قراءة ممتعة~~~
الفصل الرابع والخمسين
“ما الأمر؟”
نظر يوان إلى سيريت بوجه يحثها على الإسراع في الكلام.
“الآنسة إليوت تقيم حفلة في القصر الإمبراطوري الإمبراطوري. في السابع عشر من الشهر. اليوم نفسه الذي نستعد فيه لحفلتنا الأولى.”
“السابع عشر؟”
قطب يوان حاجبيه. من بين كل الأيام، ذلك اليوم.
“يقولون إن جلالة الإمبراطور سيحضر أيضًا، لذا لن يأتي الكثير من النبلاء إلى حفلة فريكتويستر.”
لم يكن في صوت سيريت أي قوة.
وتذكّر يوان كم تعبت سيريت في تجهيز أول حفلة لها، فشعر بمرارة في فمه. لا بد أنها مستاءة بشدة.
“سنُذلّ.”
تمتمت سيريت بـ “أنا آسفة” بخفوت، ثم توجهت نحو الدرج. كانت كتفاها متدلّيتين وهي تصعد.
لم يستطع يوان تجاهل كتفي سيريت المنهارتين.
“لقد كانت قلقة جدًا. حتى إنها ذهبت إلى سمو ولية العهد لتتوسل إليها أن تحضر الحفلة.”
قال ذلك كبير الخدم، وهو يراقب سيريت وهي تبتعد، بصوت يملؤه الأسف.
“إلى ولية العهد؟”
“قالت إنها لم تتلقَّ جوابًا قاطعًا. يبدو أنّ سيدتي مستاءة كثيرًا. اليوم نفسه، من بين كل الأيام. حتى لو كانت صدفة، يبقى الأمر مؤسفًا.”
كبير الخدم، الذي نادرًا ما أظهر مشاعره الحقيقية، بدا منزعجًا بالفعل هذه المرة، وقد أفصح قليلًا عمّا في نفسه.
وهل يمكن أن تكون صدفة؟ بما أنه يعرف جيدًا شخصية ليديا، شعر يوان بالانزعاج.
كانت تعرف تمامًا أهمية أول حفلة بعد الزواج، ومع ذلك فعلت هذا. تنهد يوان بإنزعاج.
“سأنظر في تاريخ آخر.”
قال كبير الخدم.
“لا، اتركه.”
لو سارت الأمور كما تريد ليديا، فستواصل ارتكاب أشياء مشابهة بلا توقف.
وربما لأن الإمبراطور دائمًا يعطيها كل ما تريد، بدت ليديا كطفلة لم تنضج بعد.
يجب أن تسير الأمور دائمًا كما تشتهي، وإلا لا تطمئن. ويبدو أنها لا تدرك إطلاقًا أن هذا قد يضرّ بها يومًا ما.
قد تكون فرصة جيدة لتتعلم. لتدرك أنها لم تعد طفلة. وأنها لا تستطيع أن تستمر في التصرّف بهذه الطريقة.
استدار يوان مبتعدًا عن كبير الخدم.
“هل أنت ذاهب لمكان ما؟”
سأل كبير الخدم، مستغربًا أن يوان، الذي عاد لتوّه، يغادر مجددًا.
“إلى القصر الإمبراطوري.”
أجاب يوان باختصار وغادر القصر.
اتجه مباشرة إلى القصر الإمبراطوري، وطلب مقابلة الإمبراطور. جعلَه الإمبراطور ينتظر ساعة كاملة في الردهة قبل أن يقبل طلبه.
ورغم تعنّت الإمبراطور، وقف يوان أمامه بلا أي أثر للتعب.
“ما الأمر يا دوق فريكتويستر؟”
بعد تبادل التحية الرسمية، انطلق صوت الإمبراطور الحاد موجّهًا ليوان. فما زال الإمبراطور يحتفظ بعدائه نحوه.
“جلالة الإمبراطور، طلبت هذه المقابلة لأن لدي معروف أودّ طلبه.”
كان موقف يوان مهذبًا، لكنه كان ثابتًا بشكل لافت. ضاقت عينا الإمبراطور، مستاءً من رباطة جأشه.
“دوق فريكتويستر يطلب مني معروف؟ مع أنك الذي رفضت طلبي؟”
ضحك الإمبراطور بسخرية ونظر إلى يوان بنظرات قاسية.
“أرجو منك إلغاء الحفلة التي يُقال إن الآنسة إليوت ستقيمها في السابع عشر من الشهر.”
رغم هيبة الإمبراطور المخيفة، بقيت نبرة يوان هادئة.
“ماذا قلت؟”
تجمّد وجه الإمبراطور.
“التاريخ يتعارض مع حفلة فريكتويستر. وبما أن فريكتويستر لا تنوي تغيير التاريخ، فرجاءًا اطلب من الآنسة إليوت أن تغيّره.”
“أأنت تأمرني؟ أتجرؤ على إصدار أوامر لإمبراطورك؟”
ضرب الإمبراطور مسند العرش بقبضته وصرخ. وارتد صوته الغاضب في أرجاء قاعة المقابلة.
“أنا أطلب معروفًا.”
لم يرمش يوان حتى أمام ثورة الإمبراطور.
أي شخص آخر كان سيخرّ ساجدًا يطلب الغفران، لكن يوان كان مختلفًا. ظل دوق فريكتويستر هادئًا حتى أمام الإمبراطور الغاضب.
وذلك لم يزد الإمبراطور إلا غيظًا. كان عليه على الأقل أن يظهر بعض الندم بعد رفض طلب الإمبراطور.
هذا الرجل… يوان فريكتويستر، جريء أكثر من اللازم. لم يعتذر قط لي ولا لليديا. رغم أنه جرح ابنتي!
“وبأي وجه يطلب دوق فريكتويستر مني مثل هذا الطلب؟”
“لا أستطيع… تهديدك، بعد كل شيء.”
“تهديد؟”
ارتفعت حاجبا الإمبراطور.
“لا أرى ضرورة لنشر مشاكل ليديا إليوت الصحية على الملأ.”
قال يوان بوجه خالٍ من التعابير.
لم يكن يرغب بالوصول لهذه المرحلة، لكن بدا أن هذه هي الطريقة الوحيدة ليصغي الإمبراطور.
“أتجرؤ الآن على ابتزازي بابنتي؟”
انفجر صوت الإمبراطور غاضبًا في القاعة.
عانت ليديا في طفولتها من مرض جلدي يسبب جفافًا شديدًا، وكانت تستخدم دواءً صنعته أمها المنتمية لشعب الهِلد.
لكن ذلك الدواء كان يحتوي على مواد تقلل الخصوبة. والاستعمال الطويل قد يجعلها غير قادرة على الإنجاب.
ولأن الدواء كان فعّالًا، بحثت دوقية فريكتويستر تركيبته بهدف إنتاج الدواء والتسويق له، وخلال تلك الأبحاث اكتشفوا تأثيره على القدرة الإنجابية.
وبالطبع، تلقى يوان التقارير وكان يعرف.
كان يعرف أن ليديا لا تستطيع الإنجاب. فأمر بإتلاف جميع الأبحاث. ورغم وجود أمر إمبراطوري، كان يوان مقتنعًا بأن الأمر لا يجب أن يصل للعامة.
فلو انتشرت الشائعات، ستتعثر ليديا في الزواج.
ورغم كونها ابنة الإمبراطور المفضلة، إلا أنها لم تكن أميرة رسمية—كانت ابنة محظية. وتحمل دم الهِلد.
وإن أضفنا عجزها عن الإنجاب، فلن يقبل بها أي بيت نبيل.
“كيف تجرؤ!!!!!!!!!”
ارتفع صوت الإمبراطور أكثر. ولو وجد شيئًا في متناول يده لرماه في وجه يوان.
“هناك أمور في هذا العالم لا يمكن حدوثها، يا جلالة الإمبراطور. وربما حان الوقت ليتم تعليمها ذلك.”
“ماذا قلت؟”
“طبع ليديا يزداد سوءًا حين تحصل على كل شيء. وهذا لأجلها أيضًا. لا يمكن لجلالتك أن تحمي ليديا إلى الأبد.”
نظر يوان إلى الإمبراطور بوجه لا يتغيّر. فليس تحقيق كل الرغبات هو الحب.
وكصديق طفولتها، كان يوان يخشى على حياة ليديا بعد رحيل الإمبراطور. فولي العهد لم يكن ينظر إليها بعين طيبة.
وإذا اختفت حماية الإمبراطور، فلن تنال ليديا حتى نصف ما تناله الآن. هل ستتحمل ذلك؟
“ألست خائفًا من إمبراطور عجوز على وشك الموت؟”
ارتجف الإمبراطور غضبًا.
لم يقل يوان شيئًا، وظل ينظر إليه. وظل الاثنان يتبادلان النظرات صامتين لفترة.
اهتز طرف ذقن الإمبراطور.
كان يرغب، أكثر من أي شيء، في تجريد يوان من لقب الدوق ومصادرة ممتلكات فريكتويستر لصالح العائلة الإمبراطورية.
لكن حتى بسلطته، لم يكن قادرًا على سحق يوان—لذا في النهاية اضطر للتراجع.
ومع تنهيدة عميقة، كان الإمبراطور هو من تكلّم أولًا.
“سأفعل كما تقول. لكن ليصمت ذلك الفم طيلة حياتك.”
ظهرت مرارة على وجه الإمبراطور حين انكسرت حدّته.
كانت ليديا نقطة ضعفه. لم يستطع منحها لقب أميرة، ولا منحها الرجل الذي تريده، يوان فريكتويستر.
وبعد موته، لن يكون هناك أحد يحميها، لذا على الأقل يجب أن تتزوج رجلًا جيدًا من بيت مرموق.
ولأجل ذلك، لا يمكن مطلقًا أن يُعرف أنها لا تستطيع الإنجاب.
“شكرًا لتفهمك، يا جلالة الإمبراطور.”
انحنى يوان بانضباط وغادر القاعة.
الآن سيتمكن من رؤية سيريت تبتسم. وليس ذلك الوجه المرهق كما كانت سابقًا.
ولسبب ما، جعلته تلك الفكرة وحدها يشعر أن كل شيء سيكون على ما يرام.
حتى سلوكه غير اللائق، الذي قد يلطّخ اسم فريكتويستر.
وإحساسه الغريب بهذه المشاعر جعله يشعر كما لو أن ضبابًا كثيفًا عاد يملأ رأسه.
هذه المرأة، التي تكشف له جوانب جديدة غير مألوفة في نفسه، جعلت كل شيء مرتبكًا مؤخرًا.
كان يوان يفضل الوضوح—في العمل، وفي المشاعر، وفي الحياة.
لكن سيريت جعلت كل شيء غامضًا.
متى سينتهي هذا الاضطراب؟
وبوجه معقّد، غادر يوان القصر الإمبراطوري.
***
“بسبب ظروف طارئة، تقرر إلغاء حفلة السابع عشر التي كان من المقرر إقامتها في القصر الإمبراطوري.”
كانت ملامح سيريت تزداد إشراقًا كلما تابعت قراءة رسالة ليديا.
“أُلغيت؟”
“ألغيت حقًا؟”
نظرو هانا وإيف إلى سيريت بوجوه مملوءة بالترقب. ابتسمت سيريت مطمئنة ثم قالت.
“لقد أُلغيت.”
لم تعرف كم كانت مرتاحة. تنهدت سيريت تنهيدة ارتياح طويلة.
ما سبب هذا التغيير المفاجئ؟ هل هناك نية أخرى؟
كانت فضولية بشأن نوايا ليديا، لكن المهم أنها أُلغيت، وهذا كان شيئًا مطمئنًا فعلًا.
“هذا رائع.”
ابتسمت إيف التي كانت تشاركها القلق.
“ما الذي حدث مع تلك الآنسة السيئة؟ ولكن هذا رائع حقوا يا سيدتي. آه؟ إذًا لن ندعو روبين؟”
سألت هانا، التي كانت تفرح معهما، بوجه حزين قليلًا.
وضحكت سيريت ضحكة خفيفة لرؤية ملامحها. لحسن الحظ لن تضطر لدعوة روبين.
“يجب أن أستعيد قوتي وأعمل بجد على التحضيرات.”
قفزت سيريت من مكانها. كان الحماس يتدفق فيها لأول مرة منذ فترة. قبله لم تكن تملك أي طاقة.
“سأساعد بكل جهدي.”
“وأنا أيضًا.”
وقف كلًا من إيف وهانا كذلك.
ابتسمت سيريت لهما ابتسامة مشرقة.
ومنذ ذلك اليوم، عادت سيريت تعمل بحماس على تجهيزات الحفلة.
واصطدمت آراءها أحيانًا مع السيدة لينزي، لكنها كانت تتنازل حين يجب وتتصلّب حين يلزم، حتى توصلتا إلى اتفاق.
وربما بفضل ذلك، في اليوم الذي سبق الحفلة، استطاعت أن تتبادل مع السيدة لينزي ابتسامات مريحة.
“هل تظنين أن حفلة الغد ستسير على ما يرام؟”
سألت هانا بوجه قلق وهي تصعد الدرج مع سيريت.
“بالطبع ستسير.”
أجابت سيريت بنبرة واثقة.
“نعم، ستسير بشكل ممتاز.”
هزّت هانا رأسها بحماس.
وفي اليوم الذي تلقت فيه سيريت رسالة من ولي العهد وزوجته يؤكدان حضورهما، تأكدت تمامًا.
هذه الحفلة ستكون نجاحًا.
وبقلب خفيف، أنهت سيريت حمامها واتجهت إلى سريرها.
لكن قبل أن تستلقي، دخل يوان مع صوت طرق الباب.
يتبع^^
ترجمة نينا @justninaae
التعليقات لهذا الفصل " 54"
قاعدين نستنو فضول جديدة رواية ما ينشبع منها .🔥💥
كأني استوعبت الأحداث يوان جاب ليديا الانه الامبرطور مات و اخوها ولي العهد يكرها جابها الانه حس انو مسؤل عنها مدامه صديق طفولتها مشاكل كلها سببها ليديا زاد يوان غبي مش قاعدة يشوف الي تسويه احمق في تعبير عن مشاعر و اهتمامه 🐸🐸