تردّدَ صوت أوليفيا القلق في غرفة الاستقبال. حاولت أن تظلّ هادئة، لكنها فشلت.
“كنتِ متعبة ونائمة، فكيف أوقظكِ؟ إلّا إذا حملتكِ إلى الدّاخل.”
“إدوين!”
صُدمت أوليفيا و نادت إدوين باسمه. ابتسمَ إدوين ببراءة و رفعَ كفيه ليُظهر أنّه غير ضارّ. انحنت عيناه الحمراوان بلطف و هو يضحك.
لا يمكنها أن تنخدعَ بهذه الابتسامة العذبة.
ولا يمكنها أن تنسى كم تفاجأت عندما استيقظت في العربة.
لوّحت أوليفيا بيدها على خدّيها المتورّدين ونظرت إلى إدوين بنظرةٍ حادّة.
“آه، استيقظتِ؟”
كان ذلكَ لحظة ومضت فيها عيناها وهي تحاول استعادة رؤيتها الضبابيّة. أمامها، كان إدوين يبتسم بهدوء، و هي لا تعرف منذُ متى كان ينظر إليها.
“آه، حسنًا، هذا…”
“يبدو أنّكِ كنتِ متعبة جدًا. لو علمتُ بهذا، لكنتُ عدتُ إلى القصرِ على الفور.”
نظرَ إدوين إلى وجه أوليفيا كما لو أنّه لم يفكّر في الأمر. ضحكَ قليلاً عندما رأى وجهها الغارق في النوم، ثمّ تحدّثَ إلى مقعد السائق قائلاً إنّه حانَ الوقت للعودة إلى القصر.
شعرتْ أوليفيا بالقلق يتسلّل إليها، فنظرت إلى الخارجِ بسرعة. كان المشهد الخافت قد أصبحَ مظلمًا تمامًا.
عندما سمعت أنّ العربة كانت تدور في حديقة القصر لفترةٍ طويلة، شعرت بالدوار.
كان النّوم أثناءَ العودة إلى القصر في العربة أمرًا نادرًا بالنّسبة لها.
هل استرخى توتّرها حقًا اليوم؟ ربّما تورّم وجهها بعد النوم. عندما فكّرت في الأمر مجددًا، شعرت بالخجل.
انتفخت خدّا أوليفيا بتذمّر. غرقت عيناها الخضراوان في التفكير دونَ أن تدرك تورّم خدّيها.
لم تلاحظ أوليفيا، التي كانت غارقة في أفكارها، نظرات إدوين التي كانت تنظر إليها كما لو أنّها لطيفة، ثمّ رفعت رأسها.
“في المرّة القادمة، يجب أن توقظني بالتّأكيد! هل فهمتَ؟”
“… المرّة القادمة؟”
تأخّرَ ردّ إدوين للحظة.
ابتسمت أوليفيا بثقة و أومأت برأسها.
“قلتَ إنّك ستفعل كلّ ما أريده.”
كان تهديدًا إن لم يكن طلبًا. أرادت أن ترى إدوين يشعرُ بالإحراج، لكن، بشكلٍ غريب، ارتفعت زاوية فمه بشكلٍ ماكر.
“هذه المرّة، كنتُ لطيفًا و نظرتُ إليكِ فقط، لكن في المرّة القادمة، سأوقظكِ و…”
لفّ صوته النّـاعس أوليفيا.
عندما أدركت أوليفيا ثغرةً كلامها، مالَ إدوين نحوها كما لو أنّه سينقضّ عليها.
ضحكت أوليفيا بصوتٍ عالٍ. ربّما، على عكسِ مظهره المرح، كان إدوين بريئًا و ناعمًا من الدّاخل.
عندما فكّرت في الأمر، تذكّرت كيفَ احمرّ وجه إدوين عندما نادته باسمهِ في المرّة السابقة.
أرادت المزيد من المزاح. ربّما، كما قال الدوق الأكبر، كانت حقًا ذكيّة جدًّا. بينما كانت تفكّر في المزيد من المزاح والاقتراب، سمعت:
“… لقد قرّرتُ أن أتقدّمَ ببطءٍ و حذرٍ شديد.”
كان صوت إدوين خافتًا و عميقًا. شعرت أوليفيا بشيءٍ غريب و نظرت إليه بعيونٍ متّسعة.
كان وجهه الجميل ينضحُ بهالةٍ خطيرة بشكلٍ ما.
كان الأمر غريبًا. كان إدوين يبتسمُ بلطف أكثر من المعتاد.
ضحكت أوليفيا بإحراج و تراجعتْ إلى الخلف.
تغيّرت أجواء غرفة الاستقبال فجأةً بشكلٍ غريب.
ضحكَ إدوين بهدوء، و تحرّكت حنجرته ببطء. انتشرت رغبةٌ عميقة في عينيه الحمراوين.
“… أوليفيا هي مَنْ سمحت أولاً، أليس كذلك؟”
“لا، لا أعتقد ذلك.”
“مستحيل.”
انحنت عينا إدوين بمرح. ثمّ، نظرَ إلى الطاولة التي تفصلهما و تنهّد بتذمّر.
كانت الطاولة، التي شعـرَ بالأسف لوجودها قبل قليل، بمثابة درعٍ واقٍ لها الآن.
لكن حتّى أخذ نفس عميق كان ترفًا.
نهضَ إدوين فجأةً من مقعده.
بدا وكأنّه سيقترب منها في أيّ لحظة، فابتلعت أوليفيا ريقها دونَ وعي.
في تلكَ اللّحظة، سُمع صوت طرق على الباب، كاسرًا الأجواء.
تجمّدَ وجه إدوين قليلاً.
“أنا سوفيل. هل يمكنني الدخول للحظة؟”
“لا.”
“ماذا؟”
تفاجأ صوت من خارج غرفة الاستقبال بردّ إدوين الحاسم. قالت أوليفيا بغريزة:
“يمكنك! ادخل.”
“أوليفيا.”
كان هناك تنهيدة في صوته وهو يناديها. ضحكت أوليفيا بإحراج و أشاحت بوجهها، وفي تلكَ الأثناء، فُتح الباب و دخلَ سوفيل.
“أرى سموّك، و الآنسة…”
“منذُ متى لا تستمع لأوامري، يا سوفيل؟”
ارتجفت أوليفيا من الصّوت المخيف. لكن سوفيل رفع كتفيه بلا مبالاة.
“منذ أن أمرتني سموّكَ بجعلِ أوامر الآنسة الأولويّة. على الأرجح.”
“فمكَ هو النّشيط الوحيد، يا سوفيل.”
“لحسنِ الحظ أنّ فمي نشيط. سنبدأ غدًا صباحًا بتجهيز غرفة الملابس بجانبِ غرفة الآنسة. لكن، وفقًا للمخطّط، هناك القليل جدًا من الفساتين والأحذية والمجوهرات للتخزين.”
تنهّد إدوين و جلسَ على مقعده. كما لو كان ينتظر، فتحَ سوفيل الورقة التي كان يحملها. حتّى بنظرةٍ واحدة، كانت المناطق الملوّنة للاستخدام قليلة.
“هذا ما يبدو عليه الأمر. ماذا نفعل؟”
نظرَ إدوين إلى أوليفيا و ابتسمَ بمكر. ردّت أوليفيا بسرعة:
“أعتقد أنّ الفساتين التي طلبناها من متجر السّيدة بلوتو ستكونُ كافية لملء الغرفة.”
“خمسة عشر فستانًا لن تكفي. خزائن الأحذية والمجوهرات فارغة أيضًا.”
أحذية و مجوهرات؟ رفعت أوليفيا كتفيها بحيرة.
تنهّدَ إدوين بنزق و رفعَ ذقنه. ضحكت أوليفيا دونَ وعي.
في هذه الأجواء الناعمة، بدا سوفيل وكأنّه يشعر بالبرد. ثمّ، أشارَ بعينيه إلى إدوين وقال:
“بالمناسبة، سموّك، الشّاي قد برد.”
شاي؟ نظرت أوليفيا إلى إبريق الشاي بحيرة. لم يمرّ وقتٌ طويل منذ دخولهم إلى غرفة الاستقبال، والشاي كان لا يزال دافئًا.
بينما كانت أوليفيا تنظرّ إلى الشاي، تجمّدت تعابير إدوين للحظة ثمّ استرخى.
“… أنا لستُ في مزاجٍ جيّد. ربّما لأنّ خزانة أوليفيا فارغة. سوفيل، استدعي صائغي المجوهرات و الأحذية.”
“حسنًا.”
ردّ سوفيل كما لو كان ذلكَ أمرًا بديهيًا. بدا وكأنّ صائغي المجوهرات سيزورون القصر واحدًا تلو الآخر بدءًا من الغد. على عكسِ السابق، كلّ ما تملكه أوليفيا الآن هو منجم مهجور.
تردّدت أوليفيا.
“لديّ مجوهرات. هناكَ أيضًا قلادة الألماس الوردي.”
“لكنكِ لم ترتديها منذُ الحفل.”
“ذلكَ لأنّ…”
لأنّها تذكّرت إيسيلا التي تملكُ نفس القلادة.
رفعت أوليفيا كتفيها.
شعرَ سوفيل بالأجواء الغامضة، فغادرَ غرفة الاستقبال قليلاً إنّه سيجلب المزيد من الشاي. تأكّدت أوليفيا من إغلاق الباب، ثمّ ابتسمت بضعف.
“… في ذلكَ اليوم، اشتريتَ لي قلادتين من الألماس الوردي.”
“واحدة كانت هديّة لكِ، و الأخرى…”
“… أعطيتَها لأختي إيسِيلا. لقد سلّمتها إليها، لكنني لا أعرف إذا كانت سترتديها.”
كلمة “أخت” بدت غريبة و صعبةَ النّطق بشكلٍ لم تتوقّعه.
تمتمت أوليفيا بكلمة “أخت” داخليًا مرّةً أخرى.
كانت تسمية ستصبح أكثرَ غرابة تدريجيًا. ابتسمت أوليفيا بضعف.
نظرَ إدوين إليها بعناية، ثمّ فتحَ فمه ببطء:
“لمَ تبدو عيناكِ حزينتين عندما تفكّرين في أختكِ؟”
حزينة؟ كانت فقط تشتاق إلى إيسيلا…
رمشت أوليفيا بعينيها.
لا، لم يكن ذلكَ صحيحًا.
عائلة تشتاق إليها. أخت تحبّها و تعتزّ بها دائمًا. أخت عزيزة لم تستطع الاقتراب منها خوفًا من أن تؤذيها الشائعات.
لكن المشاعر التي شعرت بها الآن كانت أكثر تعقيدًا.
لا تزال عزيزةً عليها، لكنها كانت حزينة أيضًا.
شعرت بالأسف تجاهها، لكنها كانت منزعجة بسببها.
لذا…
“… كما قلتَ، إدوين، أشعر بالحزن.”
أصبحَ صوتها ناعمًا وهو يخرج من شفتيها.
شعرت بألمٍ في أنفها.
كلّما فكّرت فيها، شعرت بالحزن أكثر، فأطبقت أوليفيا على شفتيها ونظرت إلى إدوين.
كان ذلكَ بسببِ إدوين.
حاولت ألّا تفكّر، ظنّت أنّ كبت المشاعر سيجعل كلّ شيء على ما يرام، لكن الحديث أعادَ كلّ شيء إلى ذهنها.
“… كنتُ أتمنّى لو استمعتْ إليّ و لو لكلمة واحدة منّي.”
حتّى لو كان تذمّرًا طفوليًا، لم تستطع منعه. في الحقيقة، في ذلكَ الوقت، أرادت أن تقول لإيسيلا ولو كلمة واحدة فقط. بأنّها لم تفعل شيئًا.
“… هل لأنني كنتُ دائمًا أؤجّل الوعود إلى ‘المرّة القادمة’، لم تستمع إيسيلا إليّ؟”
تذكّرت أوليفيا حفلات الشّاي التي كانت إيسيلا تتحدّث عنها دائمًا، أو المقاهي التي كانتا ستذهبان إليها معًا، أو استعدادات حفل الظهور الأول.
كلّ الأشياء التي أرادتها إيسيلا و أجّلتها أوليفيا مرّات لا تحصى.
ثمّ ضحكت أوليفيا قليلاً. لقد قرّرت أن تتوقّف عن البحث عن أسباب في نفسها.
كانت الأفكار المعقّدة تعبث بعقلها.
ومع ذلك…
“… لكنني كنتُ أكره تلكَ الكلمات.”
“هل ماتت والدتنا حقًا بسببكِ، يا أختي؟”
تلكَ الكلمات التي قالتها إيسيلا ظلّت عالقة كعقدة في قلبها. نظرت أوليفيا ببطءٍ إلى إدوين. ربّما لا يعرفُ حتّى معنى كلامها.
لكن إدوين كان ينظرُ إليها بعناد، بتعبيرٍ لا يمكن فهمه.
“… إذن، يجبُ أن يكون الأمر مزعجًا جدًا.”
كان صوته هادئًا بشكلٍ غريب.
لكن أوليفيا لم تستطع أن تؤمّن برأسها. كانت مستاءة وحزينة، و ربّما كرهتها حقًا، لكن…
“… أريدُ رؤيتها.”
قيل إنّها مريضة.
أرادت على الأقلّ التأكّد من أنّها بخير.
إيسيلا.
ظلّ إدوين هادئًا، ثمّ رفعَ كتفيه. بدا وكأنّه يتنهّد، أو ربّما كان يشعرُ بالأسف قليلاً.
“… يبدو أنّ عائلة مادلين محظوظةٌ بشكلٍ عام.”
فاجأها ذكرُ عائلة مادلين فجأةً، فرمشت أوليفيا بعينيها.
“و الأميرة مادلين هي الأكثر حظًا بينهم.”
الأميرة مادلين.
كان إدوين دائمًا يناديها “آنسة”.
لذا، كانت الأميرة المحظوظة التي يمكن أن يذكرها إدوين بهذه الطريقة واحدة فقط.
ابتلعت أوليفيا ريقها دونَ وعي.
شعرت بالتوتر و بشيء يغرق في قلبها. تسارعت دقّات قلبها.
واصلَ إدوين بهدوء:
“… الأميرة جاءت إلى القصر. تقول إنّها تريد رؤيتكِ، يا أوليفيا.”
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 35"
بليز متى التنزيل بنهار😭🙌🏻
شكرا علي الترجمة 🥺💙
ادوين لطيف بشكل 🥺💓