الفصل 14 

 

عندما رأى بيك يون، نهض لي دو جاي من مكانه. 

 

لم تكن تتوقع أن يكون قد وصل قبلها، فشعرت ببعض الحرج. 

 

انحنت بيك يون برأسها تحية. 

 

“مرحبًا، أستاذ. لقد وصلتَ مبكرًا.” 

 

“كنتُ قلقًا لدرجة أن الوقت لم يمر. لا تعلمين كم ندمتُ أمس.” 

 

جلس لي دو جاي وهو يمزح بطبيعية. 

 

“هل هناك أطعمة تفضلينها أو تكرهينها بشكل خاص؟” 

 

“لا، أنا أحب كل الأطعمة الكورية.” 

 

“هذا جيد. إذن، لنستمتع بالوجبة على مهل ونتحدث أثناء ذلك.” 

 

أومأت بيك يون برأسها، فأعطى لي دو جاي الطلب بمهارة. عندما أغلق الموظف الباب وغادر، ساد صمت قصير في الغرفة. 

 

شعرت بيك يون فجأة ببعض الإزعاج من هذا الموقف. 

 

على الرغم من أنها اضطرت لاستدعاء لي دو جاي، إلا أنها في الأصل لم تأكل وجبة مع رجل، بل حتى مع صديق، على انفراد من قبل. 

 

لذلك، لم تكن تعرف من أين تبدأ الحديث في البداية. 

 

لحسن الحظ، بعد صمت قصير، فتح لي دو جاي فمه أولاً. 

 

“لقد فكرتُ كثيرًا بعد قراءة بريدكِ الإلكتروني أمس. لأكون صريحًا، شعرتُ ببعض الشك.” 

 

“كنتُ أتوقع أن تشعر بذلك.” 

 

مع إجابتها الصريحة، سمعت ضحكة خفيفة من لي دو جاي. 

 

“أولاً، أنا فضولي حول كيف عرفتِ بمرض أخي المزمن.” 

 

ابتسم لي دو جاي بهدوء وأسند ذقنه على يده وهو ينظر إليها مباشرة. 

 

على الرغم من أنها هي من يملك اليد العليا بوضوح، لماذا تشعر وكأن المواقع قد تبدلت؟ 

 

‘هل هذا ما يُسمى بهيبة الأستاذ؟’ 

 

وعلاوة على ذلك، إنه مباشر للغاية، أليس كذلك؟ 

 

لقد قال بيك دان بوضوح إنه شخص ماكر. 

 

‘هل هذا صحيح؟ يبدو أنه كذلك، أو ربما لا.’ 

 

كان هناك شعور بالغرابة في تعابيره وتصرفاته. كأنه مظهر مصطنع. 

 

قررت بيك يون أن تكون صريحة بدلاً من التلميح. مع شخص يخفي نفسه بشدة، كسب الثقة هو الأولوية. 

 

“سألتُ بيك دان. نحن توأمان، كما تعلم.” 

 

“آه، أعرف أنكما توأمان. كنتُ أتوقع ذلك، ويبدو أنني كنتُ على حق.” 

 

ابتسم لي دو جاي بخفة ونقر على الطاولة بأصابعه الطويلة. 

 

“بما أنكِ تعلمين أنني سأشك، فما السبب الذي جعلكِ تقررين مساعدتي؟” 

 

“لدي طلب منك، أستاذ.” 

 

“طلب، تقولين.” 

 

“نعم. ليس شيئًا صعبًا، بل شيء يمكنكَ تلبيته بسهولة.” 

 

عند هذه الكلمات، توقفت أصابع لي دو جاي عن النقر على الطاولة. 

 

“أنا فضولي. ما هو هذا الطلب الذي يمكنني تلبيته بسهولة؟” 

 

عيناه الضيقتان المائلتان كانتا مليئتين بالجاذبية. 

 

‘بالتأكيد لم يكن هذا شعوري أمس؟’ 

 

كم عدد الأقنعة التي يمتلكها هذا الشخص بالضبط؟ هل يحاول استخدام جاذبيته أو شيء من هذا القبيل؟ 

 

بينما كانت بيك يون تحمل تعبيرًا متجهمًا، ضحك لي دو جاي بخفة مرة أخرى. 

 

“لنتناول الطعام أولاً. مهارة الطهي في هذا المكان جيدة جدًا.” 

 

هل هذا استجواب أولاً ثم طعام؟ 

 

‘سأشعر بالتخمة، يا هذا…’ 

 

بالطبع، كانت هذه مجرد أفكار، فمعدة بيك يون القوية لم تكن لتتأثر أبدًا. 

 

عصيدة تقليدية عطرة يتصاعد منها البخار الساخن، طبق غوجولبان (طبق تقليدي من تسعة أطباق)، محار مشوي، حساء أضلاع اللحم، أرز مغذي مطهو في قدر، وغيرها. 

 

كما قال لي دو جاي، كان المكان يتمتع بمهارة طهي ممتازة. كانت أضلاع اللحم المشوية بالذات لذيذة للغاية، فتناولت بيك يون وجبتها بنهم. 

 

“إن رؤيتكِ تأكلين جيدًا أمر ممتع.” 

 

“يقولون إن الشبح الذي يموت بعد الأكل يكون جميلاً.” 

 

هاها، ضحك لي دو جاي واستخدم عيدان طعام نظيفة لتقطيع سمك الماكريل المشوي بعناية ووضعه أمام بيك يون. 

 

لم ترفض بيك يون، وتناولته ببطء مستمتعة بالطعم. 

 

بعد أن دخل الطعام إلى معدتها، شعرت بيك يون ببعض الراحة في قلبها، فابتلعت الطعام في فمها وسألت. 

 

“لكن، ألا تسأل عن أي شيء آخر؟ يجب أن تكون فضوليًا حول كيف يمكنني مساعدة أخيك.” 

 

“أوه، كنتُ سأسأل بعد انتهاء الوجبة. الطعام يفقد طعمه إذا برد، أليس كذلك؟” 

 

“لقد انتهيتُ من الأكل. يمكنكَ السؤال الآن.” 

 

عندما وضعت بيك يون عيدان الطعام جانبًا، ابتسم لي دو جاي بخفة وصب الماء في كوبها الفارغ. 

 

“شكرًا. أنتَ ألطف مما كنتُ أتوقع.” 

 

بدت حركاته وهو يعتني بشخص ما مألوفة جدًا. لم يبدُ كشخص من هذا النوع، فشعرت بغرابة طفيفة. 

 

“أنا معتاد على الخدمة.” 

 

على الأرجح يتحدث عن أخيه. 

 

من بيك دان، علمت أن أخ لي دو جاي يعاني من مرض في القلب. كما علمت أيضًا كم يعتني به بعناية فائقة. 

 

لا تعرف لماذا فقد لي دو جاي عقله في الشظايا، لكن إذا مات شخص عزيز عليه بهذا الشكل، ألن يؤثر ذلك عليه ولو قليلاً؟ 

 

‘لو كنتُ مكانه، لفقدتُ عقلي أيضًا إذا مات بيك دان.’ 

 

على الرغم من أنه قد يكون عدوها المستقبلي، شعرت ببعض الشفقة تجاهه لسبب ما. 

 

“كما ذكرتُ في البريد الإلكتروني، أنا لستُ طبيبة، لذا لا يمكنني تقديم مساعدة مثل التشخيص الدقيق أو الجراحة.” 

 

“أعلم ذلك. لا أتوقع منكِ أن تكتشفي سببًا لم يتمكن حتى أشهر الأطباء في العالم من معرفته.” 

 

ومع ذلك، 

 

هل جاء إليّ وهو يتشبث بأمل ضئيل؟ تذكرت بيك يون صوته الذي بدا يائسًا للغاية قبل أيام قليلة، فأومأت برأسها. 

 

“لكن، يمكنني جعل المرض يتحسن.” 

 

“كيف يمكنكِ أن تكوني واثقة من ذلك؟” 

 

“لأن هذه هي قدرة استيقاظي.” 

 

“…قدرة استيقاظ، تقولين؟” 

 

تغير تعبير لي دو جاي بشكل غريب. 

 

إذا كانت هذه قدرة، فهي بالتأكيد كذلك. من يمكنه إضافة تأثيرات تعزيزية للمحاصيل؟ 

 

‘هل يمكن لأحد آخر أن يفعل ذلك؟’ 

 

شعرت بيك يون بالقلق فجأة واستدعت كوكبتها. 

 

‘أوبا جك-سيم، أنا الوحيدة التي تمتلك هذه القدرة، أليس كذلك؟’ 

 

[بالطبع، يا طفلتي، أنتِ الوحيدة التي يمكنها تنقية الأراضي الملوثة وإنتاج محاصيل رائعة، كما يقول كوكبة ‘قاضي الموتى’ وهو يضرب صدره بفخر.] 

 

شعرت بيك يون بالارتياح قليلاً وأجابت بثقة. 

 

“نعم. لا يمكنني إخباركَ بكل شيء الآن، لكن قدرتي تتمثل في صنع شيء يحتوي على تأثيرات تعزيزية. مع ذلك، يمكنني تخفيف مرض قلب أخيك.” 

 

“تأثيرات تعزيزية… تقولين.” 

 

مع تعبيره الذي بدا وكأنه فقد تركيزه، أومأت بيك يون برأسها. 

 

“سأخبركَ بالتفصيل عن نوع القدرة بعد توقيع عقد حظر الإفشاء.” 

 

بعد أن رمش بعينيه عدة مرات، سأل لي دو جاي متأخرًا. 

 

“…هل تتحدثين عن عقد الحظر؟” 

 

“لا يوجد طريقة أخرى. أرجوكَ تفهم ذلك.” 

 

عقد الحظر خطير للغاية. 

 

طالما تم الالتزام به، لا توجد مشكلة كبيرة، لكن إذا أفشى لي دو جاي سر بيك يون، فإن دماغه سينفجر وسيموت. 

 

“يبدو أنها قدرة ستسبب لكِ مشكلة كبيرة إذا اكتُشفت.” 

 

“حسنًا، قليلاً.” 

 

لمع الاهتمام في عينيه للحظة ثم عاد إلى طبيعته. 

 

“لكن، إذا لم تتمكني من شفاء مرض أخي، ماذا ستفعلين؟” 

 

“ماذا سأفعل؟ إذا حدث ذلك، يمكنكَ ببساطة عدم تلبية طلبي. أنسيتَ أنه عقد متبادل؟” 

 

“أشعر وكأنني في موقف خاسر. أنا أخضع للحظر، بينما أنتِ ستغسلين يديكِ وتذهبين فقط؟” 

 

“إذا لم يعجبكَ الأمر، يمكنكَ التوقف.” 

 

مع إجابة بيك يون غير المبالية، ضحك لي دو جاي بصوت عالٍ. 

 

منذ قليل، ما الذي يجعله يضحك هكذا، يستمر في الابتسام بخفة؟ 

 

شيء يحتوي على تأثيرات تعزيزية… هل من قبيل المصادفة أن يتبادر إلى ذهنه “الخس المعزز” الذي أثار ضجة عالمية قبل أسبوعين؟ 

 

الآن بعد أن فكر في الأمر، أخو هذه الفتاة التي أمامه هو المصنف الثاني في كوريا. أحد الشخصين الوحيدين، باستثنائه، القادرين على الوصول إلى وضع الماستر في سوق الصيادين. 

 

شعر لي دو جاي وهو ينظر إلى بيك يون وكأن عقله قد أصبح أكثر وضوحًا. 

 

في هذه الأثناء، لم تكن بيك يون، التي لا تعرف ما يدور في ذهن لي دو جاي، في وضع يسمح لها بالاسترخاء، لكنها تظاهرت بالقوة في محاولة للسيطرة على الموقف. 

 

كانت تأمل فقط أن تنجح هذه الخطة. 

 

“كيف يمكن أن أرفض؟ حسنًا، لنفعل ذلك.” 

 

رن صوته المنعش والواضح في أذنيها. 

 

‘آه، لقد تجاوزتُ عقبة واحدة أخيرًا.’ 

 

كانت تعلم أنه سيوافق، لكن سماع ذلك مباشرة جعلها تشعر بمزيد من الارتياح. 

 

“إذن، هل يمكنني الآن سماع طلبكِ، يا بيك يون؟” 

 

“طلبي هو…” 

 

عبثت بيك يون بأصابعها، كبتت مشاعرها السلبية، وفتحت فمها بهدوء. 

 

“أن تلتقي بي بشكل دوري، أستاذ.” 

 

“……” 

 

للحظة، ظهر تعبير ذهول على وجه لي دو جاي، لكنه سرعان ما استعاد رباطة جأشه. 

 

‘نعم… بالتأكيد ستراني كواحدة من العديد من الفتيات اللواتي يحاولن التقرب منك.’ 

 

لم أكن أريد قول شيء كهذا أيضًا. لكن ماذا أفعل؟ إذا لم أفعل هذا، لن تكون لدي فرصة لمعرفة المزيد عن لي دو جاي. 

 

‘يجب أن أكتشف لماذا دمر لي دو جاي العالم من خلال مراقبته عن قرب.’ 

 

للقيام بذلك، بدا هذا النوع من الاقتراب هو الأقل إثارة للشكوك. 

 

بصراحة، هناك الكثير من الأشخاص الذين يطلبون منه اللقاء غيري، لذا لن يكون هذا غريبًا بشكل خاص. 

 

شعرت ببعض الإحباط الذاتي يتسلل إليها، لكن بيك يون واصلت حديثها بوقاحة. 

 

“مرتين في الأسبوع، ثلاث ساعات في كل مرة. التقِ بي، أستاذ. هذا هو شرطي.” 

 

“هل تطلبين مني الآن… أن نكون في علاقة تعاقدية؟” 

 

آه، ما الذي يقوله الآن؟ 

 

كادت بيك يون أن تختنق بالماء الذي كانت تشربه، لكنها رفعت زوايا فمها بقوة وابتسمت. 

 

“لا. علاقة بين أستاذ وطالبة؟ لم أفكر أبدًا في شيء ممل كهذا!” 

 

“ممل، تقولين…” 

 

بدا وكأنه يكبح ضحكته بتعبير غريب، لكن بيك يون دافعت عن نفسها بيأس. 

 

“نعم! أنا فقط مهتمة بكَ من الناحية الأكاديمية! هذا كل شيء.” 

 

“من المدهش أن تكوني مهتمة كثيرًا بدراسة الصيادين التي لها تاريخ قصير.” 

 

بدأ لي دو جاي يضحك علنًا الآن. بدا واضحًا أنه لا يصدقها على الإطلاق، لكن بيك يون واصلت حديثها بثبات. 

 

“لقد أصبحتُ مستيقظة منذ وقت قصير فقط. من الطبيعي أن أرغب في تلقي دروس خصوصية من الأستاذ لي دو جاي، المصنف الأول عالميًا، أليس كذلك؟” 

 

“حسنًا، فهمتُ. كما قلتِ، ليس هذا أمرًا صعبًا، لذا سأفعل ذلك. ما المدة التي تفضلينها؟” 

 

“حتى أتخرج.” 

 

“حسنًا. متى سنوقع عقد الحظر؟” 

 

لقد مرت 5 أيام منذ أن زرعتُ البطاطس، لذا بعد 5 أيام أخرى، يجب أن تكون جاهزة. إذن، يمكنني تخصيص يوم واحد لحصاد البطاطس… 

 

فكرت بيك يون في التواريخ للحظة قبل أن تفتح فمها. 

 

“بعد 6 أيام، يوم الجمعة القادم. سأرسل لكَ الوقت والمكان عبر رسالة. لنلتقِ حينها ونوقع العقد.” 

 

أومأ لي دو جاي برأسه بسهولة، ثم نهض من مكانه ومد يده لمصافحتها. 

 

يد كبيرة وطويلة. نظرت إليها للحظة، حيث كانت الأوردة بارزة، ثم صافحته. 

 

“إذن، أتطلع إلى تعاوننا، يا بيك يون.” 

 

“وأنا كذلك.” 

 

وهكذا، تم إبرام العقد بينهما.