“ماذا أيضًا؟” 

سأل رايموند سؤالًا منطقيًا ردًا على مجيئ كبير المرافقين العاجل. 

فكر رايموند: “ربما كان الأطباء مخطئين؟ هل يمكن أن تكون حياة كارلايل قد انزلقت من بين أصابعي بالفعل؟”

لم يستطع الإمبراطور تحمل القلق. الآن وقف وجهًا لوجه مع أحد المعالجين. وبسبب ذلك لم يرَ رايموند ما حدث للصبي.

عبس رايموند عند رؤية تعبير الطبيب، الذي كان متوترًا بعض الشيء.

“هل الإصابات حرجة للغاية؟”

“السبب ليس في صحته…”

كانت كلمات طبيب البلاط غامضة، بل ومحرجة.

“تكلّم.”

عندما تجمدت عينا رايموند، انحنى الطبيب برأسه على الفور.

“تغير لون شعر الطفل فجأة. ربما… أعتقد أن هناك سحرًا متورطًا.”

“ماذا؟!”

فكر رايموند: “هذا خبر غير متوقع تمامًا. لقد تأكدتُ شخصيًا بالفعل من عدم وجود أي أشياء سحرية مع كارلايل.”

بينما وقف رايموند هناك، متسائلًا، قال طبيب إمبراطوري آخر.

“بالفعل، يا جلالة الإمبراطور. لون الشعر… تحول فجأة إلى اللون الأسود.”

“ماذا، ماذا؟”

الآن شكّ رايموند في أذنيه، تمتم في نفسه: “الأسود هو لون عائلتي. كم مرّة فكّرتُ في الأمر من قبل؟”

وعندما وصل الأمر إلى حدّ الحسم، لم يستطع رايموند تصديقه. بدأ قلبه يرتجف.

“جلالتكَ، انظر بنفسكَ.”

تنحّى الطبيب جانبًا. التفتت عينا رايموند المرتجفتان إلى الطفل. ثمّ زحفتا على جبهته، حين رأى أخيرًا تلك الشفتين الصغيرتين، والأنف الصغير، والعينين اللتين بدتا يومًا ما كعيني إليشا. وشعرًا كان من المفترض أن يكون أشقرًا، لكنه أصبح كالليل. رمز عائلة الإمبراطور. 

أخذ رايموند نفسًا عميقًا ليُهدّئ الصدمة التي كانت على وشك أن تنفجر على من حوله. سار نحو الطفل.

فكر رايموند: “من يدري، ربما بعد كل ما مررتُ به، تظهر لي أوهام. كان كل شيء كما لو كنتُ في حلم.”

مدّ رايموند يده إلى كارلايل بيد مرتعشة. استمرّ هذا حتى لامست يده خد كارلايل، وشعر بالدفء. كانت هذه اللحظة حقيقية.

“لون شعره مثل لون شعري. لكن كيف…”

“كان هناك شظية قرط صغير جدًا على جانب الأذن. يبدو أن هذا هو.”

قال الطبيب بحذر من الجانب. لم يستطع رايموند أن يتفاعل الآن، لأنه لم يستطع مقاومة دهشته. عندما أمسك بيد الصبي في حيرة، نهض الخادم وقال.

“جلالتكَ، لقد وصل الدوق كروفت.”

“أحضره إلى هنا.”

“جلالة الإمبراطور…”

“ارفع رأسك.”

رفع الدوق كروفت رأسه. وجهه الشاحب يعني أنه قد فهم القصة كاملة بالفعل. كان مندهشًا لسماع أن إليشا والطفل قد تعرضا للهجوم.

ولكن، إن رايموند نفسه قد فقد عقله الآن.

“جلالتكَ! هل الطفل بخير؟ أين إيلي الآن؟ أريد أن أرى ابنتي.”

“انتظر يا دوق.”

قاطعه رايموند بصوت منخفض.

كان الدوق في عجلة من أمره، لكنه صمت عند تلميح رايموند الغريب. كان الغضب المجهول كامنًا في تلك العيون السوداء، ولكن أيضًا الارتباك.

“ما الأمر؟”

“انظر بنفسكَ.”

أدار الدوق رأسه ببطء. ارتجفت عينا الدوق الأرجوانيتان عندما رأى كارلايل مستلقيًا على السرير. لأن شعر كارلايل كان أسود.

“اخرجوا قليلاً.”

أخرج رايموند الجميع. 

سمع رايموند الباب يغلق، فسار نحو الدوق. لم يستطع الدوق أن يرفع عينيه عن كارلايل، فالتفت الآن إلى الإمبراطور.

“اشرح هذا. من الواضح أن إيلي لم تستطع إنجاب طفلي. إذًا، لماذا شعر الطفل أسود؟ لماذا هو سحر؟ أخبرني يا دوق! أحتاج إلى إجابات!”

أراد رايموند التحدث بهدوء، لكنه في النهاية فقد صوابي. كان الدوق يائسًا عندما شعر بضغطه. قاوم حتى النهاية، حتى اتضح له إنه لا يُمكن إخفاء شيء بديهي كهذا.

“لقد انكسر قرط كارلايل السحري، والآن لا يُمكنكَ الإصرار أكثر على أن هذا الصبي ليس من دمي.”

أجاب الدوق بنبرة باهتة.

“أجل، أمامنا دم ولحم جلالتكَ.”

“ها.”

تمتم رايموند: “مع أن ذلك كان متوقعًا، إلّا أن ساقيّ ما زالتا ترتعشان بعد هذا الاعتراف. وبدأ رأسي يدور، كما لو أن أحدهم ضربني بقوة على مؤخرة رأسي. عندما علمتُ أن إيلي لديها ابن، بدأت الأسئلة تدور: هل هو مني؟ لكن حينها لم يعد لديّ مجال للتفكير. ومع ذلك، كم كانت مقنعة، عندما أخبرتني آخر مرة أن الطفل ليس مني. لكنه مني. كذبت عليّ دون أن يحمرّ وجهها. وكذب الدوق أيضًا في عينيّ، مُخفيًا إيلي والطفل. على مدى السنوات الست الماضية، راقبني أتسلق قارة بأكملها، لكنه لم يُخبرني بشيء. والآن أنا غاضبٌ جدًا من هذه الخيانة.”

“يا دوق، لا يبدو أنكَ لم تكن تعلم ذلك.”

ركع الدوق كروفت أمامه.

“إنه خطئي.”

“كنتَ تعلم كل شيء! أتجرؤ على إخفاء ابني عني؟!”

هزّ صوت رايموند الغاضب الغرفة بأكملها.

“سأقبل أي عقاب بكل سرور. لقد كان يستحق ذلك.”

لم يكن هذا سوى اختطاف وريث الإمبراطورية. كان الدوق كروفت يعلم أكثر من أي شخص آخر ما يمكن أن يفعله لمثل هذه الجريمة. ومع ذلك، لم يستطع تجاهل رغبات ابنته اليائسة. أراد أن يخاطر بحياته على أمل عيش إليشا وكارلايل بسعادة. 

انحنى الدوق برأسه وتوسّل.

“لكن يا جلالة الإمبراطور، كانت هذه خطتي فقط. أرجوك أنقذ إيلي والطفل. ابنتي… لقد نفذت أوامري فحسب.”

انحنى رايموند لينظر في عيني الدوق مباشرة.

فكر رايموند: “بالطبع لن أُصدق أي تفاصيل جديدة. هل أن دوقنا كروفت هو من وضع هذه الخطة بنفسه؟ إيلي هي من قررت ألّا يكبر كارلايل ليصبح ابن الإمبراطور. اتخذت إيلي القرار الوحيد بتركي والذهاب مع الطفل.”

“هل تعلم أنها كانت حاملاً وقت الطلاق؟”

“نعم.”

فكر رايموند: “كان طلبها الطلاق وهي تحمل طفلي في بطنها صادمًا حقًا. كيف يمكنني الآن أن أُخمن الظروف التي أجبرتها على اتخاذ هذا القرار الصعب؟ ومع ذلك، كان من الصعب أيضًا التخلص من شعور الخيانة الذي يخيم عليّ. لهذا السبب كانت تتعجل في طلاقي. حتى لا أعرف شيئًا عن ابني. اختفاؤها المفاجئ من الإمبراطورية أصبح مفهومًا الآن.”

شد رايموند قبضتيه.

“اخرج من هنا.”

شعر رايموند أنه على وشك أن يفقد أعصابه إذا لاح الدوق أمامه.

“جلالتكَ، أرجوك…”

“لا أريد سماع أي شيء. اخرج.”

نهض الدوق كروفت ببطء. نظر مرة أخرى إلى كارلايل، لكن الآن عليه المغادرة. غادر الدوق، وهو ينظر بقلق إلى الطفل. 

أخذ رايموند نفسًا عميقًا: “لكن هذا هو سبب عدم خمود النار في داخلي. تطلقت مني وهي حامل. هل تكرهيني إلى هذه الدرجة؟”

“آه.”

في خضم هياج الإمبراطور، سُمع أنين خافت. توجهت أفكاره الآن إلى كارلايل.

“خادم!”

“نعم، جلالتكَ.”

“أحضر أطباء القصر إلى هنا.”

حالما عاد المعالجون إلى الغرفة، قال رايموند:

“هناك أمر غريب بالطفل.”

تأوه كارلايل من الألم. فحص أطباء القصر الطفل بسرعة، لكنهم تراجعوا فجأة. تطوع أحدهم بالتحدث.

“جلالتكَ. تم استخراج السحر بالقوة وبدأ رد فعل في الجسم. هذه صدمة داخلية بسيطة. سأحضر العلاج.”

“اذهب.”

غادر الطبيب الغرفة بسرعة، وسار رايموند نحو كارلايل، الذي تأوه مرة أخرى. كان شعره الأسود مبللاً بالعرق.

[دم ولحم جلالتكَ.]

فكر رايموند: “ما زلتُ لا أُصدّق أن هذا الطفل الصغير هو ابني. أجد ابنًا، ولكن لأخسره على الفور؟ هل يمكن أن أُدعى والده؟ بعد كل شيء، لا يمكنني إنقاذه من مثل هذا الخطر.”

وجه يده لمداعبة شعر الطفل.

“هل ذهب الدوق كروفت بالفعل؟”

“في الوقت الحالي… إنه ينتظر في الخارج.”

“خذه إلى غرفة نومي.”

لقد عانى رايموند من خيانة مروعة من جانب الدوق، لكنه لم يمنعه من مقابلة ابنته.

“إلى جانب ذلك، راقب رجال الحاشية اليوم. من يقرر التهرب من العمل، فسيتم خنقه على الفور، ولا يهمني ما هو موقفهم.” 

قال رايموند، ناظرًا إلى أطباء القصر. وكأنهم شعروا بجدية نواياه، انحنى معالجو القصر رؤوسهم.

غادر كبير المرافقين، وبقي رايموند جالسًا بجانب السرير. ينتظر حتى يستيقظ كارلايل.