“هل هذا صحيح؟”

غضبتُ. ففي النهاية، كنتُ قلقًة جدًّا من أن ينهار كل شيء في لحظة. لكن جيريمي ابتسم لي بشجاعةٍ كعادته.
“ما المضحك في الأمر، أخبرني؟ لسببٍ ما، لا أرى شيئًا مُضحكًا هنا.”
كدتُ أفقد صوابي، لكنه اعتبر هذا الخطر مُتعة؟
“آسف. لم آخذ مخاوف إيلي على محمل الجد. فقط… أشعر براحةٍ كبيرة الآن… لا، حقًا. حسنًا، لن أفعل ذلك بعد الآن.”
غيّر جيريمي نبرته فجأة.
“لكن لماذا اقتحمتَ المكان هكذا؟ ألم يكن بإمكانكَ الاختفاء عندما رأيتَ الإمبراطور؟”
“مستحيل. لو أردتُ تجنّبه، لخدعتُه.”
ولم يكن جيريمي يكذب. لو أراد تجنّب الإمبراطور، لما جذب انتباه الجميع ولما كشف عن هويته. لكنني لم أفهم حقًا، لماذا؟
“إذًا لماذا أتيت إلينا كاللص؟ كان بإمكانكَ الدخول، كما ينبغي، ونطق اسم العائلة بفخر.”
“كنتُ أعلم أنكِ ستقولين ذلك. لكن كيف يُفترض بي أن أظهر على عتبة الباب باسم عائلة درويت؟”
تلعثم صوته في تلك اللحظة وهو ينطق باسم درويت.
“أنا أعرف أكثر من أي شخص آخر ما سيجلبه اسم درويت من خطر، ولا أريد توريط إيلي مرة أخرى.”
إنه يهتم بي بقدر ما أهتم به. ومع ذلك، يمكنه قبول مساعدتي ولو مرة واحدة. لقد أنقذني مرات لا تُحصى في مملكة لوند. وقد انزعجتُ تمامًا عندما خطرت لي فكرة واحدة. حتى في أصعب المواقف، يهتم بي قلبه أولًا. وهذا يشبهني كثيرًا في الماضي.
“إذًا، كنتُ أُفضّل لو لم تأتِ على الإطلاق. لا، كان يجب أن تختفي حتى لو أتيتَ. لماذا كان من التظاهر أن تقفز أمام الإمبراطور؟”
“حسنًا… في الواقع، لقد أتيتُ من أجل ريجينا ناسيوس. لم أكن أريد إفساد الأمسية على الجميع. لكن هذه الحفلة أتت إليّ بالطريقة الوحيدة التي يمكنني من خلالها مقابلة السيدة ناسيوس.”
“ولماذا حدث ذلك أصلًا؟”
“بسبب الماركيز ناسيوس. كما قلتِ أمام الجميع، فإن الماركيز لديه صلات بالدوق، والدي. لا عجب أنهما سيفعلان شيئًا ما… أعتقد أن المتاعب قادمة. لهذا السبب أردتُ أن أعطي ريجينا الساعة وأن أعطيها تحذيرًا بهدوء. ولكن بعد ذلك تدخل الإمبراطور نفسه. وبطريقة ما… كان عليّ الكشف عن وضعي. هاها، لا أعرف حتى لماذا اتخذتُ هذه الخطوة الجذرية.”
ابتسم جيريمي وأضاف.
يبدو أن هناك بعض المعنى الضمني هنا. لا أصدق أن جيريمي واسع الحيلة لم يتمكن من النجاة من هذا. يمكنه انتظار مغادرة رايموند، ثم التحدث مع ريجينا بقدر ما يشاء.
بينما كنتُ أستوعب كل هذه التفاصيل، تابع جيريمي.
“في تلك اللحظة كنتُ مرتبكًا للغاية.”
أخذ جيريمي نفسًا عميقًا وغطى وجهه بكلتا يديه. قد يظن المرء أنه كان آسفًا للغاية.
هل جاءت حيلته هذه حقًا بدافع الاندفاع؟ كان هناك شيء غريب هنا. بفضل مبادرة جيريمي، انقلب مجرى الأمسية تمامًا. ريجينا، التي كانت تتظاهر سابقًا بأنها السيدة الأولى، مضيفة النبلاؤ، أصبحت الآن محاطة بشائعات مشكوك فيها عن علاقة خبيثة مع دار درويت. وهكذا فقد الحشد اهتمامه بالمثلث اللطيف مع ريجينا ورايموند وأنا. من الواضح، بفضل هذا، تمكنتُ من وضع ريجينا في القيد. لكن… هل هذا كل شيء من أجلي؟ على الرغم من أنه كان صديقي، إلا أنه لا يزال غير كافٍ أن يخاطر بنفسه هكذا. حسنًا. كفى. اعتقد أن قافلة أفكاري قد ذهبت بعيدًا.
انحنى جيريمي برأسه كما لو كان يندم على ما حدث مؤخرًا، وقال بوجه بارد.
“أعتذر عن إزعاجكِ. ما كان يجب أن آتي، كما قالت إيلي. لكن مكائد الماركيز ناسيوس تتطلب الاهتمام.”
“لا تعتذر. كل شيء على ما يرام ينتهي بشكل جيد. لقد ساعدتني كثيرًا اليوم.”
“حسنًا، جيد إذا كان الأمر كذلك.”
“هل يمكنكَ إخباري المزيد عن الاجتماعات بين الماركيز والدوق؟”
كنتُ لا أزال قلقًة بشأن جيريمي، لذلك لم أفكر مليًا في هذا الاكتشاف. ولكن في الواقع، فإن ارتباط هذين الاثنين حملنا خطرًا كبيرًا.
“ماذا تريدين أن تعرفي بالضبط؟”
“أتساءل كم مرة يجتمعون مع ناسيوس، وكم من الوقت تستغرق اجتماعاتهم.”
“الاجتماعات قصيرة ونادرة.”
واختفت الابتسامة من شفتي. هذا يعني أن الماركيز ناسيوس جر الدوق درويت إلى معسكره. لكن هذا الدوق لم يكن نبيلًا عاديًا. كانت عائلة تكن أكبر كراهية للإمبراطور الحالي. وبناءً على أمر الإمبراطور، تظاهر جميع نبلاء الإمبراطورية الآن بأن بيت درويت قد مُحي من على وجه الأرض. دعم الدوق درويت ولي العهد المخلوع. وحتى لو نجا، فقد فُرض ختم الخيانة على حياته بأكملها. لذا، لم ترغب أي عائلة نبيلة في أن تكون على قدم المساواة مع درويت. لكن ماركيز ناسيوس التقى بالدوق. كان الوزير وجد الأمير. ربما لم يكن ليذهب إلى الدوق ليسأله عن أحواله. لا يوجد سبب للقاء ماركيز ناسيوس بالدوق درويت، سواء كوزير أو كممثل للأمير. والأهم من ذلك، كان اجتماعهما سريًا. هذا يعني أن جدول أعمال اجتماعهما لم يكن سهلاً. هل يشجع ماركيز ناسيوس حقًا درويت على ارتكاب الخيانة؟ إذا كان ماركيز ناسيوس يخطط لتمرد جديد جنبًا إلى جنب مع درويت، فجيريمي… إلى من ستذهب؟
نظرتُ إليه بشكل مختلف قليلاً عن ذي قبل. أؤمن بجيريمي، لكنني لا أعرف على وجه اليقين ما الذي سيختاره في مواجهة الخيانة. إذا نهض مع الدوق درو، فسنقوم…
“استمعي.”
“نعم؟”
“أنا لا أخون أصدقائي. كان هذان الاثنان مخطئين بوضوح. لا أعرف بالضبط ما هو، ولا يمكنني القول. لكن ما يمكنني قوله بالتأكيد هو أنني لن أخون إيلي أبدًا.”
هل شعر بشكوك؟ كانت هناك إرادة قوية في كلماته الهادئة. لم تستطع عيناي إخفاء إحراجي وارتجفت، لكن نظراته كانت مليئة بالعزم.
“آسفة. الآن أرى أي نوع من الهراء افترضتُه. أنا أؤمن بجيريمي.”
“من الجيد سماع ذلك.”
لمعت عينا جيريمي بمرح.
“أوه، وريث دوريت.”
في اللحظة التي فتحتُ فيها شفتيّ لأسأل إن كانت هذه مزحة أخرى، دوى صوت بارد بيننا فجأة.
هذا الصوت… حسنًا، بالطبع يجب أن تكون هنا.
“جلالتكَ.”
انحنى جيريمي.
حدقت عينان سوداوان في جيريمي، أغمق من سماء الليل.
“تساءلتُ عمّا كنتَ تفعله لدرجة أنكَ اندفعتَ للخارج حالما انتهيتَ من الرقص.”
التفتَ نظر ريموند إليّ.
“أعتقد أنه كان عملًا شاقًا.”
لمعت عينا رايموند بنظرة خطرة وهو ينظر إليّ وإلى جيريمي بالتناوب.
“وريث دوق درويت. الرجل الذي رقص معكِ في حفلة ناسيوس قبل ست سنوات.”
لم أعد أستطيع إنكار ذلك. لا، لم أكن أخطط حتى لإخفائه منذ البداية.ليس لديّ سبب لأقدم له الأعذار. ومع ذلك، لم أستطع أن أنطق بكلماتي عن صداقتي الطويلة مع جيريمي الآن. لأن كلمات جيريمي كانت أسرع.
“لقد اعتذرتُ للسيدة كروفت.”
“تعتذر… على ماذا؟”
“لم يدعُني أحدٌ حتى، لكنني اقتحمتُ حفلتها وأحدثتُ ضجةً كبيرة. اعتذرتُ عن هذه الوقاحة.”
“لم تُدعَ حتى، صحيح؟”
مدّ رايموند يده ببطءٍ إلى نهاية حديثه. للوهلة الأولى، قد يبدو أنه شعر بالملل فحسب، لكنني أعرف رايموند جيدًا. لقد أصبح الآن على خلافٍ مع جيريمي.