“لقد عادت الآنسة أبيلين أيضًا. سمعتُ صوت العربة منذ قليل، لكن عندما دخل كاليوس وحده، ظننتُ أنّكِ تأخّرتِ.”
نظرت أبيلين بدهشة إلى الرّجل الذي فعل بها ما فعل ثمّ جلس يشرب الشّاي بهدوء.
كانت تشعر وكأنّها مجرّد ورقة تحملها الأمواج التي يثيرها كاليوس.
تُحمل ذهابًا وإيابًا حسب نزواته، وعندما يملّ من اللعب، يمكنه التخلّي عنها في أيّ وقت.
“تجوّلتُ قليلًا. لعبتُ مع تشارلز، وفرانسيس أصبح أكثر دلالًا.”
أسرعت أبيلين في تقديم الأعذار لإيزابيلا.
“قريبًا سيكون الوداع، لذا دلّليهما كما تشائين. القطط قد تبدو غير مبالية، لكنّها تبحث عمّن اعتادت رؤيته عندما يغيب.”
“….”
نظرت أبيلين إلى إيزابيلا بذهول.
“سمعتُ من كاليوس. قالت سيلفيا إنّها قدّمت لكِ منزلًا و أستوديو”
“نعم؟ آه، نعم.”
“هذا رائع. لا شيء أهمّ لرسّام من مساحة عمل مستقرّة. بالمناسبة، متى ستنتقلين؟”
“… بعد غدٍ على الأرجح.”
شعرت وكأنّ حلقها ينغلق وهي تتحدّث.
“يجب أن تحزّمي أغراضكِ، ستكونين مشغولة.”
“ليس لديّ الكثير من الأغراض.”
لم تحضر أبيلين سوى القليل عندما جاءت إلى فيلا إيزابيلا.
ألقت معظم ملابسها، وكلّ ما لديها هو حقيبة الأدوات الفنيّة وبعض الأغراض الشّخصيّة.
“وماذا عن متجر المصابيح؟ لا أظنّ أنّ سيلفيا ستحبّ فكرة عمل طالبة ترعاها في متجر.”
“يبدو أنّ متجر المصابيح بحاجة إلى إصلاحات.”
تدخّل صوت كاليوس بينهما.
“هل بسبب قدم المبنى؟ هل هناك شيء آخر يحتاج إلى إصلاح؟”
“يبدو أنّه يتسرّب عندما تمطر.”
“نعم، يجب إصلاحه … لن أتمكّن من البقاء هناك طوال اليوم، لكن سأذهب للاطمئنان عليه أحيانًا.”
كان الأولويّة الآن هي سداد الدّين الذي تدين به لكاليوس.
كانت أبيلين تعرف جيّدًا أنّ بيع المصابيح لن يقرّبها من هذا الهدف.
كما قالت سيلفيا، بعد معرض الافتتاح الرّسميّ، سترتفع أسعار لوحاتها، ممّا سيسرّع من سداد ديونها له.
قرّرت أبيلين أن تركّز على هذا فقط.
من خلف كتف إيزابيلا، كانت عينا كاليوس الحمراوان تراقبانها.
“يجب أن أحزّم أغراضي، سأصعد الآن.”
اعتقدت أنّها عذر ممتاز لتجنّب البقاء في نفس المكان مع كاليوس.
رأت زاوية فمه ترتفع وكأنّه لاحظ عذرها.
“يجب أن أرسل ميغ. إنّها خبيرة في حزم حقائب السّفر.”
“لا، لا بأس.”
حاولت أبيلين قطع أيّ اهتمام من تلك الجهة.
“ميغ تستطيع تقليص الأغراض إلى النّصف.”
أضافت إيزابيلا وهي تضحك.
* * *
فتحت أبيلين حقيبة السّفر وبدأت بوضع الأغراض واحدًا تلو الآخر.
ظنّت أنّ ليس لديها الكثير، لكنّها لم تأخذ في الحسبان الأغراض التي حصلت عليها خلال إقامتها هنا.
معظم هذه الأغراض كانت ملابس اشتراها كاليوس لها.
كلّها كانت مصمّمة خصيصًا لها، من الأقمشة إلى الخياطة، ملابس فاخرة.
كانت الألوان والتصاميم متنوّعة، تجعلها تبدو كسيّدة نبيلة أينما ذهبت.
“….”
الملابس، الطّعام، وحتّى النّوم، كلّ شيء كان بمساعدة كاليوس.
حتّى رعاية سيلفيا لم تكن لتحدث لولا إقامتها في فيلا إيزابيلا ولولا تدريسها لفابيان.
هل ستتمكّن حقًا من التخلّص منه إذا غادرت هذه الفيلا؟
أطلقت أبيلين تنهيدة عميقة وهي تفكّر في هذا السّؤال.
ملأت حقيبة أخرى بالأغراض التي صنعتها مع إيزابيلا: شالات، جوارب، قفّازات، أوشحة، وقبّعات متنوّعة.
مع اقتراب الصّيف، ستحتاج إلى تخزينها، لكنّها ستكون مفيدة في الشّتاء.
بعد أن طوتها بعناية ووضعتها في عمق الحقيبة، لاحظت آخر غرض.
علبة هدايا مغلّفة بشريط حريريّ.
فتحت أبيلين العلبة بحذر.
كان بداخلها الفستان البنفسجيّ المطرّز بزخارف الميموزا الذي ارتدته في ليلة الحفل الرّاعي.
كان فستانًا جميلًا، لكنّه ممزّق في أجزاء معيّنة، ممّا يجعله غير صالح للارتداء مرّة أخرى.
مزّقه كاليوس بلا رحمة تحت يديه، ذلك الحرير النّاعم.
عندما رفعته، تألّق الحرير المزيّن بالخرز البرّاق بجمال.
حتّى لو كان ممزّقًا، لم يستطع إخفاء جماله.
شعرت أبيلين أنّ الرّقص مع كاليوس في تلك الليلة كان حلمًا بعيدًا.
لن ترتديه مجدّدًا، لكنّه كان يحمل ذكريات تلك الليلة.
“….”
توقّفت نظرة أبيلين فجأة على قاع العلبة.
تحت الفستان، كان هناك علبة مخمليّة صغيرة.
عندما فتحتها، رأت قلادة وقرطين على شكل نجمة، لا تزالان متألّقتين.
خلال تلك الليلة، شعرت للحظات وكأنّها نجمة ساطعة في السّماء.
كان ذلك بفضل القلادة والقرطين، لكنّ الأهمّ كان بسبب الرّجل الذي أمسك يدها.
لن يعود ذلك اليوم.
فقط في ظلّ القناع، وسط الأضواء البرّاقة، استطاعت أن تكون معه.
طُرق الباب.
“آه، تفضّلي.”
ظنّت أبيلين أنّها ميغ، فتحدّثت دون أن تنظر.
كليك—
كان صوت الخطوات التي دخلت أثقل بكثير من خطوات ميغ.
“….”
توقّفت أبيلين عن حزم أغراضها واستدارت.
“هل كنتِ غارقة في الذّكريات؟”
تفحّصت نظرته الأغراض في العلبة أمامها.
“اخرج، من فضلك.”
أغلقت أبيلين العلبة بسرعة وقالت: “ظننتُ أنّك ميغ …”
“ولو كنتِ تعلمين أنّني أنا؟”
“ما كنتُ لأسمح لك.”
“كما تفعلين دائمًا.”
تجاهل كاليوس كلامها بخفّة، أغلق الباب، واقترب من مكان جلوسها.
“السيّدة بيلا موجودة.”
تحدثت أبيلين بسرعة.
كانت تعرف مدى سخافة هذا الدّفاع، وأدركت ذلك من تعبير وجه الرّجل في اللحظة التالية.
“إذن، في مكان لا تكون فيه، يمكن أن يحدث أيّ شيء؟”
ارتجفت أبيلين من الابتسامة الماكرة على شفتيه.
“مغادرتكِ هذا المكان لا يعني أنّ كلّ شيء قد انتهى.”
“….”
نظرت أبيلين إليه بحذر شديد.
“أعرف. لا يمكنني نسيان ديوني لك.”
“ليس هذا وحده ما لا يمكن نسيانه.”
توقّفت نظرته على طرف الفستان البارز من العلبة.
تذكّرت أبيلين فجأة تلك الليلة معه، فاحمرّ وجهها.
كانت نظرته من الأعلى مضاءة بلون أحمر أعمق.
“تلك الخزانة، كنتُ أختبئ فيها أحيانًا عندما كنتُ صغيرًا.”
أشار كاليوس إلى الخزانة. كانت مشابهة لتلك التي اختبأت فيها أبيلين في ليلة ممطرة.
“كنتُ أختبئ أثناء لعبة الغمّيضة وأنام أحيانًا … وأحيانًا كنتُ أملّ من الاختباء فأخرج ويكتشفني الآخرون.”
ابتلعت أبيلين ريقها دون وعي.
“يبدو أنّ الاختباء هناك سيكون ممتعًا.”
ظهرت ابتسامة باردة على شفتي كاليوس.
“في النّهاية، سيخرج الشّخص المختبئ أوّلًا.”
“….”
“أتمنّى أن تبقي مختبئة لفترة طويلة، يا آنسة أبيلين.”
طق—
نظرت أبيلين إلى الباب الذي أغلقه خلفه بلا توقّف.
* * *
“حسنًا، لقد رسمتِها بشكل رائع.”
ابتسمت إلغرينا بعمق، مكوّنة غمّازات، وهي تنظر إلى اللوحة المكتملة أخيرًا.
“أنا سعيدة لأنّها أعجبتكِ.”
تحدثت أبيلين بنبرة خافتة.
“سأدفع 10% إضافية على الأجر.”
“شكرًا.”
“كم أنا محظوظة لأنّني رأيتها قبل مغادرتي بريسن.”
كانت إلغرينا تبتسم وهي تتفحّص اللوحة، ثمّ التفتت إلى أبيلين فجأة.
بدت اليوم في مزاج رائع بشكل غير عاديّ.
كانت عيناها البرّاقتان وابتسامتها الدّائمة تكشفان عن ذلك بوضوح.
كأنّها كانت تريد من أبيلين أن تسألها عن سبب سعادتها.
في النّهاية، سألت أبيلين بدافع الأدب: “هل ستغادرين بريسن؟”
أومأت إلغرينا برأسها بابتسامة أكثر فخرًا.
“نعم. كلّ صيف، كنتُ أقضي العطلة في المدن السّاحليّة. لكن هذه المرّة ستكون مميّزة جدًا.”
همست إلغرينا لأبيلين بحماس شديد: “لقد دعتنا جلالة الإمبراطورة إلى القصر الصّيفيّ. لذا، سنقضي العطلة معًا بشكل مشرّف.”
“… آه، تهانينا.”
تردّدت أبيلين للحظة ثمّ قدّمت تهنئتها.
كانت عطلة مع العائلة الإمبراطوريّة سببًا وجيهًا للفرح.
أدركت أبيلين سبب مزاج إلغرينا الرّائع.
خفضت إلغرينا صوتها كما لو كانت تشاركها سرًا كبيرًا: “و سيكون الدّوق أربادن موجودًا أيضًا في تلك العطلة.”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 100"