عند سماع ريجينا، التفت نظر الإمبراطور إلى إدموند. كان الصبي يُحدّق به الآن، والبسكويت متفتت على فمه.
تنهد ريموند، وابتسم قسرًا.
“لا أريد، تناوله بنفسكَ.”
“نعم!”
تمتم رايموند في نفسه: “إنه مجرد طفل. طفلٌ يأكل البسكويت ويحرك ساقيه ذهابًا وإيابًا وهو جالس على كرسي. عندما رأيتُ هذا، خطر ببالي فجأةً، هل سيكون طفلي من إيلي جميلًا؟ الآن، من المستحيل معرفة ما إذا كان صبيًا أم فتاة، لكن سيكون من الرائع لو كان أشبه بإيلي بغض النظر عن جنسه.”
ضيّق رايموند عينيه.
هو نفسه لم يعرف حتى لماذا خطر هذا بباله.
فكر رايموند: “ولماذا أرسم فجأةً في ذهني صورة طفلٍ غير موجود؟ إضافةً الى ذلك، فكرتُ أنه سيكون من الجميل أن يكون مثل إيلي، وليس مثلي. هل أنا مجنون؟”
ساخرًا من أفكاره المجنونة، أشاح رايموند بنظره عن إدموند.
فكر رايموند: “لولا ذلك، لتسللت كل هذه الأفكار الغريبة إلى رأسي مرة أخرى. التفتُّ بتفكير، وهذه المرة تذكرتُ كيف قابلتُ إيلي في الحفلة. وجهها الجامد وهي تنظر إليّ. رقصَت، وأمسكت بيد الرجل الآخر، وكانت نظراتها حازمة. كل التفاصيل لمعت في ذهني، حتى كلماتها، وكيف رسمَت الخط الفاصل بيننا. حاولتُ نسيان إيلي، وأقنعتُ نفسي بأن لا شيء يربطنا أكثر من ذلك. لكن الأمر لم يكن سهلاً. عندما تذكرتُ عينيها الباردتين، خفق قلبي بجنون.”
“جلالتكَ.”
التفت رايموند، غارقًا في أفكاره بشأن إيلي، إلى صوت ريجينا.
“يبدو أن لديكَ الكثير من الهموم. فليكن، يمكننا الانتظار.”
نظرت إليه ريجينا بعيون قلقة.
هز رايموند رأسه.
“لا. اتصلتُ بكِ لأن لديّ ما أقوله.”
“لتقول شيئًا؟”
“هذا صحيح.”
نظر رايموند إلى كبير الخدم، ملمّحًا إليه أن يتركهم وشأنهم.
توترت ريجينا قليلًا، وقالت.
“أعتقد أن إدموند يجب أن يخرج أيضًا.”
بدلًا من الإجابة، وضع رايموند الكوب على الطاولة. بعد أن شرب الشاي البارد، وضع الكوب بوجهٍ عابس.
“ريجينا. من كان صاحب القرار بدعوة إيلي إلى الحفلة ذلك اليوم؟”
صدم سؤال رايموند المباشر ريجينا.
نظرت ريجينا إلى رايموند في صمت. لم تعد ترى تلك العاطفة في عينيه كما كانت في الماضي.
“يبدو أنكَ قد توصلتَ إلى قرار. فلماذا تسألني يا جلالة الإمبراطور؟ هل ستصدقني إذا قلتُ إنني لم أدعو السيدة كروفت؟”
لم يُعلق رايموند على كلمات ريجينا الباردة.
هذا لأنه، كما ذكرت، كان رايموند قد استنتج بالفعل أن ريجينا متورطة في دعوة إليشا.
تمتم رايموند في نفسه: “بالنظر إلى سلوك ريجينا، الذي أضرّ سرًا بشرف إيلي في الحفلة، لم أستطع التفكير بطريقة أخرى. كنتُ أفكر في اعطائها تحذير أخير، لا تلمسي إيلي مرة أخرى.”
وبينما حاول رايموند فتح فمه، دوى صوت حزين.
“لقد تغيّرتَ كثيرًا يا جلالتكَ.”
“ماذا؟”
“لقد وثقتَ بي في الماضي، مهما قلتُ. حتى لو كذبتُ. الآن لا تُصدق الحقيقة حتى…”
“يبدو أن 7 سنوات مدة طويلة جدًا. لكن لا يهم الآن.”
قالت ريجينا، مقاطعة رايموند.
“لقد تغيّرتَ جلالتكَ. أما أنا، فلا. ما زلتُ أحب جلالتكَ.”
ارتسمت على وجه رايموند ابتسامة مصطنعة بعد اعتراف ريجينا المثير للشفقة.
“ذهبتُ إلى المملكة الغربية رغماً عني، لكنني لم أنسَ جلالتكَ قط. خاطرتُ بحياتي لأنجب إدموند هناك. لأنه ابن جلالتكَ. كنتُ أعلم أنني لن أتمكن من العودة بسلام إلى إمبراطوريتي الأصلية، لكنني أردتُ حماية الطفل، الصلة الوحيدة بجلالتكَ.”
ارتجف صوت ريجينا.
“عندما تمكنتُ من الخروج بأعجوبة… حتى لو لم تكن جلالتكَ سعيداً برؤيتي، تمنيتُ ألا أُستجوب بعنف على الأقل. لقد جرت مياه كثيرة تحت الجسر، لكنني ظننتُ أنكَ تستطيع فهم مشاعري المتعلقة بولادة طفل وتربيته وحيداً بعيداً عن الوطن. كانت تلك رغبتي، لكن اتضح أنها مجرد وهم.”
بعد ذلك، أطبقت ريجينا شفتيها. انهمرت الدموع على خديها.
لم يستطع رايموند النطق بكلمة بسبب حديث ريجينا المليء بالدموع. كان ذلك لأن الماضي الذي تحدثت عنه، والسنوات السبع التي ربّت فيها إدموند وحدها، كانا على ضميره.
“استدعيتُكِ ليس لأتهمكِ. مجرد إمبراطورة… لا إيلي، نحن مُطلَّقان الآن. قالت إنه لا توجد أي صلة بيننا على الإطلاق.”
صوت رايموند أهدأ بكثير من ذي قبل. ولكن، ليس كما كان من قبل، لم يمد يده ليمسح دموع ريجينا ولم يضع ذراعيه حول كتفيها. لقد رسم خطًا غير مرئي بينهما.
صفَّت ريجينا حلقها، ومسحت دموعها بظهر يدها.
“ذلك اليوم… لم أتوقع ذلك أيضًا. في المستقبل، بالطبع، سأحرص على ألّا يحدث هذا. وبالطبع، حتى لو أردتُ دعوتها مرة أخرى، فلن أستطيع ذلك.”
“ماذا يعني ذلك؟”
“سمعتُ أن السيدة كروفت ستبحر إلى الخارج قريبًا.”
“قلتِ الآن… إلى الخارج؟”
“هذا صحيح، جلالتكَ. لقد سمعتُ محادثة بين الخدم أن الدوق كروفت يُجهِّز الأمور للرحلة الطويلة.”
“هذا كل شيء…”
شتَّتت كلمات ريجينا أفكار رايموند مرة أخرى.
“لقد تأخر الوقت، من الأفضل أن تذهبي.”
“نعم، جلالتكَ.”
عندما غادرت ريجينا غرفة المعيشة، تنهد رايموند ودفن وجهه في الوسادة.
تمتم رايموند في نفسه: “على الرغم من أن ريجينا غادرت، إلا أن الطعم المقرف ظل عالقًا لسبب ما.”
لم يختفِ تصلّبُ رايموند، وعلقت كلمات ريجينا في ذهنه.
فكر رايموند: “إلى أين تذهب؟ إذا كانت رحلة طويلة، فمتى تفكر في العودة؟ لكن لا علاقة لي بالأمر. أينما كانت تخطط للذهاب، كنتُ أعلم يقينًا أنه لا أستطيع التدخل. لكنني لم أستطع فهم سبب هذا الخبر المزعج..يمكنني القول إنني مجنون، لكنني الآن أريد زيارة إيلي إن استطعتُ. إنها فكرة مجنونة حقًا بعد أن انتهت علاقة الزوجين بالفعل. بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن إيلي لا تريد معرفتي بعد الآن.”
[لا بأس إذا لم تُحبّني جلالتكَ. أريد فقط سعادة جلالتكَ.]
فكر رايموند: “بالنظر إلى الماضي، لطالما كانت هكذا.”
[أتمنى لو كنتَ جلالتكَ سعيدًا. إذا كنتَ جلالتكَ سعيدًا، فسأكون سعيدةً أيضًا.]
“هل يمكننا أن نبقى أصدقاء؟”
تمتم ريموند بكلمات رقيقة بدت غريبة عليه نوعًا ما نظرًا للسنوات الست التي عاشاها كزوجين.
“هل أريد حقًا أن أكون صديقًا لها؟”
لم يستطع الإجابة على سؤال مفاجئ. دوى صوت كبير الخدم في غرفة المعيشة.
“جلالتكَ، لقد حلّ الليل بالفعل. أعتقد أنه من الأفضل أن تنام.”
أدار رايموند رأسه إلى النافذة.
عندما غادرت ريجينا، تحولت سماء الشفق فجأة إلى اللون الأسود.
كان رايموند غارقًا في التفكير وفقد إحساسه بالوقت.
“أعلم.”
وبينما كان رايموند يفكر بعمق، ازداد عطشًا مجهولًا.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات