“لكن، من المؤسف أن هناك كرسيًا ناقصًا. وبغضّ النظر عن لطف سموّ الأميرَة، فإنَّ الأمر يتعلّق بنظام الانضباط داخل القصر. لا يجب التغاضي عن مثل هذه الأخطاء. إن سمحتِ، يمكنني تولّي أمر التّأديب بنفسي.”
كانت الأميرَة تنظر إلى فنجانها البارد بصمت، قبل أن تومئ برأسها بإحباط وكأنها لا تجد بديلًا.
“أليس هناك أحدٌ في الخارج؟!”
دخلت إحدى الخادمات مسرعة حين سمعت النداء من الخارج.
“نعم، هل ناديتِني؟”
انحنت الخادمة التي دخلت وهي لا تدري ما يجري.
رفعتُ صوتي وأنا أنظر إليها بحدّة.
“هل هذه طريقتكِ في خدمة سموّ الأميرَة؟! حتى وإن عاملتكِ بلطف، فهذا لا يُبرّر الإهمال! أظنّكِ لا تظنّين أنّكِ ستخرجين من هذا بلا عقاب؟!”
“ماذا؟”
رفعت الخادمة رأسها بفزع على غير توقّع منها.
“إن كانت لديك عينان، فانظري جيدًا. كم عدد الكراسي؟! لا تقولي إنّكِ تعمّدتِ هذا…”
أخذت الخادمة تهزّ رأسها بقوّة وقد شحب وجهها.
“لا، لم أقصد! أنا فقط… فعلتُ ما طُلب منّي…!”
كانت تحاول النفي وهي تواصل الانحناء، لكن نظرتي الحادّة منعتها من إكمال الحديث.
“هل تقولين إنِّ سموّ الأميرَة أمرتكِ بإحضار أربعة كراسي فقط؟! وقاحةٌ لا تُغتفر! تخطئين، ثم تتجرّئين على إهانة الأميرَة؟!”
تحت وطأة التوبيخ الحادّ، ارتعدت الخادمة وسقطت على الأرض.
“ه…هك…”
لقد أدركت أنَّ الإنكار أكثر سيُدمّرها.
بدت وكأنها فهمت أنَّ الصّمت والبكاء أفضل من أيِّ تبرير.
***
في تلك اللحظة، كانت نيللي تغلي من الداخل.
كلّ ما أرادته هو مضايقة الابنة المدلّلة لعائلة هيسيتايا التي لا تُحبّها الأميرَة، وربّما كسب بعض النّقاط أمام سموّها…
لكن بدلًا من ذلك، انقلب الوضع عليها تمامًا.
لو استمرّ الأمر هكذا، فستتضرّر سمعة الأميرَة نفسها.
عليها أن تُوقف هذا.
قفزت نيللي من مقعدها بسرعة.
“آنسة إلينيا! هذا مقعدكِ، تفضّلي بالجلوس. لقد أوصيتُ بإحضار كرسي إضافي، لكن يبدو أنَّ الخادمة نسيَت. وبما أنّكِ وصلتِ متأخّرةً بعض الشيء، جلستُ هنا مؤقّتًا فقط.”
عندها فقط، توقّفتُ عن توبيخ الخادمة واستدرتُ نحو نيللي.
“أحقًّا؟ في الواقع، لم يُخبرني أحد بموعد هذا اللقاء. رجاءً، أخبريني مباشرةً في المرّة القادمة حتى لا يحدث أمرٌ كهذا مجدّدًا.”
“ن-نعم… بالطبع.”
أجابت نيللي بنبرةٍ ثقيلة وهي تبتعد عن الكرسي.
“…تفضّلي بالجلوس، آنسة إلينيا. يبدو أنَّ نيللي نسيت الترتيب المتّبع في القصر بعد جلوسها طويلًا إلى جواري. سأذكّر باقي خادماتي بقواعد الانضباط لاحقًا.”
لم تكن الأميرَة في حالٍ أفضل، فقد نطقت بكلماتها على مضض وهي تُشير إلى الكرسي.
“لا حاجة لذلك، سموّ الأميرَة. لقد تأخّرتُ، وأنا من يتحمّل اللوم. وقد وعدتني الآنسة نيللي بأن تُخبرني مستقبلاً، فلن يتكرّر الأمر.”
“…حسنًا.”
أجابت الأميرَة بنبرةٍ باردة وهي تضع فنجانها جانبًا.
طعم الشاي البارد في فمها كان مرًّا.
“اذهبي وأحضري شايًا جديدًا.”
ناولتُ إبريق الشاي للخادمة الجالسة على الأرض، والتي أخذته وهربت كأنّها تطير.
“ههك…!”
بمجرد أن خرجت من الغرفة، مسحت دموعها بأكمامها المُبتلّة.
لقد فعلت فقط ما طُلب منها، لا أكثر.
لكن لم يكن بوسعها أن تنطق بذلك، وكان حالها بائسًا بحق.
‘عليّ أن أُحضِر الشاي بسرعة. من يدري ما الذي قد يُصيبني إن تأخّرت؟’
مسحت دموعها وتوجّهت بسرعة إلى الممرّ المؤدّي إلى المطبخ.
وفجأة، صدر صوتٌ خافت من داخل الإبريق: “تَرنّة—”.
“ما هذا؟”
رفعت الغطاء لتتفقّد الصوت الغريب.
“هاه!”
شهقت بصدمةٍ شديدة وكادت تسقط من الرعب.
فركت عينيها التي بكت بها قبل لحظات.
لكن ما كانت تراه لا مجال للشك فيه.
في قاع إبريق الشاي المتمايل، كانت هناك قطعةٌ ضخمة من الجمشت تتلألأ ببريقٍ مذهل.
حتى النظرة الأولى كانت كافيةً لمعرفة أنَّ حجمها وجودتها لا تُقاسان.
يُمكنها شراء متجرٍ صغير في قريتها بهذا المبلغ، وتعيش من دون أن تُداس بعد الآن.
نظرت حولها بسرعةٍ لترى إن كان أحدٌ قد رآها.
ثمّ خبّأت الجمشت في مئزرها وركضت بسرعة.
لكنّ وجهتها لم تكن مطبخ القصر، بل… طريق الخروج من القصر الإمبراطوري.
***
‘إن كانت ذكيّة، فلن تعود.’
نظرتُ إلى باب الغرفة الذي خيّم عليه الصمت.
خادمةٌ واحدة من جناح الأميرَة؟ لا أحد سيُلاحظ غيابها.
وفي هذا القصر الواسع، لن يلحظ أحدٌ غيابها إلا بعد عدّة أيّام.
وبعد ذلك، حتى الأميرَة ووصيفاتها سينسونها.
فوق ذلك…
‘ليس لديهنّ الوقت أصلًا للتفكير في خادمةٍ الآن.’
تمنّيت لو أنّني دقّقت أكثر في تعبير وجه الأميرَة حين وبّختُ الخادمة وطردت نيللي.
لكنّني كنتُ قد جلستُ بالفعل إلى جوار الأميرَة.
ولم يستطع أحد الاعتراض.
رينيّا ونيللي تبادلتَا نظراتٍ مربكة، لكن لم يعرفا ما يفعلان.
إلى جانبهما، جلست فتاةٌ خجولة، تبدو وكأنها لا تنتمي إليهنّ.
ذات الشعر البني، نظرتها صامتة تمامًا، وبدا عليها الخجل أكثر من غيرها.
نظرتُ إليها تلقائيًّا.
إنّها شخصٌ أعرفه جيدًا.
جوليا ورنيت، سيّدة عائلة ورنيت، وهي الخادمة الوحيدة المتزوّجة بينهنّ.
لكنّها ليست الأكبر سنًّا. في الحقيقة، تزوّجت مبكرًا جدًّا مقارنةً بغيرها.
أراد والداها تزويجها بسرعةٍ بعد بلوغها، كما لو كانا يُريدان التخلّص من عبء.
لم يهتمّ الناس كثيرًا بسبب ذلك، لكنّني كنتُ أعرف السبب الحقيقي.
اسمها قبل الزواج كان جوليا تريجي.
رغم أنها كانت تُعرف بابنة الكونت، فإنّها في الحقيقة لم تكن سوى ابنةٍ غير شرعيّة، أنجبها الكونت من خادمةٍ في قصره.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 36"