عند رؤية كايلوس للأميرة الأولى أرياجين، انحنى لها برأسه. وكذلك أنا، رفعتُ طرف فستاني قليلًا وأنا أقف إلى جانبه.
“نشرف بلقاء سموّ الأميرة الأولى.”
كان تحيّةً خالية من أيِّ مشاعر، جافّة، شكليّة تمامًا. لم أستخدم أيِّ ألقاب مثل زهرة الإمبراطورية أو غيرها، بل مجرّد التزام بالشكليّات.
ويبدو أن الأميرة شعرت بذلك أيضًا، إذ لاحظتُ أن ملامحها تصلّبت للحظة.
حاولت الأميرة جاهدة إخفاء تعبيرها، ثم غيّرت الموضوع لتعود إلى الحديث عن الزينة في شعري.
“هل تلك الزينة من مناجم الأحجار الكريمة التابعة لعائلتكم؟ حسنًا، صحيح أن لدى عائلة الماركيز أيضًا منجمًا لفولاذ ستراين.”
كان في كلامها نبرة سخرية غريبة.
‘كما توقّعت… حتى في حفل الشاي السابق، كانت مهتمةً بعقدي الأرجواني أكثر من أي شيءٍ آخر.’
لذا لم تكن ردّة فعل الأميرة مفاجئةً الآن أيضًا.
فالأميرة أرياجين، رسميًّا، هي الابنة الوحيدة للإمبراطور، والمُدلّلة لدى الإمبراطورة.
طبيعي أن تكبر وهي تعتقد أن كل ما هو ثمين وجميل في هذا العالم يجب أن يكون لها وحدها.
ولهذا لم يكن غريبًا أن لا تروق لها ابنة عائلة نبيلةٍ تمتلك مناجم مجوهرات تضاهي جودة ما لدى القصر الإمبراطوري.
خصوصًا بعد ما حدث اليوم.
‘يمكنني أن أشعر بانزعاجها حتى من هنا.’
أجبتها بصوتٍ ناعم قدر الإمكان حتى لا أستفزّها.
“هذه ليست من ممتلكات عائلتي، بل كانت هديّةً من الدوق كايلوس.”
“الدوق؟”
نظرت الأميرة نحو كايلوس بدهشةٍ واضحة.
“قدّمتُها كهديةٍ خاصة لخطيبتي.”
“طريقة نقش الأحجار فيها فريدةٌ فعلًا. كما أن فستانك أيضًا… هذه الزهرة، هل هي بنفسج؟”
“آه، لا. ليست زهرة بنفسج. هذه الزهرة…”
كنت أتردّد في قول اسم الزهرة، لكن كايلوس سبقني في الإجابة.
“لا أظنّ أن سموّ الأميرة تعرفها. فهي غير موجودةٌ في القصر الإمبراطوري.”
“ما هذا الكلام الغريب؟ لا توجد زهرةٌ غير موجودة في القصر؟ حديقة القصر تضمّ كل أزهار القارة!”
بدت الأميرة مستاءةً من رده.
“ليس تمامًا.”
“ماذا قلت؟”
ثم قال كايلوس ببرود.
“يمكنكِ سؤال جلالة الإمبراطورة بنفسك. لا توجد زهرة ‘فيريستا’ في حدائق القصر.”
“الدوق، تبدو نبرتك مليئةً بالشوك.”
ارتفعت حاجبا الأميرة دلالةً على الغضب.
“إن شعرتِ بذلك، فأرجو مسامحتي على الوقاحة.”
انحنى لها كايلوس قليلًا.
لكن الأميرة أرياجين كانت منزعجةً من كل شيء.
ذاك اللقيط، الذي لا يعرف مكانته، ويتصرّف بعدائيةٍ تجاهها، وأيضًا تلك الفتاة إلينيّا، لا حاجة حتى لذكرها.
كان اليوم حفل تأسيس الإمبراطورية السنوي، حيث يجتمع كل نبلاء العاصمة في مكانٍ واحد.
ومن الطبيعي أن تكون محطّ الأنظار هي وحدها، بصفتها الابنة الوحيدة للإمبراطور ووريثة العرش الملكي.
لا ذاك اللقيط الذي يُدعى دوقًا، ولا ابنة عائلة ماركيز تافهة.
لقد بذلت جهدًا كبيرًا لهذا اليوم، من اختيار الفستان وتسريحة الشعر وحتى أصغر قطعة زينة، اختارت كل شيءٍ بعناية من بين أفضل ما يوجد.
الفستان الذهبي الذي صنعه مصمّم القصر خصيصًا لها، كان مزيّنًا بكريستالات تلمع على كل دانتيل فاخر، وشعرها الأحمر الذي تمّ تصفيفه من قِبل ثلاث خادمات منذ الفجر كان يلمع كأنّه مرشوشٌ ببريق الذهب.
وعيناها الزمرّديتان، التي تشهد على دمها الملكي، كانت كافية لتُثبت أنّها الأجدر بأن تكون بطلة هذا اليوم.
وكانت على يقين من ذلك… حتى سمعت ما قيل من داخل قاعة الحفل مع والدتها.
“…دوق كايلوس دو فرينيان… سيُكلّف بأداء مهامٍ رسمية.”
وما إن سمعت الإمبراطورة ذلك، حتى فقدت هيبتها كامرأةٍ ملكية، واندفعت داخل القاعة. ما جعل أرياجين تضطرّ للحاق بها.
‘تُعطى مهامًا رسمية لذلك اللقيط؟’
حتى لو كانت عقوبة، لم تكن لتفهمها… بل لم تكن تستطيع تقبّلها أصلًا.
عندها رأت ذاك الرجل ذا الشعر الأسود يقف بثقةٍ تحت عرش الإمبراطور، يحمل نفس عينيها… نفس لون الزمردة.
‘مجرد لقيط…’
في كل مرةٍ ترى بريق عينيه، تشعر وكأنّها ترى إثباتًا على أنّه أيضًا ابن الإمبراطور، مثلها تمامًا. وكان ذلك يُثير اشمئزازها.
كما في الماضي، أرادت أن تبقى الوريثة الوحيدة للدم الملكي داخل القصر الإمبراطوري.
ذاك اللقيط لا يجب أن يحلم حتى بهذا المكان.
‘لو لا تلك الفتاة…’
كانت إلينيّا، ابنة عائلة الماركيز، هي التي شوّشت الماء الراكد.
منذ أن انتشرت الشائعات عن خطوبتها بالدوق تيسيوس، وريث العرش المحتمل، وبدأ الناس يهمسون بلقب الإمبراطورة المستقبلية، لم تكن أرياجين مرتاحةً لها.
لكن الشكوى لم تكن لتجدي نفعًا. فرغم أنها كانت الابنة الوحيدة التي تشبه الإمبراطور، إلا أنّها بلا أيِّ حق في وراثة العرش. هذا ما كان يُحبطها.
ورغم أنّها لا تستطيع أن تُصبح إمبراطورة، إلا أن موقع ملكة مملكة رين كان مُناسبًا لها.
رأت أرياجين أن هذا أفضل ما يمكن أن تحصل عليه.
لكن فجأة… جاءت أخبار انفصال إلينيّا وتيسيوس.
وما تلاها كان صادمًا أكثر.
أن ترفض وريث العرش، وتختار ذلك الشخص؟!
ثمّ ما حدث في يوم الخطوبة كان أشبه بجنون.
سيف الإمبراطورية، هكذا لقّبوه.
الجميع في الإمبراطورية، بما فيهم هي، يعرفون ماذا يعني هذا اللقب.
وقد أظهرت نواياه علنًا أمام الجميع في حفل ضخم.
ثم اليوم، أراضي كاملة أُهديت للإمبراطور؟ كل شيء بدأ يزعجها أكثر وأكثر.
فستانها الفضيّ، الذي يلمع بضوءٍ غريب في كل خطوةٍ تخطوها، جذب أنظار الجميع.
وزينة شعرها المنقوشة بطريقةٍ نادرةٍ أيضًا جعلت الناس لا يستطيعون صرف أنظارهم عنها.
‘كم هي وقحة.’
لو لم تنفصل إلينيّا، لكانت اليوم زوجة الدوق تيسيوس، وربما أصبحت إمبراطورةً بالفعل.
وهي، أرياجين، كانت لتصبح ملكة مملكة رين كما هو مُخطّط.
لكن…
‘ليس بعد الآن.’
كل شيء تغيّر الآن.
أرياجين لم تكن لتتحمّل رؤية كايلوس على العرش، ولا رؤية إلينيّا تتربّع على عرش الإمبراطورة.
الآن، بجانب وريث العرش الأكثر احتمالًا، لا أحد.
وكما قالت والدتها، طالما أن المقعد شاغر، فعرش الإمبراطورة هنا في هذه الإمبراطورية أعظم بكثير من أن تكون ملكةً في بلدٍ آخر.
***
‘ماذا أفعل؟’
رغم أنه لم يُظهرها صراحة، إلا أن كايلوس بدا عدائيًّا جدًا في طريقة تعامله مع الأميرة.
كنت أرغب في التدخّل، لكن خصمنا هو من العائلة المالكة.
لو تكلّمتُ بغير حساب، قد يُعتبر ذلك مخالفةً للبروتوكول.
وفي الوقت نفسه، لم يكن من الجيد أن أظلّ صامتة.
بينما كنت أبحث عن حلٍّ في رأسي، لحسن الحظ، كانت الأميرة هي من أنهت الحديث أولًا.
“لا أريد أن أزعج جلالة الإمبراطورة بسبب زهرةٍ تافهة كهذه. لنُنهي الحديث هنا.”
‘هي من بدأت الكلام أولًا…’
كتمتُ الكلمات التي وصلت إلى حلقي.
ضحك كايلوس بخفّةٍ على كلامها.
“إن كان هذا ما ترغبين به، فلا بأس. لكن عليكِ أن تعرفي شيئًا واحدًا.”
“…؟”
“السبب الوحيد لعدم وجود تلك الزهرة في حديقة القصر، هو أنَّ شخصًا ما منع زراعتها هناك، بل في كل أرجاء القصر.”
‘مُنع زراعتها؟’
لم أسمع عن هذا من قبل. ويبدو أن الأميرة أيضًا لم تكن تعرف.
توقّفت لحظة، تحدّق بكايلوس بوجهٍ مرتبك، ثمّ التفتت واختفت دون أن تنطق بكلمة.
“هل أنتَ بخير؟”
الآن، كنتُ أنا من يطرح عليه السؤال الذي سألني إيّاه قبل قليل.
“أنا بخير، إلينيّا.”
أجابني بابتسامةٍ هادئة، كانت كافيةً لتجعل قلبي يهدأ أيضًا.
“لكن، هل نحن اتفقنا من قبل أن نتكلّم بدون رسميات؟”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 33"