“كيف تستطعين التّاثير علـيَّ إلى هذه الدرّجة دونَ وعي؟”
نظرَ إدوين إلى أوليفيا بلطف. كان صوته الممزوج بتنهيدة حلوًا بشكلٍ مدهش.
“لا يسعني إلا أن أكونَ تحـتَ رحمتكِ.”
“ما هذا الكلام؟”
كان تعبير إدوين المحتار بصدق لطيفًا للغاية، لهذا انفجرت أوليفيا بضحكةٍ صغيرة.
النّسيم الذي كان يبدو باردًا ، أصبحَ يداعبها بلطف.
* * *
“لذا، غدًا، سأجعل الدّوق والأميرة يحضران الاجتماع. سأناقش حينها مسألة سنـة التأجيل، لذا كونوا جميعًا على علمٍ بذلك.”
تحدّثَ الإمبراطور بوقار في قاعة اجتماع النبلاء.
ما إن انتهى الإمبراطور من كلامه حتى قبض جيوفاني، دوق مادلين، على يده بقوّة. حاولَ منع غضبه الجامح من الإنفجار، لكن ذلك كان بلا جدوى.
لاحظَ النّبلاء القريبون بالفعل وضع الدّوق الغاضب وبدأوا يتهامسون فيما بينهم.
“إذن، حسبَ كلام جلالته ، خلال فترة التأجيل لمدّة سنة، إمّا أن يُعيدوا الأميرة الأولى إلى مكانها، أو أن يجعلوا الأميرة الثانية هي وليّة العهد.”
“هذا ما يقصده باختصار.”
“مهلاً، هل سيضحّي الدّوق بابنته الثانية؟ ابنته التي يعشقها كثيرًا؟”
“و هل تعتقد أن الأميرة الأولى، التي قبلت عرض زواج الدّوق، ستعود؟”
“مَـنْ يدري؟ ألسنا نعلم جميعًا كم كانت الأميرة الأولى تحبّ وليّ العهد؟”
عندما ارتفعت أصوات الهمس، ضربَ الإمبراطور الطاولة بقبضته.
تحتَ صوت الضّربة، سادَ الصّمت في قاعة الاجتماع كما لو أن ماءً باردًا قد سُكب.
“الجميع صاخبون. يكفي لهذا اليوم. اخرجوا جميعًا.”
ارتعشَ حاجبا الإمبراطور، معبّـرًا عن انزعاجه. سواء كانوا من فصيل الإمبراطور أو النبلاء، غادرَ الجميع القاعة، باستثناء جيوفاني، دوق مادلين.
“أيّها الدّوق، لـماذا لم تخرج؟”
على الرّغمِ من أنه كان يعلم، تحدّثَ الإمبراطور إلى الدّوق بوجه غير مبالٍ. فكّ الدوق شفتيه المتصلّبتين بصعوبة وقال للإمبراطور:
“جلالتك، أرجوكَ أعد النظر بشأنِ قرار التّأجيل لمدّة سنة.”
“ما الذي يجب أن أعيد النّظر فيه؟ ألم ننتهِ من هذا في الاجتماع؟”
“ألـم تنـهِ الحديث الذي أجريتَـهُ معي أيضًا منذُ أربعة عشر عامًا؟”
كان صوت الدّوق ينضح بالبرودة. عبسَ الإمبراطور و نظرَ إلى الدّوق.
“دوق! ما هذا التعبير الوقح تجاهي؟”
“أعتذر، جلالتك. لكن أرجوكَ احترم الوعد الذي قطعته بشأنِ ولاء مادلين. ألم تعدني باستثناء ابنتي الثّانية من قائمة المرشّحات لمنصبِ وليّة العهد؟”
لكن الإمبراطور كان يعلم جيّدًا أن تعبير الدوق لن يلين بهذه الطّريقة.
“إنها مـن دم مادلين. إذا قبلتَ بها كوليّةٍ للعهد، فإن ولاء مادلين سيظلّ متمسّكًا بجلالتكَ بقوّة.”
أومأ الإمبراطور ببطء.
بالتّأكيد، لقد قطع وعدًا للدّوق سابقًا.
“هذا صحيح. لكن ماذا يمكنني أن أفعل؟ لقد تغيّرت الظروف.”
“جلالتك!”
“كان يجب أن تسيطر على ابنتيكِ بشكلٍ جيّد، أيّها الدوق.”
تحدّثَ الإمبراطور بهدوء.
أخفض الدوق رأسه، وكان من الواضح أن تعبيرًا مليئًا بالغضب يكمن تحت هذا الرأس المنخفض. لكن بدلاً من توبيخه على مثل هذه الوقاحة، تحدّثَ الإمبراطور.
“كيف سمحتَ لخطيبة وليّ العهد أن تقبلَ عرض زواج الدّوق الأكبر؟ لا أريد قول هذا، لكن لا يمكنني تجاهل هذا العار.”
“…..”
“يا إلهي، هل هذا منطقي حتّى أيّها الدّوق؟ كيفَ يمكن لخطيبة وليّ العهد الذي سيقود امبراطورية فرانتز في المستقبل أن تقبـلَ عرض زواج الدّوق الأكبر!”
ضحكَ الإمبراطور بسخرية وهو يرمش بعينيه.
يا له من أمرٍ سخيف!
أن تستمرّ العداوة مع عائلة الدوق الأكبر فيكاندر حتّى في جيـل ابنـه.
لكنه لم يكن ليدع ليوبولد يسير على خطاه. كان عليه أن يسحق الدّوق الأكبر بطريقةٍ أفضل، إلى درجةٍ لن يستطيع فيها النّهوض مجدّدًا.
لذا، ابتسمَ الإمبراطور بـرحمةٍ تجاه الدّوق.
“أنا أيضًا لا أرغب في خرق وعدي معكَ. أعرف جيدًا كم تحبّ ابنتكَ الثانية.”
“…..”
“أنا أعطيكَ فرصةً أخرى الآن، حتى مع تأخير وعـدٍ قطعته بنفسي.”
بدأت القوّة في كتفي الدّوق ترتخي تدريجيًا. في تلكَ اللحظة، نظرَ الإمبراطور إلى الدّوق بعيون تحذيرية.
“لذا أيّها الدّوق، لا تخيّب أملي بدلاً من إضاعة الوقت هكذا، ألن يكون من الأفضل التحدّث مع الأميرة الأولى قبل اجتماع الغد؟”
“سأنفّذ أمـركَ، جلالتك.”
انحنى الدّوق بوجه متجمّد للإمبراطور. أومأ الإمبراطور برحابة صدر، وعندما خرج الدّوق من قاعة الاجتماع، انفجر الإمبراطور بضحكة عالية.
“هههه، كيف يمكن للأمور أن تسير بمثلِ هذا المتعة؟”
من المؤكّد أن النّبلاء الذين غادروا للتّـو قد بدأوا بنشر الخبر. إذا أضيفت تفاصيل إلى القصة، فسيكون ذلكَ ممتعًا بالتأكيد.
تأجيل لمدّة سنة.
عبّـرَ عنه بكلمات لطيفة لتوضيح خليفة المرأة التي كانت على علاقة زواج مع العائلة الإمبراطورية، لكن في الواقع، كان ذلك بمثابة تمزيقٍ لشرف المرأة.
أوليفيا مادلين كانت مخطوبة للأمير لمدّة أحد عشر عامًا، لذا كان من الغريب ألّا تنتشر الشّائعات عنها.
فضيحة جديدة لأميرة مليئة بالفضائح. إذا عادت إلى جانبِ ليوبولد، ستختفي الشائعات دونَ أثر، لكن كان من المثير للاهتمام معرفة ما إذا كانت الأميرة ستبقى إلى جانبِ الدّوق الأكبر.
“كبير الخدم.”
“نعم، جلالتك.”
اقترب كبير الخدم الذي كان واقفًا من الإمبراطور.
ارتفع طرف فم الإمبراطور بمكر.
“اكتب رسالة إلى الدّوق. يجب أن نخبره على الأقل عن الاجتماع، أليس كذلك؟”
“سأرسل شخصًا فورًا.”
“لا.”
بابتسامةٍ متكاسلة، أخفض كبير الخدم رأسه. لمعت عينا الإمبراطور ببرود.
“افعل ذلك بتـأنٍّ. سيكون مناسبًا إخباره قبل ساعة من بدء الاجتماع غدًا.”
ذلكَ الوقت الضّيق سيجعل من الصّعب على الدوق الحضور إلى الاجتماع، لكن كبير الخدم لم يعترض.
بموافقة ضمنية، ابتسمَ الإمبراطور بقسوة، كما لو كان يتمنّى هلاك شخص ما.
* * *
غطّى غروب ذهبيّ قصر تياجي. أمسكت ماريا إيتيل يديها معًا و رفعتهما إلى صدرها. في تلكَ اللحظة، تحدّث ليوبولد بلطف:
“ماريا، سأجعلـكِ خطيبتي.”
آه، آه.
أصدرت ماريا تنهيدة خافتة من بين شفتيها المفتوحتين. لمعت عيناها الزرقاوان الجميلتان بالعاطفة، ثم تجمّعت الدموع فيهما.
خطيبة ليوبولد؟
عندما رفعَ ليوبولد شفتيه الوسيمتين قائلاً إن هناك أخبارًا سارّة، توقّعت ذلك. لكن الواقع الذي واجهته كان أكثر إثارة من أيّ شيءٍ آخر.
عانقَ ليوبولد ماريا إيتيل، التي كانت تبكي من التأثر، و قامَ بتهدئتها.
“هههه، هل أنتِ سعيدة لهذه الدّرجة؟”
“بالطبع، سموّك. أنتَ لا تعلم كم انتظرتُ هذا اليوم.”
كان صوت ماريا، الغارق في الفرح، متقطّعًا.
الآن، سيصبح ليوبولد حقًا حبيبها، بل أكثر من ذلك، سيصبحان في علاقةٍ رسميّة.
كيف لا تكون متأثرة؟ منذُ أن رأت ليوبولد لأول مرّة، كانت أوليفيا، تلك النصفيّة، تشغل مكان خطيبته.
لكنها كانت مختلفة عن تلكَ ذات النصف دماء. كانت من دم الماركيز إيتيل النبيل، و كانت تخدم الإمبراطورة و توسّع نفوذ فصيل النبلاء.
تخيّلت نفسها بسرعة تصعد إلى منصب وليّة العهد، ثم الإمبراطورة.
هي و ليوبولد سيكونان أفضل من أيّ إمبراطور وإمبراطورة في التاريخ، لأنهما يحبّان بعضهما بعمق.
“هل أنتِ سعيدة لهذه الدرجة؟ إذن، يمكنكِ أداء دور الخطيبة جيّدًا خلال السنة، أليس كذلك؟”
“ماذا؟”
للحظة، شكّت ماريا في أذنيها.
سنة واحدة؟ لا بدّ أن ليوبولد أخطـأَ في الكلام.
“ليوبولد، ماذا تقصد؟”
كان يجبُ أن تتصرّف كولية عهد متوقّعة بثقة، لكن ماريا تلعثمت. لم تفعل ذلكَ من قبل خوفًا من أن تبدو غبيّة، لكن الحيرة جعلت الكلمات لا تخرج بسهولة.
“ماذا، ماريا؟”
“ما الذي تعنيه… بـسنة واحدة؟”
ابتسمَ ليوبولد بأناقة كما لو أنه فهم أخيرًا. كانت تلكَ الابتسامة ابتسامة حبيب لطيف، فشعرت ماريا ببعض الراحة وقالت بثقة:
“مكان خطيبتكَ لسنة واحدة فقط؟ لقد أخطأتَ في الكلام فقط، أليس كذلك؟”
“قلـتُ ذلك بشكلٍ صحيح، ماريا.”
“ماذا؟”
شحبَ وجه ماريا. ابتسمَ ليوبولد بتكاسل و مسحَ خدّها.
“أوليفيا ستترك المكان لمدّة سنة كتأجيل. خلال تلكَ السنة، ستشغلين مكانها الرسميّ إلى جانبي.”
تحطّم شعورها الجميل عندما كانت تشعر كأنها كانت تطير فوق السحاب، و سُحبت إلى الأرض فجأة.
أغمضت ماريا عينيها. كانت تعتقد أن هذا سيكون أسعد يوم في حياتها.
لكن هذا كان كابوسًًا.
كانت ماريا، التي ترمش بعينيها، تبدو كدميةٍ جميلة. قبّـل ليوبولد شعرها.
“الأميرة مادلين…”
ابتسمت ماريا إيتيل بصعوبة. ليوبولد، الذي كان دائمًا يحبّها، بدا بعيدًا اليوم لسببٍ ما.
“إذا لم تعُـد الأميرة، ألن أكون أنا زوجتكَ، يا صاحب السّمو؟”
“ماريا.”
كانت عينا ليوبولد، التي تنظر إليها بـلوم، باردة.
دوى قلب ماريا و هو يسقط إلى الأسفل، لكن ليوبولد كسر تعبيره البارد و ابتسمَ بمكـر.
“لن يحدث ذلك.”
ماذا يعني بأنّه لن يحدث؟ هل يعني أن الأميرة ستعود بالتّأكيد؟ أم…
أنّني لا يمكن أن أكون زوجته؟
“أثق أنكِ ستؤدّين دور الخطيبة جيّدًا خلال السنة، أليس كذلك؟”
كانت العلاقة التي حدّدها ليوبولد واضحة و محدّدة. علاقةٌ رسميّة لمدّة سنة. لكن ماذا عن ما بعد ذلك؟
هل سأصبح مجرّد عشيقةً مرّةً أخرى؟
مسـحَ ليوبولد شعر ماريا بلطف. ظلّت ماريا متجمّدةً وهي ترمش بعينيها فقط.
لم تصدّق هذا.
كانت تعتقد أن ما يعيق حبّها مع ليوبولد هو تلكَ النصفيّة. لكن حتى بعد اختفائها، لم يقف ليوبولد إلى جانبها.
كان يبدو كشخصٍ غريب تراه لأوّل مرّة.
مَـنْ يكون هذا الشّخص الذي يعانقني الآن بـوجه حبيبي؟
مع غروب الشّمس، عـادَ قصر تياجي ليتألّق بالضوء الفضيّ. بدا ضوء القمر البارد كأنه يسخر من توقّعاتها المحطّمة، و تذكّرت ماريا أوليفيا مادلين فجأة.
“هل تريدين أن تصبحي عشيقة؟”
هزّت ماريا إيتيل رأسها رافضة الصّوت الهادئ الذي برق في ذهنها. لن تترك هذه الفرصة أبدًا. ستحوّل هذه السّنـةَ الواحدة إلى بقية حياتها.
كانت ماريا إيتيل واثقةً من ذلك.
لمـعَ الجشع الشّديد فوقَ عينيها الزّقاوتين.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 38"
احسن احسن احسن😚
شكراً مره على الترجمه الجميلع💞💞