مدَّ الدّوق الأكبر يده أمامَ العربة كما لو كان ذلك أمرًا طبيعيًا. أصبحت هذه المرافقة مألوفةً.
صعدت أوليفيا إلى العربة، وجلسَ الدّوق الأكبر أمامها بحركة رشيقة.
أُغلق الباب، وانطلقت العربة. مرّت مناظر مألوفة خارج النافذة.
“كيف كانت الحديقة؟”
“كما قلتِ، مكان رائع. لدرجةِ أنّني شعرتُ بالأسفِ لعدم تمكّني من رؤيتها أكثر.”
“أنا أيضًا.”
ابتسمتْ أوليفيا قليلاً ونظرت إلى الخارج. ظنّت أنّ هذا اليوم سيكون آخر يومٍ لها في القصر، فاستعدّت نفسيًا، لكن معرفة أنّ عليها العودة مرّةً أخرى أعطتها شعورًا غريبًا بالراحة.
‘متى يمكنني زيارة ليوبولد مجدّدًا؟’
بينما كانت تحسب الأيام، شعرت بنظرة مباشرة.
التقت عيناها بعيني الدّوق الأكبر، الذي كان ينظر بفضولٍ إلى المغلّف الورقي في يدها.
هزّت أوليفيا المغلّف بمكر، فضحكَ الدّوق الأكبر بخفّة.
“يبدو أنّكِ أحضرتِ شيئًا ممتعًا؟”
“نعم، ربّما رمز للنصر؟”
رفعت أوليفيا أنفها متعمّدة. كان المهر ناقصًا، لكنّها حصلت على ممتلكات تُرضيها. و شعرت أنّ الدّوق الأكبر سيفرح بانتصارها بغضِّ النظر عن قيمتها.
“رائع!”
كان توقّعها صحيحًا. تحقيق التوقّعات كان شعورًا حلوًا و دافئًا.
أمامَ كلماته الصادقة التي تمدحها، ابتسمت أوليفيا بسعادةٍ دونَ أن تشعر.
عندَ رؤية ابتسامتها، توقّفَ الدّوق الأكبر عن الكلام للحظة. لم تلحظ أوليفيا احمرار أذنيه المختبئة خلفَ شعره.
“…أليس هناكَ شيءٌ لي و أنا مَنْ دعمتكِ بحماس من الخلف؟”
“همم، حسنًا، أليس لديك كلّ شيءٍ بالفعل، سموّك؟”
نظرت أوليفيا إلى الدّوق الأكبر و كأنّها تفكّر بعمق.
حتّى لو أرادت إهداءه جوهرة، كان هو مَنْ سيرفض أولاً. لم يعد لديها ترف شراءِ هدايا باهظة، و هو يعلم ذلك جيّدًا.
بينما كانت تتفحّصه بعينين متقلّصتين، أدركت أوليفيا شيئًا فاتّسعت عيناها. قبل أن يبتسم الدّوق الأكبر، عانقت المغلّف بقوّة.
“حتّى لو طلبتَ هذا، لا يمكن.”
لم تستطع بعدُ إظهار هذا المنجم المهجور. لم تتوصّل إلى خطّة لاستغلاله. كان قاحلًا جدًا للسكن، و بلا قيمة سياحيّة. سيستغرق الأمر وقتًا لإيجاد فكرة جيّدة.
تحدّثت أوليفيا بصدق، لكن الدّوق الأكبر رمّش بعينيه بدهشة. ألقت ظلال رموشه ببطء على وجهه.
‘هل كنتُ حادّةً جدًا؟’
بينما كانت أوليفيا تعيد التفكير في كلامها، ضحكَ الدّوق الأكبر بصوتٍ عالٍ.
“هاهاهل، هل تظنّين أنّني سأسرق انتصاركِ؟”
شعرت أوليفيا ببعضِ الإحراج وهي ترى عينيه المنحنيتين و هو يضحك. تمتمت لنفسها بهدوء:
“حسنًا، إذا لم ترغب…”
ابتسمَ الدّوق الأكبر بسخاء و وضع مرفقه على ركبته، ثمّ مال نحو أوليفيا واضعًا ذقنه على يده.
“أريدُ شيئًا غيرَ مادي.”
أضاءَ وجه أوليفيا.
إن لم يكن شيئًا ماديًا، ربّما تستطيع تقديمه.
“فقط قُـلْ ما هو.”
“أن تناديني بطريقةٍ أكثر ودًّا؟”
“ماذا؟”
“أليس كذلك؟ يُقال إنّ العلاقات تظهر في الكلام، لكنّكِ ما زلتِ تعاملينني بتكلّف، و تنادينني دائمًا بلقبي، محافظةً على مسافة بيننا.”
بدا و.كأنّه يشتكي، بل يتذمّر. ضحكت أوليفيا بخفّة. لم يفوّت الدّوق الأكبر الفرصة و مال نحوها أكثر قليلاً.
“إذن، هل تُجرّبين مناداتي لمرّة؟”
“…..”
“لا يُعقل أنْ تكوني لا تعلمين باسمي ، أليس كذلك؟”
“…بالطّبع لا. منذُ ذلك اليوم، عرفتُ اسمكَ جيّدًا.”
“يشرفني أن أعرّفكِ بنفسي. إدوين لويل فيكاندير.”
كان اسمه الذي قاله بعيونٍ مليئة بالمكر.
إدوين لويل فيكاندير.
تمتمت أوليفيا باسمه دونَ وعي، ثم تفاجأت. الرّجل ذو العينين السريعتين كان يضحكُ بالفعل.
“ماذا قلتِ؟ لا أسمعكِ و أنتِ تتحدّثين بصوتٍ منخفض.”
كان واضحًا أنّه سمعها، لكنّه كذبَ بوقاحة.
‘ما المشكلة في مناداته باسمه؟’
هزّت أوليفيا كتفيها كما لو أنّ الأمر تافه. حاولت التحدّث مجدّدًا، لكنها أغلقت فمها.
“لماذا لا تنادينني؟”
“لقد ناديتكَ للتّو.”
“لم أسمع شيئًا.”
اتّسعت عينا الدّوق الأكبر و أمال رأسه وكأنّه يتساءل متى حدث ذلك.
‘ليس بالأمر المهم، إنّه مجرّد اسم.’
لكن لماذا كان مناداته تشعرها بالتوتّر؟
فكّرت أوليفيا للحظة، ثمّ أطلقت “آه” خافتة. ربّما لأنّه لم يُسمح لها من قبل بمناداة أحدٍ بهذه الطريقة.
تذكّرت فجأةً ماريا إيتيل، التي نادت ليوبولد باسمه دون تردّد.
’إذا ناديته باسمه، سأصبحُ حقًا قريبةً من الدّوق الأكبر.’
مرّت موجةٌ غريبة في قلبها.
نظرت أوليفيا إلى الدّوق الأكبر للحظة. كانت عيناه الحمراوان المتلألئتان كالياقوت مليئتين بالتوقّع.
“على أيّ حال، نحنُ على وشكِ الزواج.”
“صحيح، مناداة بعضنا بالأسماء أمرٌ طبيعيّ جدًّا للأشخاص الذين سيرتبطان.”
“إن لم نفعل ذلك، قد يبدو الأمر أكثر غرابة.”
احمـرَّ وجهها الصغير و هي تُبرّر.
‘كأنّها ستنفجر إن لمستها.’
أمسكَ الدّوق الأكبر يديـهِ بقوّة. لقد صنعَ الجوّ بعناية، لكن لو تصرّفَ بتسرّع الآن ، قد تهربُ كالأرنب.
لم يخرج هذا الكلام البسيط من لسانه. رفعت أوليفيا رأسها ببطء في تلكَ اللحظة.
“…دفاتر إدارة الإقليم موجودة في الدرج الثاني على يساري. إيسيلا لن تستطيع التعامل معها بعد. ناقش الأمر مع الخادم و البارون ديريك. العناصر تتغيّر حسبَ التاريخ. سأرسل هذا في رسالة.”
كانت أوليفيا تتحدّث عن شيء آخر.
‘هل تعتقد أنّ سرد أعمالها في البيت سيمنحها مغفرة لهذا الموقف؟’
قاطعَ جايد كلامها وهو يمرّر يده في شعره.
“كفى عن هذا. عمّا تتحدّثين؟”
“تسليم المهام.”
كانت نبرتها جافّة جدًا.
نظر جايد إلى أوليفيا وهو يرمّش. لم تكن هذه أوليفيا المعتادة.
“قلتُ لكَ، لن أعود إلى مادلين.”
لم تبتسم.
“لذا، سأنقل كلّ شيء بوضوحٍ الآن لتجنّب المشاكل لاحقًا.”
حتّى عندما لم يقل لها كلمة طيّبة، كانت أوليفيا دائمًا تبتسم.
“هل جننتِ؟”
أمسكَ جايد كتفيها دونَ تفكير. عبست أوليفيا.
كان هذا غريبًا. لم تكن أوليفيا تُظهر الألم بهذا الشكل. كانت دائمًا قويّة، تتحمّل نزواته بصبر.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 28"