نزلت سيريت من القطار واستنشقت نفساً عميقاً. شعرت بالارتياح في قلبها بمجرد أن أحست بهواء موشيلي.
“على الرغم من كل شيء، الوطن يبقى الأفضل.”
ابتسمت هانا، الواقفة بجوار سيريت بإرتياح. يبدو أنه مهما تغنت بجمال العاصمة، لا يوجد مكان يريحها بقدر موطنها.
“هانا، إذا كنتِ ترغبين حقاً في البقاء في موشيلي…”
“لا يا آنستي! أنا أفضل البقاء بجوارك.”
لوحت هانا بيدها قبل أن تكمل سيريت جملتها. نظرت إليها سيريت بإمعان.
‘تحملي سنة واحدة فقط.’
همست سيريت في أعماق قلبها.
من أجل منع الموت الفظيع لهانا، قررت سيريت أن تأخذها معها عند الزواج. وافقت هانا على الفور، ووافق يوان كذلك.
إنقاذ هانا كان أمراً لا يقل أهمية عن الطلاق. عقدت سيريت العزم على منع موت هانا.
“العربة جاهزة. فلنذهب.”
في تلك اللحظة، اقترب يوان من سيريت ومد يده. أمسكت سيريريت بيده وصعدت إلى العربة.
كلما اقتربت العربة من المنزل، أشرق وجه سيريت أكثر. كانت تشتاق لوالدها كثيراً.
في حياتها السابقة، لم تر والدها ولا مرة بعد زواجها. اللقاء القصير بعد عودتها بالزمن لم يكن كافياً ليهدئ شوقها إليه.
توقفت العربة أخيراً أمام المنزل، ونزلت سيريت. عندما رأت الفيكونت إينوهاتِر واقفاً أمام المدخل، تركت يد يوان واندفعت نحو والدها.
“أبي!”
“سيريت، هل كانت رحلتك مريحة؟”
رحب الفيكونت إينوهاتِر بسيريت بحرارة ثم تبادل التحية مع يوان.
نظرت سيريت حول المنزل وابتسمت براحة. كان شعوراً كالعودة إلى مكان دافئ بعد رحلة طويلة.
عند عودتها إلى المنزل، تبادلت سيريت التحيات الودودة مع الخدم القلائل في القصر، وشربت الشاي مع الفيكونت إينوهاتِر.
“يبدو عليك التعب يا سيريت.”
“أظن أن إرهاق السفر قد تراكم.”
ابتسمت سيريت بلطف رداً على سؤال والدها.
“ستتحسنين بمجرد الراحة بعد عودتك إلى المنزل.”
“كلمة ‘المنزل’ دافئة حقاً.”
شعرت سيريت بدفء في صدرها عند ذكر كلمة المنزل. نعم، كان موطنها هنا في موسيلي. قصر الدوق لم يكن منزلها أبداً.
“سيريت.”
نادى الفيكونت إينوهاتِر باسمها بوجه جاد.
“نعم يا أبي.”
وضعت سيريت فنجان الشاي الذي كانت تمسكه جانباً ونظرت إلى الفيكونت إينوهاتِر.
“فكرت في الأمر أثناء غيابك.”
“في ماذا؟”
“في فسخ خطوبتك.”
“آه، هذا الأمر.”
يبدو أنه استدعاني ليقنعني. فتحت سيريت فمها لتخبره بألا يقلق، لكن كلمات الفيكونت إينوهاتِر كانت أسرع.
“إذا كنتِ ترغبين في ذلك بشدة، فلتفسخي الخطوبة.”
“ماذا؟”
رمشت سيريت عينيها مندهشة لكلام والدها.
لم تتوقع أن يقول والدها لها أن تفسخ الخطوبة. ظنت أنه سيستمر في محاولة إقناعها بالزواج حتى النهاية.
“على الرغم من أنني وافقت على مضض لطلب الدوق الملِح ولكونك وافقتِ، إلا أن زاوية في قلبي كانت منزعجة. كنت قلقاً دائماً ما إذا كان بإمكانك تحمل هذا المنصب.”
“أبي.”
“إنه منصب صعب للغاية على طفلة مثلك تكثر الابتسامات. منصب دوقة فريكتويستر.”
“…أعرف.”
أجابت سيريت بابتسامة هادئة.
لم تكن مشكلة يوان وليديا هي الوحيدة التي أرهقت سيريت. فكما قال والدها، كان منصب دوقة فريكتويستر يفوق قدرتها على التحمل.
تطلب إدارة أسرة فريكتويستر الكثير من الطاقة. كان عليها دعوة الضيوف بشكل دوري وإقامة الحفلات، وكان عليها أيضاً بذل جهد في إدارة الخدم.
لم تستطع التحدث بكلمة واحدة بحرية، ولا الضحك بارتياح. كان يوان المشغول دائم التنقل خارج المنزل، وكانت سيريت تائهة لوحدها تحاول جاهدة وسط الخدم الذين كانوا يستهزئون بها بشكل خفي.
“أخشى أن تفقدي هذه الابتسامة.”
“أبي.”
شعرت سيريت بوخز في أنفها من قلق والدها. أحست مرة أخرى بأن والدها هو سندها الأبدي.
“سأحاول إقناع صاحب السمو الدوق.”
“همم… أبي، أريد أن أسارع في الزواج من صاحب السمو الدوق.”
تحدثت سيريت بوجه خجول.
“تسرعين في الزواج؟”
ظهر على الفيكونت إينوهاتِر تعبير حائر لكلام سيريت.
يبدو أنه شعر بالذهول لأنها كانت تصر على فسخ الخطوبة قبل أيام قليلة، وفجأة تريد الإسراع في الزواج. تابعت سيريت كلامها بوجه محرج.
“أنا آسفة لإثارة قلقك. …كنت فقط أتصرف بغضب بعض الشيء. لأنني شعرت أن صاحب السمو الدوق لا يحبني كثيراً.”
“سيريت.”
نادى الفيكونت إينوهاتِر ابنته بوجه حزين على كلامها.
يبدو أن والدها لاحظ أيضاً أن قلب يوان مشغول بامرأة أخرى.
شعرت سيريت بالألم لأنها تسببت في ظهور هذا التعبير على وجه والدها.
“كما تعلم، أنا أحب صاحب السمو الدوق كثيراً.”
على الرغم من أن الأمر أصبح ماضياً، تظاهرت سيريت بأنها لا تزال تحب يوان لتهدئة والدها.
لم يكن بإمكانها أن تخبره بأنها ستتزوج بسبب صك المنزل الذي باعه جيريمي، لذا كان عليها أن تكذب.
“صحيح. هكذا كان الأمر. ما الذي يعجبك فيه هكذا يا سيريت؟”
سأل الفيكونت إينوهاتِر مازحاً.
“لأنه وسيم.”
أجابت سيريت بمزاح.
“لم يعجبني أبداً وجه الدوق شديد الوسامة.”
ضحك الفيكونت إينوهاتِر بصوت عالٍ. ضحكت سيريت معه.
“لا تقلق علي.”
“أنتِ طفلتي للأبد. كيف لي ألا أقلق على طفلتي يا سيريت.”
قال الفيكونت إينوهاتِر وهو يمسك بيد سيريت.
ابتسمت سيريت بعيون لامعة من الحب الذي شعرت به من والدها.
بما أن أبي يحميني دائماً بكل قوته، سأحميه أنا أيضاً بالتأكيد. قبضت سيريت على يد والدها بقوة.
***
“هل تمزح معي الآن؟”
نظرت سيريت، التي حاولت أن ترفع شفتيها بصعوبة، إلى يوان بتعبير مذهول.
بعد تناول العشاء، كان يوان يتنزه في الحديقة مع سيريت. عندما اقترح عليها التنزه أمام الفيكونت إينوهاتِر، وافقت سيريت على مضض.
“اعتقدت أنكِ تحبين أفراس النهر. أليس كذلك؟”
“كان ذلك لأنها كانت المرة الأولى التي أرى فيها واحداً، فكان أمراً مثيراً للاهتمام. لا يعني أنني أحبها لدرجة بناء حديقة حيوانات في إقطاعية الدوق وتربية فرس نهر فيها.”
“هل هذا صحيح؟”
كان قد أخبرها للتو أنه كهدية زواج، سيبني حديقة حيوانات في إقطاعية الدوق ويسمح لها بتربية أفراس النهر هناك.
رفع يوان زاوية فمه لردة فعل سيريت المذهولة. في كل مرة يفاجأها، تعطي خطيبته رد فعل مضحكاً للغاية. وهذا ما جعله يريد مفاجأتها أكثر.
“وهم مساكين.”
“مساكين؟”
قالت سيريت شيئاً غير متوقع، فسألها يوان مرة أخرى بوجه حائر.
“لقد كانوا يعيشون بسعادة في وطنهم ثم اختُطفوا، لذلك هم مساكين.”
كما قالت سيريت، فرس النهر هو حيوان يتم اصطياده واستيراده من بلدان أخرى، لذا فإن كلمة “اختطاف” ليست خاطئة تماماً.
ابتسم يوان ساخراً للتعبير المضحك. هذه المرأة هي الوحيدة التي يمكن أن تفكر في فرس النهر بهذه الطريقة.
“كانوا يريدون العيش بسعادة في وطنهم. مع عائلاتهم.”
من مظهرها الكئيب، تساءل يوان عما إذا كانت سيريت تقارن وضعها بفرس النهر. شعر وكأنه دوق متوحش اختطف شابة جميلة كانت تريد العيش بسعادة مع عائلتها في موشيلي.
“هل هذا ينطبق على سيريت أيضاً؟”
توقف يوان عن المشي وسأل وهو ينظر إلى سيريت.
“ماذا؟”
نظرت سيريت إلى يوان بتعبير ماذا تقصد؟.
“أصبحت فضولياً لمعرفة ما إذا كنتِ تشعرين بأنني اختطفتك.”
“إذا قلت نعم، فهل ستعيدني إلى وطني؟”
“لا.”
بالتأكيد لن أعيدها. لا تستحق التفكير حتى. لماذا قد أفعل ذلك لسيريت إينوهاتِر؟ إنها ملكي الآن.
“كيف تجيب دون تفكير حتى؟”
“لأنه سؤال لا يستحق التفكير فيه.”
“آه، حسناً.”
رسمت سيريت ابتسامة مصطنعة كما لو أنها فهمت تماماً.
لن تحلم هذه المرأة أبداً بمعرفة أنني في كل مرة تفعل فيها هذا، أرغب في أن أصبح رجلاً شريراً حقاً. ابتسم يوان وهو ينظر إلى سيريت دون أن يخلع وجه السيد النبيل.
بعد الانتهاء من التنزه، عاد يوان إلى غرفة الضيوف، وقرأ بعض الكتب، ثم توجه إلى مكتبة الفيكونت إينوهاتِر في الموعد المحدد.
عندما طرق الباب، فتح له الفيكونت إينوهاتِر على الفور، وكأنه كان يتجول أمام الباب. ساد صمت محرج بينهما للحظات.
“تفضل يا صاحب السمو الدوق.”
أدل الفيكونت إينوهاتِر يوان إلى مكان الجلوس على الأريكة. كان هناك إبريق من الخزف وفنجانان على الطاولة.
سكب الفيكونت إينوهاتِر حليب البانش في فنجان وقدمه ليوان.
شرب يوان رشفة من شراب حليب ووضعه جانباً. كان طعم شراب الحليب المصنوع من خلط نبيذ الشيري والحليب الدافئ لذيذاً.
كان شراب الحليب بـ إينوهاتِر يتميز دائماً بمذاق عميق. كان طهاة قصر الدوق ممتازين، لكنهم لم يتمكنوا من تحقيق نفس المذاق العميق الذي يتميز به شراب الحليب الخاص بـ إينوهاتِر.
“التقليد أن يقام الزفاف في قلعة الدوقية، ولكن بما أننا قررنا تسريع الزواج، فما رأيك في الكاتدرائية الكبرى في العاصمة؟”
قال يوان وهو ينظر إلى الفيكونت إينوهاتِر الجالس أمامه.
لقد حصل بالفعل على تصريح من الكاتدرائية الكبرى قبل النزول إلى موشيلي. بما أنهما زوجان حصلا على رسالة الإمبراطور الشخصية والوسام، فلم يكن الحصول على التصريح صعباً. على الرغم من أنه لم يكن صعباً حتى بدون رسالة الإمبراطور الشخصية والوسام.
“ألن يكون الوقت ضيقاً للتحضيرات؟”
نظر الفيكونت إينوهاتِر إلى يوان بوجه قلق.
“بما أن سيريت ترغب في أن يكون الحفل بسيطاً، لا أعتقد أن الأمر سيستغرق وقتاً طويلاً للتحضير.”
في البداية، أرادت سيريت الاكتفاء بتبادل نذر الزواج ببساطة في حديقة قصر الدوق. ولكن نظراً لسمعة دوقية فريكتويستر، ولأنهما حصلا على رسالة الإمبراطور الشخصية والوسام، لم يكن بالإمكان الاكتفاء بحفل بسيط إلى هذا الحد.
بالتفاهم على اتباع رغبة سيريت، تم الاتفاق على أن يكون الحفل بسيطاً قدر الإمكان، ولكن مع إتمام كل ما هو ضروري.
“أنت تناديها طفلتي بسيريت.”
ابتسم الفيكونت إينوهاتِر بلطف. ارتسمت ابتسامة أيضاً على وجه يوان عند سماع تلك الكلمات.
اسم سيريت الذي تدحرج على لسانه، ساعد في إشباع رغبته العارمة في التملك قليلاً. سيكون أكثر إرضاءً عندما تُضاف كلمة ‘فريكتويستر’ بعد اسم سيريت.
“تحدث براحة معي الآن.”
“أنت سيدي. حتى لو تزوجت ابنتي سمو الدوق، فإن هذه الحقيقة لن تتغير.”
“عائلة إينوهاتِر كانت دائماً تابعة ممتازة. لكنكم الآن عائلة وليستم تابعين.”
قال يوان بوقار وتوسل.
“حسناً، يوان.”
انتشرت ابتسامة على وجه يوان عندما نودي باسمه بارتياح.
لكن تلك الابتسامة اختفت على الفور. فتح يوان فمه بوجه جاد.
“لدي شيء أريد أن أقوله.”
كان عليه أن يذكر أمراً صعباً للفيكونت إينوهاتِر. تلك الكلمات التي يطلب فيها السماح له بالاحتفاظ بنقطة ضعف سيريت.
“تحدث براحة.”
أومأ الفيكونت إينوهاتِر برأسه، وكأنه يطلب منه أن يتحدث.
شرب يوان، الذي كان متوتراً بشكل غير معهود، رشفة من شراب الحليب وفتح فمه.
“أنا أملك صك ملكية قصر عائلة إينوهاتِر.”
يتبع^^
ترجمة نينا؛ الانستا: @justninaae
أهلين طبعًا مدري لاحظتو ولا لا بس غيرت لقب الأب، أول عشرة فصول ترجمتها من الإنجليزي كانوا مخليين لقبه بارون فبعدين حتى ما بعد ما كملت ترجمة من الكوري استخدمت البارون بس طلع فيكونت مو بارون، ومع اني مرة ما اطيق التغيرات بس بصير أكتبه فيكونت.(ادري محد مهتم بس حبيت اقول🙆♀️)
المهم المهم اتمنى عجبتكم دفعة أمس والحين ان شاء الله بحاول استمر انزل من ٣ الى ٥ فصول كل يوم إلا إذا انشغلت🙏😚😚😚
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 35"