قراءة ممتعة~~~
الفصل ال١٠٦
ماذا؟ أنا في علاقة حب مع جاك كلارك؟
سيريت رمشت أمام سؤال يوان. يوان يقول فعلًا كلامًا لا يصدق.
“إذًا ما تقصده هو أنني كنت اواعد السيد كلارك بشكل سري؟”
سيريت عقدت حاجبيها. هذا فعلًا بلا سياق.
جاك كلارك؟ كانت تظن أنها في هذه الحياة لم تكن مرتبطة بجاك كلارك، فهل لم يكن الأمر كذلك؟ لماذا يسيء هذا الرجل الفهم بهذه الطريقة.
أمام ردّ سيريت، أعاد يوان السؤال بوجه جاد.
“تقولين إنكِ لست كذلك؟”
“بالطبع ليس كذلك. لم أره منذ حفل الذكرى الثلاثين.”
“على حدّ علمي، كنتم تتبادلان الرسائل.”
استعاد يوان الرسائل التي رآها.
الخط المكتوب في الرسائل كان بالتأكيد خط سيريت. ولكن تقول الآن إنه ليس صحيحًا؟
يوان كان في حيرة. إذًا ماذا عن تلك الرسائل التي رأيتها؟ وأيضًا ألم يعترف جاك كلارك نفسه بذلك؟
“أنا؟ مع السيد كلارك؟ كيف أتبادل الرسائل مع شخص لا أعرف حتى أين يعيش.”
“…….”
“هل قالت ليديا شيئًا؟ هل شكّت في أن بيني وبين السيد كلارك علاقة؟”
“لا. هذا….”
كان يوان يتكلم ثم توقّف.
بالتأكيد كان قد سمع مثل تلك الكلمات من ليديا من قبل. قالت إنها رأت سيريت وجاك كلارك يلتقيان في الحديقة.
هل هذا من فعل ليديا؟
ملامح وجه يوان انكمشت بحدة. ليديا أيضًا قريبة من جاك كلارك، لذا قد تكون اتفقت معه لتخدعه.
لكن ماذا عن الرسائل؟
لكي يكون الأمر من تدبير ليديا فحسب، فخط اليد كان شبيهًا جدًا بخط سيريت.
يوان شبّك ذراعيه وهو يستحضر الرسائل التي رآها.
الرسائل… نعم الرسائل.
مرّ في رأس يوان وصية صوفيا ولوفي برونك.
في تلك اللحظة، سمع صوت سيريت.
“أنا حقًا لم أكن أبدًا على أي علاقة بالسيد كلارك. أحلف بشرف والدي، الفيكونت إينوهاتِر.”
يوان وجّه نظره نحو سيريت.
داخل نظرتها كان يلمع حزمٌ قاطع.
عند تلك النظرة أدرك يوان أنه كان يفعل شيئًا أحمقًا.
كان من الواضح أن سيريت لا تربطها أي صلة بجاك كلارك.
شعر بالخجل والخزي، لكن إحساس الراحة غمره.
يوان سحب سيريت إلى أحضانه دون أن يتكلم.
“لماذا تفعل هذا فجأة؟”
حاولت سيريت أن تفلت من حضنه بإرتباك.
بسبب حركة سيريت، خرج روب من بين ذراعيها.
وبهذا استطاع يوان أن يعانق سيريت بإحكام أكبر.
وهو يحتضنها، أطلق يوان ضحكة بوجه حائر.
لقد تعرّض للخداع تمامًا، لكن الآن لم يكن يشعر إلا بالرغبة في الضحك.
فرحة معرفة أن سيريت لا تحب جاك كلارك كانت أكبر من أن تترك له وقتًا للغضب.
عندما أرخى يوان ذراعيه عن سيريت، رمقته سيريت بنظرة جانبية ثم أدارت رأسها نحو روب.
كان روب مستلقيًا بكامل جسده على بطنه أمام النار.
كانت سيريت منزعجة لأنها تعرضت لنفس سوء الفهم كما في حياتها السابقة.
“يبدو أنني أسأت الفهم.”
“نعم، وفوقها سوء فهم سخيف.”
سيريت أجابت ببرود وهي تمسح على روب.
يبدو أن ما يحدث في الحياة السابقة لا بد أن يحدث. حتى أن يشك يوان في علاقتي مع جاك كلارك، فقد حدث في النهاية.
عندما وصلت أفكارها إلى هناك، شعرت سيريت بلا سبب بالقلق. إذا كانت الأشياء التي حدثت في حياتها السابقة لا بد أن تقع، فهل سأُسمّم أنا أيضًا في النهاية؟
لا، هانا نجت، صحيح؟ بخلاف الحياة السابقة، هانا ما زالت على قيد الحياة.
هزّت سيريت رأسها. وبالتفكير في هانا التي كسرت مصير حياتها السابقة، هدّأت سيريت قلبها القَلِق.
“سيريت.”
سمعت صوت يوان يناديها فالتفتت نحوه.
كان يوان ينظر إلى سيريت بوجه في غاية الود. وظلّ يوان صامتًا وهو يضمّ سيريت في حدقتيه لوقت طويل.
إذا لم تكن تحب رجلاً آخر، فربما ستحب زوجها يومًا ما. بهذه التوقعات، خفق قلب يوان.
ولكن في أذن يوان ترددت الكلمات التي قالتها سيريت في يومٍ ما.
‘لقد أحببتُ بالفعل شخصًا ما لدرجة أن قلبي تآكل من شدة الألم، لذلك لن أستطيع أن أحب أحدًا مرة أخرى.’
إذا لم يكن الرجل الذي أحبته حتى تآكل قلبها هو جاك كلارك، فمَن يكون؟ من هو الرجل الذي تلقى حب هذه المرأة العميق؟
هل هو رجل قابلته في موشيلي؟ لقد أراد أن يعثر على ذلك الرجل، يلوِي رقبته، ويسرق منه الحب الذي تلقّاه من سيريت.
ذلك اللعين المحظوظ، لا يعلم من هو، لكنه عليه أن يشكر الإله أنه لم يقع في قبضته.
“من هو الرجل الذي أحببته حتى تآكل قلبك؟”
سأل يوان وهو يرفع رأسه وقد اشتعلت غيرته. الآن يجب أن يعرف، من هو ذلك اللعين.
“هاه؟”
سيريت رمشت بعينيها مندهشة من السؤال المفاجئ.
آه، لقد سبق أن قلت مثل هذا الكلام ليوان.
تذكرت سيريت ما قالته له في يومٍ ما وضحكت بخفة.
“من يكون ذلك الوغد بحق الجحيم؟”
“…….”
إنه أنت. نظرت سيريت إلى يوان مطولاً دون أن تجيب. هل يجب أن تجيب على هذا، أم لا؟
“يبدو أنكِ لا ترغبين في الكلام. لكنني سأجد من هو على أي حال.”
هل تريد حماية ذلك الرجل؟
شعر يوان بغيرة قوية بعد رؤية سيريت، التي أطبقت شفتيها كأنها تحاول حماية الرجل.
“وإذا وجدته، ماذا ستفعل؟”
“هل يمكنني تعذيبه؟”
قال يوان بكلمات شرسة وعلى وجهٍ بلا تعابير. كان جاداً للغاية، وبدا بوسعه فعل أشياء وحشية كما يشاء.
“نعم، كما تشاء.”
ابتسمت سيريت ابتسامة جانبية بكلام يوان. الخاسر الوحيد سيكون هو لذا لا بأس.
ظهر تجعّد بين حاجبي يوان بسبب ردّ سيريت. يبدو أنها تعتقد أنه لن يتمكن من العثور عليه أبداً.
وباندفاع، أحاط يوان كتفي سيريت وجعلها تستند إليه.
“لن أتركه وشأنه، سترين.”
“افعل كما تريد. لن أمنعك.”
قهقهت سيريت بخفّة وهي تستند بالكامل إلى يوان. كان يوان الذي يغار من نفسه لطيفاً… ولو قليلاً.
***
يوان وجَّه نظره إلى سيريت النائمة في وضعٍ منكمش. انقبض قلبه لرؤيتها وهي تنام وقد اتخذت ساعدها وسادة، فاستلقى بجانبها بحذر.
كان يوان يرغب في أن يمنحها ذراعه وسادة، فسحب ذراعَ سيريت برفق. عند حركة يوان، فتحت سيريت عينيها.
“يوان.”
قالت سيريت بصوتٍ مغمغمٍ نصف نائم.
أسند يوان رأس سيريت على ذراعه وربّت على ظهرها.
“نامي.”
“ألا تشعر بالبرد؟”
“أنا بخير.”
“لا تمُت متجمداً يا يوان. لقد جرّبت الموت من قبل، وهو شعور مُريع جداً.”
قالت سيريت وهي نصف نائمة تغمض عينيها وتتمتم.
ضحك يوان بخفة عندما سمع سيريت تقول إنها تعرف لأنها ماتت من قبل.
هل كان حلمًا؟ ما الذي تعنيه بقولها أنها ماتت…
ربّت يوان على رأسها بلطف. تحت تلك اللمسة الرقيقة غفت سيريت بسرعة.
جذب يوان سيريت النائمة إلى صدره وعانقها بشدّة. الحرارة الدافئة لآجسادهم كانت ضرورية أكثر من أي وقت مضى.
ربما بسبب الإرهاق، غفا يوان بسرعة أيضاً. ثم رأى في الحلم سيريت وهي تبكي.
‘يخنقني الشعور بالوحدة. أحيانًا أشعر حقًا أنني سأموت.’
كانت سيريت تشد طرف ثوب يوان وتذرف الدموع قطرة بعد أخرى. عند رؤية وجه سيريت المليء بالألم، سقط قلب يوان بثِقلٍ مدوٍّ.
لم يكن يوان الذي في الحلم يعرف سبب تصرف سيريت بهذا الشكل، ولا سبب ردّة فعل قلبه، ولم يفكر إلا بأن الدوقة سيريت كانت ضعيفة جدًا.
أراد يوان الذي في الحلم من سيريت أن تصبح أكثر برودًا وقوة لأنه لكي تقود أسرة فريكتوستر، فمشاعر مثل الوحدة ما هي إلا ترف لا معنى له.
وبقسوة تكاد تكون لا تُحتمل، انتزع يوان يد سيريت الممسكة بطرف ملابسه.
وبوجه بارد كالجليد، قال يوان محذرًا.
‘هذا لأنك ضعيفة. حافظي على هيبة الدوقة وتوقفي عن التذمّر.’
عند سماع تلك الكلمات، شحب وجه سيريت في لحظة. لرؤية ذلك الوجه الجريح، أراد يوان أن يعتذر.
لكن في اللحظة التي همّ فيها بفتح فمه، استيقظ من الحلم فلم يستطع قول آسف.
فتح يوان عينيه ونظر إلى سيريت بين ذراعيه. لم يتبدد أثر الحلم بعد، فانتشر ندمٌ عميق في جسده كله.
بوجهٍ يملؤه الشجن، داعب يوان شعر سيريت. كان ذلك حلمًا بالفعل، لكن قلب يوان لم يهدأ.
لذلك جذب سيريت إلى صدره بقوة. وبسبب ذلك استيقظت سيريت من النوم.
“سمو الدوق.”
نادته سيريت بوجهٍ لا يزال مثقلًا بالنعاس.
دفن يوان وجهه في جانب عنق سيريت. كان قلبه يؤلمه.
رغم أنه مجرد حلم، إلا أنه شعر بأسف شديد لأنه عامل سيريت بتلك الطريقة.
“أنا آسف.”
“على ماذا؟”
نظرت سيريت إلى يوان باستغراب أمام اعتذاره.
ظل يحميها طوال الوقت، فما الذي يجعله يشعر بهذا القدر من الذنب؟
“على كل شيء.”
لم تتبدد آثار الحلم بسهولة. كان يوان خائفًا من أن تختفي سيريت، التي كانت تبكي في الحلم قائلة إنها تشعر بالوحدة، من بين ذراعيه.
خرجت سيريت من بين ذراعي يوان ونظرت إليه.
“هل رأيت حلمًا؟ لماذا تعتذر؟ لقد ظللت تحرسني طوال الليل.”
العالم خارج الكهف بدا من بعيد وكأنه بدأ يشرق. بفضل يوان أمضت سيريت الليل في الغابة بأمان.
جلس يوان وأحاط سيريت بين ذراعيه. لم تُمحَ من ذهنه ملامح سيريت المجروحة التي رآها في الحلم.
إذًا لهذا السبب تركتني. هكذا فجأة.
…تركتني؟
قطّب يوان جبينه وحرر سيريت قليلًا من ذراعيه. كان رأسه مشوشًا. اختلطت الذكريات فلم يعد يميّز للحظة بين الحلم والواقع.
“يوان؟ ما بك؟ جسدك بارد.”
أمسكت سيريت بذراعه بقلق أمام تعابير يوان الشاحبة قليلًا. جسده، الذي أصبح باردًا لدرجة مزعجة، جعلها تقلق.
سارعت سيريت وأعادت إليه معطف الصيد الخاص به الذي كانت تحمله. لكن يوان لم يستلمه وبقي يحدق بها، فوضعت هي بنفسها المعطف على كتفيه.
حين حاولت سيريت أن تُعيد جسدها إلى وضع مستقيم بعد أن لفّت معطف الصيد حوله، أحاط يوان خصرها بذراعه وضمّها إليه.
شعر بحرارة جسد سيريت ورائحتها. سيريت التي تقف أمامه الآن هي حقيقة. لذلك لا داعي للارتباك. هذه المرأة ستكون بجانبه طوال حياته.
“ارتديه. لم تشرق الشمس تمامًا بعد وسيكون الجو باردًا.”
“أنا بخير. لا تصب بالبرد بلا سبب، ارتديه أنت. ولا تتفاخر بصحتك.”
خرجت سيريت من بين ذراعيه وحاولت إدخال ذراعه في معطف الصيد. لكن يوان قاومها بخفة كما لو كان يمزح.
في النهاية ضربته سيريت على ذراعه ضربة خفيفة وهي تحدق به بضيق. عندها فقط أطلق يوان ضحكة قصيرة ونهض من مكانه وارتدى معطف الصيد.
مدّ يوان يده إلى سيريت الجالسة على الأرض.
“الحساء الدافئ ينتظركِ يا سيريت.”
“نعم.”
ضحكت سيريت بخفة على كلام يوان وأمسكت بيده ونهضت. يد كبيرة وصلبة تشعرك بالاعتماد عليها.
قبضت سيريت على تلك اليد ووقفت مبتسمة بهدوء. بفضل يوان أمضت الليل في الغابة بأمان.
يتبع^^
ترجمة نينا @justninaae
التعليقات لهذا الفصل " 106"