وقف يوان ويداه في جيبيه يرمق سيريت بصمت. لم يُقرأ أي شعور على وجهه الخالي من التعبير.
لماذا لا ردّ فعل؟ لم تفهم سيريت استجابة يوان.
كان غريبًا أنه لا يُبدي أي تفاعل مع اقتراح الزواج. أليس من المفترض أن يتفاجأ أو يفرح؟
“فلنعجّل بالزواج.”
ظنّت أنه لم يسمع جيدًا، فأعادت كلامها بوضوح.
“زواج… هكذا فجأة؟”
سأل يوان بنبرة لا مبالية.
“نعم، أرى أن التعجيل بالزواج أفضل.”
لكي أتعجّل الطلاق أيضًا. بدا العزم واضحًا في عيني سيريت.
“كنتُ أفكر أن نتزوج بعد نحو عامين…”
“عذرًا؟ لا!”
قطعت سيريت كلامه بصوت مرتفع. خلال عامين ستكون وثيقة لقب والدها والقصر قد ذهبتا لغيرهم.
“لا؟”
أمال يوان رأسه قليلًا وتكلم ببطء متراخٍ.
“بالطبع لا. إذًا هذا…”
ابتلعت تتمة الجملة يعني أن الطلاق سيتأخر أيضًا، ثم تنحنحت وقالت بثبات:
“هذا قرار فكّرت فيه جيدًا. أريد أن نتزوج في أسرع وقت.”
“قبل أيام فقط كانت الآنسة إينوهاتر تطالب بفسخ الخطوبة. هذا التحول المفاجئ… مدهش حقًا. لا أدري كيف أفسّره.”
قال يوان وهو يراقب وجهها.
“طبعًا، سيبدو الأمر غريبًا. لكن…”
توقفت سيريت، لا تعرف كيف تتابع. كان من الطبيعي أن يراه غريبًا.
بعد أن أطلقت كلامًا عن فسخ الخطوبة، ها هي الآن تضغط باتجاه الزواج. من لا يجده غريبًا فهو أحمق.
في هذه الأثناء، تقدّم يوان نحوها بخطوات واسعة. ما لبث أن ضيّق المسافة حتى صار قريبًا جدًا منها.
تهادى عبيره نحوها، فتراجعت سيريت خطوة.
“لكن؟”
حثّها يوان على إتمام الكلام.
“…”
كان قريبًا جدًا لدرجة أن الكلمات تاهت منها. لا بد أنني أبدو امرأة غريبة حقًا.
كان عليها أن تُعدّ عذرًا قبل أن تلتقيه. لامت نفسها على تهوّرها وقد جاءت إليه على عَجَل.
“هل وقعتِ في حبي فجأة؟”
قالها يوان بصوتٍ خفيض ناعم يملس أذنيها.
رفعت سيريت رأسها تنظر إليه. تشابكت نظرتها مع عينيه الرماديتين.
كان وجهه بلا تعبير، لكن في عينيه شعور واضح. ما قرأته سيريت هناك كان… الغضب.
“هذا ليس السبب.”
رنّ صوته ببرود.
وعلى خلاف نبرته، مدّ يده وأعاد خصلةً من شعرها خلف أذنها برفق وبطء.
ارتجفت سيريت حين لامس إصبعه طرف أذنها.
كانت متحفزة من نظرته ولمسته. عليها أن تجتاز هذه اللحظة بسلام.
يوان فريكتويستر سيحتاج إلى سيريت إينوهاتر في النهاية. لا داعي لأن أرتجف أو أنكمش.
“لا بد أنني أدركت أنه لا زوج أفضل من يوان فريكتويستر.”
قالتها وهي تتراجع خطوة أخرى، محافظةً على رباطة جأشها، ونظرت إليه بثبات.
ضحك يوان، لكن ضحكته كانت حادّة بعض الشيء.
“أحقًا تظنين ذلك؟”
“…”
لم تجد جوابًا على سؤاله.
لم يكن ليكون زوجًا جيدًا أبدًا. بالنسبة لسيريت، كان يوان فريكتويستر أسوأ زوج ممكن.
“لا تكذبي يا سيريت.”
مدّ يده يلامس خدّها بلطف.
كان هذا المسح الهادئ، وصوته وهو يناديها “سيريت”، كافيين لشدّ أعصابها.
قبضت سيريت على معصمه الذي يلامس خدها. كان معصمه كبيرًا في قبضتها.
“وما الكذب في الأمر؟”
قالتها وهي تُبعد يده عن وجهها.
“لا بد أن وراء هذا التغيّر المفاجئ سببًا.”
“…”
“ألستِ راغبة في قوله لي؟”
سحب يوان معصمه من قبضتها، ثم أمسك خصرها وجذبها نحوه.
وجدت سيريت نفسها فجأة في حضنه، قريبةً حتى شعرت بأنفاسه.
وضعت كفيها على كتفيه غريزيًا، دفعتْه قليلًا وقالت:
“أيُّ سبب؟ لا سبب.”
ارتجف صوتها ارتجافًا خفيفًا من التوتر.
مال يوان بجسده كأنه يوشك على تقبيلها، مقتربًا من وجهها.
تراجعت، لكن ذراعه المحكمة على خصرها منعتها من الإفلات.
لامس نَفَسه شفتيها. وفي اللحظة التي كاد فيها أن يقبّلها، تراجع قليلًا وهمس عند أذنها:
“اجعلي الأمر مفهومًا لي. لا أعرف كيف أفسّر تقلبات سيريت إينوهاتر.”
سرت قشعريرةٌ في عنقها من قرب صوته.
لكنها رفعت نظرها متظاهرةً بالتماسك.
“وكيف أجعله مفهومًا؟ هو تقلب فحسب، كما قلتَ يا صاحب السمو.”
“…”
حدّق فيها دون أن يجيب.
“نعم. تصرّفتُ بدلالٍ قليلًا. ظننت أنه إن هدّدتُ بفسخ الخطوبة، فسيمنحني صاحب السعادة قليلًا من الإهتمام.”
قالت وهي تختار هيئة خطيبةٍ تطلب المحبة.
حتى حينها، لم يقل يوان شيئًا. بقي يحدّق فيها، وبقيت تحدّق فيه.
ساد الصمتُ المكتب، لكن النظرات المتبادلة كانت تعجّ بالاضطراب.
وبعد وقتٍ طويل، قطع يوان السكون:
“هل أستطيع تقبيلك؟”
سأل كأنه يزفر.
“عذرًا؟”
عقدت سيريت حاجبيها من السؤال غير المتوقع.
كان سؤالًا سخيفًا حقًا. أن يطلب قبلة فجأة.
“لا بدّ لي على الأقل من تقبيلكِ. حتى أستطيع…”
لم يُكمل، وانحنى يقبّلها.
لامست شفتاه الناعمتان شفتيها. كان الإحساس مألوفًا وغريبًا معًا، فقبضت سيريت بقوة على ذراعه.
“أتأذنين يا سيريت؟”
فكّ القُبلة برفق وسأل مرة أخرى.
“وما الذي سيتغير إن أذنتُ؟ أستفهم تقلبي؟”
“ربما.”
عاد يقترب كأنه سيَخطف القبلة.
أغلقت سيريت عينيها ببطء. ليست سوى قبلة. فعلتُ ما هو أسوأ في الحياة السابقة.
ظنّت أنه سيمنحها قبلة عابرة ويمضي. هذا كل ما ظنّت…
لكن قبلته اشتدّت، وبدأ رأسها يدور.
مدّت ذراعيها حول عنقه وتعلّقت به طبيعيًا.
اصطدم مكتب العمل بظهرها فجأة، فرفعها يوان وأجلسها على سطحه.
ولم تفارق شفاهه شفتيها حتى وهو يرفعها.
“همم…”
أفلت منها أنينٌ خافت.
كان مصّه العنيف لشفتيها وتشابك لسانيهما بإحكام يُدوّخانها.
ثم أسلمها برفق إلى سطح المكتب، وانحدرت شفتاه من فمها إلى عنقها.
فزعت من حركته وقبضت على كتفه. وحين عاد إليها وعيها دفعتْه وجَلست.
“هذا ليس فمي يا صاحب السمو.”
قالتها وهي تلهث.
“هكذا يبدو.”
نظر إليها بهدوء تام. حتى أنفاسه متزنة، وكأن من قبّلها بهذه الشراسة شخصٌ آخر.
وكما في كل مرة، ظلّ يوان كما هو بعد الشغف، لا شَعرة في غير موضعها، سوى احمرارٍ طفيفٍ في أذنيه.
نزلت سيريت عن المكتب ووقفت أمامه.
“هل ستتزوجني يا صاحب السمو؟”
قالتها وهي تحدّق فيه — ولم يكن عرضُ زواجٍ بقدر ما كان صفقة. سأستخدمك كما استخدمتني.
“حسنًا، لنتزوج بسرعة.”
قال وهو يمسّد شعرها برفقٍ غير متوقع، تقبّلت لمسته بصمت، وابتسمت ابتسامةً حزينة.
كم هي دافئة لمسة الرجل الذي خطّط لتسميمي.
تجاوزته متجهة نحو الباب. أمسكت القبضة، لكن وجه ليديا ومض في ذهنها.
التفتت أخيرًا إلى يوان، كان واقفًا بزاوية الغرفة، فقالت:
“يبدو أن من السهل على رجلٍ أن يقبّل امرأة لا يحبها.”
استدار يوان نحوها، وحدّق فيها بنظرة حادة.
تركت سيريت المكتب دون أن تنتظر جوابه.
“وما القبلة؟ إنه رجلٌ عانق امرأةً لا يحبها دون تردّد فقط ليحصل على طفل.”
تمتمت، ومرارةٌ تعلو وجهها.
***
أرخى يوان جسده في المقعد، وملامحه متعبة.
زارت منزل السيدة ديليباين… تلك المحامية غريبة الأطوار التي تُشجّع النساء على الطلاق؟
كانت كلمات السائق تتردّد في رأسه وتُثير أعصابه.
بعد لقائها بالمحامية مباشرة، طلبت سيريت الزواج. لم يحتج إلى كثير تفكير ليفهم المغزى.
زواج بنيّة الطلاق. ضحك ضحكةً خاوية.
لو كانت قد واصلت المطالبة بفسخ الخطوبة، لفرض الزواج مقابل إعادة سند المنزل.
كان سيصبح “الشرير” حينها، لكنه لم يكن ليتراجع. لأنه يريدها. سيريت إينوهاتر.
أريد الزواج. في أقرب وقت ممكن.
داعب صوتُها أذنه.
بفضلها، لم يعد هو الشرير… ومع ذلك لم يشعر بالارتياح.
ستواصل التخطيط للهروب حتى بعد الزواج على الأرجح.
تلك المرأة الهاربة أيقظت تملّكه، وجعلته يرغب في تقبيلها. وبعد القبلة، ازداد ذاك التملّك اللعين اشتعالًا.
“هذا يدفعني إلى الجنون.”
قهقه بسخرية من نفسه.
في الآونة الأخيرة، لم يعد يفهم حاله. ما هي سيريت إينوهاتر بالنسبة أساسًا؟
هي لا شيء… امرأة اختيرت بدافع الحاجة ليس إلا.
حسنًا، إن كان هذا ما تريدينه، فسأتزوجكِ.
لكن لن تفلتي يا سيريت إينوهاتر. في اللحظة التي يُمنح لكِ فيها اسمُ فريكتويستر، ستصبحين لي… بالكامل.
ارتفع طرف فم يوان بابتسامة مائلة.
يتبع^^
ترجمة نينا؛ الانستا: justninaae
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 25"