قال أبي مترددًا:
“أليشيا… هل استمعتِ إلى حديثنا؟”
الأفضل أن أكون صادقة، أليس كذلك؟
“نعم.”
فتدخل يوهان-ساما قائلًا:
“انسَي كل ما سمعتِ.”
“ماذا؟”
كدت لا أصدق أذني.
أنساه؟ وكأن ذلك ممكن بهذه السهولة…! مع أنني، في الواقع، قرأت في أحد الكتب عن تعويذة قادرة على محو الذكريات. أظنها كانت من مستوى 68. لو بلغت بمهارتي السحرية ذلك الحد، فبوسعي أن أمسح ذاكرتي بنفسي.
لكن أليس طلب مثل هذا مبالغًا فيه؟
التفتُّ إلى والدي، أبحث في عينيه عن موقفه.
انتظر… لماذا تعابير وجهك متجهمة إلى هذا الحد؟ لا تقل إنك توافقه!؟
لا، لا أريد محو ذاكرتي. وخصوصًا من أجل أمر كهذا.
قلت بحزم:
“لن أبوح تحت أي ظرف بما سمعته هنا اليوم.”
“لن تفشي السر…؟”
“لن أخبر أحدًا مطلقًا بأن العامية، ليز كاثر، تشكّل خطرًا أمنيًا.”
في الحقيقة، ليس لدي من أُخبره بذلك أساسًا، لكن لا ضير أن أتعهد لهم. فلا أريد أن يظنّ أحد أنني فتاة ثرثارة لا تحفظ سرًا.
عندها تبادل أبي ويوهان-ساما نظرات معقدة وحائرة بعض الشيء.
” ليز كاثر…”
هاه؟ ما معنى هذا الرد؟
أيمكن أنهما لم يكونا يتحدثان عن ليز-سان أصلًا…؟
“حسنًا. إذن يمكنكِ أن تحتفظي بذاكرتك كما هي.”
“أنا ممتنّة لكما.”
لقد قبلا ذلك بسهولة غير متوقعة.
لا اعتراض عندي، فهذا ما أردته بالضبط. لكن، ألا يثير الاستغراب أن يثق رجلان مهمّان بكلام طفلة صغيرة إلى هذا الحد…؟
على أي حال، لم أعد مضطرة للقلق بشأن محو ذاكرتي، وهذا يكفيني.
زفرت بارتياح.
قال يوهان-ساما فجأة:” أليسيا، أنتِ…” ثم توقف فجأة عن الكلام.
حقًا! التوقف في منتصف الجملة هكذا لا يفعل سوى تأجيج فضولي.
قال وهو يتهيأ للانصراف:
“لقد آن أوان ذهابي. إلى اللقاء، أرنولد. أليسيا.”
ثم خطا خارج المكتبة بخطوات ثابتة.
ربّت أبي بخفة على رأسي ولحق به.
تُرى، ما الذي كان يوهان-ساما يودّ قوله لي؟ شعرتُ بقلق يتملكني… أنا حقًا أريد أن أعرف.
***
ظللت أفكر في ذلك الفضول الملحّ وأنا أصعد إلى الطابق الثاني.
سحبتُ من الرف كتب المستوى السادس حتى العاشر، وبدأت أتمرن على التعاويذ.
بصراحة، كانت سهلة للغاية. لدرجة أن نجاحي في تنفيذها لم يمنحني أي شعور بالإنجاز. على الأقل حتى المستوى التاسع.
من المستوى الأول وحتى التاسع، كنت أؤدي التعويذات دون حتى أن أحتاج للتفكير. لكن عند بلوغي المستوى العاشر، بدأت أتعثر.
مهما حاولت، لم أنجح في تنفيذ تعويذة المستوى العاشر.
أحضرت كأسًا من الماء العكر خصيصًا لأتدرب على تنقيته، ومع ذلك لم أصل إلى أي نتيجة.
أغمضت عيني مرة أخرى ورددت التعويذة…
… لكن بلا جدوى.
كنت أشعر للحظة أن الماء يتطهر، لكن ما أن فتحت عيني حتى وجدته لا يزال بنفس العكارة.
تُرى، هل أخطأت في طريقة الإلقاء؟
عدت أقرأ التعليمات في كتاب المستوى العاشر من جديد. لكنني كنت أنفذ كل ما هو مذكور حرفيًا.
تصفحت أيضًا كتابًا آخر يضم قائمة شاملة بأنواع التعاويذ، فقط للتأكد.
قلّبت الصفحات سريعًا، حتى وقعت عيني على شيء في قسم المستوى الخامس والعشرين:
『المستوى 25 — تعويذة لتنقية الماء. ملاحظة: سحر الماء يملك قدرات أقوى في التطهير.』
مستحيل…!
إذن تعويذة تنقية الماء وتعويذة تنقية الأشياء الأخرى هما تعويذتان مختلفتان!؟
هذا خداع! خداع صريح! أعيدوا لي وقتي وجهدي الضائعين!
شعرت فجأة بإرهاق عميق يجتاحني.
تنهدت.
لكن… ربما يمكنني أن أجرّب هذه التعويذة على حذائي؟
أديت التعويذة مجددًا، لكن هذه المرة موجّهة إلى حذائي.
وفي لحظة، تحوّل من حذاء باهت مغبر إلى حذاء متألق لامع كأنه جديد تمامًا.
وخزني ندم مرير على أنني لم أنتبه لذلك منذ البداية.
لا، أليسيا. لا تفكري بهذه الطريقة. لن تصبحي شريرة وأنتِ غارقة في التشاؤم. ما عليكِ سوى أن تتعلمي من خطئك، لتصبحي أفضل في المرة القادمة.
لا تفترضي أن شيئًا ما سيكون سهلًا. عليك أن تقرئي التعليمات بدقة، وأن تبحثي بعناية قبل تجربة أي تعويذة جديدة.
وبعد جولة قصيرة من التشجيع الذاتي، عاد إلى وجهي ابتسامة راضية. وبقلب مطمئن، أومأت لنفسي، متعهدة ألا أكرر الخطأ مرة أخرى.
᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽
ترجمة نوفا(سيرا)
التعليقات لهذا الفصل " 44"