ومضت أضواء السوق الليلي تحت السماء المظلمة. وبعد أن استعنتُ بسحر الخاتم، كنتُ أشاهد الآن عرض سيرك مع كارلايل.

“واو! أمي، انظري! لقد تحولت الزهرة إلى حمامة!”

اتسعت عينا كارلايل عندما تحولت الوردة إلى طائر أبيض ناصع متتبعًا حركات الساحر المنومة. صُدم كارلايل بهذا المنظر الغريب، لأنه رآه لأول مرة.

“نعم! رائع!”

في تلك اللحظة، صفق الساحر بيديه، وسقطت عشرات الورود من السماء، وتحولت في الوقت نفسه إلى طيور بيضاء.

“واو!”

كانت هناك هتافات وتصفيق. بدت الطيور البيضاء مثيرة للإعجاب بشكل خاص في مقابل السماء السوداء. هذه المرة حتى أنا كنتُ معجبةً بصدق. مع صافرة البائعين، تفرقت الطيور عبر الأقفاص. دوّت أصوات تنادي.

“دمية جميلة، وبعشرة نقود فقط!”

بمجرد نطق هذه الكلمات، شعرت بالقوة في يد كارلايل الصغيرة. رأيت عيناه تتألقان.

“هل يمكنني شراء دمية؟”

كان هذا ضمن توقعاتي.

“بالتأكيد!”

كان كارلايل لطيفًا جدًا في تلك اللحظة لدرجة أنه طعن قلبي. أوه، كم هو لطيف. أمسكتُ كارلايل بإحكام وبالكاد أكبتُ الرغبة في تقبيله على الخدين، وأشرتُ إلى فنان السيرك الذي يحمل دمية في يديه.

“سأشتري واحدة.”

“أمي، أمي هي الأفضل في العالم!”

في تلك اللحظة، سمعت صوت جيد.

“كارلايل!”

عاد جيد، الذي ذهب لشراء شيء ليأكله.

“عمي جيد!”

ترك ابني يدي وركض إلى جيد.

“كارلايل…”

تركني بهذه السهولة؟ سواء كان يشك في السخافات في قلبي أم لا، فقد هرع جيد أيضًا إلى كارلايل. لم يكن شعوري بالوحدة سوى لحظة، وعاد كارلايل إليّ والآيس كريم في يديه.

“لذيذ؟”

“نعم!”

“اشترى عمكَ شوكولاتة مفضلة لديكَ. إذا أعجبتكَ، فقبّلني على خدي من فضلكَ.”

ما الذي خطر ببالك أيضًا؟ عندما قبّل كارلايل جيد على خده، ضحك جيد بسعادة.

“هكذا تعاملني يا كارلايل؟ أمكَ؟”

عندما نظرت إلى أسفل، متظاهرةً بالاستياء، فتح كارلايل عينيه على اتساعهما ومد يده نحوي.

“وأنا أيضًا أُحب أمي.”

اقترب كارلايل وقبّلني على خدي.

“أنتَ لطيف للغاية، هذه هي الحقيقة.”

قاوم كارلايل عندما عانقته بشدة، مستسلمًا لجماله الذي لا يُطاق.

“لا أستطيع التنفس.”

“آسفة.”

“أوه، بدأ الرقص.” 

جاء من اتجاه جيد.

ثم رأيتُ أن الناس بدأوا بالرقص مع فرقة السيرك. تدفقت موسيقى مرحة، وأشرقت وجوه الزوار. وبينما كان المزيد والمزيد من الناس يتجمعون، بدأ الأطفال يركضون هنا وهناك. 

سمعتُ ضحك الأطفال، وعندما ابتسمتُ دون أن أُلاحظ ذلك، سألني كارلايل.

“أمي، أمي، هل يمكنني اللعب معهم؟”

أشار كارلايل إلى المكان الذي تجمع فيه الأطفال.

“ممم…”

“أمي، سألعب قليلاً.”

وبينما كنتُ مترددةً، لجأ كارلايل إلى نظرته الجرو مرة أخرى.

“إيلي، ربما لا بأس؟ للحظة فقط.”

كان هجوم النظر قد انتهى بالفعل. ولكن الآن يأتي جيد للعب.

“سأعتني به. سيكون قريبًا.”

أمسك الطفل ومشى بعيدًا.

“نعم، نعم!”

اندفع كارلايل بجانبه.

“كن حذرًا.”

عندما سمع إذني، ركض كارلايل كما لو كان يعرف ذلك مسبقًا. استقبل الأطفال كارلايل بحماس، وسرعان ما اندمجوا. كان وجه كارلايل سعيدًا، مما جعلني أشعر بتحسن أيضًا.

“لم يتبق سوى عشرة أيام.”

ارتجف جيد قليلاً عند كلماتي.

“نعم…”

بعد عشرة أيام، يغادر كارلايل إلى أكاديمية لوند. لقد انقضت فترة القبول منذ فترة طويلة، لكنني أعطيتهم بعض المال حتى يُدخلوه في منتصف العام. كان المكان مألوفًا له، لكن كان لا يزال من المخيف إرسال كارلايل بمفرده.

ربّت جيد على كتفي، عندما رأى القلق على وجهي.

“لا تقلقي كثيرًا. سيعتاد كارلايل على ذلك أيضًا. طفلكِ نشيط وحيوي. هل ستخفيه طوال حياتكِ؟”

“فقط… لأنني أريد الحفاظ عليه آمنًا.”

اتُخذ هذا القرار لحماية كارلايل، لكنني غالبًا ما اعتقدت أنه يجعل حياته صعبة.

“همم… إيلي.”

سمعتُ النداء، والتفتُّ لمواجهة جيد. قال وهو ينظر في عيني.

“أنتِ تفعلين كل ما في وسعكِ لحماية كارلايل. لقد وضعتِ حياتكِ كلها على ذلك. لو كنتِ أمًا أنانية، لحاولتِ جعله أميرًا. لكنكِ أم جيدة، لذا لا تشعري بالذنب أبدًا هنا.”

“جيد، شكرًا لكِ.”

“لا، حسنًا، أنا فقط صادق عندما أخبركِ…”

انقطع صوت جيد فجأة بسلسلة من التصفيق. هذه هي ألعاب نارية لفناني السيرك انفجرت بشرارات ساطعة. كم من الناس تجمعوا لمشاهدة الألعاب النارية.

“أحتاج إلى استعادة كارلايل.”

نما الحشد مثل كرة الثلج. هرعت إلى المكان الذي كان يلعب فيه الأطفال. ومع ذلك، لم يكن من السهل اختراق الحشد المتجمع.

“انتظر دقيقة. من فضلك، اعذريني.”

عمل جيد بمرفقيه ودفع الناس إلى الجانبين، لكن الأمر لم يكن سهلاً.

“أوه، وأين انتهى بنا المطاف فجأة؟ يا إلهي. إيلي، هل يمكنكِ رؤيته؟”

“ليس هذا…”

مهما بحثتُ حولي، لم أرَ كارلايل، لذا غرق قلبي.

“لا أراه.”

واصلتُ النظر حولي، ولكن مهما بحثتُ، لم يكن كارلايل موجودًا في أي مكان. بدا أن الدم في جميع أنحاء جسدي قد برد فجأة. استولى عليّ رعب هائل لا يوصف وألقى بي في قشعريرة. إذا فقدت كارلايل… إذا اختُطف…

“كارلايل! كارلايل!”

حتى عندما صرختُ باسمه بجنون، لم يكن هناك إجابة.

“إيلي، اهدئي.”

أمسك بي جيد. شيئًا فشيئًا، عاد وعيي من قبضته القوية.

“لا يمكن أن يكون قد ذهب بعيدًا جدًا.”

لقد مر الوقت، لا بد أنه في مكان ما قريب. وبينما كان جيد على وشك دفع الناس جانبًا مرة أخرى، جاء صبي إلينا.

“هذا كارلايل الذي تبحث عنه، هل هذا فتى ذو شعر لامع وعيون أرجوانية؟”

تحدث الصبي، الذي بدا أنه في الثالثة عشرة من عمره، ورسم صورة ظلية لكارلايل في الهواء بيده.

“صحيح. هل تعرف أين هو؟”

عندما سُئل بإلحاح، أشار الصبي جانبًا.

“لقد ذهب إلى حيث توجد الدمى.”

“شكرًا!”

أجبتُ أنا وجيد على الصبي بسرعة وهرعنا إلى السوق.

“يا صاحب الجلالة، من فضلك كن حذرًا في طريق عودتكَ.”

لم يعر الإمبراطور اهتمامًا لمخاوف جيريمي ولم يُجب.

“أنا أكره منزل درويت. ولهذا السبب سأكون آخر من يحمل مثل هذا اللقب. إذا آمنتَ جلالتكَ بي، فسأفي بوعدي وأغادر الإمبراطورية في نفس اليوم الذي سيُقرر فيه كل شيء هنا.”

“كيف يمكنني أن أثق بكَ؟”

“ألم تقل إنكَ تعرف علاقة السيدة كروفت بي؟ ولعلكَ خمنتَ بالفعل مكانتها في قلبي. لكن السيدة كروفت وفية لجلالتكَ. في النهاية، لن أخونكَ أيضًا.”

ليس الأمر أنه لا يستطيع خيانة الإمبراطور. قال جيريمي إنه لن يفعل، لأنه يُقدّر إليشا.

فكر رايموند: “لم يكذب عليّ وريث درويت ولو كذبة واحدة اليوم. لكن كلما ارتبطت الحقيقة بإيلي، ازدادت النار ضراوةً في داخلي. كان الأمر مؤلمًا، كما لو أن شيئًا ما ينخر فيّ. لكن ما زاد غضبي هو أنني الآن بحاجة إلى مساعدة درويت. لقد كان أفضل من يستطيع جمع الأدلة على المؤامرة بين سيوس ودرويت. كل هذا العمل يُزعجني بشدة. قلبي الآن غارق في خيبة أمل شديدة، ولم أستطع ببساطة إعطاء إجابة أخرى.”

“جلالتكَ، هل ترغب في المغادرة الآن؟”

سأل كارتر.

غادروا الحانة، وساروا في المدينة، حيث كان السوق الليلي في أوج ازدهاره. 

على عكس حزنه الحالي، رأى رايموند احتفالًا صاخبًا في السوق، وتذكر فجأةً لقاءه بإليشا هناك. مرّ بعض الوقت، ولكن عندما تذكر تلك اللحظات معها، خفّ خيبة الأمل قليلًا. 

نظر رايموند إلى السوق الليلي وترجّل.

“ابقوا هنا جميعًا. سأنظر حولي قليلًا وأعود.”

كان السوق الليلي نابضًا بالحياة كما كان آنذاك. كانت الموسيقى تُعزف في الساحة، وكان الناس ينظرون بحماس إلى الأكشاك على جانبي السوق. بينما كان يسير ببطء في السوق، متخيلًا لحظاته المشتركة مع إيلي، تعثر رايموند بشيء ما.

“آه، أنا آسف.”

وبينما كان رايموند يوجه نظره إلى ذلك الصوت الطفولي، التقت نظراته بعينين بنفسجيتين.