كان الطريق متجهًا إلى قصر الدوقية. إلى المكان الذي فيه ستقابل فيه القاتلة التي قتلتها، لذا كانت سيريت تشعر بالتوتر باستمرار.
في تلك اللحظة، أمسك يوان بيد سيريت بخفة وهو يحمل الطفل. يده الكبيرة غطّت يد سيريت الصغيرة بالكامل.
نظرت سيريت إلى يوان الجالس بجانبها. قبّل يوان خدّها دون أن يقول شيئًا.
وكأنه كان يعلم بتوترها، أخذ يوان يطبع القبل على وجهها مرارًا وكأنه يقول لها إن الأمر بخير. ضحكت سيريت بخفة لأن شفتيه كانتا تدغدغانها، ثم دفعته برفق.
“هناك طرق أخرى أيضًا. ما رأيك أن نذهب إلى موشيلي بدلًا من الدوقية؟”
سأل يوان وهو يضع ذراعه على كتف سيريت.
أمالت سيريت رأسها على كتف يوان وهزّت رأسها نفيًا.
“لا. هذه مشكلتي مع ليديا. أريد أن أنهيها بيدي.”
لن أهزم بضعف كما في حياتي السابقة.
كانت ترتجف أسنانها من شدة غضبها من ليديا التي جعلتها، حتى في لحظة موتها، تحمل الضغينة ليـوان.
سأُعيد لها ما فعلته بي كما هو.
عينا سيريت أطلقتا بريقًا باردًا.
بعد قليل، توقفت العربة أمام القصر. نزلوا سيريت ويوان من العربة ونظرا إلى القصر.
“كنت أظن أنني لن أعود إلى هنا أبدًا.”
قالت سيريت وهي تنظر إلى القصر.
أمسك يوان بيد سيريت وابتسم ابتسامة خفيفة.
“إنه منزلنا، من الطبيعي أن تعودي إليه.”
“نعم، منزلنا.”
عندها رفعت سيريت نظرها إلى يوان وابتسمت ابتسامة مشرقة.
لقد عادت إلى المنزل. بعد زمن طويل.
دخلت سيريت مع يوان وهنري إلى داخل قصر الدوق.
خدم القصر، الذين كانوا يظنون أن سيدة القصر قد ماتت، صُدموا بظهورها ولم يستطيعوا إغلاق أفواههم. ولأن يوان جاء بسيريت دون أي إنذار مسبق، فعمّت الفوضى القصر في لحظة واحدة.
“سيدتي.”
عندما رأت السيدة لينزي سيريت قد عادت إلى القصر، لم تستطع إخفاء دهشتها، بل اغرورقت عيناها بالدموع.
كما تفوه باقي الخدم بكلمات متقطعة من شدة الصدمة.
“سـ… سـ… سيدتي.”
“أنتِ على قيد الحياة!”
“كيف حدث هذا؟”
نظرت سيريت إلى وجوه الخدم المذعورة وارتسم على وجهها تعبير محرج قليلًا.
في تلك اللحظة، دوى صوت ليديا.
“سيريت؟”
عند سماع صوت ليديا، اعتدلت سيريت في وقفتها بوجه متوتر. ثم ابتسمت بهدوء واستدارت نحوها ببطء.
“ليديا، لقد مر وقت طويل.”
نظرت سيريت إلى ليديا وهي لا تفقد ابتسامتها الأنيقة.
اقتربت ليديا من سيريت بوجه مبهوت. راحت تحدق فيها من أعلى إلى أسفل بعينيها، ثم زفرت نفسًا مضطربًا.
“ولكنك متِ؟ سمعتُ أنكِ متِّ في حادث السفينة بالتأكيد. ماذا حدث؟”
بدت ليديا مصدومة لدرجة أنها لم تنتقِ كلماتها إطلاقًا، وتكلمت بأسلوب بعيد تمامًا عن لباقة المجتمع الراقي، ثم أمسكت بكتفي سيريت وكأنها لا تصدق ما تراه.
قام يوان، الذي كانت أعصابه مشدودة إلى أقصى حد، بإبعاد يد ليديا فور ما إن لامست سيريت. فالتفتت ليديا برأسها نحوه.
وقعت نظرة ليديا على الطفل الذي كان يوان يحمله بين ذراعيه.
“من هذا الطفل؟”
أهو الطفل الذي أنجبته سيريت؟ إذن كانت حاملًا فعلًا في ذلك الوقت.
ارتسمت ابتسامة مشرقة على وجه ليديا.
“إنه طفلي!”
أحضر يوان هذا الطفل من أجلي. ليعطيني الطفل. تلألأت عينا ليديا.
وعندما مدت ليديا يدها نحو الطفل، تراجع يوان إلى الخلف وهو يحميه بين ذراعيه. كانت نظرات يوان نحو ليديا شرسة.
“ليديا، اسم الطفل هنري. عيناه زرقاء لأنه يشبهني.”
وقفت سيريت أمام ليديا بوجه لم يفقد ابتسامته.
نظرت ليديا إلى سيريت بوجه خالٍ من التعابير.
لماذا تتحدث سيريت وكأن ذلك الطفل طفلها؟ إنه طفلي أنا.
لم تفهم ليديا الأمر، فمالت برأسها في حيرة.
“الطفل مريض قليلًا، لذلك لا يمكنني أن أريكِ إياه. آسفة.”
أخذت سيريت هنري من يوان، ثم تجاوزت ليديا متعمدة.
وعندما كانت تصعد الدرج، التفتت سيريت إلى الخلف. والتقت عيناها بنظرة ليديا الباردة التي كانت تحدق فيها.
رفعت سيريت زاوية فمها في ابتسامة، ولم تتجنب نظرة ليديا.
دين الحياة السابقة… سأسدده لكِ كاملًا.
***
“الآن فقط أصبح كل شيء كاملًا.”
كانت ليديا تتمشّى في الغرفة وهي تتمتم بوجهٍ سعيد.
يوان، أنا، والطفل.
كانت تتساءل ماذا سيحدث بشأن طفلهم بعد موت سيريت ولكن يبدو أن الأمر قد حل.
أطلقت ليديا ضحكة بريئة وهي في غاية السعادة. يبدو أن سبب اختفاء يوان طوال تلك المدة كان لأنه ذهب للإمساك بسيريت التي هربت وهي تحمل الطفل.
“لكي يعطيني الطفل!”
تأثرت ليديا بيوان.
الآن سنصبح كاملَين.
فكرت ليديا بذلك وهي غارقة في أوهامها، ثم خرجت من الغرفة وهي تدندن بلحنٍ خفيف.
يجب أن أرى طفلي. قالت إن لون عينيه أزرق، أليس كذلك؟ إنه يشبهني.
ضحكت ليديا ضحكة خافتة وهي تتجه إلى غرفة سيريت.
طرقت الباب ودخلت، فرأت سيريت تُرضع الطفل.
تفاجأت سيريت بشدة من دخول ليديا، فاستدارت بسرعة وهي تحتضن هنري، ولم ترغب في أن تُري ليديا وجه هنري.
“سيدتي مشغولة الآن.”
تقدّمت هانا وسدّت طريق ليديا وهي تحاول الاقتراب. كان هناك أمر صريح من الدوق بألّا تسمح لليديا بالاقتراب من سيريت.
وحتى دون أمر الدوق، كانت هانا تكره أن تقترب ليديا من سيريت.
السيدة إليوت التي التقيها بعد زمنٍ طويل بدت مجنونة على نحوٍ ما.
“ابتعدي. يجب أن أرى الطفل.”
دفعت ليديا هانا وشرعت في التقدّم، لكن هانا عادت لتقف في طريقها مرةً أخرى.
ارتفعت نظرة ليديا فجأة بحدّة.
كيف تجرؤ هذه الوضيعة على الوقوف في طريقي؟ أنا سيدة هذا القصر!
رفعت ليديا يدها وصفعت خدّ هانا بلا رحمة.
“آه!”
أطلقت هانا صرخة قصيرة من شدّة المفاجأة.
على صوت الصفعة وصراخ هانا، تفاجأت سيريت فوضعت هنري على السرير واقتربت منهما. كانت غاضبة إلى حدّ الانفجار.
“ليديا، ما الذي تفعلينه؟!”
رفعت سيريت صوتها.
“خادمتكِ هي من اعترضت طريقي. قلت إنني أريد رؤية الطفل.”
“قلت لكِ بوضوح إن الطفل مريض ولا يمكن رؤيته.”
“هل طفلي مريض؟”
على قول سيريت، ضيّقت ليديا عينيها.
يبدو أن العيب جاء إلى الطفل من دم سيريت.
كما هو متوقَّع. سيريت حقًا غير نافعة في أي شيء.
“لماذا يكون السيد الصغير هنري طفل السيدة إليوت؟ إنه طفل سيدتي!”
صرخت هانا غاضبة على كلام ليديا.
كانت عينا ليديا وهي تحدّق في هانا حادّتين.
هذه الخادمة كانت تثير اشمئزازي منذ وقت طويل. يا لها من وضيعة مبتذلة!
رفعت ليديا يدها مرةً أخرى.
وفي اللحظة التي كانت ستهوي فيها صفعةً على خدّ هانا، أمسكت سيريت بمعصم ليديا. نظرت إليها سيريت بوجهٍ بارد.
“اتركيني!”
لوت ليديا معصمها محاولة الإفلات، وكلما حاولت أكثر شدّت سيريت قبضتها بقوة أكبر.
“لديكِ عادات يد سيئة جدًا يا ليديا.”
“ألا تعتقدين أنكِ متساهلة أكثر من اللازم؟ سيدة القصر التي تترك خادمةً وضـيعة تتجرأ هكذا دون أن تفعل شيئًا، مثيرة للشفقة حقًا.”
“أفضل أن أكون سيدة مثيرةً للشفقة، على أن أصبح مثل ليديا.”
ضحكت سيريت بخفة وهي تترك معصم ليديا.
“لكلّ إنسان مكانٌ يليق به.”
قالتها ليديا بسخرية وهي تمسح الغرفة بنظراتها الساخرة.
كانت كلماتها وضحكتها تحملان بوضوح معنى أن مكان دوقة القصر لا يليق بسيريت.
“صحيح. لكل إنسان مكانه الذي يليق به، يا سيدة برونك.”
“سيدة برونك؟”
ارتفعت حاجبا ليديا بدهشة.
أدركت أن المقصود زوجةُ رجلٍ بلا لقب، وأن هذا هو المكان الذي يُقال إنه يليق بها، فاحمرّ وجهها.
“يا سيدة برونك، أتمنى أن تعتذري لهانا.”
قالت سيريت ذلك بوجهٍ حازم وهي تنظر إلى احمرار وجه ليديا.
“تريدينني أن أعتذر لخادمة وضيعة؟”
“إن لم تفعلي ذلك، فعليكِ أن تغادري بيتي حالًا.”
قالت سيريت بهدوء وهي تنظر إلى ليديا الغاضبة.
قبضت ليديا قبضتيها وبدأ جسدها يرتجف عندما أخبرتها سيريت بمغادرة القصر.
تصرّف سيريت كأنها صاحبة المكان بدا لها سخيفًا ومثيرًا للسخرية.
سيريت، مجرد مرضعةٍ للطفل… من أين لها الجرأة لتتطاول هكذا؟
ارتعش ذقن ليديا بعصبية.
“أنتِ لا تملكين الحق في أن تأمريـني بالمغادرة أو بالبقاء.”
زمجرت ليديا بصوتٍ منخفض، ثم استدارت وخرجت من الغرفة بعصبية. عادت إلى غرفة نومها وهي تتنفس بحدّة، وقبضتاها مشدودتان ترتجفان.
“اعتني بالطفل فقط، بدل أن تتدخّلي فيما لا يعنيكِ!”
وهي تلهث من الغضب، راحت ليديا تهزّ حبل جرس بعنف.
وبعد لحظات، دخلت أنيتا.
“هل ناديتِني؟”
ابتلعت أنيتا ريقها وهي تراقب وجه ليديا الغاضب الذي بدا وكأنه يشتعل.
صرخت ليديا في وجه أنيتا بحدة.
“اكتبِ رسالة إلى نونوكي. قولي لها أن ترسل السمّ إلى هذا القصر فورًا.”
تلألأت عينا ليديا بوميضٍ قاتم.
***
كانت سيريت تحاول قدر الإمكان ألّا تواجه ليديا. وبسبب قلقها، لم توظف مربية، وكانت تبقي هنري معها باستمرار.
ومع ذلك، كان وجود يوان مصدر طمأنينة لها. ففي حياته السابقة، كان يوان يحتضن هنري المريض دائمًا، ولذلك أصبح ماهرًا جدًا في رعاية الأطفال، حتى إن السيدة لينزي اعترفت بأنه يعتني به أفضل من معظم المربّيات.
بينما كان يوان يطعم هنري الدواء، دخلت هانا وهي تحمل طعام سيريت. منذ عودتها إلى القصر، كانت سيريت تتناول طعامها في غرفة النوم.
كانت هانا تراقب الطباخ منذ لحظة إعداد الطعام وحتى وضعه في الأطباق، كل شيء دون أن تترك شيئًا بلا ملاحظة. كان هذا تنفيذًا لأمر يوان، خوفًا من أن تضع ليديا السم في طعام سيريت.
“سيدتي، تفضّلي الطعام.”
وضعت هانا الطعام على الطاولة. كان العشاء بسيطًا وهو سلطة وبطٌّ مشوي.
عندما جلست سيريت أمام الطاولة، سلّم يوان هنري إلى هانا وجلس في المقعد المقابل. قبل أن تبدأ سيريت بالأكل، تذوّق يوان الطعام أولًا.
وبعد أن تأكّد بنفسه من أن الطعام لا يحمل أي خطر، نظر إلى سيريت وهزّ رأسه.
“يبدو أنه يمكنكِ الأكل بأمان.”
“هانا راقبت كل شيء، فلا تقلق.”
قالت سيريت وهي تمسك بالشوكة.
كانت ممتنّة لحماية يوان الزائدة، لكنها في الوقت نفسه كانت تشعر بالقلق عليه. خشيت أن يصيبه مكروه بسبب هذا الحرص المفرط.
“لن يطمئن قلبي إلا إذا تأكّدت بنفسي.”
“حسنًا.”
وحين تفهّمت سيريت قلق يوان، أومأت برأسها.
إذا كان هذا يريحه، فلا حيلة في الأمر.
بدأت سيريت بتناول الطعام. كانت السلطة ولحم البط يذوبان في فمها.
طعام القصر لذيذ حقًا.
عندما كانت تعيش في رونليف، كانت هي وهانا تتناوبان على إعداد الطعام، لكن لم تكن أياً منهما ماهرة كثيرًا في الطبخ، لذلك لم يكن الطعام لذيذًا.
وبينما كانت تفكر في ذلك وتبتسم بخفة، شعرت بنظرة يوان عليها.
عندما رأت يوان يشبك ذراعيه وينظر إليها مباشرة، ارتسمت على وجهها ملامح الاستغراب.
“ماذا؟”
“أنا سعيد حقًا. ظننت أنني لن أرى هذا المشهد مجددًا أبدًا. حتى إنني أتساءل إن كان حلم.”
نظر يوان إلى سيريت بعينين ممتلئتين بالحب.
ابتسمت سيريت ابتسامة لطيفة، ثم التقطت قطعة من لحم البط بالشوكة ومدّتها نحو يوان.
وعندما تناولها بصمت، فتحت فمها قائلة.
“لذيذ، أليس كذلك؟”
“نعم.”
“بما أنه لذيذ، فهذا يعني أنه ليس حلمًا.”
عند كلمات سيريت الساذجة، ضحك يوان بصوت مسموع.
كان يوان سعيدًا حقًا في هذه اللحظة.
وهو يفكر بأنه لا بد أن يحمي هذا السعادة، انتزع الشوكة من يد سيريت وأطعمها قطعة من لحم البط.
وبعد ذلك أيضًا، واصل يوان إطعام سيريت بنفسه، فشعرت هانا وهي تحتضن هنري شعرت بأن المشهد يبعث على الغيظ حقًا.
“هانا، ما بكِ؟ لماذا هذا التعبير؟ أتريدين أن تأكلي أنتِ أيضًا؟”
سألتها سيريت وهي تتلقّى الطعام من يوان، بعدما رأت هانا تضيق عينيها، وكأنها تود الأكل أيضًا.
“يا الهي، الأمر ليس كذلك. تفضّلا وتناولا طعامكما على راحتكما. المشهد… يبعث على الغيظ حقًا… هيهي.”
هزّت هانا رأسها، ثم ابتلعت سريعًا الكلمات التي خرجت منها بغير قصد، وضحكت بحرج.
وعند ذلك، انفجر كلٌّ من سيريت ويوان بالضحك.
وانتهت المائدة المليئة بالضحك، وحلّ بعد ذلك ليلٌ عميق.
وبينما كانت سيريت تتمدّد على السرير استعدادًا للنوم، سمعت طرقٌ خفيف على الباب.
فتحت سيريت الباب بوجهٍ متوتر.
“سيريت.”
كانت ليديا تقف عند الباب، وهي تحمل صينيةً عليها شاي.
يتبع^^
ترجمة نينا @justninaae
**مو قصدها غيظ بمعنى الكلمة بس تعرفون لمن تشوفون قدامكم أشخاص يتصرفون برومانسية زايدة هي كذا قصدها🤣🤣 تذكرت ترند اسمك والرئيس التنفيذي ههههههه😭.
التعليقات لهذا الفصل " 135"