ومنذ ذلك الفراق، كان إدوارد يسترجع وجهها بين حينٍ وآخر، لكن لم يخطر بباله قط أنه سيراها مجددًا على هذه الحال.
رفع حاجبيه بدهشة وهو يراها تمسك بالمارة واحدًا تلو الآخر في الشارع، وقد كان شعرها مبعثرٌ بعشوائية، وثوبها متسخ، وقدماها حافيتان.
كانت تتجول بارتباكٍ و بوجهٍ يفيض قلقًا، كأنها ضاعت في عالمٍ لا تعرفه. و لو كانت خطيبته الحقيقية، لما قامت بمثل هذا التصرف أبدًا.
ترى، ما الذي حدث في الفترة التي لم يلتقيا فيها؟
أم أن الأمر أبعد من ذلك؟ هل يمكن أن تكون تلك المرأة شخصًا آخر؟
وما دام الزمن نفسه قادرًا على العودة إلى الوراء، فهل يُستبعد أن يدخل جسدها شخصٌ غريب؟
تنفّس ببطء وأطلق تنهيدةً قصيرة وهو يطرد تلك الفكرة السخيفة من ذهنه.
مهما يكن، سيُحدث ذلك فضيحةً إن التُقطت أنباء عن سلوكها هذا.
“إليزابيث؟”
رفعت رأسها نحوه، وسقطت دمعةٌ كبيرة من عينيها المرتبكتين. و نظرت إليه بنظرةٍ شاردة مذهولة، ثم مسحت دموعها بظاهر كفها المرتجف، وتمتمت بصوت مبحوح وهي تلهث باسمه،
“إدوارد..…”
فردّ بهدوءٍ مشوبٍ بالذهول،
“ما هذا؟ ماذا يحدث بالضبط؟”
لم تجب المرأة على سؤاله المحرج كما لو تلبّسها الحيرة. ولأنه لم يتوقع إجابةً منها أصلاً، لم ينتظر أكثر وأمسك بيدها دون تردد، وخرجا معًا عبر الحشد إلى جانب الطريق.
عندما أعاد إليها حذاءها ثم عاد ليقف بجانبها، بدا عليها الهدوء وقد استعادت بعض توازنها، فوقف لبرهة ينتظر حتى عاد الصفاء إلى وجهها ثم اقترب ببطء.
كانت تلتفت لتتفادى نظره المتفحّص بينما كان يربت على كاحلها ليلبسها الحذاء، ثم همست بصوتٍ خافت،
“…..ليس أمراً خطيراً.”
كاد أن يضحك بصوتٍ حاد من فرط السخافة في العبارة.
‘هل هذا ممكن؟ لو رأى الناس وجهكِ لما صدقوا أنكِ تقولين هذا. لقد بدت ملامحكِ أسوأ من ملامح من تلقّى حكم الإعدام.’
ومع ذلك لم ينقض على كلامها ولا استجوبها، بل اكتفى بصمتٍ بمسح دمعتها.
أغمضت عينيها متقبّلةً لمسته برفق، و عندما تلاشى رفقه سألته بحذر،
“…..هل لي أن أسأل ما الذي تفعله هنا؟”
تردّد قبل أن يجيب.
ماذا يقول؟ أنه خرج ليوجد مكانٍ يصلح لصقل خنجرٍ صدئ مغمورٍ بالزمن؟ وإن سألته لماذا يبحث عن مثل ذلك فماذا سيقول؟
لم يرغب في سرد خطة قتله كما لو كانت رسالةً مكتوبة، فتردّد ثم اخترع عذرًا مناسبًا وأجابها بصوتٍ حنون،
“إن موسم الصيد سيحل قريبًا، فظننت أن عليّ التأهّب بعض الشيء وألقيت نظرةً سريعة.”
“آه….”
أجابته بقبولٍ باهت وهي تميل برأسها، وكأنها اقتنعت على مضض.
فكّر أنه ربما حان وقت أن يكتفي ويعيدها إلى حيث جاءت، فمن الواضح أن مظهرها مبعثر ويحتاج بعض الترتيب، و ربما يرتبّ لها أن يعدّل مظهرها قليلاً قبل أن يفارقها.
وبينما انهمك في استحضار تلك الصورة البسيطة، دبّت في رأسه فكرةٌ شريرة ومزعجة فجأة.
“بالمناسبة، ألم تقولي أنكِ تكرَهين الصيد؟”
“ماذا؟”
لو كانت مجرد امرأةٍ أصيبت بصدمة، لكان كلامه غريباً لها على الأرجح.
“ألا تكرهين اقتلاع أرواحٍ بريئة؟”
لو كانت المرأة حقًا شخصًا آخر غير خطيبته…..
“آه، نعم…..صحيح.”
بهذه الطريقة، ستؤكد الأمر بلا تردد. فابتسم إدوارد ابتسامةً مشرقة.
كان واضحًا تمامًا أنها شخصٌ مختلف عن خطيبته الحقيقية. منذ متى بدأت هذه الحقيقة؟ منذ أن بدأ الزمن يعود؟
إذا كان الأمر كذلك، ففي أي ظروفٍ يعود الزمن؟
أصبح نظره باردًا وحادًا……ولحسن الحظ، كان هناك حدثٌ قريب مناسب للاختبار.
***
كانت هذه المرة الأولى التي يقتل فيها إنسانًا. رغم أنه خطط بالفعل للقتل وأعدّ نفسه لذلك، لم يكن يتصور أن يقتل شخصًا لا علاقة له بكراهيته.
تبع إدوارد المرأة التي ابتعدت عن مجموعته، وهو ينقر بلسانه بهدوء، وتلاشت سريعًا أي مشاعر سطحية من الشفقة أو الأسف تجاهها.
ربما بسبب الأحداث الغريبة التي بدت غير بشرية، أو بسبب يقينه العبثي بأن الزمن يعود، شعر أن الأمر يستحق التجربة لمرةٍ واحدة.
مدّ أصابعه نحو الزناد وكأنه يتحقّق من هذا التبرير، فيما راقب المكان بنظرةٍ جامدة.
توقّف لحظة حين رأى المرأة واقفةً تحت أشعة الشمس الدافئة كأنها تتذفأ، ثم، بعد أن التقت عيناها بعينه عندما التفتت بدهشة، تحرك ببطء كما لو تحرر من سحرٍ خفي.
“هناك شيءٌ أود سؤالكِ عنه.”
توترت عضلات عنقه، وتسارع تدفّق الدم في جسده مستغلًا حماسه قبل الصيد.
“في لقائنا السابق، أجبتِ بالإيجاب على سؤالي. ذلك السؤال عن كرهكِ لأخذ أرواح بريئة.”
“…..نعم، صحيح.”
“هل ما زلتِ على نفس الرأي؟”
نظرت إليه المرأة بملامح لم تُخفِ حذرها، ثم أومأت ببطء، دون أن تتراجع عن موقفها.
و لم تُبدِ أي ارتياح أو ابتسامة قبل أن يرتسم على وجه إدوارد خيطٌ من الابتسامة.
“غريب…..لم تقولي هذا من قبل.”
ارتسم الرعب ببطءٍ على وجه المرأة، كأن خوفًا هائلًا يلتهمها من الداخل و امتد إلى أطراف أصابعها.
وقف إدوارد صامتًا يراقب، ثم صوب نحوها فوهة المسدس.
“لطالما ظننتُ أن الأمور غريبة.”
هل سيعود الزمن؟
حتى لو لم يعد، يمكنه دائمًا استخدام حجة الحادث العرضي أثناء الصيد. فضغط على الزناد بقوة خافتة.
“في المرة القادمة، أرجو أن تُحضّري كذبةً مثالية، عزيزتي.”
إذا كان من الممكن أن نلتقي مرة أخرى…..
***
عاد إدوارد إلى الماضي. و لم يعد إلى لحظة ما قبل الصيد كما توقع، بل عاد إلى ظهر اليوم السابق.
لم يكن متأكدًا، لكنه شعر أن اليوم قد عاد بالكامل ليوم واحدٍ فقط.
لو عاد الزمن في هذه الجولة أيضًا، لكان قادرًا على التأكد أكثر، لكنه لم يكن واثقًا مما إذا كانت المرأة ستكرر نفس الإجابة.
لا، لن تفعل ذلك. فقد بدا أن ذكرياتها لا تزال محفوظة.
كان عليه أن يجد طريقةً أخرى…..فكر مليًا في أحداث الجولة السابقة وقرر أن يجهز أدواتٍ مختلفة هذه المرة.
في اليوم التالي، عندما التقى بالمرأة، أجابت كما توقع، لكن بإجاباتٍ مختلفة عن الجولة السابقة.
“لا أعلم…..لم أفكر في الأمر هكذا من قبل…..هل تحدثنا حقًا عن هذا الموضوع؟ بعد لقائنا الأخير حاولت أن أسترجع ذاكرتي، لكن لا أذكر جيدًا.”
بدت وكأنها تحاول دفن الموضوع تمامًا بكلمة أنها لا تتذكر شيئًا.
و راقبها إدوارد من وقت لآخر، ليس من أجل الاستهزاء أو الشفقة، بل لأنه وجد الموقف مضحكًا، فابتسم ابتسامةً هادئة مطمئنة،
“…..ربما كنتُ مخطئًا. عذرًا يا إليزابيث.”
رفعت رأسها وكأنها تلقت الإنقاذ من كلامه، وأجابت بثقة،
“لا بأس، فأنا أحيانًا أسيء تذكر الأشياء أيضًا.”
وكانت تلك الإجابة المتغطرسة كأنها تمنحه الرحمة، ولم يكن صوتها المرتعش ليقود إلى انزعاجه، فابتسم ابتسامةً مصقولة وعرض عليها،
“حسنًا، هلّا نأخذ استراحةً قصيرة قبل أن نعود؟”
“وماذا عن الصيد؟”
“أعتقد أنه من الصعب الإمساك بها الآن، لذا دعينا نجلس قليلاً ونستريح قبل العودة.”
كان واضحًا أنه من الصعب إجبارها على أي شيءٍ آخر في هذا المكان.
لكن لا بأس، تذكر إدوارد الزجاجة الصغيرة المخفية في معطفه وهدأ نظره. فقد أعدّ طريقةً أخرى.
حين وصلا إلى منزل أندرسون، أخذ إدوارد كأس شمبانيا بهدوء ووضع السم فيه.
لم يلتفت أحدٌ إلى تصرفه، ولو لاحظ أحدهم، لكان سيخفي الزجاجة بسرعة، فلن يثير أي شكوك.
ولو شكّ أحدهم، فلن يكون هناك ما يثير القلق، لأن المرأة ستموت بحلول الوقت الذي سيبدأ فيه الزمن بالعودة.
ابتسم إدوارد برضا، وتقدّم نحو المرأة ببطء. فأخذت الكأس منه دون أي شك، وشربت قليلاً.
وعندما شاهدها تتقيأ وتنهار، مرّت في ذهنه فكرةٌ عن مدى عودة الزمن هذه المرة.
ثم غشى المكان الظلام.
__________________________
ذاه قاعد يلعب في فطستها🫢 البنت تكح قدامه وتطيح وهو يفكر اي وقت بيرجع فيه الزمن😭
معليه خل ارثر يصير البطل وتعرف انك ضيعت نعمه
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 38"