراً مخيفاً؟”
“اسم ‘تيغريس جلادوين’ وحده يكفي لزرع الرعب في القلوب! هل تريد أن تبدو أكثر رعباً مما أنت عليه؟!”
“هاهاها. صدقتِ.”
انفجر أخي بضحكة صافية وقوية.
وبعد وقت، حين تلاشت ضحكته شيئاً فشيئاً، ظلّ وجهه يحمل ابتسامة وهو يحدّق في وجهي.
“لقد فعلت كل ما بوسعي. سقطت متعمداً أمام الحشود، وكشفت أن محاولة اغتيال وقعت. والآن الأمر أكبر مما كان زوي يتوقع بكثير.”
“…….”
“إذاً، ما الذي ستفعلينه الآن؟”
كان يبدو سؤالاً، لكنه في الحقيقة كان إذناً مفتوحاً بأن أفعل ما أشاء.
صحيح أنني لم أُصرِّح بذلك مباشرة، لكن أخي الذكي كان قد أدرك سبب قدومي إلى بايل.
كنت أرغب في معاقبة ذلك الذي أرسل باربا ووي إلى جلادوين، ولم يكن في نيتي أن أستعين بأخي أو بأي سوين آخر في الأمر.
لذلك، تصرف أخي بإشعال الأمر على هذا النحو ثم تراجعه للخلف، لم يكن سوى نوع من الاعتبار والرعاية لي.
“……يجب أن أعاقبهم. زوي… ووانشين أيضاً.”
“نعم. هكذا يجب أن تكون أختي.”
لا تقلق يا أخي.
سأجعل المخاطر التي تحملتها لا تذهب سدى.
فقد حان وقت اللعب فوق المسرح الذي هيأته لي.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 57"