“لِتتحدّث الإمبراطورة مع الأميرة أولاً. كما قلتِ، يجب تجنّب أيّ شيء يجعلُ الأميرة تُشفق عليه.”
تذكّرت الإمبراطورة كلامَ الإمبراطور وهي تنزل من العربة، فابتسمت بهدوء.
في الحقيقة، لم يكن هناكَ داعٍ للتّحدّث مع تلكَ الأميرة ذات العينين الخضراوين الوضيعة. كانت أوليفيا مادلين تُكِنّ حبًا عميقًا لابنها وليّ العهد.
لكن كانَ من الأفضل لو ضغطَ الإمبراطور مباشرةً على الدوق.
بما أنّها تعرف مشاعرها تجاهَ وليّ العهد، فلا شكوك لديها، لكن تصرّفات الأميرة مؤخرًا مع الدوق الأكبر فيكاندر كانت مشكلةً بحدِّ ذاتها.
هزّت الإمبراطورة رأسها بنزق.
وصلت إلى قصـرِ الإمبراطورة شائعة أنّ الأميرة تقيم في قصر الدّوق الأكبر. مهما كانت قليلة التهذيب، كيف لابنة دوقٍ مخطوبة لوليّ العهد أن تعيشَ في قصر نبيلٍ آخر؟
خاصّةً أنّه قصر الدوق الأكبر فيكاندر، الذي كان عليه أن يتزوّج من الأميرة الملكيّة!
إذا أُثيرت هذه المسألة، يمكن أن تتحوّل إلى قضيّة خطيرة.
لذا، إمّا أن يُعيدَ الدّوق تربية ابنته الكبرى بشكلٍ صحيح، أو يقدّم ابنته الصغرى بدلاً منها.
كان مجرّد هذا التهديد كافيًا لجعلِ وجه الدوق يتصلّب، و هو ما تخيّلته الإمبراطورة بوضوح.
شعرت الإمبراطورة بالأسف لعدم تمكّنها من رؤية ذلكَ مباشرةً ، لكنّها سرعان ما ابتسمت بروية و دخلت قصر الإمبراطورة.
ففي النّهاية، لم يكن اليوم هو اليوم الوحيد.
قبل أيام، سمعت أنّ الأميرة استدعت أميرة مادلين لكنّها لم تأتِ على الفور.
بالطبع، سمعت أمس أنّ أوليفيا زارت قصر الأميرة، لكن ذلكَ كان مستفزًا بنفسِ القدر.
بينما كانت تعتقد أنّ الأميرة قد تعاملت مع الأمر جيدًا، قرّرت الإمبراطورة استدعاء أوليفيا إلى قصر الإمبراطورة قريبًا و ضحكت بنبرة واضحة.
لم ينتبه الأشخاص المفتونون بجمالِ ضحكة الإمبراطورة إلى حركة أظافرها الطويلة المرعبة.
تعمّقت ابتسامة الإمبراطورة.
كان اليوم يمرّ بسعادة أيضًا.
لكن مزاج الإمبراطورة الجيّد تحطّم بتقرير الخادمة التي زرعتها في قصر تياجي، قصر زوجة وليّ العهد.
…
“كرّري. كرّري ما قلتِ.”
“أ، أم…”
ارتجفت الخادمة التي زرعتها الإمبراطورة في قصر تياجي وهي تجيب تحت صوت الإمبراطورة البارد الخالي من التعبير.
“طالبت الأميرة وليّ العهد بفسخ الخطوبة، يا جلالة.”
“هه.”
ارتفعت عينا الإمبراطورة بحدّة.
كانت كلمات الخادمة صادمة.
كيف تجرؤ تلكَ الفتاة ذات العينين الخضراوين الوضيعة على طلبِ فسخ الخطوبة من وليّ العهد، ابنها الفخور؟
اختفت ابتسامتها الرائقة، و امتلء وجهها الجميل بالغضب. أمسكت ذراع الأريكة بعنف بيد مليئة بالغضب.
تجعّد الحرير على ذراع الأريكة بلا رحمة. لاحظت السيدة أوفتيم، أقربُ خادمات الإمبراطورة، ذلك، فخرجت مع الخادمات الأخريات بهدوء.
في غرفة الاستقبال الهادئة، تذكّرت الإمبراطورة الوجه الجميل الذي كان دائمًا منحنيًا.
الأميرة التي بدت و كأنّها ستفعل أيّ شيء لتصبحَ وليّة العهد.
هل كان صدق الأميرة، التي كانت دائمًا تنظر إلى وليّ العهد بعيون عاشقة، بهذا القدر من الضعف؟!
“… ههه، كما لو أنّها ليست نصف وضيعة.”
تنفّست الإمبراطورة بنعومة. شعرت و كأنّ الأميرة مادلين خدعتها. كان هناكَ نارٌ مشتعلة في صدرها.
كيف تجرؤ على طلب فسخ الخطوبة من وليّ العهد العظيم؟
“وقحة، متغطرسة، و وضيعة.”
تأجّج الغضب السامّ فوقَ الكلمات المنخفضة التي تمتمت بها.
لا مهلة لمدّة عام.
ستطرد تلكَ الفتاة الوضيعة و تطلبُ من الإمبراطور أن يجعلَ إيسيلا مادلين مباشرةً كزوجة لوليّ العهد.
هذا سيكون أعظم عقاب للدّوق الذي لم يستطع حتّى السّيطرة على ابنته.
ستأخذ الأميرة الصّغيرة الناعمة الرقيقة من مادلين و تجعلها تذبل بسُمّها.
تنفّست الإمبراطورة بقسوة من بين أسنانها. لمعت عيناها البنيتان، اللتين كانتا دائمًا تتألّقان بنعومة، بغرابة.
* * *
كانت عربة وليّ العهد الكبيرة تدور حول القصر لعدّة جولات.
نظرَ السائق بقلق عدّة مرّاتٍ إلى الكونت هاجيس، الذي كان يرافق العربة على ظهر جواد.
لكن الكونت هاجيس، مساعد وليّ العهد، أومأ برأسه قليلاً فقط. كان ذلكَ يعني الاستمرار في الدوران.
وفقًا للأمر، قادَ السائق العربة ببطء. وفي داخل هذه العربة البطيئة، كان ليوبولد يحدّق إلى الأمام بلا تعبير.
لم يصدّق أنّ الوضع الذي يواجهه الآن حقيقي.
أن تطلب أوليفيا فسخ الخطوبة منه؟ حدثٌ أمر لا يُصدّق.
“… جئتُ لأراكَ للمرّة الأخيرة قبل فسخ الخطوبة.”
تردّدَ صوت أوليفيا في أذنيه.
“إنّ إدخالكَ للآنسة إيتيل إلى قصري دون إذني، وعدم احترامكَ لي، هو شيء قمتَ به أيضًا، يا صاحب السّمو.”
“ليس استراق السمع، بل أنتَ نسيتَ موعدكَ معي وقمتَ بعقدِ لقاء سرّي في حديقة قصر زوجة وليّ العهد حيث كنتُ أنتظر.”
“تحيّة إلى شمس الإمبراطورية الصغيرة. أوليفيا مادلين، سأحيّيكَ مجدّدًا كدوقة فيكاندر الكبرى. أتمنّى أن تكونَ بخير حتّى ذلكَ الحين.”
لم يكن يعلم أنّها تتحدّث بهذه البلاغة. لا، لم يكن يعلم أنّ أوليفيا ستنظر في عينيه مباشرة و تتحدّث عن فسخ الخطوبة بهذا الهدوء.
كانت أوليفيا اليوم غريبة، كأنّها شخصٌ آخر. عندما تذكّر عينيها الخضراوين الهادئتين اللّتين نظرتا إليه، شعرَ ليوبولد بصداع.
بمجرّد أن بدأ يتذكّر، تدفّقت أحداث سابقة إلى ذهنه.
أوليفيا التي استدارت لتمشي رغمَ أمره لها بالتوقّف. و وجه الدّوق الأكبر الذي وقفَ بجانبها كأنّه يحميها، كان ينظرُ إليه بنظرةٍ خاطفة. بدا وجهه و كأنّه يسخر منه بوضوح.
“كيف يجرؤ…”
كان الصّوت الذي خرجَ من بين أسنانه ثقيلًا بشكلٍ مخيف. تصاعدت هالةٌ شرسة حول ليوبولد.
شعرَ بأنّ معدته تنقلب. كان صدره يعاني من اضطراب مزعج، كأنّه مصاب بالتخمة.
كيف يجرؤ.
كلب والده الذي كان يتجوّل عند الحدود يطمع في خطيبته.
وخطيبته، التي يُفترض أن تكون الأكثر وقارًا، خُدعت بحيل الدوق الأكبر.
هذا لا يُعقل.
في النهاية، ضربَ ليوبولد العربة بقوّة. توقّفت العربة بصوت عالٍ بسببِ القوّة التي هزّت العربة الباهظة. لكن ليوبولد، الغير مبالٍ، ضربَ العربة مرّةً أخرى.
كان هذا الاضطراب المتراكم في صدره بالتأكيد غضبًا.
غرقت عينا ليوبولد بعمقٍ كالبحر و هو يحدّد طبيعة مشاعره.
كانت هالته الشرسة تبدو و كأنّها لن تتركَ.أحدًا يقف أمامه.
لم تبدأ العربة، التي توقّفت لفترةٍ طويلة، بالتحرّك إلّا بعد مرور وقتٍ طويل. عندما وصلَ ليوبولد إلى القصر، كان وجهه مليئًا بالحدّة.
رئيس الخدم، الذي رأى هذا، استقبله بحذر وقال:
“أهلاً بكَ، يا سموّك. جلالة الإمبراطورة هنا.”
“… جلالة الإمبراطورة؟”
كان كلّ شيء مزعجًا.
أرادَ ليوبولد إرسال والدته الإمبراطورة بعيدًا بحجّة الصداع. لكن، كما لو أنّها علمت بوصوله، اندفعت الإمبراطورة إلى غرفته.
“يا وليّ العهد!”
“ما الذي جاء بكِ، يا صاحبة الجلالة؟”
لم يكن في مزاج للتحدّث طويلاً مع الإمبراطورة بسببِ حالته السيئة.
“يا وليّ العهد، سمعتُ الأمر. كيف تجرؤ تلك الوضيعة!”
في لحظةِ سماع كلام الإمبراطورة، ارتفعت عينا ليوبولد بحدّة.
“ممَن سمعتِ؟”
“هل هذا مهمّ؟”
“هذا مهمّ بالنّسبة لي، جلالتكِ.”
كان هناكَ برودةٌ تنبعث من صوت ليوبولد.
أدركت الإمبراطورة خطأها.
وليّ العهد منذُ ولادته، و مع كبريائه العالية، لن يتحمّل أن ينتشر خبر طلب فسخ الخطوبة.
“كانت لديّ خادمة في قصر وليّة العهد. لا تقلق، لن يتسرّب الأمر.”
على الرّغمِ من كلام الإمبراطورة الحازم، لم يرخِ ليوبولد جبينه العابس. لكن ذلكَ لم يكن مهمًا بالنّسبة للإمبراطورة.
“كيف تجرؤ تلك الأميرة النصفية على التصرّف بوقاحة مع وليّ العهد!”
كبتَ ليوبولد شعوره بالانزعاج. لم يستطع تحديد ما الذي أزعجه في كلام الإمبراطورة. بينما كانت الإمبراطورة تتابع بحدّة:
“لقد طلبتُ للتّـو من جلالة الإمبراطور مهلة لمدّة عام، لكن ذلكَ لن يجدي. اطرد أوليفيا مادلين و اجعل إيسيلا مادلين زوجة وليّ العهد على الفور.”
“… مهلة لمدّة عام؟”
كانت كلمات “مهلة لمدّة عام” هي التي علقت بأذن ليوبولد أكثر من اقتراح جعل إيسيلا زوجة وليّ العهد.
تابعت الإمبراطورة بنبرةٍ مستاءة:
“نعم، يا وليّ العهد. لا يُسمح لامرأة كانت على صلة زواج بالعائلة الإمبراطوريّة أن تتزوّج من نبيلٍ آخر لمدّة عام لضمان وضوح نسب الوريث.”
“…..”
“على الرّغمِ من أصلها الوضيع، كانت قدراتها لا بأس بها، لذا حاولت إعطاءها فرصة!”
ابتعدَ صوت الإمبراطورة الغاضب كالصاعقة. دارت أفكار ليوبولد بسرعة.
كان هناكَ شيء يزعجه. عندما استعاد محادثته مع أوليفيا، غرقت عيناه بعمق. صوت أوليفيا الهادئ عاد إلى ذهنه:
“إنّ إدخالكَ للآنسة إيتيل إلى قصري دون إذني، وعدم احترامكَ لي، هو شيء قمتَ به أيضًا، يا صاحب السّمو.”
“ليس استراق السمع، بل أنتَ مَنْ نسيتَ موعدكَ معي و قمتَ بعقد لقاء سرّي في حديقة قصر زوجة وليّ العهد حيث كنتُ أنتظر.”
آه، هذا هو.
الهدوء في مواجهة الحقيقة.
الابتسامة التي لم تكن متكلّفة بل تحمل نوعًا من الاستسلام.
بغضِّ النّظر عن بلاغتها، كانت أوليفيا اليوم مختلفة تمامًا عن المعتاد. عندما أدركَ ذلك، شعرَ بمزاج سيء بشكلٍ غريب.
“… هههه.”
ارتفعت زاوية فمه الوسيم بشكل ملتوٍ. بينما كانت الإمبراطورة تتحدّث بنبرةٍ غاضبة:
“لنذهب فورًا إلى جلالة الإمبراطور. اطلبْ الزّواج من إيسيلا مادلين.”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 33"