1
“اللعنةُ! استيقظي…! لا زالت لم تفق بعدُ…! هيا!”
معَ إحساسِ شخصٍ يمسكُ بجسدي ويهزّه، بدأ عقلي الغارقُ في النومِ يَطفو تدريجيًا إلى السطحِ.
وفي الوقتِ نفسِه، عندما اجتاحَني صداعٌ مروّعٌ، شعرتُ بدوّارٍ في رأسي،
وتسرّبَ أنينٌ مكتومٌ من فمي دونَ وعيٍ.
“أُو…”
بينما كانت وعيي الضبابيُّ يتضحُ تدريجيًّا، حاولتُ فتحَ عينيَّ المشتتتينِ بصعوبةٍ،
لكنْ في لحظةٍ، أمسكت يدٌ خشنةٌ بياقةِ ملابسي بقوّةٍ وجذبتني بعنفٍ.
“اللعنةُ! ظننتُكِ ميتةً حقًا!”
كانت يدٌ قاسيةٌ لا تَحملُ أدنى رحمةٍ تضغطُ على رقبتي بلا رحمةٍ.
حاولتُ تحريكَ جسدي مع إحساسِ الخنقِ يعتصرُ أنفاسي،لكن يدايَّ ورجلايَّ كانتا كأنّما مُقيّدتانِ بشيءٍ،
فلم أَستطع تحريكهما قيدَ أنملةٍ.
‘ما… ما هذا…؟ أينَ أنا؟’
شعرتُ وكأنَّ تدفّقَ أفكاري توقّفَ للحظةٍ.
الرجلُ الذي أمامَ أنفي، أُقسمُ أنّني لم أَرَه من قبلُ قطُّ.
على أيِّ حالٍ، مظهرُه الوقحُ لا يَجعلُه شخصًا يُمكنُ أن يكونَ في بيتي.
“مـ-من…أنتَ…”
“أَيُّتها اللعينةُ، هل أَصابكِ الجنونُ من ضربةٍ بسيطةٍ؟تبًا. سيكونُ الأمرُ مزعجًا إن تعطّلتي.”
“من…تكونُ…”
“حسنًا، ما دمتِ حيّةً فلا بأسَ على أيِّ حالٍ. كدتُ أَفقدُ سلعةً من الطرازِ الأولِ.”
كلماتٌ غامضةٌ تتدفّقُ بلا توقّفٍ من فمِ الرجلِ.
تساءلتُ عما يعنيه كلُّ هذا، وحاولتُ تثبيتَ رؤيتي المرتجفةِ،
لكنْ فجأةً، أصدرَ شيءٌ في يدِ الرجلِ الأخرى صوتَ “طق” وأُغلِقَ حولَ عنقي.
“أو-…”
فجأةً، شعرتُ كأنَّ الأوكسجينَ قد انقطعَ،
وأَصبحَ التنفّسُ صعبًا.
بينما كنتُ أَشعرُ بخنقٍ يضغطُ على أنفاسي،
حاولتُ جاهدًا معرفةَ هويّةِ الشخصِ المقابلِ.
“أنـ-أنتَ…من تكونُ لتفعلَ هذا…”
“هيا! لقد انتهينا من التحضيرِ هنا، خذوها الآنَ!”
ابتلعَ الرجلُ كلامي كما لو كانَ وجبةً شهيّةً،
وأَعلنَ لمن خلفَه أنَّ العملَ قد انتهى.
يا إلهي.
“لا، من…”
“هذه المرّةَ المنتج ’عاديٌّ‘ حقًّا، أليسَ كذلكَ؟
إن كانَ معيوبًا هذه المرّةَ أيضًا، ستكونُ انتَ في ورطةٍ.
في المرّةِ السابقةِ، تسبّبَ منتجٌ معيوبٌ في مشكلةٍ.”
“آه، لا تَقلقْ.لا يوجدُ به عيبٌ، هي عبدةٌ جيءَ بها من بلدٍ أجنبيٍّ،
فلا داعيَ للقلقِ من تبعاتٍ. فقط ادفعِ الثمنَ كما يَجبُ.”
بلدٌ أجنبيٌّ؟ عبدة؟
كانت حواراتٌ غامضةٌ تَجري، ورأيتُ أشخاصًا مجهولينَ يَقتربونَ منّي.
بينما كنتُ أَرى أشكالهم تتوضحُ تدريجيًّا،
كرّرتُ كلمةَ “أصبري” ثلاثَ مرّاتٍ في ذهني، ثمّ فتحتُ فمي بهدوءٍ مرّةً أخرى.
“من…أنتم؟”
“هيّا، لا تثيري ضجيجًا، واتبعي بهدوءٍ، سيكونُ ذلكَ أفضلَ لكِ.”
أَجب على سؤالي على الاقل، أيُّها اللعين!
* * *
العالمُ ظالمٌ.
ربّما كانَ ذلكَ أمرًا طبيعيًّا.
‘بعدَ أن تَجسّدتُ في روايةٍ خياليّةٍ، تكونُ هويتي عبدة…’
عندما فتحتُ عينيَّ أوّلَ مرّةٍ،
جرَّني رجالٌ يتجاهلونَني إلى هذا المكانِ، وهوَ متجرُ عبيدٍ يبيعُ العبيدَ كسلعٍ.
من خلالِ حواراتِهم، استنتجتُ الوضعَ; هذا المكانُ يُربّي العبيدَ منذُ صغرِهم ليكونوا مطيعين،
ويُدرّبهم ليُطيعوا النبلاءَ طاعةً عمياءَ،ثمّ يَبيعُهم بأسعارٍ باهظةٍ.
لقد كانَ أَشهرَ متجرِ عبيدٍ فاخرٍ في الإمبراطوريّةِ يُنتجُ أفضلَ العبيدِ فقط.
‘أليسَ من المفترضِ أن أَفتحَ عينيَّ لأَجدَ نفسي آنسةً نبيلةً أو شيئًا من هذا القبيلِ؟’
كنتُ أَظنُّ أنَّ بدايةَ كلِّ روايةٍ تَمنحُ حياةً أفضلَ من الحياةِ السابقةِ،
فأَقولُ”آه، أُريدُ العيشَ هنا.”لكنْ أنْ تَبدأَ فجأةً في متجرِ عبيدٍ…،
هذا نكبةٌ بحدِّ ذاتِها.
من كانَ ليَتوقّعَ أنْ أَفتحَ عينَيَّ لأَجدَ نفسي عبدة، وعلى عنقي قنبلةٌ لمنعِ الهروبِ؟
والأسوأُ أنّني لستُ وحدي هنا.
كانَ هناكَ أربعةُ أطفالٍ تَتراوحُ أعمارُهم بينَ ستِّ وثماني سنواتٍ في الغرفةِ نفسِها.
رغمَ صغرِ سنِّهم، كانوا يملكونَ عيونًا ميتةً كأنّهم عادوا من الجحيمِ،
ويَجلسونَ بهدوءٍ في أماكنِهم.
اقتربتُ من فتاةٍ صغيرةٍ وصلتْ معي اليومَ وكانت تَختبئُ في الزاويةِ مكوّرةً نفسَها،
وبدأتُ الحديثَ معَها، كنتُ أنا و هي الوحيداتِ اللاتي لم تَكُن عيوننا خاليةً.
“مرحبًا؟ ما اسمُكِ؟”
كانت الفتاةُ،التي بدتْ أَصغرَ من في المكانِ،
تَملكُ شعرًا أَصفرَ كزهرةِ الفورسيثيا وعينينِ باهتتينِ أَفتحَ من ذلكَ الشعرِ.
بابتسامةٍ عريضةٍ بسببِ لطافتِها كبطةِ الصغيرةِ،
اقتربتُ منها وجلستُ بجانبِها مباشرةً.
فتحتْ عينيها بدهشةٍ، ثمّ فتحتْ فمَها بتردّدٍ وببطءٍ بعد تحريكِ شفتيها.
“ليزي…”
ليزي؟
يا إلهي. اسمُها لطيفٌ أيضًا.
وجهتُ سؤالًا آخرَ لليزي، التي كانت تحتضنُ دميةَ أرنبٍ باليةً وتنظُرُ إليَّ بخفيةٍ.
“ما اسمُ هذه الدميةِ؟”
“دالي…”
“دالي؟ لماذا دالي؟”
“لأنّه… يَعيشُ في القمرِ…”
أَخفت ليزي وجهَها خلفَ دميةِ الأرنبِ، وهيَ تهمسُ بصوتٍ خافتٍ وخجلٍ وخديها مُحمرَّينِ قليلًا.
أَيعقلُ أنّها سمتها دالي لأنَّ الأرنبَ يعيشُ في القمرِ…؟
‘هل يُسمحُ بوجودِ كائنٍ لطيفٍ كهذا؟’
لم تَهدأْ ابتسامتي وأنا أَرى ليزي التي تملكُ كلَّ لطافةِ العالمِ.
لو ولِدت في العصرِ الحديثِ،
لكانت بجمالِها الذي يجعلكَ تقول:”ابنتي لطيفةٌ جدًّا، سأَجعلُها نجمةً”،
مع براءتها التي تُصدّقُ أنَّ الأرانبَ تعيشُ في القمرِ.
لا أَعرفُ كيفَ انتهى بها المطافُ في متجرِ عبيدٍ، لكن لم أَستطعْ إلّا أن أَشعرَ بالأسى لها.
‘لكن ليزي… لماذا أَشعرُ أنّني سمعتُ هذا الاسمَ من قبلُ؟’
عندَ تأمّلِها، بدت دميةُ الأرنبِ ذاتُ الشريطِ الورديِّ مألوفةً أيضًا.
نظرتُ دونَ وعيٍ إلى شعرِ ليزي الأَصفرِ.
تذكّرتُ أنَّ اسمَ ليزي سمعتهُ في روايةٍ قرأتُها في حياتي السابقةِ قبلَ قدومي إلى هنا،
بعنوانِ “خطوةٌ واحدةٌ خلفَ الجحيمِ”.
كانت البطلةُ تَملكُ نفسَ المظهرِ والاسمِ.
حتى ماضيها في متجرِ العبيدِ كانَ متطابقًا!
‘أيعقلُ… أن يكونَ هذا العالمُ هوَ عالمُ الروايةِ التي قرأتُها؟’
كنتُ سأَسخرُ من هذا التطوّرِ لأنّه شائعٌ، لكت هذا المتجرُ كانَ أَسوأَ الظروفِ الممكنةِ.
في الروايةِ، ينشأ الأبطالُ المساكينُ هنا،
ثمّ يثورونَ كبالغينَ ضدَّ مجتمعِ النبلاءِ، وكانت قواهم جميعًا على مستوى “الكوارثِ”.
كانت ليزي من بينِهم، ساحرةَ موتٍ تتحكمُ بالجثثِ.
كانت تستطيعُ السيطرةَ على عددٍ لا يُحصى من الأرواحِ، وبفضلِ ذكائِها،
عملتْ كاستراتيجيّةٍ أيضًا.
‘وكانت دائمًا تحملُ دميةَ أرنبٍ بِشريطٍ ورديٍّ وضعتْ فيه قلبها.’
كانت ساحراتُ الموتِ قادراتٌ على فصلِ قلوبهنَّ و أخفائها في مكانٍ لا يعرفُه أحدٌ.
و اختارت ليزي دميتها المفضلةَ كمخبأٍ لقلبها.
أن تحملَ قلبَها في دميةٍ بذلك الوجهِ اللطيفِ…
“أَنا أَيضًا…”
“نـ-نعم؟”
“أُريدُ أن أَعرف… اسمكِ…”
سألتني ليزي بحذرٍ وكتفاها ترتجفانِ كما لو كانت تقولُ شيئًا محظورًا.
فوجئتُ بسؤالِها المفاجئِ، فابتسمتُ بسرعةٍ لأُخبرَها باسمي، لكنّني توقّفتُ للحظةٍ.
بالمناسبةِ، ما اسمي أنا؟
مهما حاولتُ التذكّرَ، لم يخطر لي اسمٌ محدّدٌ.
هل يمكنني فقط اختيارُ واحدٍ عشوائيًا؟
“أَنا ماري.”
“ما…ري…”
استمعتُ إلى ليزي وهي تردّدُ اسمي كأنّها تتذوقُه،
ثمّ أَدرتُ نظري لأَرى الأطفالَ الآخرينَ حولَنا.
بدأتْ أَشكالُ الأطفالِ المختلفةِ تظهرُ في نطاقِ رؤيتي.
عندما قارنتُ مظاهرَهم بما رأيتُه في الروايةِ،
بدا أنَّ الأطفالَ الأربعةَ الموجودينَ هنا هم بالفعلِ “الكوارثُ” المستقبليّونَ المعروفونَ بثورتهم.
‘هؤلاءِ الأطفالُ اللطفاءُ هم كوارثُ المستقبلِ؟’
نظرتُ إلى الأطفالِ الأربعةِ بعيونٍ لا تصدّقُ، ثمّ أَنزلتُ نظري لأَرى “نفسي”.
‘كانت هناكَ خمسُ كوارثَ… أعني، هل أَنا أَيضًا من الكوارثِ؟’
في الروايةِ، كان عددُ الكوارثِ خمسةً بالتأكيدِ.
لكن هنا أربعةُ أطفالٍ فقط، ففكرتُ أنّني قد أَكونُ واحدةً منهم،
لكن مهما نظرتُ، لم يَكن مظهري مذكورًا في الروايةِ.
ما هذا؟ إذًا أَنا مجرّدُ شخصيةٍ عابرةٍ من الماضي؟
‘هل يجبُ أن أَفرحَ لأنّني لستُ من الكوارثِ،
أم يجبُ أن أَحزنَ لأنّني مجرّدُ شخصيةٍ إضافيةٍ؟’
كان من السخيفِ أن أَكونَ مجردَ شخصيةٍ إضافيةٍ،
لكن نهايةَ هذه الروايةِ كانت أَكثرَ سخافةً.
الكوارثُ التي ثارت على الإمبراطوريةِ لإلغاءِ النظامِ الطبقيّ أَدركت أنّها لا تستطيعُ تغييرَ أفكارِهم،
فأَدت في النهايةِ إلى دمارِ العالمِ.
بمعنى آخرَ، هذا العالمُ مُقدرٌ له الهلاكُ.
‘حصلتُ على حياةٍ جديدةٍ بصعوبةٍ، لكنْ هويتي عبدة،
ودوري شخصيةٌ إضافيّةٌ، وفوقَ ذلكَ العالمُ سينهارُ قريبًا!’
لماذا بدأتُ من الوضعِ الصعبِ مباشرةً…؟
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

عالم الأنمي عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان! شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة. سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!

إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 1"
كتكوتة😮💨😖🤏🏻💗