عندما وصلت إلى منزل الجد ويل، رأيت جيل واقفًا في زاوية الغرفة.
شعرت بالراحة حين لاحظت أنه لم يعد يبدو متألماً.
“ماذا تفعل هناك؟” ناديته، فالتفت إليّ ببطء.
كان شعره بنّيا داكنا غير مرتب، وعيناه رماديتان. وعلى الرغم من أن لون عينيه عميق وجميل، إلا أن نظراته الفارغة جعلتها باهتة وكئيبة، كأنّه شخص يغرق في أعماق اليأس.
“أنا أليسيا”، عرّفت نفسي، لكنه لم يُبدِ أي رد فعل، فقط ظل يحدّق بي ببرود.
تساءلت: ما الأمر؟ هل يمرّ بمرحلة مراهقة متمردة؟
لكن.. هل يمرّ الأطفال بعمر السادسة أصلاً بمثل هذه المراحل؟
قال الجد ويل: “لقد أغلق قلبه بالكامل”.
“حتى معك، جدي؟”
“لا، ليس كذلك حين نكون وحدنا…”
إذن لا بأس. مهما استغرق الأمر، سأجعله ينفتح عليّ. فلا يليق بالشريرة أن تتراجع أمام أي تحدٍ.
“جيل يخاف من الناس”، شرح لي الجد ويل.
وهذا منطقي. بالعكس، لو خرج من كل ما عاناه من دون خوف لكان ذلك غريبًا.
فقد كان محاطًا بالكثيرين حين ضُرب، لكنهم جميعًا تظاهروا بعدم رؤيته… لأنهم كانوا ضعفاء وخائفين أيضًا.
ولا يتنمّر على الضعفاء سوى من يفتقد الثقة بنفسه.
أما الشريرة الحقيقية، فهي لا تنزل إلى هذا المستوى الحقير.
“إن كانت أنتِ يا أليسيا، فأنتِ قادرة على أن تفتحي قلبه”، قال الجد.
رغم أن كلماته بلا دليل، لكنها منحتني ثقة.
مع ذلك، فأنا لست قديسة. لا أعرف كيف ألقي محاضرات عن الأمل أو صلاح البشرية، بل إنني أكره هذا النفاق أصلاً. لذا أجد الموقف صعبًا.
لو كانت “ليز” هنا، لأصبح جيل يتحدث ويضحك معها في دقائق.
… انتظري. إن كانت ليز تستطيع ذلك، فلا بد أن أستطيع أنا أيضًا! فلا يمكنني أن أكون أقل منها في أي شيء إن أردت أن أتفوّق عليها وأتسلط عليها.
صفعت وجنتيّ بيدي كي أشحذ عزيمتي.
سأضع كل طموحي الشرير في هذه المهمة.
“اسمع يا جيل. هل تقول أنك تخاف من الناس؟ لا تضحكني. إذن، لماذا لم تمت؟”
ظل يحدّق بي بعينيه الفارغتين.
“الناس مخيفون، ولا تريد أي علاقة بهم؟ ألم يكن من الأفضل أن تموت إذن؟ هذا العالم مليء بالبشر في كل مكان. فما الذي ستفعله؟ هل ستعيش بقية حياتك حبيس هذه الغرفة، منكمشًا في هذه الزاوية الصغيرة؟”
هيا، اغضب. لا تنظر إليّ بهذه النظرة الميتة.
“كان بإمكانك أن ترتاح. لقد كنت على وشك الموت فعلًا. حُمّاك كانت مرتفعة ودمك ينزف من رأسك… لم تكن لتبقى حيًّا لو لم تكن ترغب بذلك. أنت من اخترت أن تعيش. صحيح أنني أعطيتك بعض الدواء، لكنه لم يكن سوى لإرضاء نفسي. أما أنت، فأنت من ابتلعته، وأنت من كافح لتستمر في التنفس”.
بدأت عيناه تُظهران قليلًا من المشاعر، وتمكّن أخيرًا من رمقي بنظرة غاضبة صغيرة.
قد أكون عبقرية فعلًا في استفزاز الناس.
“لقد كافحت وعدت من حافة الموت، لكنك الآن تريد أن تهرب من كل شيء؟ رغم أنك اخترت النجاة؟”
“لا…” تمتم جيل بصوت خافت.
نجحت! لقد تكلم! كم أتمنى لو كانت “ليز” هنا الآن، لكنت أتشمَّت بها وهتفت بانتصاري.
“لا؟ كان يمكن أن تخدعني بسهولة”.
“وماذا تعرفين أنتِ؟ أنتِ فقط نبيلة…” قالها جيل وهو يرمقني بكل ما في قلبه من غضب ورغبة في العيش.
“لا شيء. لا أعرف شيئًا~ لأن عوالمنا مختلفة تمامًا~” رددت بسخرية، مقللة عمدًا من معاناته.
عندها، بدا جيل غاضبًا لدرجة أنه قد يقتلني.
“لكن، أنا من أنقذت حياتك. وهذا يعني أنني مسؤولة عنك الآن”.
“ماذا؟”
“لكن ربما كنت مخطئة. ربما كنت فعلًا تريد أن تموت… وإن كنت قد أنقذتك ضد إرادتك، فقُلها فقط. وسأكون سعيدة بقتلك الآن إن أردت”، قلتها وأنا أحدّق فيه بعينين واسعتين مليئتين بالتهديد.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات