كان صباحًا هادئًا كالمُعتاد. وفي الحديقة الخلفية الخفية خلف القصر الهادئ، كانت التدريبات على أشدّها.
رغم برودة هواء الفجر، كانت الحديقة الخلفية تغلي بحرارة حماس الفرسان المُنهمكين في التدريب.
وفي وسط ساحة التدريب المشتعلة تلكَ، كان كرونو يُشرف على التدريبات.
وما إنْ يلحظ أدنى انحرافٍ في وضعية أحدهم، حتى يدوّي صراخُه الحادّ في الأرجاء.
“لا تنسوا أنْ تتصرّفوا دائمًا وكأنكُم في معركةٍ حقيقية! اللحظة التي تغفلون فيها، ستُصبح سيوفكم بلا فائدة!”
ثم هزّ السيف الطويل الذي كان يحملُه في يدهِ وضرب بهِ الأرض بقوة، فغرز النصل في التراب وأحدث صوتًا مكتومًا.
وبينما كان صراخُه يُلهب عزيمة الفرسان، راحوا هم يمدّون سيوفهم إلى الأمام بقوةٍ ويتحركون بكُل طاقةٍ لديهم.
وعند نهاية نظرات كرونو الحادة، التقت عيناه بوجه رجل يُراقب التدريب بوجهٍ أكثر صرامةً مِن الجميع.
إنه مالك هَذا القصر الهادئ والكئيب، وهو نفسُه مَن تلقّى مِن هؤلاء الفرسان قَسَم الولاء خلال التدريب. كان واقفًا في أحد الأطراف كالتمثال، يُراقب التدريب بكل ثبات.
وكانت الزمردة المُثبّتة على غمد سيفهِ المشدود إلى خصره تتلألأ تحت أشعة الشمس الباهتة.
ولأول مرةٍ يرى كرونو ذَلك السيف الذي تلقّاه مؤخرًا كهديةٍ في حفل الخطوبة.
بدأت تنبعثُ في نفس كرونو أمنيةٌ صغيرة بأنَّ يكون قد طرأ تغييرٌ ما في مشاعر قائده.
كايلوس دي فرينيان. ابن الإمبراطور بعينَين زمرديتين.
يجري في عروقهِ دم العائلة المالكة، إلا أنْ والدته، التي لَمْ تنَل أيَّ لقب، كانت مِن طبقةٍ متواضعة، وهَذا ما جعله يقفُ عند لقب دوق بدلًا مِن أنْ يُحسب على العائلة المالكة.
كان كرونو يشعرُ بالغبن حيال ذَلك وكأنَّ الأمر يخصُّه شخصيًا.
وكان يسخر في قرارة نفسه مِن حديث النبلاء المستمر عن ‘أصله المتواضع’.
فالدوق كايلوس، الذي يسخرون منه بسبب ‘أصله’، هو في الحقيقة ابن الإمبراطور. الحاكم الوحيد لهَذا البلد.
ولطالما راود كرونو شعورٌ بالرغبة في تسليط سيفهِ على هؤلاء النبلاء الذين يتجرّأون على التشكيك بأحقيتهِ أو التقليل مِن شأنه بسبب نسبه.
لكن كايلوس كان دائمًا يردعُه عن ذَلك.
ولَمْ يكُن الأمر مُجرد ولاءٍ أعمى لكايلوس.
فبالنسبة لكرونو، لَمْ يكُن كايلوس مُجرد مِن أقسم له بالولاء كفارس، بل هو المنقذ الذي انتشله مِن مستنقع الحياة القذرة.
لولا كايلوس، لظلّ غارقًا في أزقة الأحياء المُتعفّنة، يشرب الخمر الرخيص ويقضي حياةً تافهة.
كرونو آس ليدليون. رغم أنْ اسم ‘ليدليون’ قد دُفن مع زوال العائلة منذُ زمن، إلا أنْ عائلته كانت معروفةً يومًا ما بقوة فرسانها وفخرهم العالي.
والده، البارون كاديلوس، كان فارسًا بارزًا نال لقبهُ بعد أنْ حقق إنجازاتٍ عديدة في حروب الإمبراطورية.
لكنّه قُتل بعد أن تورّط في صراع قوى خلال إحدى المعارك. وبمرور الوقت، فَقَد باقي أفراد العائلة حياتهم إما بسبب المرض أو القتال، حتى اختفى اسم ليدليون مِن الوجود.
وبعد أنْ فقد والدته بسبب المرض، استسلم كرونو تمامًا وبذّر ما تبقى لديه مِن مال على الكحول الرخيص.
وكانت تلكَ اللحظة التي التقى فيها كايلوس لأول مرة.
“سيفٌ جميل.”
“…..”
كان أحدُهم يخاطبه بعد أنْ نظر إلى السيف المثبّت على خصره.
بوجهه اليافع الذي لا يبدو أنه تجاوز الثالثة عشرة أو الرابعة عشرة، وبتقاطيعه النقية، بدا أنهُ ابنٌ لعائلةٍ نبيلة.
وقف الفتى يحدّق في كرونو الصامت لوقتٍ طويل. وتحت شعره الأسود الكثيف، كانت عيناه الخضراء تنظر بازدراء إلى حالهِ وهو يُغرق نفسه في الخمر.
“هل أنتَ فارس؟”
“…هل أبدو لكَ كفارس الآن؟”
“يداك تقولان ذَلك.”
قال الفتى وهو يُحدّق بيده المُتشقّقة التي تمسك بزجاجة الخمر.
ثم فجأةً، أخرج خنجرًا مِن طيات ملابسهِ وهجم عليه دوّن إنذار.
وبحركةٍ غريزية، سحب كرونو سيفهُ مِن خصره. ودوّى صوت ارتطام المعدن بالمعدن في المكان.
كان اندفاع الفتى عنيفًا، لكن خصمُه كان مِن سلالة فرسان تدربوا على السيف منذُ بدء خطواتهم الأولى. وبسرعة، تغلب عليه كرونو وطرحهُ أرضًا نحو الحائط.
وقبل أنْ يُعيد الفتى يده نحو خنجرهِ الذي أفلت منه، ركل كرونو الخنجر بعيدًا. ثم رفع سيفهُ ووضعه على عنق الصبي الأبيض.
لكن الفتى لَمْ يُظهر أيَّ خوف، بل حدّق في عينيهِ بثبات.
“كُن فارسي.”
“…ماذا قلتَ؟”
“قلتُ إنّني أُريد أنْ تُصبح فارسي. وأُريد منكَ أنْ تُعلّمني كيفية استخدام السيف أيضًا.”
قال الفتى ذَلك بوضوح لكرونو الذي أعاد السؤال بذهول وقد صُدم مِن الموقف.
على وجهه اليافع ارتسمت ملامحُ عزمٍ حازم. لَمْ يظهر عليهِ الخوف أو التردد على الإطلاق.
“لقد جُننتَ حقًّا. يبدو أنكِ نشأت في بيئةٍ نبيلة، فلا داعي لأن تُلطّخ نفسكَ بالارتباط بشخصٍ مثلي وتنتهي نهاية سيئة. من الأفضل أن تعود إلى منزلك.”
اعتقد كرونو أنْ الفتى قد قرأ إحدى روايات البطولات وأُعجبَ بها، فراح يعبثُ بلا وعيّ، فتنهّد وسحب سيفه وهمّ بالاستدارة، لكن الفتى أمسك نصل السيف بيدهِ العارية فجأة.
تسلّلت قطراتٌ مِن الدم الأحمر على معصم الفتى وسقطت على الأرض، بعدما شقّ النصل يده الضعيفة.
“ما الذي تفعله؟!”
أراد كرونو أنْ يسحب سيفه بسرعة، لكن الفتى أمسك بهِ بإحكام ولَمْ يُفلته.
“أنتَ بالتأكيد فارسٌ عظيم، لذا أرجوكَ أنْ تُعلّمني فنّ السيف. أنا أستطيعُ إنقاذكَ مِن هَذا المكان.”
“تبًّا، ما الذي تهذي بهِ بحق الجحيم…”
لكن في اللحظة التالية، توقّف كرونو فجأةً عند سماعهِ للاسم الذي ذكره الفتى.
“أنا كايلوس دو فرينيان. دوق الإمبراطورية. أُريدكَ أنْ تكون فارسي.”
لَمْ يكُن هُناك أحدٌ في الإمبراطورية لا يعرف ذَلك الاسم. الابن غير الشرعي للإمبراطور. الدوق المنبوذ.
عندها فقط، التفت كرونو إلى عينيه الخضراوين. كانتا بلونٍ زمردي داكن، تمامًا كعيني الإمبراطور.
رُبما كان ذَلك نوعًا مِن السحر، أو شيئًا لا يُفسّر. وجه الفتى الحازم ونظرتهِ الصارمة، وهو يُمسك بنصل السيف بكلتي يديه الناعمتين — يدان لَمْ تلمسا سيفًا مِن قبل — كل ذَلك جعلهُ ينجذب نحوه.
في ذَلك اليوم، أصبح كرونو فارسًا لأحد أبناء العائلة المالكة المنبوذين.
علّمه كل ما يعرفه مِن فنون القتال، وقد بقي إلى جانبه لأنه رآه، مثله، وحيدًا في هَذا العالم.
وعندما كبر الفتى وبلغ سن الرشد، أقسم كرونو له بالولاء، وعيّنه كايلوس قائدًا لفرقة فرسانه الخاصة.
ولا يزال كرونو يتذكر كلمات كايلوس التي قالها لجميع الفرسان حين عيّنه قائدًا عليهم.
نظر كايلوس إلى وجوه الفرسان واحدًا تلو الآخر، وقال بنبرةٍ حازمة:
“أنتم تحمونني، لكنني أيضًا سأحميكم. لَن أسمح أبدًا لأيِّ أحد أنْ يمدّ يدهُ على رجالي.”
وقد نال هَذا القائد في النهاية خطيبةً له.
في الواقع، لَمْ يكُن السبب فقط أنه قائدُه، بل لأن كايلوس كان يتمتّعُ بجمالٍ أخّاذ لا يُنكره أحد.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 16"