كان والدها دائمًا يُقدّرها، لكنها تعلم جيّدًا أنّ أحد أسبابِ حبّه لها هو كفاءتها.
وكانت أوليفيا مَـنٔ تولّت معظم الأعمال التي أكسبتها ثقة والدها.
“…ماذا تريدين؟”
غمغمت الأميرة وهي تُطبق على أسنانها. عندها، أغمضت أوليفيا عينيها بلطف.
“لا أطمع كثيرًا. ماذا عن إقليم مينير؟”
“هذا مستحيل!”
انفجرت الأميرة غضبًا.
لم تُغيّر أوليفيا تعابيرها. كانت تتوقّع ذلك. لن تتخلّى الأميرة عن إقليم مينير، الخامس من حيث الوفرة بين ممتلكاتها.
لكن ماذا لو كان إقليمًا أقلّ قيمة بكثير من مينير؟
لم تكن أوليفيا ترغب في الطمع أكثر. إذا تدخّلت الإمبراطورة، قد لا تحصلُ على شيء.
“إذن، ماذا عن منطقة هافييل؟”
سألت أوليفيا.
كانت تعتقد أنّ الأميرة ستوافق إذا طلبت منطقة هافييل قليلة السكان مقابل التزام الصمت.
لكن أوليفيا أغفلت شيئًا.
كانت الأميرة مشوّشة تمامًا بسببِ الموقف نفسه. لم يكن يهمّها ماهية منطقة هافييل. كلّ ما يشغل بالها هو أنّ أوليفيا، التي تعرف ممتلكاتها جيّدًا، لن تطلب شيئًا يُسبّب لها خسارة.
ضحكت الأميرة بمظهرٍ متكلّف وهي تستعيد قائمة ممتلكاتها في ذهنها.
كانت الأراضي التي منحها الإمبراطور لها مقابلَ كلّ عمل أنجزته أوليفيا إمّا تنتج محاصيل ثمينة كالتبغ أو العنب، أو تكون أراضي خصبة ذات عوائد وفيرة.
‘لماذا وصلت الأمور إلى هنا؟’
لكن معرفة سببَ الخطأ كانت مسألة مؤجّلة. كان عليها تقليل الخسائر.
أقلّ ممتلكاتها قيمة، لكن بما يكفي لإسكات أوليفيا.
فجأةً ، خطرت للأميرة فكرة رائعة. ارتسمت ابتسامة ناعمة على شفتيها التي كانت ترتجف من التوتّر.
كان منجمًا مهجورًا بالقربِ من الشمال زارته أوليفيا بأمر من الأميرة.
“يبدو أنّكِ كنتِ مهتمّة جدًا بهذا المنجم المهجور آنذاك.”
“لكن…”
حاولت أوليفيا الاعتراض على تلميح الأميرة، لكنها أغلقت فمها. صفّقت الأميرة بحماسٍ وهي تلمع عيناها.
“كانت المرّة الأولى التي سألتِ فيها عن شيء أثناء تنفيذ المهام هي عن هذا المنجم المهجور، أليس كذلك؟”
لم تكن مهتمّة بالمنجم، بل سألت لمعرفة تفاصيل السّجلّات التي كانت تُعالج بدرجة أمنيّة عالية.
على عكسِ ممتلكات العائلة المالكة الأخرى المُدارة بدقّة، لم يكن هناك سجلّ يوضّح متى أو كيف أُضيف المنجم إلى ممتلكاتهم.
كلّ ما عرفته أوليفيا هو أنّه سُجّل كممتلكات للعائلة المالكة قبل عقد من الزمن، وأنّ الأمراء فقط يمكنهم الاطّلاع على سجلّاته.
لكن الأميرة، بحجّةِ انشغالها، لم تُوفّر حتّى هذه المعلومات. في النهاية، ذهبت أوليفيا مع جيولوجيين بارزين من الأكاديميّة إلى المنجم المهجور في الشمال.
كان مكانًا لم تطأه قدمُ إنسان منذ زمن، حتّى وإن كان ملكًا للعائلة المالكة. بالقرب من مدخل المنجم، كانت رياح الشمال الباردة تتصادم مكوّنة دوّامات هوائيّة قاسية.
“لقد جفّت عروق المعادن هنا منذُ زمن.”
تذكّرت أوليفيا كلام المختصّين الذين فحصوا المنجم.
لذا، لم يكن عرض الأميرة يستحقّ التفكير.
منجم بلا قيمة، أرض قاحلة لا تحمل سوى أغصان عارية. لم يكن هناكَ أيّ أساس لإقامة حياة بشريّة هناك.
لكن لماذا لم تستطع رفض العرض بسهولة؟
فتحت أوليفيا فمها ثم أغلقته مجدّدًا. استمرّت الأميرة في الثرثرة:
“فكّري جيّدًا، أيتها الأميرة. أراضـيَّ كلّها بعيدة جدًا عن الشّمال، أليس كذلك؟ للإدارة، أليس المنجم القريب من الشمال هو الأفضل؟”
تخيّلت أوليفيا صورة المنجم في ذهنها. تذكّرت أنّ المنجم بدا غريبًا بطريقةٍ ما عندما زارته آخر مرّة بعد أن غادر المختصّون قائلين إنّه لا يوجد شيء يستحقّ الاستكشاف.
في النهاية، لم يكن أمامَ الكونت سوى طاعة أوامر الأميرة.
أعدّ الكونت الوثائق و مـدَّ القلم إلى أوليفيا. كتبت أوليفيا اسمها ببطء. انتزعت الأميرة الوثائق و وقّعت بسرعة.
ختم مدير الشؤون الماليّة، الذي كان يقفُ خلفها، الوثيقة بختمٍ سحريّ يحمل شعار الأميرة، ليُتمّ التوثيق.
عندها، أبدت الأميرة ارتياحًا وكأنّها عادت إلى الحياة، وهي ترفع كتفيها. حتّى أنّها أثنت بسخاء على الكونت و مدير الشؤون وهما يغادران.
لكن عندما خرجا، نظرت إلى أوليفيا بوجه مليء بالحقد مجدّدًا.
“حسنًا، كلّ شيء سار كما أردتِ. هل أنتِ راضية الآن؟”
لم تستطع أوليفيا الردّ بسهولة. عبثت بحافّة الوثيقة التي تثبت ملكيّتها للمنجم.
لم تكن متأكّدة إن كان هذا الشعور الغريب نابعًا من الأسف أم من دهشتها بامتلاك منجم.
“بما أنّني أظهرتُ هذا القدر من الرّحمة، آمل أن تُحضري الأوراق الأصليّة إليّ.”
فكّرت الأميرة أنّها ستحرقها فور استلامها.
أطبقت على أسنانها. كان عليها حرق مصدر هذا القلق دونَ أثـرٍ لتشعرَ بالرّاحة.
لكن أوليفيا، بدلاً من الردّ، نهضت من مكانها. تحرّك حاجبا الأميرة.
“لا تقلقي، سموّكِ. أنا شخص يحترم العهد.”
“حقًا؟ لو كنتِ كذلك، لما فعلتِ هذا بي.”
سخرت الأميرة. لكن أوليفيا، التي حقّقت هدفها، ابتسمت بلطف.
“سأتخلّص من الدفاتر بطريقةٍ لا تُقلق سموّكِ.”
نظرت الأميرة إلى أوليفيا بشكّ. لكن التخلّص من الدفاتر كان حقيقة. رغمَ أنّ رينا استمرّت في مناداو أوليفيا بالأميرة، فقد غادرت أوليفيا بالفعل عائلة الدّوق.
سيستغرق الأمر أيامًا حتّى يُحذف اسمها رسميًا، لكن قبلَ ذلك، كان عليها تصفية الدفاتر والممتلكات.
بعد التصفية، ستحرقها جميعًا.
بالطبع، لم تكن تنوي إخفاء الأمر عن الأميرة.
أمسكت أوليفيا الوثيقة بيد وطرف فستانها بالأخرى، وانحنتَ للأميرة.
“شكرًا لكِ، سموّ الأميرة.”
كما توقّعت، لم تقبل الأميرة تحيّتها. ظلّ رأسها مرفوعًا.
أخيرًا، نهضت الأميرة. عندما غادرت غرفة الاستقبال بنزق واضح، رفعت أوليفيا جسدها.
لأوّل مرّة بعد مواجهة الأميرة، شعرت بشعورٍ مختلف عن الإهانة أو البؤس.
ارتفعت زاويا فمها لا إراديًا.
كان شعورًا غريبًا ومدهشًا يصعب تسميته.
* * *
ركبت أوليفيا العربة مجدّدًا متّجهة إلى قصر تيّاجي.
أصبحَ لديها وثيقة فجأةً. كانت تودّ التباهي أمام الدّوق الأكبر إذا حصلت على ممتلكات قيّمة كمهر، لكن القيمة الفعلية لهذا العقار كانت معدومة.
لكن الصفقة انتهت.
‘كيف يمكنني استغلال هذا المنجم الكريستالي وما حوله؟’
فكّرت أوليفيا مليًا، لكن لم تجدْ إجابة واضحة.
تباطأت العربة تدريجيًا. وصلت إلى قصر تياجي.
عندما توقّفت العربة وفتح الباب، أدركت أوليفيا أنّ الليل قد حلّ.
فجأةً، شعرت بالقلق على الدّوق الأكبر.
‘ماذا فعل و هو بمفرده في القصر؟’
هل كان بسبب استعجالها، أم أنّ التوتر من مواجهة الأميرة قد خفّ؟
ما إن خطت خطو.
تمايلت رجلاها.
مدّتْ يدها نحو بابِ العربة، لكنها أمسكت بشيء صلب بدلاً منه. في نفسِ اللحظة، هبّت رائحة منعشة ونقيّة. فتحت أوليفيا عينيها بدهشة.
“هل عـدتِ؟”
“صاحب السّمو.”
عدّلت أوليفيا وقفتها. نظرَ الدّوق الأكبر إلى ذراعها التي أفلتتها وابتسمَ بنعومة و كأنّه يشعر بالأسف.
“وجهكِ يبدو مشرقًا.”
ابتسمت أوليفيا ورفعت يدها التي قبّلها الدّوق الأكبر من قبل. بنصف خجل ونصف فخر، أجابت:
“بفضلك.”
فعلُ ما تريد،
وامتلاك ما تطمح إليه،
كانَ أمرًا مثيرًا.
“إذا كنتُ قد أفدتُكِ، فأنا أكثر سعادة.”
ابتسمَ الدّوق الأكبر ببريق. في تلكَ اللحظة، شعرت أوليفيا بتسارع قلبها.
نبض ، نبض
كان نبضها القوي يتردّد بصوتٍ أعلى في أذنيها.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 27"