If you pass through the revolving door 13 times, you'll enter a musical world. - 3
شعرت وكأن ماءً باردًا قد سكب على رأسها، مما أعادها إلى وعيها على الفور. و بدأت أون كيونغ تتنفسُ بصعوبه، و تتلفت حولها بجنون.
و ما كان حولها هو الهواء الهادئ الذي يملأ الغرفة……
إنها غرفة إليزابيث.
لقد مرّت بتجربةِ العودة بالزمن من قبل، لذا بدأت تعتاد الأمر أسرع من المرات السابقة. بل إن عقلها بدا أكثر وضوحًا هذه المرة.
وفي اللحظة نفسها، تدفقت أحداث اللحظات الماضية إلى رأسها كالسيل.
لقد عادت بالزمن لأنها لم تغنِّ المقطوعة.
أغمضت أون كيونغ عينيها بإحكام. كانت تتمنى ألا تضطر إلى الغناء. و ربما كانت تطلب المستحيل، خاصة وأنها في مسرحيةٍ موسيقية……
لكن الأمل، رغم ذلك، لم يكن قد تلاشى تمامًا.
أطلقت صوت تأفف مكتوم.
لم تكن أون كيونغ تجيد الغناء على الإطلاق. إذا وُضع الأمر في مقارنة، فهي أقرب إلى الفاشلين في هذا المجال.
في أيام الدراسة، بينما كان الجميع يحصلون على درجة “A” في اختبارات الغناء، كانت هي الوحيدة التي تحصل على “B”. حتى مع ميل معلم الموسيقى لمنح درجات عالية للتخفيف عن الطلاب، لم تكن هذه القاعدة تنطبق عليها.
كانت تدرك جيدًا مستواها وتقبلت الدرجات التي حصلت عليها دون اعتراض.
لكن الآن، عليها الغناء؟
فكرة أنها قد تظل عالقةً في هذا المكان، تُجبر على الغناء مرارًا وتكرارًا، بدت كابوسًا مرعبًا.
‘ماذا أفعل؟’
فكرت أون كيونغ بتوتر، لمحاولة إيجاد حل.
لم يكن لديها الكثير من الوقت، لكن ربما يجب أن تتدرب؟ على الأقل، سيكون ذلك أفضل من عدم فعل أي شيء……
أطلقت تنهيدةً ثقيلة وهي تفكر بالأمر. و بوجه يملؤه التردد، حاولت أن تصفي حلقها. لكن صوتها لم يتغير.
بدا الحزن والإحباط واضحًا على وجهها بينما فتحت فمها لتجرب.
-قراءة كتاب.-
كان الأمر عاديًا. لا، بدا وكأن الكلمات خرجت بسلاسةٍ غير معتادة.
صوتها كان أوضح وأكثر استقرارًا من صوتها المعتاد أثناء الغناء. و بدا قويًا وثابتًا بشكلٍ غريب. لكنها كانت مجرد كلمتين، ولم يكن ذلك كافيًا للحكم.
رغم ذلك، ومع بعض الشك، قررت أن تستمر في الغناء.
-تدريبٌ على العزف على البيانو.-
تجمدت أون كيونغ في مكانها، شفتيها لا تزال مغلقة، وبدا جسدها متيبسًا.
كانت تعلم جيدًا أنها ضعيفة في الأجزاء التي يتطلب فيها الغناء رفع الصوت. كان صوتها يهتز بسهولة ويصبح غير مستقر، بل ويضعف إلى أن يكاد يختفي عند محاولة الوصول إلى النغمات العالية.
ولكن، وعلى عكس المتوقع، خرج الصوت قبل قليلٍ بثقة وقوة. و كان صوتًا جميلًا وغير مألوف بالنسبة لها.
وقفت مذهولةً للحظة، وقامت بالسعال كما لو أنها تحاول اختبار ما حدث. ثم قررت، بتردد يشوبه الفضول، أن تجرب الغناء مرة أخرى.
-وقبل نهاية اليوم، كتابة رسالةٍ لك.-
ظهر على وجهها تعبيرٌ مشوه بشكلٍ غريب.
‘ما هذا؟’
كان مزيجًا من الذهول والخوف.
أمسكت بحلقها بيد مرتجفة، وكأنها تحاول التحقق من أن الصوت خرج منها بالفعل، وتراجعت بخطوتين إلى الخلف كما لو كانت تهرب من شيءٍ مخيف.
لكنها لم تكن تستطيع الهروب من صوتها. و واصلت التراجع حتى اصطدمت ساقاها بحافة المكتب، وعندما شعرت به، ارتجف جسدها بالكامل وكأنها تعرضت لصدمة.
كان الأمر أشبه بكونها مسحورةً أو تحت تأثير قوة شيطانية.
‘هل سمعتُ الصوت بشكل خاطئ؟’
فكرت أون كيونغ بذلك، على الرغم من أنها كانت تعلم أن ذلك مستحيل.
لذا، فتحت شفتيها بخفة لتجرب مجددًا.
كان الحل الوحيد للتحقق هو الغناء مرة أخرى، ولكن الصوت الذي خرج من حلقها قبل قليل بدا وكأنه ليس صوتها على الإطلاق.
ربما بسبب ذلك، لم تستطع فتح فمها بسهولة.
كانت تنظر بحيرة، و حاجباها كانا متدليان في تعبيرٍ عن التردد، إلى أن قررت أخيرًا أن تتحلى بالشجاعة وتحاول الغناء مرة أخرى.
ولكن في تلك اللحظة، سُمع صوت طرقٍ على الباب.
رفعت أون كيونغ رأسها بسرعة. فقد حان الوقت للقاء إدوارد.
لم يعد قلبها يكاد يتوقف عن الخفقان كما كان في المرات السابقة، ربما لأنها التقت به مرتين بالفعل. ومع ذلك، لم تستطع التخلص تمامًا من شعورها بالتوتر.
حاولت تهدئة نفسها وهي تجمع يديها المرتجفتين، ثم فتحت الباب.
تبعت الخادمة التي جاءت لتناديها، وسارت عبر الممر وصولًا إلى المكان الذي ينتظرها فيه إدوارد.
طوال الطريق، كانت أون كيونغ تراجع حوارها بعناية داخل رأسها. على الرغم من أنها حفظت النصوص جيدًا، إلا أنها كانت تخشى أن تتلعثم بسبب التوتر، ولم تستطع التوقف عن التفكير.
“إليزابيث.”
وعندما وصلت أخيرًا، كان يحمل بين يديه باقة زهورٍ مرة أخرى.
نظرت أون كيونغ إلى الباقة بفمٍ مفتوح قليلاً، ثم رفعت شفتيها بابتسامةٍ صغيرة.
“شكرًا لكَ……رائحتها جميلة.”
“يسعدني أنكِ أحببتها. هذا يريح قلبي.”
كان إدوارد يراقب ملامحها كما لو كان يحاول قراءة حالتها، لكنه اكتفى بابتسامةٍ هادئة ردًا على كلماتها.
ثم مد يده واقترح بصوتٍ ناعم.
“الجو مشرقٌ بعد فترة طويلة من تكتل الغيوم. ما رأيكِ أن نتمشى قليلاً؟”
“حسنًا.”
خرجت إجابة أون كيونغ بنبرةٍ فاترة، على عكس ما كان متوقعًا من النص الأصلي الذي يتطلب ردًا أكثر دفئًا. ولكن سرعان ما أدركت ذلك، فابتسمت ابتسامةً عريضة لتحاول التأكيد على صدق كلامها.
لاحظت للحظة أن عيني إدوارد ضاقتا قليلاً، لكنه لم يقل شيئًا، بل اكتفى بابتسامةٍ أخرى بينما عدّل وضع ذراعه لتضع يدها فوقه.
وضعت يدها على يده للحظةٍ قصيرة للغاية. وخلال تلك اللحظة الوجيزة، بدا أن إدوارد يتأملها باستمرار، قابضًا على يده ثم باسطًا إياها، إلى أن بدأ صوت البيانو المرح ينساب في الأجواء.
فجأة، سألها بصوتٍ يحمل شيئًا من القلق.
“يدكِ باردة. لحسن الحظ أن الشمس مشرقةٌ اليوم، لكن الأيام الماضية كانت غائمة، مما قد يجعلكِ عرضةً للإصابة بالبرد.”
في عينيه ظهرت لمسةٌ خفيفة من القلق، وهو ما لاحظته أون كيونغ.
بدلاً من الشعور بالتوتر، وجدت نفسها تشعر براحةٍ غريبة، كان قلقه ضحلاً جدًا، مما جعلها تدرك أن ما يقف أمامها ليس إدوارد الحقيقي، بل مجرد شخصيةٍ مكتوبة في النص.
‘خشيت أن أنسى هذه الحقيقة وأعتمد عليه بلا مبالاة، لكنني شعرت أن تلك النظرة أزالت قلقي.’
“أنا بخير.”
قالت ذلك وأغلقت فمها بشدة لبرهة، ثم تابعت كلامها بخجل وهي تلقي نظرةً جانبية.
“……ربما كنتُ متوترةً قليلاً. لمجرد التفكير في لقائك جعلني أشعر بالارتباك.”
رسمت ابتسامةً خفيفة على شفتيها، وسرعان ما ابتسم إدوارد بسعادةٍ على كلامها، ورد مازحاً.
“يا للعجب. ولكن لم يمضِ وقتٌ طويل منذ لقائنا الأخير.”
“أسبوعان وقت طويل بما فيه الكفاية، يا إدوارد.”
شعرت أون كيونغ براحةٍ أكبر مع الكلمات المألوفة. و ضاقت عيناها قليلاً وردت بنبرةٍ معاتبة وهي تسحب زوايا شفتيها للأسفل قليلاً.
لاحظ إدوارد تعبير وجهها الذي بدا عليه بعض الحزن، فربت على ظهر يدها بهدوء وسألها، وكأن الأمر كان متوقعاً.
“هل فكرتِ بي خلال هذه الفترة؟”
عند سماع كلماته، تجمدت ملامح أون كيونغ للحظة.
الآن، تبقى فقط قول جملةٍ واحدة فقط، ثم تبدأ النغمة.
على الرغم من أنها تدربت قبل لقاء إدوارد، إلا أن مجرد التفكير في أنها ستضطر إلى الغناء جعل معدتها تنقبض بلا إرادة.
“أنا دائمًا ما أفكر بكَ.”
أجابت بصوتٍ خفيف مرتعش لكنه حازم، ثم أخذت نفسًا خفيفًا وفتحت شفتيها لتتابع.
-قراءة الكتب، التدرب على العزف على البيانو، وكتابة رسالة إليك قبل انتهاء اليوم.-
بدت وكأن ممثلةً بارعة استعارت جسدها لتغني. فحاولت أون كيونغ التظاهر بالثبات ومتابعة الغناء، رغم أنها لم تستطع التخلص تمامًا من شعورها الداخلي بالاضطراب.
-أكرر الأشياء نفسها كل يوم، لكنني أحاول أن أجد أخبارًا تسرك.-
بعد أن وصلت إلى هذه النقطة، استدارت نحو إدوارد وسألته.
“و أنت؟”
شعرت براحة لا إرادية لأنها أنهت الجزء المطلوب منها، ورأت بصيص أمل في الانتقال إلى المشهد التالي.
كانت ابتسامتها هذه المرة أكثر طبيعية، ونظرت إلى إدوارد بابتسامةٍ واثقة.
بدا وكأنه شعر بحماسها، فبادلها ابتسامةً لطيفة وأجاب.
-تعلمت الأشياء التي لم أستطع تعلمها من قبل، قرأت الكتب، وكتبت ردودًا على رسائلكِ. وفي كل لحظة، كنت أفكر بالكلمات التي أرغب في قولها لك.-
“ما نوع الكتب التي تقرأينها غالبًا؟”
حان دورها للإجابة مجددًا. ترددت أون كيونغ للحظة وكأنها تفكر، ثم بدأت تغني بصوتٍ ناعم.
-أقرأ قصائد رقيقة مليئةً بالكلمات الجميلة، وقصصًا تحكي عن أشخاص مختلفين. وأحيانًا أكتب بنفسي، رغم أنني لا أملك المهارة الكافية لعرض ما أكتب للآخرين……-
“هل سأحظى يومًا بفرصة لقراءة أعمالكِ؟”
“لكنها حقًا متواضعةٌ جدًا!”
قالت أون كيونغ ذلك بخجل، فضحك إدوارد بهدوءٍ وأجاب بصوتٍ دافئ.
-أعلم أن الكلمات التي تشكل قصائدكِ وقصصك ستكون جميلة. أعلم أن قصصك ستكون دافئة مثلكِ تمامًا. وأعلم أن ما تكتبينه سيكون بالنسبة لي أعزّ من أي عمل آخر، لأنه من صنعكِ.-
كان نظره ناعمًا وابتسامته حلوةٌ كضوء القمر. و عندما يبتسم، تبدو ملامحه الحادة لينة وهادئة.
كان وجهه و كأنه ينظر إلى محبوبته الحقيقية، مما جعل أون كيونغ تحمر وجنتاها من غير وعي.
كانت ابتسامته جميلةً لدرجة أنها جعلتها تنسى أن هذا هو الوجه الذي طالما أحبته، وأن الشخص الواقف أمامها الآن لا يحبها كما تفعل.
عندما أدركت ذلك، شعرت بالإحراج. فأمسكت بطرف تنورتها بيد مرتبكة ثم أشاحت بنظرها في ارتباك.
و أخيرًا، أغمضت عينيها بإحكام لتستعيد توازنها العقلي بصعوبة.
ربما بدا تصرفها مريبًا لإدوارد، لكنها لم تستطع فعل شيء حيال ذلك. وبينما تجنبت النظر إليه، وصلت إلى أذنيها ضحكته العذبة. وسرعان ما تبعتها كلماتٌ أشبه بالزفرات في شكل أغنية.
-شعرت أنني أستطيع تجاوز أوقاتي الصعبة إذا كنتُ معك.-
عبست ملامح إدوارد بينما كان يتحدث عن الماضي. و أعادت أون كيونغ نظرها إليه بعدما كانت تتجنبه.
رأت عينيه المبللتين تتلألآن تحت ظل رموشه الطويلة المنسدلة. فرفعت يدها ببطء ووضعتها على خده بلطف، وكأنها تربت عليه.
اقتربت الأغنية من نهايتها.
-طالما أنا معك، سأصبح أشجع شخصٍ في هذا العالم. طالما أنا معك، لن أخشى أي شيء. فقط لأنني معكَ، يا حبيبي……-
كانت الأيدي المتشابكة تبدو وكأنها لن تنفصل أبدًا. لو كان بوسعها، لتمنت أن تظل ممسكةً بيده بإحكام حتى نهاية المسرحية، حتى لا تتمكن تلك اليد الجميلة البيضاء من أن تؤذيها.
كانت هذه الفكرة في ذهن أون كيونغ عندما بدأت تخفف من قبضتها ببطء. وبالمثل، ترك إدوارد يدها بتردد، وكأن في داخله رغبةً بالبقاء ممسكًا بها لفترةٍ أطول.
كانت إحدى يدي أون كيونغ ما زالت تلامس خدّه، فوضع إدوارد يده على ظهر يدها الصغيرة. ثم جذبها بلطف وقربها إلى شفتيه، وكأنه يهم بتقبيل ظهر يدها.
لكنه توقف على مسافةٍ قريبة جدًا، بالكاد تفصلهما شعرة، ورفع نظره نحوها بهدوء بينما حرك شفتيه.
“أتمنى أن تبقي بخيرٍ حتى نلتقي مرة أخرى.”
اعتدل في وقفته وابتسم برقة، وبقي ينظر إليها حتى دخلت إلى داخل القصر. عندها فقط غادر.
أما أون كيونغ، التي بقيت في حالة ذهول منذ أن أشار إلى تقبيل يدها، بالكاد استطاعت التقاط أنفاسها.
ألقت عليه تحيةً متلعثمة ودخلت القصر على عجل. و شعرت وكأن دقات قلبها تصدح بقوةٍ في أذنيها. فلم تكن معتادةً على هذا النوع من التحيات في عصرها، مما زاد من ارتباكها.
كانت أون كيونغ تصعد الدرج بوجهٍ محمرّ دون أن تنظر حولها، لكنها توقفت فجأة في مكانها عندما أدركت أمرًا غريبًا.
حلّ المساء تدريجيًا، وغلف الشفق السماء بألوانه. و امتزجت أشعة الشمس الذهبية المائلة إلى الحمرة داخل القصر، لتصل الى قدميها كالأمواج.
نظرت أونكيونغ إلى تلك الأشعة الهادئة، ثم رفعت رأسها.
كان الهدوء مخيفًا، وكأن المكان فارغاً تمامًا.
كان الصمت خانقًا لدرجة جعلها تتساءل كيف لم تلاحظ ذلك من قبل. و أخذت تنظر حولها داخل القصر الصامت الذي بدا وكأنه يحبس أنفاسهُ، ثم احتضنت ذراعيها وتراجعت بخطواتٍ صغيرة إلى الخلف، قبل أن تسرع في صعود ما تبقى من الدرج وكأنها تهرب.
كانت ترتجف، و عضّت على شفتيها بقوة.
في الفراغ الذي خلفته الحياة اليومية، اجتاحت الوحدة القاسية وجودها بلا رحمة.
_______________________________
يعني كذا انتهت مسرحية طالما أنا معك؟ انتهت بسلام
المهم ادوارد ليه ماباس يدها؟ يوم رفع وجهه احسه شاك في شي
Dana