ارتدت القفازات بسرعة. كانت قلقةً بشأن المقاس، لكن يدها انزلقت بداخلها بسهولة، كأنّها مُفصّلة خصيصًا لها.
رفعت يدها لتنظر إلى القفازات، و رأت الرجل من خلال أصابعها.
عندما التقت عيناهما، شعرت بإحساسٍ غريب، فجمعت أصابعها.
لم ترَ الرجل، لكن شعرت بنظراته الثاقبة. اقتربت العربة من الطّريق المؤدّي إلى القصر. بدلًا من الشوارع الفاخرة، رأت أوليفيا الجدران القويّة و حرس الفرسان الإمبراطوريّين. قالت بهدوء:
“أنزلني قبل البوّابة بقليل.”
“كما تشائين.”
نقلَ الرجل كلامها إلى السائق عبر نافذة صغيرة.
اتّجهت العربة إلى مكان قريبٍ من بوّابة القصر.
توقّفت العربة ببطء، على مسافة ليست بعيدة ولا قريبة من البوّابة. دونَ أن تطلب، ارتدى الرجل قبّعة الرداء ليغطّي وجهه.
بدا كفارسٍ مرافق لعائلة نبيلة. نزل الرجل من العربة أوّلًا، و مدّ يده لأوليفيا كما لو كان يقدّم مرافقة.
شعرت بالحرج من المرافقة، فنظرت إلى يده الكبيرة للحظة قبل أن تضع يدها عليها برفق.
عبر طبقة الدانتيل الرقيقة، كانت يده كبيرة و أكثر صلابة و دفئًا ممّا توقّعت. اقتربَ فرسان القصر.
التفتت أوليفيا إلى الرجل.
“…أوليفيا مادلين. هذا اسمي.”
“أوليفيا. اسم جميل.”
تحدّثَ الرجل كأنّ اللقب لا يهمّه، كأنّه يعرف بالفعل أنّها ابنة دوق. شجّعها موقفه قليلًا.
“إذا خرجتُ، هل ستخبرني باسمكَ؟”
لم يجبْ الرّجل. أضافت أوليفيا بهدوء:
“…لن أكونَ ورقة سيّئةً بالنسبة لك.”
لأنّ مادلين دقيقون في ردّ الجميل، وأكثر وضوحًا في الانتقام.
“بالطّبع، ستكونينَ ورقة رائعة، لكن للأسف، اليوم لن ينفع.”
توقّعت أن يوافق، لكنّ الرجل اللطيف وضع حدودًا. حاولت أوليفيا إخفاء ارتباكها.
“حسنًا، شكرًا على مساعدتك.”
“الامر ليس و كأنّني لا أريد إخباركِ باسمي، لكن عليّ الذّهاب الآن.”
تذكّرت أوليفيا كلامها عندما سمعت نبرته المتأسّفة:
“إذا خرجتُ، هل ستخبرني باسمك؟”
كيف كانت واثقة أنّه سينتظرها؟
شعرت بالحرج و أرادت سحب يدها، لكن يده لم تتركها. عندما التفتت،
قال بصوتٍ ممزوج بالضّحك:
“في المرّة القادمة. سأخبركِ باسمي بالتأكيد، مع أثمن هديّة.”
“…أنا ابنة دوق، لا أظنّ أنّ هناك هديّة لا أستطيع الحصول عليها.”
“إذن، يجب أن تكونَ هديّة تجعل الجميع يغارون. مثل سيف فريد في العالم، مصنوع من الجواهر.”
“سأتوقّع ذلك.”
هدّأت أوليفيا حدّتها، ليس بسببِ الهديّة، بل لأنّه قال إنّهما سيلتقيان مجدّدًا.
تركت يده، واتّجهت نحو القصر. تعرّف عليها أحد الفرسان و انحنى.
“مرحبًا، يا أميرة. ما الذي جاء بكِ إلى هنا؟”
“أريد الذهاب إلى قصر وليّ العَهْد. هل يمكنني استعارة عربة؟”
* * *
“يا أميرة، ما الذي جاء بكِ اليوم؟ لقد ذهب سموّ وليّ العَهْد إلى شارع لوهايرن للقائكِ.”
عند وصولها إلى قصر وليّ العَهْد، استقبلها رئيس الخدم بوجهٍ مرتبك.
هل افترقا في الطريق، أم أنّ ليوبولد لم يظهر في مكان الموعد؟
مرّت الهموم بوجهٍ رئيس الخدم.
“لقد رأيتُ سموّه. لكن لديّ شيء أودّ التحقّق منه، يا رئيس الخدم.”
“حاضر، يا أميرة.”
قادها رئيس الخدم المخضرم إلى قاعة لا يتسرّب منها صوت، و أغلق الباب.
جلست أوليفيا على الأريكة أمام طاولة الشاي ونظرت إليه مباشرة.
“ربّما تعرف، يا رئيس الخدم. في الأيّلم التي لا يحضر فيها سموّه مواعيد الأربعاء، كان يُرسل زهورًا وهدايا.”
“نعم، يا أميرة. أعرف.”
“لكن يبدو أنّ سموّه لا يعرف.”
مرّ تعبير بالخطأ بوجه رئيس الخدم.
“هل أنتَ من أهانني؟”
“يا أميرة، لا. لم تكن إهانة؟ أنا فقط…”
توقّف رئيس الخدم عن الكلام.
“هل أنتَ مَن أرسل البطاقات؟”
“أيّ بطاقات تقصدين؟”
توقّفَ كلامه بدهشة. ضحكت أوليفيا ببرود.
“حتّى البطاقات التي تنتحل شخصيّة سموّه في هدايا قصر وليّ العَهْد لم تعرف عنها، يا رئيس الخدم.”
“ما الذي تقصدين!”
اتّسعتْ عينا رئيس الخدم. بينما كانت العاصفة تدور في القاعة، عبرت خادمة من قصر وليّ العَهْد الحديقة بهدوء، متّجهة إلى قصر الإمبراطورة.
“إذن.”
عدّت أوليفيا على أصابعها.
“تمّ إرسال هدايا من قصر وليّ العَهْد إليّ، لكن لا يمكنكَ الكشف عمّن أرسلها، ولا تعرف شيئًا عن البطاقات.”
“….”
“هل هذا كلّ ما يمكنكَ قوله؟”
“…أعتذر، يا أميرة.”
“رئيس الخدم.”
“نعم، يا أميرة.”
“لا أعرف إن كنتَ تعلم، لكنّني أحبّ أشخاصًا من أمثالكَ.”
نظر إليها رئيس الخدم بحذر، محاولًا فهم نيتها. ابتسمت أوليفيا بلطف.
“الهدايا أو الزهور، ما المهم فيها؟ بغضّ النظر عمّن أرسلها و بأيّ نية، طالما أنّها من قصر وليّ العَهْد و هدّأت قلبي، فهي ذات قيمة.”
“يا أميرة.”
“لكن البطاقات مختلفة.”
اهتزّت عينا رئيس الخدم عند ذكر البطاقات. لم تصدّق أوليفيا نظرته التي تقول إنّه لا يعرف. خاصّة من شخصٍ مخلص مثله.
“…لا أصدّق. أن يُرسل أحد في هذا القصر بطاقة تنتحل شخصيّة العائلة الإمبراطوريّة، وليّ العَهْد تحديدًا، إليّ.”
“لكن هذا حدث. لم تعرف حتّى بتوصيل البطاقات. لهذا أتيتُ اليوم.”
“….”
“ومع ذلك، إذا لم تتحرّك، فهناكَ حدود لما يمكنني كشفه. أنتََ تعرف أفضل من أيّ أحد أنّني، كابنة دوق و لست أميرة رسميّة بعد، ليس لديّ سلطة لأمر رئيسِ خدم وليّ العَهْد.”
ضحكت أوليفيا بمرارة. لم يجب رئيس الخدم.
“لكن ماذا لو استخدمتُ سلطتي في قصر تياجي؟ قد تنتشر شائعات أنّ ابنة الدّوق تتصرّف بتهوّر. وكما تعلم، قبل شهرين، دخل ابنكَ الأصغر كمتدرّب لرئيس خدم في قصر تياجي.”
“…!!!”
تحطّمَ وجه رئيس الخدم القويّ. كان يجب أن يدرك. أمسك يديه المرتجفتين بقوّة.
قبل عام، حصلت الأميرة على سلطة قصر تياجي، قصر ولية العهد.
مقارنة بخطيبات سابقات حصلن على السلطة خلال عامين، كان ذلكَ متأخّرًا.
ادّعت الإمبراطورة أنّ الأميرة تفتقر إلى المهارة، لكن الجميع يعرف أنّها كانت تدير أعمال ولية العهد. أوّل ما فعلته الأميرة هو اختيار متدرّبين للخدم.
سمحت بإرسال أطفال بلا خبرة، فأرسل كلّ رئيس خدم أفراد عائلته.
أرسلَ هو ابنه الأصغر، الذي لن يرث لقبًا أو ثروة. ظنّ الجميع أنّهم يزرعون أعوانهم في قصر الأميرة، لكن لم يعرفوا أنّ ذلكَ سيكون قيدًا.
كان للأميرة نفس الحسابات كما فعلوا. نظرت أوليفيا إليه بهدوء، وتحتَ ذلك الهدوء، انهالت توبيخات باردة.
“تجرّأتَ على إهانة مادلين. هل يجب أن أبقى ساكنة؟”
“يا أميرة!”
انحنى رئيس الخدم بسرعة.
“أرجوكِ، مرّة واحدة فقط، ارحميني.”
تحدّثت أوليفيا بلطفٍ أكبر:
“لا داعي لهذا. كما قلتُ، أريد علاقة جيّدة معك. لذا، لن أسأل مَن أرسل الزهور والهدايا.”
“شكرًا، شكرًا، يا أميرة.”
“لكن اعثر على من وضع البطاقات.”
“حاضر، يا أميرة.”
“بالطبع، هذا طلبٌ منّي إليك.”
ابتسمت أوليفيا بلطف. خرج رئيس الخدم مسرعًا.
حتّى أغلق الباب، حافظت أوليفيا على وقفتها المستقيمة، ثمّ تنهّدت بهدوء في القاعة الهادئة.
كانت محظوظة.
كان رئيس خدم قصر وليّ العَهْد هو الأكثر شفقة عليها بين رؤساء الخدم في القصور الأربعة. لو لم يستخفّ بها، لما سارت الأمور بهذه السهولة.
تذكّرت فجأةً وجهه المذعور عند ذكر ابنه الأصغر، فشعرت بإحساس غريب.
هل كلّ الآباء هكذا؟ يحمي أبناءه بهذا الشكل؟
ظهر! والدها في ذهنها.
مرّت أيّام منذ رأته، دائمًا يعبس عند رؤيتها. حرّكت أوليفيا شفتيها، متمنّية أن يعثر رئيس الخدم على الجاني بسرعة.
لكن الخادمة التي جلبها رئيس الخدم كمجرمة فتحت فمها بسهولة، على عكس توقّعات أوليفيا.
“لم أفعل سوى ما أمرتني به الكونتيسة تشايز! أرجوكِ، يا أميرة، سامحيني، أخطأت!”
كانت الخادمة، التي ركعت و بكت و اعتذرت، تبدو في الثالثة عشرة أو الرابعة عشرة.
الكونتيسة تشايز، التي كانت تهينُ أوليفيا في قصر الأميرة، خادمة الإمبراطورة. أمسكت أوليفيا رأسها النابض.
يبدو أنّ الإمبراطورة ستقطع ذيل السحلية.
* * *
في تلكَ الأثناء، دخلَ الدّوق جيوفاني مادلين إلى صالون قصر الإمبراطورة.
رحّبت الإمبراطورة به بابتسامة. كان وجهها جميلًا كالورد، لكن الدّوق يعرف أنّ طباعها كشوكة مغطّاة بالسمّ.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 9"