اشتعل الغضب في صدر سيريت عند رؤية ابتسامته، حتى خُيّل إليها أن خدش ذلك الوجه المتغطرس مرة أخرى سيُخفف من ضيقها.
لكنها تماسكت. فهي لا تستطيع أن تُحطّم مزهرية على رأس خطيبها في وسط الحفل الإمبراطوري.
أنا هنا أمثل عائلة إينّوهاتر.
التقطت نفسًا عميقًا لتُهدّئ من غضبها.
لم يكن مسموحًا لها أن تتصرف بعاطفة وتسيء لسمعة أسرتها.
وبينما كانت تحاول ضبط نفسها، ظهرت ليديا برفقة ريغان على أرضية الرقص.
ليديا، بفستانها الأخضر، بدت وكأنها تشعّ وتتألق، ربما بسبب الإضاءة.
خشيت سيريت أن تشعر بالرعب كما حدث في حياتها السابقة أمام إشراقة ليديا، لكنها هذه المرة شدّت ظهرها مستقيمًا، واقفت بجلال.
راقبت سيريت ليديا وريغان وهما يرقصان معًا.
وعلى الرغم من ادعاء ليديا أن قدميها تؤلمانها، إلا أنها رقصت برشاقة حقيقية. للحظة، أُسرت سيريت حركاتها الرشيقة التي بدت كفراشة.
ثم غلبها الفضول فجأة بشأن تعبير وجه يوان. كيف تبدو ملامحه وهو ينظر إلى ليديا الجميلة؟
لم تستطع مقاومة فضولها، فرفعت عينيها لتنظر إلى وجه يوان بجانبها.
كان ينظر إلى ليديا وريغان وهما يرقصان بوجه خالٍ من التعبير.
ما المشاعر التي يخفيها خلف هذا الوجه الجامد؟ أرادت سيريت أن تعرف ما الذي في قلبه.
قال فجأة دون أن يشيح بصره عن ساحة الرقص؛
“هل أنا وسيم إلى هذا الحد؟ لدرجة أنكِ لا تستطيعين صرف عينيكِ عني؟”
ارتبكت سيريت من كلماته، فسارعت لتحويل نظرها بعيدًا عنه. لا بد أنها كانت تحدّق فيه بوضوح شديد.
هي فقط أرادت أن تعرف كيف يشعر وهو ينظر إلى ليديا. لكن الموقف صار مناسبًا لسوء الفهم، فانعقدت حاجباها قليلًا.
“آمل ألا تسيء الفهم.” قالت سيريت رافعة ذقنها بملامح متعالية.
“لن أفعل. أي سوء فهم.” أجاب يوان، لكن كلماته لم تتوافق مع تعبير وجهه.
فزاوية فمه كانت مرفوعة في ابتسامة رضا واضحة، وهي النظرة التي يمنحها رجل لامرأة يظن أنها متعطشة له.
إنه يفعلها بالفعل… تجعّد جبين سيريت. الأمر ليس كذلك.
ضايقها أن يُفسر يوان كلماتها وتصرفاتها على أنها مجرد تدلل عليه.
مشاعري أعمق من ذلك بكثير.
حوّلت بصرها نحو ليديا التي رقصت كالفراشة، لكن وجه سيريت كان متصلبًا.
ربما كان عليّ أن أترك نفسي تقع في الفخ الذي نصبته ليديا… أن أسمح له بالرقص معها وأتحمّل سخط ولي العهد. على أية حال، لن أراه مجددًا بعد أن أقطع خطبتي من يوان.
وأثناء غليانها، التقطت أذناها أصواتًا من خلفها؛
“الآنسة إليوت مميزة فعلًا.”
“بما أنها رقصت الرقصة الأولى، فهذا أشبه بالاعتراف بها كعضو في العائلة الإمبراطورية.”
“لا أظن ذلك. القول إنها افتتحت الحفل مبالغة. شريكها كان صاحب السمو الدوق الأكبر بوبلارويل.”
“صحيح، لقد افتتح الدوق الأكبر بوبلارويل الحفل السابق أيضًا بالرقصة الأولى.”
“مع ذلك، لا يمكننا تجاهل أن الآنسة إليوت ترقص الآن.”
استعادت سيريت هدوءها عند سماع همسات الآنسات النبيلات خلفها.
كانت الآراء متباينة، لكن الواضح أنّ ليديا خطفت الأنظار مجددًا في هذا الحفل.
إلى متى سيواصلون الإشادة بها؟ يبدو أن وردة المجتمع الأرستقراطي لن تذبل هذا العام أيضًا.
بعد قليل، انتهت رقصة ليديا وريغان. وبوجه رصين غادرت ليديا أرضية الرقص برفقته.
وبما أن أحد أفراد العائلة الإمبراطورية قد أعلن بداية الحفل بالرقصة الأولى، صار بإمكان الجميع الآن الرقص بحرية.
بدأ الناس يتجهون نحو ساحة الرقص.
مدّ يوان يده نحوها؛ “آنسة إينّوهاتر؟”
حدّقت سيريت بذهول في يده الممدودة وكأنه من البديهي أن تأخذها. يد لم تكن تريد أن تمسكها إطلاقًا.
“وماذا لو رفضت؟” سألت.
أجابها بوجه ثابت هادئ؛ “ستنتشر الشائعات.”
“أي نوع من الشائعات؟”
“عن وجود خلاف بين الدوق فريكتويستر وخطيبته.”
“وهذا بالضبط ما أريده.” أجابت سيريت وهي تضع يدها في يده بخفة.
ارتسمت ابتسامة على شفتي يوان، ثم شدّ قبضته على يدها وقال؛ “يبدو أنكِ لن تحققي رغبتك، يا آنسة إينّوهاتر.”
“هذا مؤسف، لكن لا حيلة لي. سأرقص رقصة واحدة من أجل سمعة الدوق فريكتويستر.” قالت سيريت بوجه متجمد.
فحتى لو انفصلت عنه، لم تكن تريد أن تُنتقد من النبلاء. لذلك، رغماً عنها، عليها أن ترقص معه رقصة واحدة على الأقل.
قهقه يوان؛ “يا له من شرف لي.”
شعرت سيريت أن كرامتها جُرحت برد فعله. كانت تفعل هذا اضطرارًا من أجل سمعة عائلتها، أما هو فأساء تفسير الموقف مرة أخرى.
سيكون الأمر مشكلة إن اعتبرت هذا مجرد دلال، يا دوق يوان فريكتويستر.
قالت بحزم وهي تسير ممسكة بيده نحو ساحة الرقص؛ “إن كنت تظن أنني أتصنّع العناد لجذب انتباه الدوق، فأنت مخطئ.”
رد بابتسامة غامضة؛ “وماذا تريدين أن أظن، إذن؟ سأظن ما تشائين، يا آنسة إينّوهاتر.”
ووضع يده على خصرها وجذبها أقرب إليه. ارتجفت سيريت للحظة لكنها تظاهرت بالثبات ورفعت بصرها إليه.
قالت بهدوء؛ “صحيح أنني دُعيت هنا بصفتي خطيبة الدوق فريكتويستر، لكنني أشارك بصفتي ممثلة لعائلة إينّوهاتر.”
فأجاب؛ “فهمت. أحترم نوايا الآنسة إينّوهاتر.”
رفعت عينيها نحوه وقالت بحدة؛ “لكن وجهك لا يبدو محترمًا على الإطلاق.”
كان وجه يوان الذي لم تفارقه الابتسامة يوحي وكأنه يقول: ‘جرو صغير ينبح’
“تحوفين كلماتي، والآن تفسّرين ملامحي كما يحلو لك؟ لا تبدو هذه عادةً جيدة.”
في اللحظة التي أنهى فيها يوان كلامه، دوى صوت الموسيقى.
قاد يوان سيريت بخفة، فتجاوبت معه في الرقص بانسيابية.
نظرت إليه نظرة حادة، متسائلة إن كان يُلقي عليها تحذيرًا. هل يقصد ألّا أتجاوز الحدود؟
ابتسم ابتسامة ساخرة وهو يقول “…أهذا ما تظنينه؟”
وبوجه ماكر أدركت أنه كان يمازحها. فانقبض وجهها قائلة “ماذا تعني؟”
اقترب صوته العميق من أذنها؛ “أنتِ لستِ الشخص الذي كنت أعرفه.”
بالطبع. تلك الفتاة البريئة ماتت. لقد قتلتها بنفسك.
نظرت إليه ببرود وقالت؛ “وأنت أيضًا لست الرجل الذي عرفته، يا دوق.”
حتى شربتُ الشاي المسموم، كنت أظنك مجرد زوج بارد لم ينسَ حبّه الأول.
لكن بعد السم، رأيتك أسوأ زوج. ومنذ اكتشفت مخططك، لم أرك سوى وغد.
سألها وهو يدور بها في الرقصة؛ “أنا فضولي… ما رأيكِ بي؟”
بعد أن أدارها دورة كاملة، نظرت سيريت في عينيه الرماديتين وقالت بوضوح
“أبغض كائن في هذا العالم. شخص لا أريد الاقتراب منه ولو لحظة واحدة.”
اختفت ابتسامة يوان تمامًا، وراح يحدّق بها بحدة طويلة.
أضافت بثبات دون أن تخفض بصرها؛ “إلى هذا الحد أبغضك، يا دوق.”
كان عليها أن تُفهمه بوضوح مدى كرهها له.
حدّق وجهها بعينيه الحادتين، لكنها لم تتراجع.
في حياتها السابقة كانت تركض خلف حبّه، أما الآن، فمجرد لمس يده والرقص معه يثير غثيانها.
الرجل الذي عاملني كالمواشي. الرجل الذي قتلني فورًا بعد أن استغلّني. يوان فريكتويستر هو أبغض مخلوق في هذا العالم.
رد بصوت بارد، حاد كالسيف؛ “مؤسف… أن تكره المرأة زوجها المستقبلي إلى هذا الحد.”
لم يسبق لأحد أن واجه يوان فريكتويستر بهذا الشكل. من ذا الذي يجرؤ أن يقول له في وجهه: “أنا أكرهك”؟
قالت بابتسامة مرة؛ “ربما.”
لماذا كان عليّ أن أقع تحت نظره من بين كل البشر؟ لو لم ينتبه إليّ، لما عانيت كل هذا العذاب.
انتهت الموسيقى وتوقفت حركاتهما.
نظرت سيريت إليه للحظة، والتقت عينيهما.
كان وجه يوان متصلبًا، بينما بدا الحزن على وجهها هي.
لكنها، وقد طغت عليها العاطفة، سحبت يدها من يده بسرعة وهربت نحو شرفة الطابق الثاني.
كانت الشرفة المطلة على حديقة الورود هادئة، ربما لأن الوقت لا يزال مبكرًا.
بعد ساعات قليلة ستغدو مكان لقاء للعشاق، لكنها الآن كانت هادئة… مثالية للانفراد.
وقفت سيريت عند السور، تنظر إلى الحديقة وتتنفس بعمق.
كان الهواء الليلي ممتزجًا بعطر الزهور، ينشر إحساسًا قويًا بالربيع.
لكنها كانت مرهقة نفسيًا لدرجة لم تستطع أن تستمتع به.
وفي تلك اللحظة، سُمِع صوت رقيق؛
“أليس هذا مكانًا لا يُناسب أن تكوني فيه وحدكِ؟”
كان صوت الدوق الأكبر ريغان بوبلارويل.
يتبع في الفصل القادم ^^
تابعوني انستا @ninanachandesu
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 13"