نهضت سيريت ونظرت إلى يوان. في تلك اللحظة انهمرت الدموع من عيني سيريت.
عندما رأت يوان انفجرت أحزانها. كانت قد أدركت أن ظل الموت خيّم على هانا كما في حياتها السابقة، لكنها لم تستطع فعل أي شيء، وكان ذلك فقط خانقًا.
خشيت تموت هانا وأن تفقدها بلا حول ولا قوة أمام مجددًا،
كانت سيريت خائفة جدًا.
وفي تلك اللحظة عندما رأت يوان انفجرت الدموع بشكل لا يمكن لها السيطرة عليه.
“سيريت.”
عند رؤية سيريت وهي تبكي، هبط قلب يوان فجأة. احتضن يوان سيريت.
دفنت سيريت وجهها في حضن يوان الدافئ. كان حضن يوان الدافئ مواسياً.
ربّت يوان على رأس سيريت منتظرًا أن تهدأ دموعها. بينما كان يُهدّئ سيريت ألقى نظرة على هانا الممددة على السرير.
حتى بنظرة واحدة بدت مريضة، ففهم مباشرةً لماذا تبكي سيريت هكذا كثيرًا.
يبدو أنها خافت لأن الخادمة المقربة منها مريضة.
قبّل يوان رأس سيريت لأن رؤيتها تبكي بهذه المرارة كانت مُحزنة له. وبعد أن قبّلها وهدّأها أخذ يربّت عليها لفترة،
توقفت سيريت عن البكاء وابتعدت عن حضنه دون أن تشعر.
نظرت سيريت إلى يوان.
“هانا مريضة جدًا.”
“ماذا بها؟”
سأل يوان وهو يمسح بحذر الدموع العالقة عند عيني سيريت.
“قرصتها حشرة ثم تبيّن أنها مُصابة بفيدالو. قال الطبيب إن الأمر قد يصل إلى أسوأ حالة…”
لم تستطع سيريت متابعة الكلام من شدّة الحزن. إذا حدث شيء لهانا فلن تتمكّن من العيش بشكلٍ سوي.
ضمّ يوان وجه سيريت بكفّه وقال بصوت هادئ ايهدّئها.
“اهدأي يا سيريت. لن تصل حالتها لأسوأ حالة. سأحرص على ذلك”
“يوان.”
بسبب كلمات يوان التي منحتها شعورًا بالثبات، شعرت سيريت براحة غريبة في قلبها.
بدا حقًا وكأن يوان سيجعل الأمور تسير على هذا النحو. حتى قدر الموت نفسه يبدو وكأنه لا يساوي شيئًا أمام يوان.
“لا تقلقي.”
شدّ يوان سيريت إلى حضنه مرة أخرى. المرأة الصغيرة التي دخلت بين ذراعيه بدت عزيزة عليه إلى حد دفعه لأن يرغب في إبقاء كل ما تحبه بجانبها.
لذلك يجب أن أنقذ تلك الخادمة بنفسي.
بينما يحتضن سيريت، عاهد يوان نفسه مرات ومرات. أن يحمي عالم زوجته بيديه.
تلك الليلة، بقي يوان مع سيريت إلى جانب هانا.
كانت سيريت تمسك بيد هانا بإحكام وتروي لها بهدوء ذكريات طفولتهما. كانت كلماتها موجّهة لهانا، لكن الوحيد الذي يستطيع سماعها هو يوان.
“تتذكرين عندما دخلنا الغابة لنبحث عن الكنز؟ في البداية منعتني وأخبرتني ألا أفعل، ثم لاحقًا أصبحتِ أنتِ الأكثر حماسًا وبدأتِ تجوبين الغابة هنا وهناك. وتهنا تمامًا وعُدنا للبيت بعد أن حل الليل. تعرضنا للتوبيخ الشديد حينها.”
ضحكت سيريت ضحكة قصيرة وضغطت على يد هانا التي تمسك بها.
كان يوان يستمع بهدوء إلى حديث سيريت من جانبها ثم فتح فمه.
“يبدو أنها كانت كالصديقة لكِ.”
“أكثر من صديقة. هي كأختي.”
ابتسمت سيريت ابتسامة خافتة وهي تنظر إلى يوان. لم تكن تريد أن تعيش موت هانا للمرة الثانية. امتلأت عينا سيريت بالدموع من جديد.
مسح يوان بحذر الدموع المتجمعة عند طرفي عينيها.
“يبدو أنكِ كنتِ سعيدة حقًا في موشيلي.”
كان طعم الكلام مرًا في فم يوان. سيريت التي عاشت في موشيلي بدت سعيدة، أما سيريت التي تعيش تحت اسم فريكتويستر فلم تكن تبدو سعيدة.
شعر بالهزيمة، لأنه بدا غير قادر على منحها السعادة التي يمكن حتى لخادمة بسيطة أن تمنحها إياها.
“أهل موشيلي جميعهم كانوا في صفي.”
“…وماذا عن الآن؟”
تردد يوان قليلًا ثم سأل. امتزج في قلبه شعورٌ بالرغبة في سماع رأيها مع خوفٍ من سماعه.
بدون أن تجيب، حدقت سيريت في يوان بثبات.
الرجل الذي قال لها إنه يحبها… هل هو حقًا في صفها؟
“ الآن أيضًا ليس سيئًا. لأن هانا وإيف موجودتان.”
تجنبت سيريت نظرة يوان وهي تجيب.
شعر يوان بالإحباط لأنه لم يكن موجودًا في جوابها.
كيف يمكنه أن يجعل زوجته تشعر أنه في صفها؟
“لكن هانا…”
عندما وقعت عينا سيريت على حالة هانا المريضة عادت تشعر بالخوف. انهمرت الدموع من عيني سيريت مجددًا.
ضمّ يوان سيريت التي كانت تذرف الدموع. داعب رأسها ووعد بصوت منخفض.
“أنا سأحمي كل الأشياء التي تعتبرينها ثمينة. سأحميها حتى لا ينهار عالمك.”
دفنت سيريت وجهها في كتف يوان وشعرت بالطمأنينة من وعده. وقررت كما يحلو لها أن تعتبر يوان أيضًا في صفها.
***
“كيف استطعتي تركي والذهاب بعيدًا هكذا.”
كان صوت بكاء زوجته الحزين يُسمع من داخل الغرفة.
يوان من الحياة السابقة كان يمر قرب غرفة زوجته فتوقف فجأة.
ملامح يوان تجعدت بوحشية. قبل مدة قصيرة أبعد جاك كلارك عن جانب سيريت.
لذا يبدو أنها تبكي بهذا الشكل المرير لأن عشيقها اختفى. ارتفعت شفتي يوان باستهزاء ثم دخل غرفة سيريت بنظرة باردة.
سيريت التي كانت تبكي بحزن وهي مستندة على الطاولة رفعت رأسها ونظرت إلى يوان. يوان كان ينظر من أعلى بوجه غاضب.
“سمو…الدوق.”
مسحت سيريت دموعها على عجل ونهضت من الكرسي.
“تبكين وتنوحين بلا كرامة. ما الذي تفعلينه؟”
صوت يوان المنخفض الذي انتشر كان باردًا بلا نهاية. لدرجة جعلت سيريت ترتجف.
“… أنا آسفة.”
اعتذرت سيريت بصوت يختفي.
انتقل نظر يوان إلى الرسالة على الطاولة. عندما التقط الرسالة مدت سيريت يدها نحوه مرتبكة.
نظر يوان إلى سيريت بنظرة باردة وقرأ الرسالة أمامها عن عمد. ظن أنها رسالة من جاك كلارك، لكنها كانت من موشيلي.
كانت من السيدة هايل، كبيرة خادمات منزل إينوهاتِر، وتحتوي على خبر وفاة خادمة تُدعى هانا.
يبدو أن الخادمة المتوفاة كانت على علاقة خاصة بسيريت، لذلك كانت السيدة هايل قلقة بشدة من أن يتأذى قلب سيريت.
التعليقات لهذا الفصل " 97"