جلست على جانب السرير واخبرتهُ بلطف كُل ما أعرفه عن ماضيه السيء.

 

كلما طالت القصة، أصبح الثلم بين حاجبي كريج أعمق.

 

“يا إلهي. هَذا فُوضَى حقًا”

 

“أوه، وهَذا شيء سَمِعته مِن شخصٌ آخر. هُناكَ شائعة مفادها أنه كان لديك بِالفعل طِفل غير شرعي عِندما كُنتَ في الخامِسة عشرة مِن عُمركَ …”

 

“هَذا يَكفي لِليَوم.”

 

“لا تَزالُ هُناكَ أجزاء مُمتِعة مُتَبقية.”

 

“لا أُريدُ سماعها. كُلما أستَمعتُ أكثر، كلما أتَسَخت أُذُناي.”

 

هذا تعبير قاس جدًا لوصف ماضيه.

 

بعد الفحص الدقيق، لاحظت وجود عرق بارد على جبين كريج.

 

ثم تذكرتُ أنه لم يمر سوى يوم واحد على استفاقة هذا الرجل من غيبوبة طويلة.

 

“تبدو متعبًا. خُذ قسطًا من الراحة. سأذهب الآن.”

 

“انتظري.”

 

توقفت كورديليا، التي كانت على وشك مغادرة الغرفة، عند نداءه ونظرت إلى الوراء.

 

“أحتاج معروف … من فضلكِ.”

 

“المعذرة؟”

 

قال كريج بتعبير محرج. بدا الأمر غير طبيعي، كما لو كانت هذه هي المرة الأولى التي يستخدم فيها هذا الشخص كلمة من فضلك.

 

“هذا….عليكِ فقط تسليم رسالة.”

 

“اي رسالة؟”

 

“لستِ بحاجة إلى معرفة ذلك، فقط افعلِ ما أقول لكِ.”

 

على الرغم من أنه يطلب معروفًا، إلا أن موقفه لا يزال متعجرفًا. وبطبيعة الحال، شعرتُ بالضيق.

 

“حقًا، في البداية قمت بإلقاء أوراق الطلاق على الأرض، والآن تريد أن تطلب مني معروفًا؟”

 

شخرت كورديليا وذراعيها على خصرها.

 

“آه، حقًا؟ لا يهمني حقًا ما هي ظروفك أيضًا، لذا قم بتسوية الأمر بنفسك.”

 

“ماذا؟ كيف تجرؤ.”

 

احمر خجلاً من سخرية كورديليا، كما لو أنه تعرض للإهانة. لقد كان أمرًا سخيفًا أن يتصرف كشخص لم يتلق الرفض مطلقًا في حياته.

 

“حسنًا، ربما لا تتذكر، ولكن إذا كنت تريد إرسال رسالة، فـ نادي على الخادم. لديك القوة لقرع الجرس، أليس كذلك؟”

 

“منذ فتحت أن عيني لم يسألني أحد عن حالي إلا الخدم. ربما يعني هذا أنه لا يوجد اهتمام لشخص لا يعرف متى سيفقد منصبه. لكن في هذه الأثناء السيد الذي أصبح أحمق يؤيد أن يرسل رسالة إلى شخص ما؟لو كنت مكانهم لاعتراضت طريقه وتحققت من محتوياتها.”

 

“ألم يخطر ببالك أنني قد أفعل نفس الشيء؟”

 

“بالنظر إلى كيف أتيتِ إلى هنا بأوراق الطلاق بمجرد استيقاظ زوجكِ، يبدو أنه ليس لديكِ أي سلطة في هذه الأسرة وتبدين يائسة للهروب من هنا.”

 

أجاب بقسوة. لقد كان حكمًا دقيقًا لدرجة أن كورديليا ظلت عاجزة عن الكلام للحظات.

 

في هذه المرحلة، كان لديها شك معقول في أن شخصًا ما كان داخل جسد كريج حقًا.

 

فجأة، لفتت تذكرت الأوراق التي في يدي. وبما أنها ليس لديها ماتخسره، قررت كورديليا إجابته مرة أخرى.

 

“إذا سأرسل لك رسالة، لذا قم بتوقيع هنا.”

 

أخرجت كورديليا أوراق الطلاق أمامه. أطلق كريج ضحكة كما لو كان مصدومًا.

 

“ألا تعتقدين أن توقيعي على تلك أوراق الطلاق  من أجل تسليم رسالة واحدة هو مقايضة غير عادلة؟”

 

“إذا كنت لن توقع إذن أنسى ذلك.”

 

وفي النهاية كان هو من سيخسر. وقفت كورديليا على قدميها دون تردد.

 

وكما هو متوقع، أمسكها كريج قبل أن تتمكن من الحركة.

 

“يبدو أنكِ تريدين حقا الحصول على الطلاق.”

 

“هل يمكنني أن أكون صريحة معك؟”

 

“نعم.”

 

“أنت محق. لقد تزوجت من كريج أبرامز من أجل المال، وكانت الحياتي الزوجية بمثابة جحيم طوال العام الماضي.”

 

“….. “

 

“أنت لا تعرف من أنا على أية حال، وليس لدي أي مشاعر تجاهك. ألا يمكنك السماح لي بالذهاب؟”

 

وبما أن محاولة خداعه قد فشلت، فقد حان الوقت لمناشدة عواطفه. نظرت إليه كورديليا واليأس في عينيها. 

 

ظل كريج صامتًا لبعض الوقت قبل أن يمد يده ويأخذ الأوراق.

 

“دعِنا نفعل ذلك بطريقة أخرى.”

 

“كيف؟”

 

“إذا سلمتي الرسالة، سأكتب الحرف الأول من اسمي.”

 

“فقط الحرف الأول؟”

 

يتكون اسم كريج من خمسة أحرف مكتوبة بخط الآرزتشيني.

 

وهذا يعني أنه يجب علي الاستماع إلى طلبه أربع مرات أخرى منذ الآن.

 

“أعتقد أنني أُقدم مقترحًا رائعًا.”

 

“… لا بأس.”

 

أومأت كورديليا برأسها على مضض. لقد كان هذا أفضل من المغادرة دون الحصول على أي شيء على الإطلاق.

 

“لكن أرجو أن تفهم أنه لا يمكنك تقديم طلبات غير معقولة. يجب أن تكون طلباتك ضمن حدودي.”

 

“بالتأكيد.”

 

أسرعت كورديليا بالحصول على ريشة، خوفًا من أن يغير رأيه.

 

كتب كريج الحرف الأول في سطر التوقيع دون أن يقول أي شيء. رمشت كورديليا، التي تلقت الوثيقة، عندما رأت التوقيع.

 

“هاه؟ لم خط يدك مختلف عن ذي قبل؟”

 

كان الأمر مختلفًا تمامًا عن خطه الذي كان موجودًا في وثيقة الزواج. لقد كان فوضويًا للغاية لدرجة أنني اتذكره بوضوح، ولكن فجأة أصبح خط يده أكثر سلاسة.

 

“يبدو أننا لم نكن نتفق معًا حقًا. هذا هو خط يدي الأصلي.”

 

قال كريج بلا خجل. أمالت كورديليا رأسها، ولكن بما أنها لم يكن لديها ما تقوله ردًا على ذلك، وافقت.

 

كانت تلك هي المرة الأولى والأخيرة التي نظرت فيها إلى خط يده عن كثب.

 

أخرج من جيبه قطعة من الورق مطوية إلى نصفين. ولم يكن المظروف مختومًا حتى.

 

“ماذا عن الختم؟”

 

“ليس عليكِ ذلك.”

 

“ماذا؟ في هذه الحالة ، إلى من يمكنني إرسالها؟”

 

“ليس من الضروري أن تعرفَ ذلك.”

 

“إذن كيف أرسلها؟”

 

بدا كريج، الذي فقد ذاكرته، أكثر رعونة من ذي قبل، ربما بسبب لهجته الفظة والرافضة. كما لو كان منزعجًا من أسئلتها، هز كتفيه وقال: “فقط افعلي ما أقول”

 

* * *

 

“هفف، ماذا، هففف.”

 

فقط بعد وصولها إلى برج المراقبة، خلعت كورديليا العباءة السميكة التي كانت تغطي جسدها.

 

كنت تتنفس بصعوبة بسبب صعودها السلالم العالية. فقط بعد أن هدأت نبضات قلبها تمامًا، بدأت ترى ما يحيط بها.

 

لم يكن هناك ضوء في برج المراقبة المظلم، لذلك لم يكن من السهل التعرف على الأشياء. لو لم أحضر فانوسًا، لكنت في ورطة.

 

“قال لي أن أرميها هنا فحسب، أليس كذلك؟”

 

ترددت كورديليا للحظة، متكئة على جدار القلعة.

 

المحادثة التي أجريتها مع كريج خلال النهار تومض في ذهني.

 

“الليلة، اصعد إلى أعلى برج مراقبة في القلعة وألقِ هذه الرسالة فيه.”

 

‘المعذرة؟ هل تقصد فقط أن ارميها على الأرض؟”

 

“أنا لا اخبركِ أن ترميها بعيدًا، فقط افعلِ ما أقول لكِ.”

 

لقد كان طلبًا غير مفهوم تمامًا. لقد تأكدت من عدم وجود أحد حولها.

 

أليس من الجيد أن ترى ما بداخلها لأنه لم يتم إغلاقها عن قصد؟

 

ومع ذلك، فإن محتويات الرسالة التي فتحتها قليلاً كانت مكتوبة برموز لم استطع فهمها.

 

“ماذا؟”

 

في هذه المرحلة، بدأت تساورني الشكوك.

 

خطرت في ذهنها أسئلة كثيرة، بدءًا من الشك في أنه كان يتظاهر بنسيان الماضي وليس يعاني من قفدان الذاكرة،  هل هو كريج حقًا.

 

شخص لا يعرف حتى اسمه يرسل لشخص ما رسالة مشفرة بمجرد أن يستيقظ؟

 

كان لدي شك قوي في أنه كان يخفي شيئًا ما. ومع ذلك، لدي فقط شكوك عقلية ولا يوجد دليل.

 

“هل يريد مني أن أرميها حقًا؟”

 

لقد كانت طريقة غريبة لتسليم رسالة، لكنها لم تستطع فعل شيء.

 

وضعت كورديليا ترددها اللحظي جانبًا وألقت الرسالة في الهواء. وبطبيعة الحال، رفرفت الورقة وسقطت.

 

كان في ذلك الحين.

 

اشتعلت النيران في الرسالة التي رمتها وبدأت في تكوين شكل مختلف.

 

أصبح الشكل الضبابي أكثر وضوحًا تدريجيًا.

 

“هذا..!”

 

أصيبت كورديليا بالذهول وسحبت نفسها من برج المراقبة. بعد فترة من الوقت، تناثر الشكل مثل غبار النجوم واختفى دون أن يترك أثرًا.

 

لم يستمر الأمر سوى بضع ثوانٍ، لكن من الواضح أن الصورة الضبابية كانت جملة تعرفها جيدًا.

 

“ثعبان أبيض…”

 

لقد كان شعار أتيلي، الأفعى البيضاء، أقوى العائلات المقدسة الثماني.

 

وداخل الأسرة، لا يمكن إلا لرئيس الأسرة استخدام هذا الشعار.

 

“لماذا شعار أتيلي هنا؟ هل كان لدى كريج أي علاقات بتلك العائلة؟”

 

أصبحت في حيرة من أمري.

 

زوجي الذي كان فاقدًا للوعي عاد من الموت واستخدم السحر ليرسم شعار أتيلي؟

 

حتى الكلب في الشارع لن يصدق ذلك.

 

“ثعبان أبيض… إنه ثعبان أبيض.”

 

ربما، بالنسبة للشخص العادي، ما حدث للتو كان مجرد وميض من الضوء.

 

لولا “قدرتها” الخاصة، لما لاحظت كورديليا ذلك أيضًا.

 

“الآن بعد حين أفكر في الأمر، فإن شخصيته وسلوكه وحتى الطريقة التي يتحدث بها كلها غريبة.”

 

الأفعى البيضاء أتيلي وكريج أبرامز.

 

تم ربط شيئين يبدو أنهما غير مرتبطين ببعضهما البعض كحلقة واحدة.

 

يبدو أن هناك بالتأكيد شيئًا لا أعرفه، لكنني بالتاكيد سـ أتمكن من معرفة ذلك.

 

نظرت كورديليا إلى السماء لبعض الوقت، حيث اختفى وهم الثعبان الأبيض، ثم نزلت من برج المراقبة.

 

* * *

 

“هل كل هذا صحيح؟”

 

“نعم. الجميع يقول ذلم، ولكن يبدو صحيحَا أن سيد الأسرة قد مات.”

 

في اليوم التالي، أمرت كورديليا إميلي بمعرفة أخبار أتيلي الأفعى البيضاء.

 

الأخبار التي جلبتها الخادمة بعد بضعة أيام كانت غير متوقعة.

 

“ما هو سبب وفاته؟”

 

“يقولون أنها كانت وفاة عرضية، ولكن يبدو أن لا أحد يصدق ذلك.”

 

في الواقع، الشخص الذب نتكلم عنه هو رئيس عائلة أتيلي، المشهور بكونه ساحرًا قويًا. أي شخص سمع أن مثل هذا الشخص قد مات في حادث سيضن هذا الأمر مشبوهًا. أضافت إميلي بصوت منخفض.

 

“في الواقع، هناك الكثير من الشائعات بأن الإبن الثاني لتلك العائلة قتله ليصبح هو سيد الأسرة.”

 

“همم؟”

 

“لقد طلب بالفعل من المجلس العام أن يرث اللقب. لم يقم حتى بجنازة لسيد الاسرة السابق بعد.”

 

المجلس العام هو تجمع للنبلاء الأقوياء في هذا الوقت وأعلى هيئة لصنع القرار. وكان أيضًا مكانًا تعقد فيه المحاكمات عندما تكون هناك نزاعات بين النبلاء لا يمكن حلها ، ويتم الاعتراف بوراثة ألقاب النبلاء.

 

عندما سمعت كلمات إيميلي، لمعت عيناها بهدوء. أعطت كورديليا لـ إميلي حقيبة تحتوي على عملات معدنية.

 

“عمل جيد. إذا كان لديكِ أي معلومات جديدة حول أتيلي في المستقبل، فقومِ بـ إبلاغي بها على الفور.”

 

“شكرًا لكِ. سيدتي الصغيرة.”

 

انحنت إميلي وغادرت الغرفة.

 

جلست كورديليا على طاولة الشاي وربتت على الجزء العلوي بأصابعها.

 

بغض النظر عن مدى كآبتها بشأن العالم، فقد سمعت شائعات عن سيد أتيلي.

 

أقوى ساحر في هذا البلد ذو الدم الحديدي ، إرشي.

 

ليونارد أتيلي.

 

أظهر ليونارد، الموهوب بأقوى قوة سحرية في تاريخ أتيلي، عبقري مُنذ صغره وأصبح سيد الأسرة في سن مبكرة.

 

رجل كـ هذا يموت أثناء القتال من أجل حق الخلافة، وكريج، الذي عاد إلى الحياة، يستخدم شعار أتيلي؟

 

بغض النظر عن مدى تفكير في الأمر، هناك نتيجة واحدة معقولة فقط.

 

“الشخص الموجود في جسد كريج الآن هو ليونارد أتيلا.”

 

على الرغم من أنني أتساءل  “كيف؟”، إلا أن ليونارد ساحر عظيم. باعتباره أقوى ساحر في الأرض، لن يكون مفاجئًا تمامًا إذا كان يمتلك بعض القدرات السحرية الغامضة وغير المعروفة

 

“سوف أكتشف ذلك.”

 

إذا كانت أفكار كورديليا صحيحة، فيمكن تنفيذ خطة الهروب الخاصة بها في وقت أقرب بكثير.

 

لم أستطع الجلوس ساكنة على الكرسي تجولت حول المكتب. كان قلبي ينبض بشدة.

 

حاولت السيطرة على انفعالاتي والحكم على الوضع بعقلانية.

 

قد يكون ليونارد حقًا في جسد كريج، ولكن من ناحية أخرى، قد لا تكون الرسالة أكثر من مجرد صدفة.

 

فقط بعد إجراء المزيد من البحث ذهبت لرؤية كريج.

　

 

 

 

═════• •✠•❀•✠ •═════

الترجمة: فاطمة 

قناتي بالتليغرام انزل فيها كل شي ♡ 《التليغرام》