الوحيدة التي يمكنها أن تنقذني من جحيم إيفانويل، ومن كلابديا القاسية والمخيفة.
ركض ييهوكين بكل ما أوتي من قوة نحو بوابة قلعة إيفانويل.
لم يصدق كيف يستطيع جسده أن يفيض بهذه الطاقة، وهو الذي قضى ما يقارب ثلاثة أشهر منذ طقوس البلوغ لا يتناول سوى شرائح رقيقة من اللحم كانت كلابديا تضعها في فمه.
المشاعر السلبية التي كانت تثقل جسده وتخنقه، من كآبة وقلق وخمول واستسلام، كانت تتساقط واحدة تلو الأخرى مع كل خطوة يخطوها.
كان سعيدًا للغاية لمجرد أن سيستيا جاءت إلى إيفانويل البعيدة لتقابله، ولأنه سيتمكن، بعد خمس سنوات، من رؤية ابتسامتها المشرقة من جديد.
كما توقع، كان هناك جمع من كبار شخصيات إيفانويل مصطفّين عند مدخل القلعة.
كانت لايسا أول من لمح ييهوكين، فعبست وهي تراه.
“ييهوكين إيفانويل. أتجرؤ أن تدوس ممرات إيفانويل بقدميك القذرتين؟ كم مرة عليّ أن أكرر لك أن تسلك الطريق السفلي؟”
وكما قالت لايسا، لم يكن مسموحًا له إلا المرور من الطريق السفلي الضيق والملوث الذي يستخدمه الخدم.
لكن الآن، لم يكن أمامه خيار آخر.
لم يشأ أن يلتف دورة طويلة في طريقه لملاقاة سيستيا.
أخذ يلتقط أنفاسه المتقطعة من الركض، وهو يتلفت حوله.
“هاه… أين… سيستيا؟”
لم يرد أحد من السوين.
ولأنه اعتاد على هذا التجاهل، أمال رأسه ليرى ما وراء الصفوف المتراصة من السوين.
لم يرَ خصلات الشعر الذهبية المتموجة، ولا عصابة الرأس المزخرفة.
تذكر أن سيستيا كانت أقصر من أقرانها، فبدأ يدفع السوين جانبًا ليتسلل إلى قلب الحشد.
“سيستيا!”
خفق قلبه بقوة، وبدأ رأسه ينبض بألم.
أخيرًا سأراها…!
لكنه ما إن وصل إلى أعمق نقطة وسط الحشد، حتى تجمد مكانه.
“مووو…”
بلا مبالاة، خوار ثور عظيم التقت عيناه بعينيه.
“…هذا…”
“أيها الأحمق. ألا ترى؟ إنها ماشية أرسلها جلادوين المتغطرسة.”
قالت لايسا وهي تنقر بلسانها بضيق، وقد لحقت به.
“ويزعمون أن هذا هدية! ألا يكفي ازدراؤهم لإيفانويل؟ حيوانات لا حصر لها في عالم السوين، ثم يجرؤون على إرسال ماشية لا تنطق؟”
هزّ الحاضرون رؤوسهم مؤيدين كلامها، وأضاف كل منهم تعليقًا ساخرًا.
“بالفعل. أي ازدراء هذا! كأنهم يقولون لنا: عيشوا على أكل ماشية ضعيفة كهذه!”
“سيدتي لايسا، أتنوي ترك هذه الإهانة تمر مرور الكرام؟ هل نريهم درسًا؟”
“فلنبدأ بقطع رؤوس هذه الأبقار!”
ظل يحدق في الأبقار بشرود.
كانت أبقارًا فاخرة، تحظى بعناية فائقة.
عيونها صافية نظيفة، وأجسادها ضخمة وقوية، تغطيها أغطية شتوية سميكة فاخرة منقوش عليها شعار جلادوين.
إذًا، “ضيوف” جلادوين لم يكونوا سوى هذه الأبقار؟
شعر أن ساقيه قد تخونانه، وأنه على وشك أن ينهار جالسًا على الأرض.
الآن تذكر أن الخادم لم يقل سوى أن “ضيوفًا” من جلادوين قد وصلوا، فكيف افترض بكل غباء أن سيستيا جاءت خصيصًا لرؤيته؟
‘لهذا السبب ينادونك بضاعة فاسدة.’
‘ييهوكين إيفانويل الغبي.’
‘ييهوكين إيفانويل الأحمق.’
تزحزح وهو يخرج من بين صفوف السوين.
عليه أن يعود إلى كلابديا. فقد خرج دون إذن، ولا شك أنها غاضبة للغاية.
الجوع الذي كان قد تلاشى تحت وطأة الحماس للقاء سيستيا، عاد فجأة وبقوة.
بطنه الخاوي كان مليئًا الآن بالفراغ واليأس والاستسلام.
تجمد جسده من أثر الجوع الممزوج بآثار الركض الطويل وبكل تلك المشاعر الخاوية.
‘هل هكذا يشعر القلب حين يتعفن ويتآكل؟’
كما قالت كلابديا، شعر أن وجوده وآماله أشبه بقمامة مغطاة بعفن قذر.
في تلك اللحظة، انفتح الباب المؤدي من بوابة القلعة إلى الداخل.
“بررر… يدي تتجمد! كيف يمكن أن يكون ماء غسل اليدين في إيفانويل باردًا إلى هذا الحد… ها؟ ييهوكين؟”
ذلك الكائن المتألق المبهِر ابتسم له ابتسامة مشرقة حين لمحته.
كانت تحرك أصابعها المتجمدة بارتباك، تبحث في جيبها وهي تسرع نحوه بخطوات صغيرة.
بانفجار مدوٍّ، تناثر الهواء بألوان زاهية من قصاصات الورق الحمراء والصفراء والخضراء والزرقاء، لتغمر مجال رؤية ييهوكين.
“أخيرًا التقينا! متأخرة قليلًا، لكن مبارك بلوغك!”
شعر أن الدموع على وشك أن تنهمر.
***
[اليوم 16 من شهر زهرة الثلج – مهام اليوم]
☑ الوصول إلى إيفانويل
☐ مقابلة ييهوكين
انتظرني، ييهوكين!
(๑`・ᴗ・´๑)
مرّت خمس سنوات، فظننت أنه ربما كبر قليلًا في هذه الفترة، لكن تغيّره فاق كل ما تخيلت.
كان طويل القامة أصلًا، لكن طوله زاد حتى بدا أنه يقارب المئة والتسعين سنتيمترًا. لا يزال وسيما، لكن ملامحه التي كانت صبيانية اشتدت وصارت أكثر رجولة.
بل وحتى سواد عينيه كان أنقى وأصفى مما رأيته من قبل، حتى يخيل إليك أنه وضع فيهما قطرات دموع لزيادة اللمعان.
…لكن بالنسبة لطوله وضخامة بنيته، بدا أنه نحيل قليلًا.
نحيل؟ لا، لا يمكن.
لقد أرسلت له الكثير من الطعام!
ييهوكين، الذي كان مغطى بقصاصات الورق، ظل يحدق بي من علٍ.
“…سيستيا. أأنتِ حقًا سيستيا؟”
“واااه…”
‘حتى صوته صار رائعًا!’
صوته النقي قبل البلوغ تبدّل إلى نبرة منخفضة عميقة.
لولا وجهه، ولولا أنه نطق اسمي، لظننت أنه سوين آخر غير ييهوكين.
انزلق بصره من أعلى رأسي، مارًّا بعيني وأنفي وشفتي وكتفي، حتى وصل إلى أطراف أصابعي.
وحين رأى أصابعي المتجمدة التي احمرّت بعد غسلها بالماء البارد، عض شفتيه بأسف.
“…لقد احمرّت. هذا مؤلم.”
‘أه… تماسكي، يا قلبي! هذا ليس وقت الارتجاف هكذا!’
كبحت رغبتي في أن أضرب صدري بقبضتي، ولحسن الحظ ظهر في تلك اللحظة تيغريس.
“لا تلمس سيستيا.”
“…ييهوكين من عائلة إيفانويل يُحيّي تيغريس، رئيس عائلة جلادوين المؤقت. لا تفهم الأمر خطأ. لم ألمسها، ولم يجرؤ خاطري حتى على ذلك.”
“لا ينبغي أن ألمسها بتهوّر، فقد ينتهي الحلم وأستيقظ.”
عند الكلمات التي تمتم بها ييهوكين لنفسه، وخز قلبي الذي كان يخفق بعنف، وشعرت بألم غريب.
‘حلم؟’
لماذا يظن أن لقائي به مجرد حلم؟
أيمكن أنه كان يحلم منذ زمن طويل بأن آتي لآخذه؟
إن كان الأمر كذلك، فأود أن أخبره أن يطمئن، وأن هذا ليس حلمًا، بل الحقيقة.
مددت أصابعي ونقرت على ذراع ييهوكين بخفة.
“…لا.”
“سيستيا؟”
“ليس حلمًا.”
ثم أمسكت بيده ورفعتها حتى لامست خدي، وضغطتها عليه قليلًا.
شعرت بأصابعه الباردة وهي تنثني بلا قوة، فابتسمت بمرح.
“أرأيت؟ لم أختفِ، صحيح؟ هل تريد أن تضغط بقوة أكثر؟”
امتلأ وجه ييهوكين بمشاعر يصعب وصفها بالكلمات، وارتجفت عيناه السوداوان.
كان يبدو على وشك البكاء، فارتبكت.
“ييهوكين؟ هل أنت بخير؟”
“نعم، أنا بخير.”
“لا تبدو بخير إطلاقًا…”
كنت أحاول أن أطمئنه، فكيف انتهى الأمر بجعله يبكي؟
بينما كنت في حيرة من أمري، سمعت صوت خطوات تركض بسرعة، تلاه انفجار مدوٍّ.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات