حتّى الدّوق الأكبر، رغمَ انشغاله، كان يحرص على قضاء الإفطار والعشاء معها. في كلّ مرّةٍ كان يرتدي ملابس أنيقة و يرافقها إلى الباب، كانت تشعر بالحرج لكنّها تمسك يده.
“لكنّكِ تتنهّدين باستمرار.”
“ماذا؟”
“في كلّ صفحة تقرئينها، تتنهّدين. وحتّى عندما كنتِ تشربين الشّاي قبل قليل، تنهّدتِ.”
“أنا؟”
ردّت أوليفيا متسائلة. عبستْ هانا كما لو أنّها لا تصدّق أنّ أوليفيا لم تلاحظ.
“هناكَ شيء يزعجكِ حقًا، أليس كذلك؟ هل هي الأغطية أو النّعال غير مريحة؟ أم أنّ ملمس الفستان خشن؟ أو ربّما الوجبات الخفيفة تُقدَّم كثيرًا؟”
بدأت هانا تُعدّد الأسباب المحتملة. أصبحَ وجهها أكثر قتامة، وكأنّها ستقول إنّ كلّ شيء غير مريح. أسرعت أوليفيا بإنكار ذلكَ وهي تلوّح بيدها.
“لا، ليسَ بسببِ ذلك.”
“إذن ما السّبب؟”
نظرت أوليفيا إلى وجه هانا القلق وسارعت بالتفكير. لحسنِ الحظ، كان لديها عذر مثالي.
“أريد دفتر يوميّات. اعتدت على كتابة يوميّاتي، وربّما لأنّني لم أحافظ على هذه العادة، شعرت هكذا.”
كانت نصف الحقيقة. اعتادت دائمًا على كتابة يوميّاتها، فكان عدم كتابتها يجعلها تشعر بالغرابة.
“لمَ لم تخبريني من قبل؟ انتظري قليلاً، سأحضر لكِ أفضل دفتر يوميّات.”
أضاءَ وجه هانا. ابتسمت أوليفيا وأخبرتها عن المكتبة التي اعتادت شراء دفاترها منها. اعتقدت هانا أنّ كلّ شيء قد حُلّ. لكن عندما استمرت أوليفيا في التّنفس، شعرت هانا أنّ هناك شيئًا آخر لم يُحلّ بعد.
“يبدو أنّ الأمر لا يتعلّق فقط بدفتر اليوميّات، أليس كذلك؟”
قالت هانا بقلق. وضعت أوليفيا الكتاب جانبًا واستقامت كعادتها.
“ليس أمرًا كبيرًا. فقط لأنّ بعد غدٍ هو اليوم الأخير لحفلِ النّصر.”
“نعم، أعلم أنّ سموه سيحضر كبطلِ الحرب. لكن ما المشكلة؟”
“لا شيء. فقط أنا لا أحبّ الحفلات كثيرًا.”
كان كلامها مبهمًا، لكنّه نصف الحقيقة. كان من الصّعب أن تحبّ حفلًا تمضيه وحيدة وسط النّميمة.
لكن هذه المرّة، بغضّ النّظر عن حبّها أو كرهها للحفلات، لم تكن ترغب في الذّهاب أصلًا. في قاعة الحفل، كان الجميع الذين هربت منهم موجودين: والدها، كونراد، جايد، وحتّى ليوبولد. مجرّد التفكير بأسمائهم جعلَ صدرها يؤلمها. شعرت وكأنّ الكلمات التي قالوها لها ستتردّد في أذنيها.
“إذا كنتِ لا تحبّينها لهذا الحدّ، ليتكِ لا تذهبين.”
تلعثمت هانا في نهاية جملتها. بدا أنّها تعلم أنّ ذلك مستحيل، فنظرت إلى أوليفيا بحذر. ضحكت أوليفيا بخفّة ونادت هانا. عندما ركضت هانا إليها، ربّتت أوليفيا على رأسها، فابتسمت هانا كطفلة.
“حقًا، ليتَ ذلك ممكنًا.”
كانت دائمًا تفكّر في ذلكَ قبل كلّ حفل. ‘لا أريد الذّهاب.’ لكنّها لم تستطع قول ذلك بصوتٍ عالٍ.
أوليفيا مادلين، أميرة مادلين وخطيبة وليّ العهد. باستثناءِ العائلة الإمبراطوريّة، كانت المرأة الأعلى مرتبة، والتي ستصبح قريبًا جزءًا من العائلة الإمبراطوريّة، لا يمكن أن تغيب عن الحفل.
حتّى لو غادرت قصر الدّوق بهدوء، وحتّى لو لم تستطع العودة إلى جانب ليوبولد. تنهّدت أوليفيا ببطء.
عبست هانا قائلة إنّها تنهّدت مجدّدًا، لكن لم يكن بإمكانها فعل شيء.
…
بعد انتهاء العشاء، رفعَ الدّوق الأكبر كوب الشّاي بخفّة وقال:
“هل تُحافظين على وعدكِ معي؟”
اتّسعتْ عينا أوليفيا التي كانت تشرب الشّاي معه. لم تتعوّد أن يسألها أحدهم عن يومها و ماذا تفعل، حتّى معلّمتها لم تفعل ذلك.
كانت مراقبته مألوفة، لكن هذا السّؤال كان غريبًا. ابتسمت أوليفيا بخفّة وأومأت برأسها.
“نعم، أنا أحافظُ عليه. ألا ترى أنّني آكل جيّدًا الآن؟”
لوّحت أوليفيا بالكوب بشكلٍ مرح. ألقى الدّوق الأكبر نظرةً سريعة على طبق الكعك الذي لم تمسّه، لكنّه لم يعلّق.
“يبدو أنّكِ تأكلين جيّدًا، وأثق أنّكِ تنامين جيّدًا رغمَ أنّني لا أستطيع التأكّد من ذلك.”
أطالَ الدّوق الأكبر في كلامه. بينما كانت أوليفيا تميل رأسها متسائلة عن المشكلة، تذكّرت الوعد الثّالث.
‘آه.’
حاولت التظاهر بأنّها نسيت، لكنّ عينيه الحمراوين، اللتين التقتهما، ابتسمتا ببطء كما لو أنّهما أدركتا الأمر.
“وماذا عن الثّالث؟”
“ماذا؟”
“لم تستخدمينني ولو لمرّةٍ واحدة. أليس هذا خرقًا واضحًا للوعد الثّالث؟”
كان نبرته المطوّلة تعبّر عن استياء واضح. هزّت أوليفيا رأسها تلقائيًّا. ثمّ شعرت بالدّهشة.
كانت هذه حركة طفوليّة لم تفعلها حتّى مع والدها أو كونراد أو جايد. نظرت أوليفيا إلى الرّجل مجدّدًا.
كانت تعلم أنّها تشعر بالرّاحة مع الدّوق الأكبر، لكنّها لم تتوقّع أن تصل إلى هذا الحدّ في ثلاثة أيّام فقط. قرّرت أن تكونَ حذرةً في تصرفاتها وتحدّثت ببطء.
“بفضلُ لطف الجميع في قصر الدّوق الأكبر، لم يكن لديّ شيء أطلبه.”
“غريب. هل حقًا لا يوجد شيء؟”
تذكّرت محادثتها مع هانا.
ألقت أوليفيا نظرةً سريعة على هانا التي كانت تقف قريبًا. عندما التقت أعينهما، ابتسمت هانا بحياء. بدت و كأنّها لم تخبر أحدًا، فتظاهرت أوليفيا باللامبالاة.
“غريب. يجب أن يكون هناك شيء.”
عندما أمالَ الدّوق الأكبر رأسه، خرج جميع الخدم و الفرسان الذين كانوا يقفون عند الحائط.
نظرت أوليفيا إليهم بنظرة متردّدة، لكنّ الطّاهي يوهان الحسّاس الودود، و جينسن الذي كان يحضر الزهور لغرفتها، وهانا، جميعهم غادروا غرفة الطّعام بسرعة.
أغلقوا الباب بإحكام، فرفعت أوليفيا زاوية فمها فقط. شربت الشّاي، لكنّ فمها جفّ قليلاً.
“….”
“….”
عندما لم تتحدّث أوليفيا، سادَ الصّمت بينهما. اجتاح الهدوء غرفة الطّعام. عندما بدأ هذا الصّمت يصبح محرجًا، أخفضت أوليفيا نظرها ببطء.
“…لا يوجد شيء. حقًا، لا يوجد شيء يستحقّ طلب مساعدتكَ فيه.”
حاولت أوليفيا التهرّب. كانت قضيّة تخصّ العائلة الإمبراطوريّة و دوق مادلين، زعيم الفصيل الإمبراطوري.
حتّى لو كان بطل الحرب، لم يكن هناك شيء يمكن للدّوق الأكبر حله. ابتسمت أوليفيا بخفّة.
“إذا طلبتُ المزيد، سأكون جشعةً جدًا. لقد وفّرت لي مكانًا هنا بالفعل.”
‘لو استمرّيتّ في تلقّي هذا اللطف، سيكون ذلك رائعًا.’
لكنّ أوليفيا، بحزن، كانت تعرف نهاية هذا الحلم اللطيف. ابتلعت ريقها ببطء. شعرت بحرقة في حلقها.
“…لذا، سأعود غدًا إلى قصر الدّوق.”
“هل أنتِ جادّة؟”
“نعم. عادةً ما تصل الفساتين والمجوهرات قبل يومٍ واحد.”
لم تستطع أن تكون عبئًا على الدّوق الأكبر الذي كان لطيفًا معها. إذا استمرّت في التّردّد هنا، قد تهاجمه العائلة الإمبراطوريّة و فصيل الإمبراطور بقيادة دوق مادلين.
ابتسمت أوليفيا بمرح متعمّد.
“الآن دوري لردّ الجميل. ألم أقل لك؟ عائلة مادلين قويّةٌ في ردّ الجميل.”
مادلين. شعرت أنّ اسم عائلتها، الذي كانت فخورة به، غريب بعض الشّيء.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 20"