يبدو أنك قد تلقيت نصيباً أوفر من قوة الدم مقارنة بي.
“كان يجب أن أصغي جيداً لكلام والدي ذاك.”
كان أوسكار ينقصه شيء من القدرة على التعاطف، لكنه لم يكن يعاني من صعوبة في فهم المشاعر.
فضلاً عن ذلك، نشأ وهو يرى والده يعيش حياةً صلبة ومستقيمة.
لذلك، لم يدرك تماماً ما قد يحدث إذا افتقر من ورث قوة الدم الغزيرة إلى التعليم السليم.
لكنه أدرك ذلك لتوه، من خلال النوايا القتالية التي أظهرها أخوه الأكبر.
أخوه كائنٌ خطير.
صحيح أن والده يثير الرهبة، لكنه يتحكم بقوته بعقلانية، مدركاً أكثر من أي أحد أن القوة لا ينبغي استخدامها بتهور.
أما أخوه الأكبر، فهو على النقيض من ذلك.
إن لم يرضَ عن شيء، فلن يتردد في التعبير عن غضبه.
“سأذهب.”
كما هو الحال الآن.
مع كل خطوة واثقة يخطوها أخوه، ازداد توتر أوسكار.
إن أطلق العنان له على هذا النحو، فكأنما أطلق وحشاً لا يمكن السيطرة عليه في العالم.
رغم أن أخاه نهاه عن منعه…
“أخي، أرجوك، أعد النظر في قرارك.”
ما إن أتم أوسكار كلامه حتى أدرك أنه ارتكب خطأً.
لم يكن هناك تحذير ثانٍ.
اقترب أخوه منه بسرعة مذهلة، تقلّصت المسافة بينهما في لمح البصر.
حاول أوسكار التراجع بسرعة، لكن سرعة اقتراب أخيه كانت أعلى.
رفع ذراعه دفاعاً في عجلة من أمره.
طاخ!
“آه!”
انزلق جسده للخلف بقوة.
عضّ على أسنانه من الألم الشديد الذي شعر به في معصمه.
يبدو أن عظمه قد تصدّع، إذ لم يعد قادراً على تحريك ذراعه بحرية.
لم يكن هناك وقت لتصحيح وقفته.
اندفع أخوه نحوه مجدداً، وقبضته على وشك أن تصل إليه.
“لقد تأخرت…”
شعر بقوة مدمرة تنبعث من القبضة التي اقتربت بسرعة هائلة.
غطى أوسكار وجهه بذراعه وأغمض عينيه بإحكام.
مهما كان جسده قوياً، فإنه لا يقاوم أمام قوة أعظم.
استعد للألم في تلك اللحظة.
فجأة، شعر بقوة تقترب بسرعة من الخلف.
ثم…
بوم!
رنّ صوتٌ هائل، لا يشبه تصادم بشرٍ ببشر.
شعر أوسكار، الذي كاد يُجرف بعيداً كما في عاصفة، بيدٍ تدعمه.
“من علّمك أن تغمض عينيك عندما تتعرض لهجوم؟”
“أبي!”
لم يكن صوت والده الهادئ، رغم نبرة التوبيخ، ليبدو يوماً مرحباً به كما في تلك اللحظة.
“تراجع.”
امتثل أوسكار لأمر والده دون تردد، فلم يكن صغيراً إلى درجة أن يتمسك بكبريائه أمام هذا الفارق الهائل.
وفي ذلك اليوم،
شاهد أوسكار مشهداً مذهلاً.
لم يستطع أن يغلق فاه وهو يرى تصادم والده وأخيه.
لم تكن معركة بين بشر.
ندم على غروره الذي جعله يظن نفسه قوياً بين الناس.
وأثناء تلك المعركة الشرسة التي لا يمكن وصفها بمجرد قتال بالأيدي، انبثق فجأة ضوءٌ هائل، ثم اختفى أخوه دون أثر.
كان المستقبل غامضاً، لكنه في تلك اللحظة لم يملك إلا أن يشعر بالارتياح.
لو استمرت المعركة، لكان أحدهما قد أصيب بجروح بالغة، وهذا أمرٌ لا شك فيه.
***
كان هذا هو الأخ الأكبر في ذاكرة أوسكار: وحشٌ لا يمكن السيطرة عليه.
لذلك، لم يكن يرغب في قبول هذه المهمة من الأساس.
في ذلك اليوم، أدرك أوسكار عظمة أخيه وخطورته، وقرر ألا يتعرض له أبداً.
“ماذا تقصد؟”
“لقد وجدنا مكان أخيك. سأرسل معك رجالاً، فاذهب وأحضره.”
ظن أوسكار أن أخاه، الذي اختفى فجأة، لن يُعثر عليه أبداً، لكن يبدو أن والده كان يبحث عنه طوال هذا الوقت.
“لا أستطيع الذهاب.”
رفض أوسكار بسرعة.
كان واضحاً أنه ومن معه لن يتمكنوا من التعامل مع أخيه.
“اذهب. هذا أمر.”
لكن العصيان لم يكن خياراً أمام والده.
فما إن يقرر شيئاً، لا يتراجع عنه.
“وهل سيتبعني بسهولة إن ذهبت؟”
“إن تعاملت بحكمة، سيكون كل شيء على ما يرام.”
كان أوسكار قلقاً.
أخوه، الذي دمر القصر بأكمله وغادر فقط لأن أحدهم عارضه، قد يُحيل هذه القرية إلى رماد.
وإن لم يحدث ذلك، فقد يُباد رفاقه.
“ألا تلاحظ أن الأمور هادئة حتى الآن؟”
رفع أوسكار رأسه عند سماع كلام والده، وهو يتنهد في داخله.
“لم نسمع عن ظهور شريرٍ مختل.”
مرت ثمانية أشهر منذ اختفاء أخيه.
“حقاً، الآن أدرك ذلك.”
كان هناك سببٌ واحد يدعو للقلق بشأن من يحمل دم عائلة راندولف ولم يتلقَ تعليماً.
الخوف من أن يصبح قاتلاً لا يرحم، يتصرف حسب أهوائه.
تصرفات أخيه العشوائية قد تكون كارثةً للبعض، ومثل هذه الأحداث تنتشر بسرعة.
لكن لم تُسمع أي شائعات عن ظهور شخصٍ مختل.
“هل تعلم بنفسه كيف يعيش بين الناس؟”
“لهذا السبب نستدعيه، لنتأكد من ذلك.”
“سأذهب.”
كانت عينا والده تقولان ذلك، ولم يكن أمام أوسكار خيار سوى الامتثال.
لكن لحسن الحظ، قلّت مخاطر فقدان حياته.
عندما كان ينظف الموقع بعد اختفاء أخيه، اكتشف أمراً مذهلاً.
على الرغم من الفوضى التي تسبب بها، لم يمت أحد.
كان جميع الفرسان الذين سقطوا يتنفسون.
صحيح أن الكثيرين أصيبوا بجروح بالغة، لكنها كانت قابلة للعلاج بالسحر والقوى المقدسة.
‘هل يعني ذلك أنه ضبط قوته نوعاً ما؟’
صدّق أوسكار ذلك وانطلق للبحث عنه.
وكل ما رآه بعينيه كان بمثابة معجزة.
كان أخوه يعيش بسلام في قرية ريفية صغيرة.
لم يكن يصدق أن هناك من يعيش معه.
بل إنه اضطر إلى التقاط أنفاسه عندما سمع أخاه يستخدم لغة محترمة معها.
وعندما رأى أخاه، الذي كاد يفقد أعصابه بسبب زلة لسانه، يهدأ بفضل تهدئة تلك المرأة…
‘لقد صُدمت.’
كاد أن يكون أول من يفقد وعيه من الصدمة في عائلة راندولف.
تساءل عما حدث خلال الأشهر القليلة الماضية.
أدرك أوسكار أن تلك المرأة ساهمت كثيراً في تغيير أخيه.
لذلك، طلب منها مرافقتهم، لكنها رفضت بلطف وحزم.
كانت امرأة ذات حضور قوي، شعر أوسكار بضغط غامض منها، فلم يستطع الإلحاح.
‘بعد التفكير في الأمر، فهذا حقًا أمرٌ غريب.’
لم تُظهر تلك المرأة أي خوف.
على الرغم من وجود العديد من الفرسان حولها، لم تتراجع وقالت كل ما أرادت.
ومن المثير للدهشة أن أوسكار لم يشعر بالانزعاج منها.
لا عندما أربكته كلماتها في البداية، ولا عندما كانت حازمة.
رغم دهشته، استمع إليها بهدوء، كما لو كان ذلك أمراً طبيعياً.
‘هل عاش معها لأنها شخصية غامضة كهذه؟’
ربما كانت تلك القوة هي التي سمحت لها بترويض أخيه.
على أي حال، عندما صعد أخوه إلى العربة بسهولة غير متوقعة، ظن أوسكار أنه قد أصبح اجتماعياً تماماً.
كان ينظر إلى خارج العربة منذ بداية الرحلة، لكن أوسكار افترض أن ذلك بسبب الإحراج.
كان لديه الكثير من الأسئلة بسبب التغيير الذي طرأ على أخيه ولقائهما بعد وقت طويل.
“كيف كنت تعيش طوال هذه المدة؟”
شعر أوسكار أن بإمكانهما الآن إجراء محادثة طبيعية، فتشجع وتحدث.
لكن رأس أخيه لم يتحرك قيد أنملة.
“كيف انتهى بك المطاف هناك؟”
لم يأتِ رد هذه المرة أيضاً.
بدأ أوسكار يشعر بالقلق.
كان أخوه يتجاهل كل شيء حوله تماماً، كما كان يفعل في القصر.
بدت النسخة التي رآها في القرية وكأنها كذبة.
أدرك أوسكار أنه وقع في سوء فهم كبير.
تلك المرأة هي التي كانت استثنائية.
كان يتحدث ويتفاعل بشكل طبيعي بسبب وجودها.
‘الآن أتذكر…’
بالنسبة لأوسكار، كان أخوه مجرد “أخيه”.
عندما وصل أخوه إلى القصر لأول مرة، حاول التحدث معه عدة مرات، لكنه كان يصمت دائماً، فلم يحصل على إجابة حقيقية.
صحيح أن العائلة حققت في ماضي أخيه، لكن بيئته القاسية جعلت المعلومات المتوفرة شحيحة.
لكن تلك المرأة نادته باسم مختلف.
“سمعت تلك المرأة تناديك بـ’جايدن’، هل هذا اسمك؟”
عندها فقط تحركت عيناه الزرقاوان، اللتين كانتا تحدقان خارج النافذة.
نظرةٌ خالية من الاهتمام.
عندما التقت عيناهما، شعر أوسكار بقلبه يهوي.
تذكر لحظة ضربه في القصر.
شعر فجأة بألم في معصمه، رغم أن الجرعة العلاجية كان يجب أن تزيل الألم منذ زمن.
‘لم يتغير.’
كان أخوه هو نفسه الذي عرفه أوسكار.
أغلق فمه فوراً، وقرر ألا يتحدث إليه مجدداً.
إن فقد أعصابه الآن، لم يكن هناك ضمان بأنه سيهدأ كما حدث سابقاً.
‘لنصل إلى العاصمة بهدوء.’
لكي لا يزعج هذا الوحش الهادئ، أخفض أوسكار عينيه بهدوء.
‘لن أموت على الأقل.’
في اليوم الذي اختفى فيه أخوه من القصر، لم يمت أحد.
لكن معظمهم أصيبوا بجروح خطيرة.
كثيرون كُسرت عظامهم أو تمزقت عضلاتهم، وبعضهم احتاج أشهراً للتعافي.
لم يكن هناك داعٍ لتحمل الضربات.
تمنى أوسكار رحلةً هادئة.
بينما كان صامتاً يراقب تعابير أخيه، انتفض فجأة.
كانت نظرة أخيه، وهو يعبث بحقيبة في يده وينظر إلى الخارج، مقلقة.
لا يعرف ما يفكر به، لكنها ليست أفكاراً طبيعية.
كان يبدو وكأنه فقد نصف عقله، يكبح مشاعره بجهد.
عندما رأى عينيه تتحولان إلى برود مخيف، أدار أوسكار رأسه بهدوء ليتجنب نظرته.
تمنى، وتمنى بشدة، ألا يحدث أي شيء مما يتخيله أخوه.
على الأقل، حتى يلتقيا بوالده.
— ترجمة إسراء
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 11"