كانت قد تناولت غداءً مشبعًا قبل أن تأتي إلى ساحة الصيد، لكن بعد التجوال في الغابة أصبح جوعها شديدًا. لو سارت الأمور حسب الخطة لكانت حفلة الشواء الآن في أوجها. سيخ اللحم والحساء الساخن كانا يلوحان أمام عينيها.
“سأذهب لأرى إن كان يمكنني صيد شيء.”
مدّ يوان يده نحو البندقية التي وضعها في مكانٍ قريب.
ارتعبت سيريت فأمسكت بذراعه بسرعة.
“وماذا ستصطاد؟”
“غزالًا أو أرنبًا.”
“وإذا أحضرته؟ لا يوجد خدم هنا، من سينزع الجلد ويقطع اللحم؟”
“سيريت.”
“أنا؟!”
قفزت سيريت فزِعة من قول يوان.
كيف لي أن أفعل ذلك؟
انفجر يوان ضاحكًا وهو يرى ملامح سيريت المصدومة. كان رد فعلها ممتعًا إلى هذا الحد.
“وهل تظنين أنني سأجعلِكِ تفعلين ذلك حقًا؟”
“لا تمزح بوجه جاد هكذا. على أي حال، أستطيع التحمل. لا تذهب. لا أريد أن أبقى وحدي.”
اشتدت قوة سيريت على ذراع يوان التي كانت تمسك بها.
لم تكن تشعر أنها ستنتظر بطمأنينة حتى يعود. طالما ستنتظر بقلق شديد، فالجوع أفضل من ذلك.
“حقًا ستكونين بخير؟”
سأل يوان بوجه يحمل القلق.
“سأكون بخير. لن أموت بسبب تفويت وجبة.”
“حسنًا.”
أجاب يوان على مضض، رغم أنه لم يرغب في ترك سيريت جائعة.
“على أي حال، سيقلق الجميع لأننا لم نعد.”
من المؤكد أن مخيم الصيد الآن في حالة فوضى بسبب اختفاء الدوق والدوقة. لعلهم الآن يبحثون عنهما في الغابة.
يا إلهي… هل تبكي هانا الآن؟ شعرت سيريت بالقلق على هانا. منذ مرضها الأخير أصبحت ضعيفة جدًا.
“بالتأكيد سيقلقون.”
“ربما كان من الأفضل ألا أخرج للصيد. كان ينبغي أن أبقى في الخيمة بهدوء.”
سيريت بدأت تشعر بالندم. ثم تذكرت كلام هانا عن أن من الجيد أن الثعلب ربما لن يمسك بالسيدة، فابتسمت ابتسامة خفيفة.
“ولكن، أليس هذا ممتعًا؟”
أدار يوان رأسه نحو سيريت.
كان وجه يوان يتماوج تحت ضوء نار المخيم. ومع نظراته الدافئة بقدر دفء النار، شعرت سيريت بوخز غريب في صدرها.
“ما الممتع؟”
ولإخفاء إحساسها المزعج، أجابت سيريت بلهجة متعمدة أكثر خشونة.
“أنا مستمتع. كما أن ذِكرى جديدة أُضيفت.”
“ما هذا؟ كلمات عاطفية كهذه لا تناسب دوقًا مثلك.”
تذمرت سيريت. يوان كان يلين قلبها باستمرار، فخرج الكلام منحرفًا دون قصد.
رفع يوان زاوية شفتيه بخفّة. عند تلك اللحظة، خطر جاك كلارك بباله فإنزعج.
“هل هذه الكلمات تناسب شاعرًا فقط؟”
“نعم.”
“إذا كنتِ تفكرين بجاك كلارك الآن، فتوقفي. مزاجي بدأ يسوء.”
قال يوان بوجه متصلب وهو يحوّل نظره نحو نار المخيم.
“من هذا؟ جاك كلارك؟”
من هو جاك كلارك. أهو شاعر مشهور؟
لم تكن سيريت تتذكر جاك كلارك جيدًا. الاسم كان يبدو مألوفًا وفي الوقت نفسه غير واضح، فمالت رأسها بتساؤل.
نظر إليها يوان نظرة جانبية. كانت سيريت وهي تميل رأسها تشبه شخصًا يحاول تذكر اسم كلب الجيران.
في وجه سيريت الذي لم يُظهر أي اهتمام، عقد يوان حاجبيه باندهاش. بالنسبة لشخص يفترض أنه يتذكر حبيبًا سابقًا انفصل عنه فجأة، لم يكن على وجهها أي تعبير عاطفي.
“ألا تعرفين جاك كلارك؟”
“آه، تذكرت. الرجل الذي كان مع ليديا في الحفلة سابقًا، صحيح؟”
السيد كلارك.
هكذا كانت تناديه، فنسيت سيريت أن اسمه كان جاك.
“رد فعلكِ….”
مختلفة عما توقعت.
ظل يوان يحدق في سيريت بوجهٍ متعجب.
نظرت سيريت إلى يوان الذي يحدق بها، وضاقت عيناها. ما هذا الوجه. عبست سيريت بين حاجبيها ثم قالت.
“لماذا؟ لماذا تنظر إليّ هكذا؟”
“سأسألكِ سؤالًا واحدًا فقط. أجيبي بصراحة. لن أغضب.”
ردّ فعل سيريت اللامبالي جدًا، أثار شكوك يوان.
في سلوكها ونبرتها لم يشعر بأي عاطفة تجاه جاك كلارك، ولو بسيطة.
التعليقات لهذا الفصل " 105"