“أقصد ما قلت. سأُوكِل لكلّ واحدٍ منكم مهمةً معيّنة. الآنسة إلينيا والدوق كايلوس قد أهاناني بكسر الخطوبة المصرّح بها من قبلي. أمّا أنت يا دوق تيسيوس، فبالرغم من أنني قبلتُ اعتراضك وفسختُ الخطوبة، فإنَّ تدخّلي في هذه المسألة الشخصيّة سببه شكواك، لذا فإنّكَ تتحمّل جزءًا من مسؤولية هذا التدخّل.”
بعد أن أنهى الإمبراطور كلامه، عمّ صمتٌ ثقيل أرجاء القاعة.
وعندها فقط، رأيت ملامح والدي المظلمة خلف الإمبراطور، فأدركتُ أنَّ هذا هو أفضل ما كان يُمكن الخروج به من هذا الموقف.
أغمضتُ عيني بإحكام.
كنتُ أظنّ أنَّ هذه الحفلة ستكون فرصةً لتثبيت مكانة كايلوس، ودفن الشائعات حوله إلى الأبد.
لكنّ تيسيوس جرّنا مجددًا إلى الخلف، إلى القيود التي حسبتُ أنني كسرتُها.
خُيّل إليّ أنني انتزعتُ السكين من قلبي، لكنّه كان ما يزال مغروسًا هناك.
***
في هذه الأثناء، وفي مواجهةٍ غير متوقّعة مع قرارات الإمبراطور، قبض تيسيوس على يده خلف ظهره بشدّة.
كلّ ما أراده هو إعادة “الطائر الصغير” الهارب إلى القفص.
لكنّ الأمور انحرفت نحو اتجاهٍ غريب وغير مُتوقّع.
لم يستطع تيسيوس التكهّن بما يُفكّر به الإمبراطور.
رفع نظره إلى الإمبراطور الجالس على العرش—العرش الذي يجب أن يكون له يومًا ما.
وفي عينيه لمعت شرارة حادّة.
“جلالتك! ماذا تقصد بالمهام؟”
شقّ صوته العالي أجواء القاعة وسقفها المرتفع.
***
كانت ليتيا أميرة نقيّة من جذورها الملكيّة، وُلِدت كأميرةٍ نبيلة، وتربّت لتصير إمبراطورة.
منذ أن بدأت خطواتها الأولى وكلماتها الأولى، تعلّمت آداب الأسرة الإمبراطوريّة، من تصرّفاتها العلنيّة إلى وقارها أمام الجميع.
وقد ساعدها كلّ ذلك لتُصبح الإمبراطورة المثاليّة، بلا شائبة واحدة.
ولكن الآن، ولأول مرة، خالفت ليتيا مبادئها.
فالإمبراطورة لا تركض، ولا تتصرّف بتسرّعٍ أمام الآخرين—هذا من البديهيّات.
لكن كلمات الإمبراطور التي سُمعت من الداخل جعلتها تنسى كلّ تلك القواعد.
‘مهام؟ ولِمن؟’
فاندفعت إلى داخل القاعة حتى قبل أن يُعلن المرافق دخولها.
“جلالتك! ما هذه المهام؟!”
قالت ذلك وهي تحدّق بالإمبراطور بنظرةٍ لا تُصدّق ما سمعت.
“…….”
لكن سرعان ما أجبرها برود نظرات الإمبراطور على خفض رأسها وإغلاق فمها.
“إمبراطورة، سأشرح لكِ لاحقًا على انفراد.”
“…نعم، جلالتك.”
الكثير من العيون كانت تُراقب. حاولت الإمبراطورة أن تتماسك وأن تعيد وقارها بسرعة.
وبعد تأخّرٍ واضح، أعلن المرافق دخول الإمبراطورة والأميرة الأولى.
“حضرت الإمبراطورة وجلالة الأميرة الأولى!”
***
رفعتُ رأسي بحذر. كانت الإمبراطورة واقفةً أمام الإمبراطور، ومن خلفها الأميرة الأولى.
تقابلت عيناي مع الأميرة، التي كانت تحدّق بي ببرودٍ شديد.
كانت نظرتها كأنّها تقول: ‘هذا كلّه بسببكِ.’
لكن لم يكُن لدي وقتٌ لأُفكّر في نظراتها الآن.
‘مهلة على الخطوبة؟ وبعد ثلاثة أشهر؟…’
إن لم تخُنني ذاكرتي، فبعد ثلاثة أشهر من الآن يبدأ مرض الإمبراطور بالتفاقم.
في الماضي، بعد انتهاء مهرجان تأسيس الإمبراطورية بثلاثة أشهر، انهار الإمبراطور فجأةً ولزم فراش المرض.
ورغم سعي الأطبّاء من كلّ حدبٍ وصوب، لم يُشفَ أبدًا.
ذاك المرض الغامض منح تيسيوس الفرصة الذهبيّة ليجلس على العرش.
يا لسخرية القدر… التوقيت مطابق تمامًا.
تراكمت الحسابات في رأسي.
وبعد أن جلست الإمبراطورة والأميرة في مقعديهما، تكلّم الإمبراطور مجددًا:
“سيُبلّغ كلٌّ من الثلاثة بمهامهم لاحقًا. والآن، لنكمل الحفل، فهو يومٌ سعيد.”
ما إن أنهى كلامه، حتى تلقّى المرافق الإشارة، وبدأت الفرقة الموسيقيّة بالعزف مجددًا، وملأت الأنغام الهادئة القاعة.
وبينما الجميع يتنفّس الصعداء، اندفع تيسيوس بسرعة نحو الإمبراطور.
منذ لحظات فقط، كان يُحدّق به بنظراتٍ قاسية، لكنّه الآن يُغيّر ملامحه ويبتسم ابتسامةً مزيفة.
“هذا اليوم ما كان ليكون بهذه الروعة لولا حضور جلالتك. لولاك، لما أصبحت إمبراطوريتنا قويّة ومستقرّة كما هي الآن. لذا، أعددتُ هديةً بسيطة لجلالتك. أرجو أن تقبلها… إنّها سيفٌ أطلانتي الأسطوري.”
أخذ المرافق الصندوق من تيسيوس وقدّمه للإمبراطور، ثم فتحه ليكشف عن السيف، فتنهّد النبلاء من الدهشة.
سيف أطلانتي هو سيفٌ صنعته مملكة أطلانتي القديمة، المملكة التي غاصت تحت البحر قبل قرون.
كانت تُعرف بـ”بلاد الحدادين”، لتفوّقها في صناعة الأسلحة، لكنّها غاصت فجأة في البحر نتيجة زلزالٍ مفاجئ.
كلّ شيء فيها اندثر تحت الأعماق، باستثناء عددٍ قليل من الناس والأسلحة التي أُرسِلت إلى الخارج.
ولذا، فإنَّ استعادة هذا السيف كان إنجازًا كبيرًا.
النبلاء راحوا يُثنون على تيسيوس، ويقارنون هديّتهم البسيطة بهديّته، وينتابهم القلق من المقارنة.
ارتفعت زوايا فم تيسيوس برضا. لقد حصل على الانطباع الذي أراده بالضبط.
وقد أنفق أموالًا وجهدًا كبيرًا للحصول على هذا السيف.
“أشكرك، دوق تيسيوس.”
وما إن انسحب تيسيوس، تقدّمتُ أنا وكايلوس نحو الإمبراطور.
كنّا قد رتّبنا مسبقًا هذه اللحظة، أنا ووالدي وكايلوس.
وبالرغم من كلّ ما حدث، لم يكُن هناك مفرّ من إنهاء الخطّة.
“جلالتك، لقد أعددنا نحن، عائلة هيسيتايا، بالتعاون مع الدوق كايلوس، هديةً متواضعة لجلالتك. نرجو أن تنال رضاكم.”
توجّهت أنظار كلّ الحضور نحونا، بمن فيهم تيسيوس.
أومأتُ برأسي بهدوء نحو كايلوس، فأخرج الورقة التي أعطيتُه إيّاها من قبل.
وبينما تستمرّ الموسيقى، دوّى صوته الواضح في أرجاء القاعة:
“إنّها مقاطعة تيغوليت الجنوبية. أرضٌ تبلغ مساحتها 170 هكتارًا من مناجم فولاذ سيراين. نُقدّمها لجلالة الإمبراطور.”
عمّ الاضطراب القاعة مجددًا.
لم تكن الأرض وحدها ما أدهشهم، بل مناجم فولاذ سيراين بالتحديد.
صحيح أنَّ سيف أطلانتي كان ثمينًا، لكنّ منجمًا من فولاذ سيراين يُعدّ كنزًا لا يُقدّر بثمن.
بهذا الكمّ من الفولاذ، يمكن تصنيع مئات السيوف لقوّات الإمبراطوريّة.
وفي لحظة، غدا سيف أطلانتي كأنّه مجرّد بقايا تاريخٍ غارق.
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 29"