عند صوت يوان المرتجف، تجمّد جسد سيريت. تيبّست في مكانها، وارتفع الغثيان في معدتها.
هذا الرجل يقول إنه قتلها. لم يكن ذلك في حلمه فقط، بل في الحقيقة أيضًا، ولهذا شعرت سيريت وكأن دموعها ستسقط.
كانت حقيقة تعرفها جيدًا، لكن سماعها الآن من فم يوان جعل خيبة الخيانة التي عاشتها في حياتها السابقة تعود بكل حدّتها، وكأنها تحدث من جديد.
أرادت أن تصرخ بنعم، أنت قتلتني، أنت قاتل. لكنها عضّت شفتيها بقوة.
دفعت سيريت يوان بقسوة، وعندها فقط ابتعد عنها.
في عيني يوان كان هناك مزيج من الحزن والألم واليأس. نظرة تخزّ القلب.
“سيريت، أنا قتلتك.”
في أحلامه، ماتت سيريت مرات لا تُحصى. بالرصاص، بالخنق، بالسم، بضربة على الرأس. بطرق مختلفة واجهت الموت، لكن الجاني كان شخصًا واحدًا دائمًا.
هو نفسه.
في أحلامه، قتل يوان سيريت مرارًا وتكرارًا. قتلها ثم قتلها، بلا نهاية. التكرار دفعه إلى الجنون حتى وهو داخل الحلم.
بعد أن يستيقظ من ذلك الكابوس المروّع، كان يحدّق طويلًا في يديه. هاتان اليدان خنقتا سيريت حتى الموت. لم يعد يميّز بين الحلم والواقع، وكان جسده يرتجف.
عادت تلك المشاعر لحظتها بوضوح حيّ، فانهار يوان. الحبر المنتشر على الأرض لطّخ ثيابه سوادًا.
بدا ذلك المشهد لوهلة وكأنه دم يوان، فشعرت سيريت بالقشعريرة.
“سيريت.”
كرر يوان اسمها، ودسّ وجهه في حجرها. اشتدّت يداه حول خصرها.
حتى في هذه اللحظة، كان يوان مشوّشًا. ماذا لو كان هذا هو الحلم، ولحظة قتلها هي الحقيقة؟ ماذا لو كان هذا كله حلمًا…
خرج تنهد حار من بين شفتيه.
نظرت إليه سيريت بحيرة. رأت كتفيه يرتجفان بخفة.
كان منظر يوان الضعيف مثيرًا للاشمئزاز في نظرها. بالنسبة له كان مجرد حلم، أما بالنسبة لها فكان واقعًا عاشته.
هي التي ماتت فعلًا، فلماذا يكون هو من يتعذّب؟ من غير المنطقي أن يحزن رجل تزوّج امرأة وهو ينوي قتلها، فقط لأنها ماتت في حلم.
ثم تذكرت كيف كان يوان يبدو قلقًا عليها قبل ذلك. شعرت حينها وكأنه كان صادقًا…
هل يمكن أن أكون قد أصبحت مهمة له إلى حدّ ينهار بسبب حلم يرى فيه موتي؟
لكنها سرعان ما هزّت رأسها. شعرت بالاحتقار لنفسها لأنها سمحت للأمل أن يتسلل إليها مجددًا.
في حياتها السابقة كانت دائمة الوقوع في هذه الدوامة. تتعلّق بأفعاله الصغيرة، ثم تخيب آمالها مرارًا. والآن، إدراك أنها تعيد نفس الخطأ جعلها تنتزع يديه بقسوة عن خصرها.
“عُد.”
عندها رفع يوان رأسه ببطء. عيناه المبللتان حدّقتا بها.
“لم أعد أعرف ما هو الواقع وما هو الحلم. سيريت هل أنتِ حقيقة؟ أم حلم؟”
هكذا… هذا الدفء حقيقي. إذًا ليست حلمًا. غمرته راحة عميقة.
“يا سمو الدوق، ستكون الأمور صعبة إن جررتني إلى مشاكلك الشخصية. أتمنى ألا تُتعبني بسبب مجرد حلم.”
نهضت سيريت بوجه بارد.
كانت تكره رؤيته متألّمًا، وتكره أكثر أن يضعف قلبها أمام ذلك. تكره أن تأمل وهي تعلم أنها ستُجرح. ابتعدت عنه واتجهت نحو النافذة.
اعطته ظهرها وهي تحدّق في الخارج، وملامحها أظلم من الليل نفسه. تصرفات يوان كانت مختلفة كثيرًا عن حياتها السابقة لدرجة جعلت رأسها يدور.
في حياتها السابقة لم يلتفت إليها حتى بنظرة صحيحة. وها هو الآن يتلوّى من الألم بسبب موتها في حلم… كأُنه يحبها. كم هذا سخيف. كل هذا التعلّق من رجل تزوجها ليقتلها.
ضحكت سيريت بسخرية.
جلس يوان على الأرض يراقب ظهرها بصمت. ثم وقف وتقدّم نحوها بابتسامة مريرة.
احتضنها من الخلف. ارتجفت سيريت وحاولت الإفلات، لكنه أحكم ذراعيه حولها.
لم ترغب في التدخل. مهما كان ما يمرّ به ذلك الرجل، من ارتباك أو ألم، كانت تكره أن ترى نفسها تهتز بسببه.
“هل أنا زوجك حقًّا؟”
امتزج زفيرٌ يشبه التنهد في صوت يوان. المرأة التي كانت تعلن بكل جسدها، منذ ما قبل الزواج وحتى الآن، أنها لا تحبه… جعلَته يبدو الآن مثيرًا للشفقة لمجرد حلمٍ تموت فيه.
التعليقات لهذا الفصل " 65"