قراءة ممتعة~~~
الفصل السادس والخمسين
“الآنسة إليوت؟”
رمشت سيريت ببطء بعدما سمعت تحذيرين متتاليين عن ليديا.
قبل لحظات فقط، قال لها ريغان أن تحذر من ليديا، وها هي كريستين تكرر الكلام نفسه. كان شعورًا غريبًا.
“أنتِ لا تعرفين الكثير عن ليديا إليوت، صحيح يا سيريت؟”
“…….”
‘أنا أعرف. أعرف تمامًا ما هي عليه. لقد اختبرتها بما يكفي.’
نظرت سيريت إلى كريستين بابتسامة مريرة.
“قال لي سمو ولي العهد قصة من طفولته.”
“قصة من طفولته؟”
“عن قطة بيضاء مسكينة… ماتت على يد ليديا.”
“ماذا؟”
عند كلام كريستين، قبضت سيريت يديها بخوف. تسللت قشعريرة باردة على طول عمودها الفقري حتى ارتجف مؤخر رأسها.
“كانت هناك قطة تتبع دوق فريكتويستر. وكان يحبها كثيرًا.”
“…….”
مع استمرار القصة، بدأ قلب سيريت ينبض أسرع قليلًا.
“وفي يوم، خدشت القطة يد ليديا إليوت وهربت إلى أحضان الدوق.”
“القطة فعلت ذلك؟”
أومأت كريستين قليلًا ثم تابعت.
“وفي تلك الليلة، رآها سمو ولي العهد. رآى ليديا… تضرب القطة بحجر.”
“—!”
رفعت سيريت يدها تغطي فمها وهي تلتقط أنفاسها.
لم تُكمل كريستين الجملة، لكن سيريت تخيّلت المشهد فورًا. انخفضت حرارة جسدها.
وبرغم أن الجو كان دافئًا، شعرت ببرودة مزعجة تنتشر داخلها.
إذًا… ليديا قتلت القطة. وبطريقة وحشية.
“أصرّ سمو ولي العهد أن أخبرك. هي فضيحة تخص العائلة الإمبراطورية، لكنه شعر أنك بحاجة لمعرفة الأمر.”
“أ- أجل.”
ارتجفت سيريت. لم تفارقها البرودة، فانكمشت قليلًا.
لقد عرفت قسوة ليديا قبل موتها مباشرة.
لا أحد يستطيع الابتسام أمام إنسان يموت مسمومًا.
لكن ليديا… ابتسمت. وبسعادة.
حتى الآن، مجرد تذكر ذلك يجعل القشعريرة تركض في جسد سيريت.
‘ذلك الوجه… وجه شخص سعيدة لأنها حصلت على كل شيء.’
كان آخر شيء رأته قبل موتها. استرجاعه جعل معدتها تنقلب.
“كوني حذرة يا سيريت.”
قالت كريستين ذلك ورحلت.
ترك كلام كريستين ثقلًا كبيرًا في صدر سيريت. ذكّرها من جديد بمدى قسوة ليديا وخطورتها.
“قاسية ومخيفة… مثل يوان. يناسبان بعض فعلًا.”
لا عجب أنها شاركت بخطة يوان بكل سرور.
مرّ ذلك في ذهنها، لكنها شعرت بانزعاج غامض.
شيء ما لم يُقنعها.
محاولةً فهم الأمر، استرجعت ما حدث في حياتها السابقة.
في تلك الليلة المتأخرة، جاءت ليديا إلى غرفتها تحمل الشاي. كانت ليديا تعيش في القصر حينها، وسيريت قد أنجبت طفلها حديثًا.
قالت إن يوان طلب منها إحضار الشاي.
كان الشاي الذي تحبه سيريت—الذي اختفى تمامًا من القصر بعدما أمرت ليديا الخدم بتغيير كل أوراق الشاي.
قبل أيام، سألها يوان إن كانت ترغب بشيء، لأنها بالكاد تأكل بسبب الطفل. وقد أخبرته أنها تشتاق لذلك الشاي.
كانت ممتنّة ليوان، ولكنها شعرت بالمرارة.
‘لماذا يرسله عبر عشيقته؟ لماذا لا يأتي به بنفسه؟’
“كنتُ أساعد يوان مع الطفل. يا له من طفل جميل.”
ابتسمت ليديا بوجه مشرق، وقالت إن يوان كان متعبًا وأرسلها مكانه.
شعرت سيريت بالغيرة.
أن ترى طفلها… وأن يتألق وجهها بالحياة.
أما سيريت، فكانت تذبل لأن يوان أبعد طفلها عنها.
“كان يوان قلقًا. قال إنكِ أردتِ أوراق شاي من كُويت. هذا الشاي منها.”
“…أرى.”
“الوقت متأخر قليلًا لشرب لشاي، لكن بما أنه من يوان، خذي رشفة. لقد كتب لك هذا أيضًا.”
أرتها ليديا الملاحظة.
كان بخط يوان الأنيق… يطلب منها أن تستعيد قوتها.
فشربت سيريت الشاي بلا أي شك.
دون أن تعرف أنه مسموم.
بعد أن شربت، بدأ رأسها يدور.
عندها قالت لها ليديا: ‘لقد وضع يوان الدواء في الإبريق. كيف يبدو طعم الموت؟’
كانت خيانة تفتت القلب.
كيف يمكن ليوان أن يكون بهذا القدر من القسوة؟
كم كانت بلا قيمة لديه ليُرسل السم مع أخرى؟
لم تكن هناك رأفة… ولا تردد.
استرجاع تلك الذكرى أثقل صدرها.
ثم—أخيرًا—فهمت ما كان يزعجها.
لماذا أرسل يوان السم مع ليديا؟
إن أراد تجنّب تلويث يديه، كان يمكنه استخدام خادم. أو مساعد.
لكن أن يجعل عشيقته تفعل عملًا بهذا القدر من الوحشية؟
هذا لا يشبه يوان.
هذا ليس تصرف دوق فريكتويستر.
“لماذا؟ لماذا أرسل يوان السم مع ليديا؟”
وبينما كانت تعضّ ظفرها، وقع نظرها فجأة على يوان وليديا.
من الشرفة، كانت ترى الحديقة الخلفية—عند الدفيئة، المكان الذي نادرًا ما يذهب إليه الضيوف.
وهناك… كان يوان مع ليديا.
‘إذًا هي حقًا ذهبت لتتحدث معه.’
‘هل أخبرته أن ينام مع زوجته؟’
ضحكت سيريت بسخرية.
لكن… الجو كان غريبًا.
ليديا كانت تمسك بذراعي يوان الاثنتين، تبكي بألم.
ويوان كان ينظر إليها منحنٍ برأسه—بوجه ثقيل.
ثم فجأة، بينما تبكي وتمسكه، فقدت وعيها.
حملها يوان بسرعة واختفى.
عند رؤية ليديا تنهار، نسيت سيريت شكوكها وركضت. مهما كانت خلافاتهما… ليديا ضيفة.
غادرت الحفل واتجهت إلى الداخل.
عند وصولها، رأت كبير الخدم يأمر بإحضار الطبيب كين.
اقتربت منه.
“رأيت الآنسة إليوت تنهار. أين هي الآن؟”
“في غرفة الضيوف الثانية.”
“حسنًا، تابع عملك.”
أومأت وصعدت الدرج.
وعند باب الغرفة الثانية، رأت يوان من خلال الشق المفتوح.
كان يجلس على كرسي، ووجهه ثقيل ومعتم.
طرقت مرة ودخلت.
“سيريت.”
وقف يوان بوجه مظلم عندما رآها.
“ما الذي حدث؟”
نظرت سيريت نحو ليديا النائمة.
ما الذي قاله لها يوان ليجعلها تبكي حتى فقدان الوعي؟
“يبدو أنها لم تكن بخير.”
“هل تشاجرتما؟”
رفعت نظرها تسأله، فعقد يوان حاجبيه فورًا.
“رأيتكما قرب الدفيئة. كانت تبكي.”
“ليس أمرًا كبيرًا.”
نظر يوان إلى ليديا.
وفي عينيه الرماديتين، ظهرت لمحة من الندم.
“ليس أمرًا كبيرًا في حين انها انهارت بهذا الشكل؟”
“…ما الذي تريدين معرفته؟”
تنهد يوان وسأل.
سؤال جيد فعلاً.
ما الذي كانت تريد معرفته؟
ما الذي كانت تنتظره منه؟
حتى سيريت لم تكن تعرف.
“أي امرأة ستتساءل. عندما تبكي امرأة أخرى أمام زوجها هكذا.”
“إنه أمر شخصي يخص الآنسة إليوت.”
كان صوته صارمًا.
نهاية واضحة لأي سؤال آخر.
وبما أنه “شخصي”، لم تستطع المتابعة.
بعض الأشياء… لا تتغير.
“حسنًا. ابقَ معها. سأعود إلى الحفل.”
استدارت سيريت بوجه مرّ.
***
بعد أن أُغلق الباب، مرّر يوان يده على وجهه.
أزعجه أن سيريت ذهبت هكذا.
لكن لا يمكنه التحدث عمّا يخص ليديا.
حتى لو استخدم الأمر لابتزاز الإمبراطور، فهو مدين لها بهذا القدر من على الأقل.
“هاه…”
تنهد بإرهاق وجلس.
بالنظر إلى ليديا النائمة، شعر بجفاف في حلقه.
لم يقصد أن تصل الأمور إلى هذا الحد، لكن ما جاء بعده كان مرًا.
وجه ليديا وهي تبكي بذلك الألم… لم يستطع محوه.
“لقد أخبرني جلالته… هل هذا صحيح؟ هل حقًا لا يمكنني الإنجاب؟”
رن صوتها المرتجف في أذنيه.
ليديا الآن تعرف.
ولم يستطع قول “نعم” أو “لا”.
فقط تهرّب من نظراتها.
‘هذا لم يكن ما أريده.’
أسند ظهره، منهكًا، وزفر بعمق.
حتى الآن، لم يفهم لنفسه.
هل فعل كل هذا من أجل سيريت؟
أم من أجل اسم فريكتويستر؟
بعد مدة، فتحت ليديا عينيها ببطء.
رمشت وهي تحاول إدراك مكانها. ثم رأت يوان فجلست.
“هل أنتِ بخير؟”
نهض يوان يراقب وجهها.
أطلقت ليديا ضحكة قصيرة مرة.
“حتى الآن… حتى في هذا الموقف… ما زلت تضع ذلك الحاجز بيننا.”
وانهمرت الدموع من عينيها.
“…….”
قدّم لها يوان منديلًا بلا كلمة.
دفعته بعيدًا وغطت وجهها تبكي.
وكان كتفاها يهتزان—غارقة تمامًا في الحزن.
لم يستطع يوان قول كلمة عزاء.
فقط راقبها بصمت.
“كنت تعرف… منذ البداية، أليس كذلك؟”
بعد زمن طويل، رفعت رأسها ونظرت إليه.
“نعم.”
“منذ أن بدأ الحديث عن زواجنا.”
“أجل.”
أومأ يوان.
“—”
عند جوابه، انفجرت بالبكاء مجددًا.
وبعد أن بكت طويلًا، مسحت دموعها وقالت
“لهذا رفضتني، صحيح؟ ولهذا تزوجت سيريت بدلًا مني—لأني لا أستطيع إنجاب الأطفال؟”
“هذا ليس—”
لكن قبل أن يُكمل، سُمِع طرقٌ على الباب، ودخل كبير الخدم مع الطبيب كين.
حيّا الطبيب يوان، ثم اقترب من ليديا ليفحصها.
“لا شيء خطير. سأعطيك مهدئًا. خذيه وارتاحي بضعة أيام.”
وبعد الفحص، قال ذلك.
“شكرًا لك.”
أومأ يوان.
وغادر الطبيب.
ثم أمر يوان كبير الخدم بجلب ماء دافئ.
بعد خروج الجميع، بقي يوان وليديا وحدهما.
“سأثقل عليك… ليلة واحدة فقط.”
كان صوتها بلا أي قوة.
أومأ يوان.
“شكرًا… يوان.”
ابتسمت ابتسامة باهتة.
تركها يوان خلفه وغادر—
بينما أخذ الذنب يتسلل إليه… ببطء.
يتبع^^
ترجمة نينا @justninaae
التعليقات لهذا الفصل " 56"