“قلتَ إنّ قيمة اللوحة يحدّدها المشتري. ليس المبلغ الذي عرضته ، بل المبلغ الذي يرغب المشتري في دفعه. إذا كانت تستحقّ ذلك ، فستُباع”
كان من الممكن أن لا تحصل حتّى على المبلغ الذي عرضه صاحب المعرض إذا أخطأت.
و مع ذلك ، لم تستطع كبح شعور العناد الذي نشأ بداخلها.
سأل صاحب المعرض بوجهٍ متجهّم: “هل أنتِ متأكّدة؟ من الأفضل أن تبيعيها لي مباشرة”
“لا”
هزّت أبلين رأسها بحزم.
المبلغ الذي عرضه صاحب المعرض بالكاد يكفي لتغطية إيجار غرفتها.
لم ترغب في بيع لوحاتها المليئة بالذكريات بسعرٍ زهيد كهذا.
إذا تعرّف أحدهم على قيمة لوحاتها ، ربّما تستطيع جني المزيد من المال.
كانت تعلّق آمالها على هذا.
* * *
أعيد فتح متجر رادوين للمصابيح.
كانت أبلين ، المالكة ، أكثر انشغالاً من أيّ شخصٍ آخر. قضت الليل تنظّف زجاج المصابيح ليصبح لامعًا. لكن …
‘هل أنا غير موهوبة في التجارة؟’
تنهّدت أبلين طويلاً و هي تنظّف زجاج المصابيح.
كانت المصابيح الجميلة المعروضة في واجهة العرض كافية لجذب أنظار المارّة.
و مع ذلك ، لم يكن لديها مهارة في التجارة ، إذ لم يشترِ أحدٌ أيّ مصباح.
عندما فتحت المتجر ، أدركت أنّ أوضاعه أسوأ ممّا توقّعت.
‘يجب أن أفعل ما بإمكاني’
كان عليها إيجاد طريقة لجمع المال بأيّ وسيلة.
جلست أبلين على طاولة العمل الموضوعة في ركن المتجر و انغمست في الرسم بجدّ.
مع كلّ حركةٍ ليدها ، رسمت بتلات زهور و حيوانات ، حريصةً على أن تبدو جميلة عند إضاءتها.
لكن لم يعجبها أيٌّ منها.
لم يكن هناك خيارٌ آخر ، فقلبها كان مضطربًا.
[أبلين ، المصباح المستوحى من زهرة البنفسج التي رسمتِها بيع بسعرٍ جيّد مؤخرًا. و كذلك مصباح الأرنب الذي أرسلتِه من قبل. اشترته فتاةٌ نبيلة صغيرة بعد أن أقنعت والدها لتستخدمه في لعبة المنزل الصغير]
حاولت أبلين استعادة ثباتها و هي تتذكّر الرسائل التي أرسلها جدّها ، مشيرًا إلى أنّ المصابيح المصنوعة من رسوماتها كانت تحظى بإقبالٍ كبير.
لكن لم يكن هذا هو الشيء الوحيد الذي تذكّرته.
<الحفيدة ترسم تصاميم المصابيح ، و الجدّ يصنعها بدقّة. إذا عرف الناس ، سيحبّون ذلك كثيرًا>
“…”
كان صوت الزبون الذي زار المتجر لأوّل مرّة يتردّد بوضوح في أذنيها ، حتّى وسط انشغالها اليوميّ ، مما جعلها تشعر بالحيرة قليلاً.
ربّما كان ذلك الرجل وهمًا رأته في أوّل يومٍ لها في بريسن.
ديون جدّها ، متجر المصابيح الذي يجب حمايته بأيّ ثمن.
وسط هذه الواقعية القاسية ، كان ذلك الرجل الشيء الوحيد غير الواقعيّ.
“…”
تحرّكت يد أبلين ، التي تمسك بالقلم ، بسلاسة على الورق.
عندما استفاقت ، كانت قد رسمت بالفعل ذلك الزبون الذي زارها ذلك اليوم على صفحةٍ كاملة من دفتر رسمها.
لم تستطع التقاط لون عينيه الحمراء ، لكن مظهره عندما دخل المتجر كان محفورًا في ذاكرتها ، مرسومًا على الدفتر كما هو.
“آه”
نظرت أبلين إلى الرسمة بذهول.
أغمضت عينيها و فتحتهما عدّة مرات ، لكن الرسمة على الورق كانت بالتأكيد له.
“لقد جننت”
احمرّ وجه أبلين كما لو أنّ أحدهم رآها.
أن ترسم ، و كأنّها مفتونة ، مظهر رجلٍ رأته مرّةً واحدة فقط في دفتر رسمها المفضّل.
كادت أبلين تمزّق الصفحة ، لكنّها أغلقت الدفتر بصوتٍ عالٍ بدلاً من ذلك.
حاولت طرد صورة الرجل التي تتكرّر في ذهنها ، و انغمست في رسم تصاميم للمصابيح بينما بدأ الظلام يهبط.
نهضت أبلين من مكانها و بدأت بإضاءة المصابيح واحدًا تلو الآخر.
عندما نظرت إلى المصابيح التي بدأت تُصدر أضواءً مختلفة ، شعرت كأنّ تعب اليوم يذوب كالثلج.
لكن إذا استمرّت الأمور دون تحقيق أيّ دخل ، فقد يضطر المتجر إلى الإغلاق في أيّ وقت.
“اليوم هو اليوم الأوّل فقط”
حتّى لو كان اليوم الأوّل مخيّبًا للآمال ، يمكنها تعويض ذلك في الأيام القادمة.
بدلاً من الإحباط الزائد ، قرّرت أبلين البحث عن حلولٍ أخرى.
مرّ وقت إغلاق المتجر منذ زمن ، و لم يعد هناك أحدٌ يأتي.
لم يكن لديها زبائن محجوزون ، لذا لم يكن هناك مانع من إغلاق المتجر و المغادرة.
علاوة على ذلك ، لم تسترح جيدًا بسبب التحضيرات طوال الليل.
و الأهم من ذلك ، أنّ استلامها للمتجر لم يكن فقط من أجل جني المال.
“…”
فركت أبلين القلادة البيضاويّة الصغيرة المعلّقة على رقبتها.
كان لمس الجزء المنقوش بزهرة الأنيمون عادةً قديمة.
كانت هديّة من والدتها عندما كانت صغيرة ، و كانت معلّقة على رقبتها منذ ذلك الحين.
تذكّرت اليوم الذي قرّرت فيه القدوم إلى العاصمة.
ربّما كان قرارًا متهوّرًا وبلا خطة.
لكنّه كان شيئًا أرادت القيام به بشدّة.
حتّى لو لم يتحقّق.
عندما نهضت أبلين لتغادر ، رنّ الجرس.
“هل جئتُ متأخرًا جدًا؟”
تسلّل صوتٌ مألوفٌ و غريب في آنٍ واحد إلى أذنيها.
استدارت أبلين و رأت الرجل واقفًا عند الباب.
“…”
توترت أبلين بشدّة و هي ترى الرجل الذي ظهر مجدّدًا كسرابٍ في منتصف الليل.
وقف الرجل بالقرب من الباب دون حراك ، كأنّه ينتظر إجابتها.
“آه ، لا ، لم نغلق بعد”
عند إجابتها ، تحرّك الرجل أخيرًا.
عندما دخل ، تساقطت قطرات المطر من ملابسه.
“هل تمطر؟”
سألت أبلين بعيونٍ متفاجئة ، فأشار الرجل إلى الخارج.
“منذ قليل. ألم تلاحظي؟”
نظرت أبلين إلى النافذة.
رأت المطر الخفيف يتساقط على الشارع المظلم.
لم تكن قطرات المطر كبيرة بعد ، لكن بدا أنّها ستصبح عاصفة قريبًا.
“يبدو أنّكِ كنتِ منغمسةً في العمل لدرجة أنّكِ لم تلاحظي المطر”
كان صوته الممزوج بالضحك منخفضًا و عميقًا كصوت المطر.
كانت عيناه مثبتتين على دفتر الرسم الموضوع على طاولة العمل.
“آه ، اليوم الأوّل كان مليئًا بالمهام”
أغلقت أبلين الدفتر بسرعة و استدارت.
“يبدو أنّ وقت إغلاق المتجر قد مرّ منذ زمن”
قال و هو ينظر إلى الخارج المظلم.
“كان لا يزال هناك بعض الأشياء لترتيبها …”
“فكّرت في العودة لاحقًا ، لكنّني رأيتُ الضوء ينبعث من الزقاق ، فدخلت. يبدو أنّ حظّي جيّد”
كانت عينا الرجل الضاحكتان جميلتين. حتّى وسط المتجر المملوء بأضواءٍ ملونة ، كان بريق عينيه فريدًا.
لم يكن لونًا يمكن وصفه بأنّه يشبه الياقوت أو الغروب.
“هل كنتِ تنتظرينني؟”
ابتلعت أبلين ريقها عند سؤاله المفاجئ.
لم تكن تنوي التفكير في ذلك ، لكن عندما سمعت السؤال من فمه ، أدركت أخيرًا لماذا أبقت المتجر مفتوحًا حتّى وقتٍ متأخر.
كنتُ أنتظر هذا الزبون.
“يجب أن أفي بوعدي من المرّة السابقة”
“يبدو أنّه متجرٌ جديرٌ بالثقة”
عندما تحدّث بنبرةٍ مندهشة ، ابتسمت أبلين بدورها.
“أتمنّى أن تجد شيئًا يعجبك”
تراجعت أبلين خطوةً و أشارت إلى المصابيح المعروضة في الأمام.
أصفر ، أزرق ، أحمر ، أخضر …
كانت المصابيح التي تزيّن الرفوف و واجهات العرض تُصدر أضواءً جميلة كلٌّ على طريقته.
بينما كان الرجل يتجوّل من المدخل و يتفحّص المصابيح بعناية ، كانت الأضواء الملونة ترقص على وجهه و تختفي.
“كلّها جميلة”
عندما عبّر الرجل عن إعجابه بعد جولته ، أطلقت أبلين نفسًا كانت تحبسه دون وعي.
لسببٍ ما ، كانت تشعر بالتوتر الشديد كلّما دخل هذا الرجل إلى المتجر.
“كلّ شيءٍ هنا جميل”
ابتسم الرجل بعينين منحنيتين.
محاطًا بالأضواء الملونة ، كان يحدّق مباشرةً في أبلين.
“آه ، إذن …”
أسرعت أبلين لاستعادة رباطة جأشها.
أشارت إلى الداخل النظيف و المرتب ، على عكس الفوضى التي كانت سائدة في زيارته الأولى.
“هل ترغب في إلقاء نظرة هنا أيضًا؟ يمكنك الآن تصفّح المصابيح بشكلٍ صحيح. لقد انتهى الترتيب …”
طق-! طق-! طق-! طق-!
فجأة ، قطع صوتٌ مشؤوم الحديث بينهما.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 8"