الوحيدون الذين بدوا متفاجئين بكلامي هم ليز-سان، إيريك-ساما، كيرتيس-ساما، غايل-ساما، آلان-أوني-ساما، وهنري-أوني-ساما. أما الملك، ورؤساء العائلات النبيلة الخمس الكبرى، بالإضافة إلى الدوق-ساما، وألبرت-أوني-ساما، وبشكل غير متوقع فين-ساما أيضًا، فلم تظهر على وجوههم ولو لمحة دهشة.

لم يبدوا وكأنهم يخفون مشاعرهم أيضًا. بدا عليهم وكأنهم يعلمون بالفعل ما سأقوله… آه، فهمت الآن. أدركت سبب عقد هذا الاجتماع. يريدون قياس مهاراتي والتأكد من امتلاكي القدرة على تقييم أفكار ليز-سان وتصرفاتها.

بعبارة أخرى، هذا اختبار لمعرفة ما إذا كنت أمتلك المؤهلات اللازمة لتولي دور مراقبة القديسة. مما يعني أنهم ما زالوا غير مقتنعين بامتلاكي الذكاء المطلوب لهذه المهمة، أليس كذلك؟

أن يحضروني إلى هنا فجأة وبدون سابق إنذار هكذا… هؤلاء الكبار يعرفون حقًا كيف يلعبون بأساليب غير نظيفة.

على الرغم من أن الدوق-ساما، وألبرت-أوني-ساما، وفين-ساما لم يُظهروا رد فعل كبيرًا، إلا أنني متأكدة أنهم لم يكونوا جزءًا من الحيلة. لذا، لكي يتفاعلوا هكذا، لا بد أنهم كانوا يملكون معرفة مسبقة بالوضع الراهن لدوران، أليس كذلك؟ لا يفاجئني أن الدوق-ساما وألبرت-أوني-ساما على دراية جيدة، لكنني فوجئت قليلاً بمعرفة فين-ساما أيضًا. إنه أذكى بكثير مما توقعت.

تنهدت. حتى لو كانت أساليبهم ملتوية، لا يمكنني أن أخيب أمل جمهوري المنتظر، أليس كذلك؟ من الآن فصاعدًا، سأقدم أفضل عرض لي وأريهم معركة عظيمة من الذكاء بين الشريرة والقديسة.

“تباين بين الإنتاجية والقوة الشرائية؟” تسأل ليز-سان، وهي تحدق فيّ بعينين واسعتين.

“نعم. فشل في العرض والطلب، إن صح التعبير. قد لا تكونين على دراية، لكن قبل أربع سنوات، طبقت دوران سياسات اقتصادية جديدة لصالح الإنتاج الضخم لمعظم سلعها.”

“لا، لقد سمعت عن ذلك أيضًا. لكن، ألا كان من المفترض أن يؤدي ذلك إلى استقرار اقتصادهم بدلًا من إضعافه؟”

“بالطبع. لكن، فقط للأشهر القليلة الأولى. إذا كنتِ ستدرسين، فافعلي ذلك بشكل صحيح،” أقول، ملقية ابتسامة لطيفة نحو ليز-سان.

بهذه القدرات الضئيلة فقط، إذا أصبحت ليز-سان حقًا ركيزة لهذه الأمة… فإنني أخشى حقًا على مستقبل بلدنا.

“ليز تدرس دائمًا لدرجة أنها بالكاد تجد وقتًا للنوم!” يصيح إيريك-ساما غاضبًا.

‘هل هو أحمق؟’

عضلاته وغروره منتفخان لدرجة أنهما لا بد وأنهما سرقا هرمونات النمو التي يحتاجها دماغه ليتطور بشكل صحيح.

“بدلًا من اكتساب معرفة سطحية فحسب على حساب الحرمان من النوم، أظن أنها كان من الأفضل لها حقًا الحصول على قسط جيد من النوم.”

“هل تعلمين حتى كم تجتهد ليز؟”

‘هل العمل الشاق شيء تعرضه عادة؟’

‘بوصفي من تريد أن تصبح شريرة، من الواضح أنني لن أظهر مثل هذه الأمور للآخرين… لكن هل يعرض الناس عادة مقدار الجهد الذي يبذلونه في الأمور؟’

‘بطريقة ما، لست متأكدة حقًا مما هو طبيعي. بين حياتي الحالية، وحياتي الماضية، ومعرفتي بالألعاب، لم أعد أعرف ما يعتبر منطقًا سليمًا.’

“أفهم أن إلي غاضبة. لم أدرس بما فيه الكفاية ومعرفتي ناقصة. أنا آسفة،” تقول ليز-سان لي باعتذار.

‘إنها البطلة بالتأكيد. كم هي صريحة وصادقة.’

“ليز، لماذا تعتذرين لها؟ ألا تبذلين قصارى جهدك دائمًا؟ أنتِ تعملين بجد أكثر من أي شخص آخر!”

‘إيريك-ساما، تفضل بالتزام الصمت بلطف.’

“هل تدركين مدى الكارثية التي قد تنجم عن نقص معلومة واحدة فقط؟”

“سأ… سأحاول بجد أكبر من الآن فصاعدًا،” تعلن ليز-سان بنبرة صوت تحمل إصرارًا قويًا.

‘هل تجاهلت سؤالي تمامًا؟ هل لم يلاحظ أحد آخر هذه الحقيقة؟’

هم جميعًا ينظرون إليها بعيونٍ حنونة ويتمتمون بكلمات التشجيع. حتى هنري-أوني-ساما يفعل الشيء نفسه… لكنه مجرد تمثيل على الأقل، أليس كذلك؟ إنه يتظاهر فقط بمتابعة قيادتهم؟

‘يا أوني-ساما، أنت تمامًا كالممثل المحترف. مذهل. لا يمكنني بالتأكيد أن أدع نفسي أتأخر. يجب أن أُظهر للجميع كم يمكنني أن أكون شريرة رائعة أيضًا.’

“تحاولين؟ ستبذلين جهدًا كبيرًا فحسب؟ وماذا… هل تظنين أنه ما دمتِ تبذلين قليلًا من الجهد فسيكون كل شيء على ما يرام؟” أطالب، مبتسمة باحتقار نحوها.

“أجل. ما دمتُ أواصل العمل بجد، فأنا متأكدة أن جهودي ستُكافأ.”

“إذا عملتِ بجد ولم تري أي نتائج، فكل ذلك الجهد سيكون بلا معنى.”

“لحسن الحظ، ما دمتِ تعملين بجد ولا تستسلمين، فإن تلك الجهود ستجلب لك دائمًا نتائج جيدة.”

يهز الجميع رؤوسهم موافقة. بالطبع. من لا يحب فتاة بهذه النقاء؟ على الرغم من ذلك، لم يُظهر الدوق-ساما ولا والدي أي رد فعل على كلماتها. مرة أخرى، حتى هنري-أوني-ساما يهز رأسه مع البقية… بما أنه بارع في التمثيل إلى هذا الحد، أتساءل إذا كان هناك آخرون غيره يتظاهرون فقط بالانسجام مع كل هذا؟

“ما دمتِ تواصلين بذل قصارى جهدك، فستحققين نجاحًا باهرًا بالتأكيد،” يعلن إيريك-ساما بصوت عالٍ.

‘هذا الهراء المفرط في التفاؤل فارغ جدًا. إنه غير مسؤول إلى أقصى حد. سماع الناس يقولون هذا النوع من الهراء بمثل هذا الاقتناع هو أحد الأشياء التي لا أطيقها إطلاقًا.’

“الشيء الوحيد الذي يمكن أن يضمنه العمل الجاد هو الثقة، وليس النتائج.”

في لحظة، تجمعت أنظار الجميع عليّ مرة أخرى. بعد أن أخذت نفسًا صغيرًا، تابعت قولي: “وللعودة إلى الموضوع الرئيسي، بسبب سياسات الإنتاج الضخم، وقعت دوران في حالة من الإفراط في الإنتاج لا تستطيع مستويات الاستهلاك مواكبتها. هذا هو السبب في انهيار اقتصادهم. ….. وهذا بالضبط هو السبب الذي يدعونا لاغتنام هذه الفرصة لشرائهم إلى جانبنا،” أقول، مبتسمة ابتسامة عريضة.

‘هذا هو! هذا هو تجسيد الشريرة. أن أبتسم ببهجة بعد إلقاء مثل هذه العبارة، لا بد أن ذلك قد زاد من نقاط شَرِّي كثيرًا.’

“نشتريهم؟”

“أجل. نخرجهم من ديونهم المتراكمة، ومقابل ذلك نجعل دوران تقسم بالولاء لمملكة دويلكيس.”

“وماذا سيحدث لمواطني دوران بعد ذلك؟”

“لا أعلم. ذلك غير ذي صلة في الوقت الراهن. لكن بالعودة إلى النقطة الرئيسية وهدفنا الأولي من الحديث عن كل هذا… شراء دوران سيكون خطوة كبيرة في خطة الاستيلاء على رافال.”

“هذا قاسٍ جدًا!” تصيح ليز-سان وهي تحدق فيّ بصرامة. أظن أن هذا التعبير هو أقرب ما يمكنها أن تصل إليه من التحديق الفعلي في شخص ما.

“شعب دوران لم يفعل شيئًا خاطئًا! كيف يمكنكِ ألا تفكري حتى في العواقب التي سيخلفها الاستيلاء على دوران عليهم؟”

“إذا ساءت الظروف إلى هذا الحد، فيمكنهم دائمًا الهروب إلى بلد مجاور.”

“كيف يمكنكِ أن تعتقدي أن هذا مقبول!؟ وإلي-تشان. بعد أن نشتري جميع سلعهم، ألم يخطر ببالكِ أن شعبهم قد يموت جوعًا؟”

“لقد فعل. لكن السياسات الجديدة التي ستُوضع بعد سيطرتنا ليست شيئًا يمكنني أن أقرره على أي حال.”

“هذا غير مسؤول على الإطلاق،” تصيح ليز-سان، وعيناها تمتلئان بالاحتقار.

ولم تكن ليز-سان وحدها. ألبرت-أوني-ساما وإيريك-ساما ينظران إليّ أيضًا بعيون مليئة بالازدراء. يبدو أن كلاهما قد فقدا قدرتهما على التفكير بسبب إخلاصهما لليز-سان.

“إذا كنتِ تعارضين بشدة، فماذا تقترحين أن نفعل يا ليز-سان؟”

“لا نحتاج لشرائهم. بل يجب أن نُشكل تحالفًا معهم!”

“مع بلد اقتصاده في حالة يرثى لها؟”

“نعم!”

دون وعي، تصلب جسدي كله وأنا أحدق فيها برعب مطلق. نظرت حولي على الطاولة، لاحظت أن الملك ورؤساء العائلات النبيلة الخمس الكبرى يحدقون فيها أيضًا بعدم تصديق يكاد يكون تامًا. بعد أن قدمت مثل هذا الاقتراح السخيف، لم أفاجأ على الرغم من ذلك.

“وكيف سيعود ذلك بالنفع علينا؟”

“إذا كنتِ تفكرين في مكاسبكِ الشخصية فحسب، فستفقدين رؤية ما هو الأهم حقًا.”

‘ما هذا الهراء الذي تتفوه به الآن؟ إنها تتصرف وكأنها قديسة صغيرة مثالية أو ما شابه!’
‘…وهي كذلك من الناحية الفنية، كما أظن.’

“حسنًا… وماذا ستفعلين بعد التحالف معهم؟”

“حسنًا، الأهم هو استقرار اقتصادهم، لذا بالطبع يجب أن نسدد ديونهم ونقدم لهم المساعدة.”

‘أتعلمون؟ ربما كان من الجيد ألا يكون جيل هنا لهذا.’
‘بعد سماع هذه الحماقة الأخيرة، لا أظن أنه كان ليستطيع تمالك نفسه. ربما كان سينتهي به المطاف بالصراخ عليها، محاولًا زرع بعض العقل في رأسها البليد.’

“هل تظنين حقًا أن بلدًا لديه قرية فقيرة الخاصة به يمتلك القدرة على تقديم هذا النوع من المساعدة؟”

“هذا…” تتمتم ليز-سان. تفتح فمها لتتابع، لكن لا يصدر صوت وكأن الكلمات عالقة في حلقها.

“يا ليز-سان، خطتك لا تأخذ مستقبل بلدنا في الحسبان بوضوح.”

“لكن، أنا فقط أريد لاقتصاد دوران أن يستعيد عافيته!”

“فقط تريدينه؟ بدون وضع خطة واحدة معقولة لتحقيق ذلك؟”

“لهذا اقترحتُ أننا بحاجة لتقديم مساعدتنا لهم!”

“هل لديكِ عقل في رأسكِ الصغير الجميل هذا حتى؟”

عند هذه الملاحظة الأخيرة، بدت ليز-سان عاجزة عن الكلام. لكن للأسف، يوجد أحمق آخر هنا لم يفقد كلامه بعد.

“هي! ماذا تقولين بحق الجحيم!؟” يزأر إيريك-ساما، ووجهه يحمرّ كالشمندر. أكاد أرى البخار يتصاعد من أذنيه.

‘أوه؟ أن يُصرخ عليّ من قبل فارس ليز-سان الثمين في درعه اللامع، لا بد أنني أؤدي عملًا رائعًا في كل مسألة الشريرة هذه.’

“لم أقل شيئًا لا تستحقه. اقترحت أن نتحالف مع دوران مع علمها التام بأنه لن يكون هناك فائدة واحدة لنا. تريد منا أن نُهدر أموالنا فحسب دون اعتبار لحالة بلدنا. ونُهدرها على بلد هو مجرد حطام الآن.”

“إلي!!”

بصرخة حادة، دفع ألبرت-أوني-ساما كرسيه للخلف وهو يقفز على قدميه، صارخًا باسمي. يبدو أن صبره عليّ قد نفد أخيرًا.

‘لأُنهِك صبره الذي بدا بلا حدود، ألستُ رائعة؟’

“هذا ليس شيئًا يمكنكِ مجرد النظر فيه بناءً على الأرباح المحتملة. إذا تصرفتِ فقط بناءً على ما ستكسبينه، فإن ذلك سيقود بلدنا إلى الخراب في النهاية.”

على النقيض من ثورة ألبرت-أوني-ساما، ما زالت ليز-سان تتحدث بنبرة هادئة، رصينة ومعقولة.

“إذا لم تستطع خططك المثالية أن تأخذ الأرباح المحتملة في الحسبان، فلن تتمكني أبدًا من تحويلها إلى واقع. لكِ مطلق الحرية في مساعدتهم بقدر ما ترين مناسبًا بقوتكِ الخاصة، لكنني أفضل ألا تجري بلدنا إلى الهاوية من أجل مُثُلكِ العليا.”

“إلي، فقط اخرجي من هنا،” يقول ألبرت-أوني-ساما، بالكاد يتمكن من السيطرة على صوته. إنه يقبض على قبضته على الطاولة بقوة لدرجة أنني أستطيع رؤيتها ترتجف بالفعل.

‘يبدو غاضبًا جدًا لكن… أنا شريرة. بالطبع لن أُكلّف نفسي عناء الاستماع إليه.’

“حتى يخبرني جلالة الملك بالمغادرة، فلي الحق في أن أكون هنا تمامًا كأي شخص آخر،” أعلن، مقوّمة ظهري ومحدقة في ألبرت-أوني-ساما.

عند كلماتي، لم يقل الملك شيئًا. عيناه مغلقتان حاليًا وتجعد عميق محفور بين حاجبيه وهو يسند ذقنه على يده، لكنه لم يتخذ أي خطوة للاعتراض.

“إلي-تشان، إذن ماذا ستفعلين؟ لمساعدة اقتصاد دوران؟” تسأل ليز-سان، مصوّبة عينيها الخضراوين الزمرديتين عليّ.

‘آه، لقد سئمت من هذه المحادثة. بدأت أشعر بالجوع الشديد. ليتني تناولت الطعام قبل المجيء إلى هنا. يبدو أن مقولة “لا يمكنك القتال بمعدة خاوية” صحيحة.’
‘لكن، لا يمكنني المغادرة الآن هكذا. بصفتي مكلفة بمراقبة ليز-سان، يجب أن أقدم لها إجابة.’

“لو تحالفنا مع دوران، سيكون من غير المجدي أن نرسل لهم المساعدات الإغاثية. فما لم يتمكنوا من إنعاش اقتصادهم بأنفسهم، سنظل ملتزمين بدعمهم إلى الأبد.”

“إذن ماذا بوسعنا أن نفعل؟”

“…يا ليز-سان، هل تعلمين ما هو المنتج الذي يُعد تخصص دوران؟”

“ألم تكن… البطاطس؟”

“هذا صحيح. ربما انهار اقتصادهم لكن تخصصهم ما زال قائمًا.”

“إذن لو باعوا بطاطسهم لدول أخرى… ألن يكون ذلك كافيًا على الأقل لتحسين وضعهم، أليس كذلك؟” تقول ليز-سان، وقد أشرق وجهها بشكل ملحوظ عند هذه الفكرة.

‘يبدو أن كلامي بدأ يصل إليها أخيرًا. عليها أن تدرك أن الحل الواضح والمثالي نادرًا ما يكون الأفضل.’

“حتى الآن، لم تحاول دوران قط تصدير البطاطس إلى الدول المجاورة من قبل!” تتابع بحماس.

“علاوة على ذلك، إذا تركوا البطاطس منخفضة الجودة للاستهلاك المحلي وركزوا فقط على بيع البطاطس عالية الجودة للدول الأجنبية، فسيتمكنون من زيادة قيمتها أكثر.”

“صحيح! وبمجرد فعل ذلك، قد يتمكنون من إنعاش اقتصادهم بأنفسهم! بما أن بطاطس دوران الأجود يجب أن تُباع بمبلغ ضخم!”

‘أنا سعيدة جدًا الآن بعد أن فهمت أخيرًا ما كنت أحاول قوله. بطريقة ما، غمرني شعور قوي بالإنجاز.’

‘بهذا، لا بد أنني اجتزت الاختبار وأثبتت أنني أستطيع مراقبة ليز كاثر بشكل صحيح، أليس كذلك؟’
‘…لكن يا إلهي، كم أنا متعبة الآن. يا لها من وظيفة مُرهقة.’

‘لكن، أظن أن الأمر يستحق العناء. أنا متأكدة أنني استطعت أن أترك انطباعًا شريرًا رائعًا على الجميع هنا اليوم، ونتائج إرشادي لليز-سان سارت على ما يرام في النهاية أيضًا.’
على الرغم من أنني متعبة، فقد سمحت لابتسامة عريضة يغمرها الرضا بالظهور على وجهي.