في ذَلك الوقت، لَمْ أكُن أظنّ أنَّ إزاحة تيسيوس عن العرش الإمبراطوري ستكون أمرًا صعبًا للغاية.
رُبما كان السبب في ذَلك أنَّ جعله إمبراطورًا عندما كنتُ إلى جانبه بدا أمرًا يسيرًا إلى هَذا الحد.
‘ما الذي يجبُ أنْ أفعله بعد الآن؟’
أولًا، يجبُ أنْ أُوضح لدوق كايلوس سبب وجوب اعتلائهِ العرش. كما ينبغي أنْ أشرح الوضع بالكامل لوالدي، وأيضًا…
بدأ رأسي يؤلمني كأنه سينفجر.
‘هل يُمكنني حقًا أنْ أجعله إمبراطورًا؟’
تلكَ التساؤلات التي لَمْ أجد لها إجابة راحت تنهال عليّ بعلامات استفهامٍ مؤلمة، تعذّبني بلا هوادة.
“وداعًا، إلينيا.”
في لحظة، طفا على سطح ذاكرتي وجهُه المُلطّخ بالدماء بوضوح، وأصابتني قشعريرة في سائر جسدي. وظهر ألمٌ حادّ في صدري، في نفس الموضع الذي طُعن فيه بسيفه.
“هَاه…!”
قبضتُ على صدري بشدةٍ بسبب نبضات قلبي العنيفة التي بدت وكأنها على وشك الانفجار، وأطلقتُ أنفاسي بعناء. في كل مرةٍ أتنفّس فيها، كان الألم يخترقُ قلبي كما لو أنَّ إبرةً تغرزه.
لقد نسيتُ للحظة ما خسرتُه في تلكَ الليلة.
في ذَلك اليوم، فقدتُ كلّ ما كان لديّ. وإنْ كنتُ لا أريد أنْ تتكرّر تلكَ النتيجة، فعليّ ألّا أرتكب نفس الخطأ مرةً أخرى.
دق دق
صوت طرقٍ على الباب، تبعهُ صوت كايا.
“آنسة، الماركيز يناديكِ.”
“أبي؟”
“نعم، ينتظرُكِ في المكتبة.”
‘هل يناديني لإنهاء ما بدأنا الحديث فيهِ سابقًا؟’
أخذتُ نفسًا عميقًا لتهدئة أنفاسي المُتقطعة.
وملأني القلق حول ما ينبغي أنْ أقوله بينما كنتُ أدخل المكتبة.
في تلكَ المكتبة المُعتمدة على بضع شموعٍ صغيرة، كان هناك مزيجٌ مِن رائحة الورق العتيقة ورطوبة خفيفة تملأ الجو.
كان والدي واقفًا قرب النافذة، يراقب المطر المتساقط. بدا أنّه عاد تَوًّا مِن الخارج، إذ كانت أطرافُ ياقة معطفهِ مبلّلةً بعض الشيء.
“هل ناديتني، أبي؟”
تحدث مِن دوّن أنْ يلتفت إليّ:
“الإمبراطورة بدأت تتحرك.”
“ماذا؟”
“عدتُ للتوّ مِن القصر الإمبراطوري. لقد أُعيد خطاب الخطبة الذي أُرسل باسم الأميرة مِن مملكة رين.”
بدأ شعورٌ غامض بالقلق يزحف مِن قدميّ نحو الأعلى.
“تمّ إلغاء حديث الخطبة مع مملكة رين. الأميرة رفضت عرض الزواج.”
‘تبًا.’
لَمْ يخطئ حدسي هَذهِ المرة أيضًا. أخيرًا، تجمّعت قطع الأحجية التي حيّرتني طوال الوقت.
حفلة الشاي، أسئلة الإمبراطورة، تصرّفُ السيدة تريجي…
لَمْ أكُن الوحيدة التي تغيّرت.
***
“هل أحضِر شيئًا آخر إنْ لَمْ تكُن لديكِ شهية؟”
“…….”
كايا كانت تنظر إلى إلينيا بقلقٍ وهي لا تردّ بشيء.
فمنذُ أنْ خرجت مِن المكتبة، وهي على هَذهِ الحال. وجهٌ شارد كما لو أنها تائهةٌ في تفكيرٍ عميق، وكأنَّ روحها ليست هُنا.
عادةً كانت تنهي طبق الرافيولي بالفطر دوّن عناء، لكنها اليوم كانت بالكاد تلمس الطعام وتحركه في صحنها مِن دوّن أنْ تأكل منه.
كان هَذا أحد المشاهد النادرة التي تراها كايا لأول مرةٍ خلال سنوات بقائها بجانب إلينيا. مِن الواضح أنَّ هُناك شيئًا يُقلقها بشدّة، لكن كايا لَمْ تكُن تعرف ما هو.
وفي النهاية، حين نهضت إلينيا مِن على المائدة قبل أنْ تُنهي نصف طبقها، فكّرت كايا أنها يجبُ أنْ تُحضِر لها حلوى لذيذة تُحسّن مِن مزاجها.
“…لقد كنتُ ساذجةً للغاية.”
بعد ما جرى في المكتبة، بدا أنَّ كلّ شيءٍ قد بدأ بالانهيار.
المشكلات التي بدأت تظهر واحدةً تلو الأخرى تشابكت معًا حتى أصبحت عقدةً لا يُمكن حلّها.
كانت تلكَ العقدة مشدودةً إلى درجة أنها لا تعرف مِن أين تبدأ في فكّها. وكلّ ما استطاعت فعله الآن هو السير في الغرفة بنفاد صبر وهي تعضّ أظافرها بلا جدوى.
‘كنتُ مستهترةً للغاية. كلّ شيء في هَذا العالم قائم على مبدأ السببية. لكنني كنتُ مهووسةً بالانتقام الذي أمامي، ولَمْ أفكر أبدًا في العواقب التي قد تترتب عليه.’
لَمْ تكُن تتوقّع أبدًا أنْ يتحرك الطرف الآخر بهَذهِ السرعة.
لكن ذَلك لا يعني أنَّ ما حدث يُمكن التراجع عنه.
كلمات والدها عادت لتتردد في ذهنها مرارًا وتكرارًا.
“حتى وإنْ قيل إنَّ خطاب الخطبة قد أُعيد…”
“نعم، قد يبدو الأمر قرارًا مُتسرّعًا. لكن يبدو أننا نحن الاثنين نقلق مِن نفس الأمر.”
وقفت كايا أمامي واضعةً يديها على خصرها، بنظرةٍ حازمة على وجهها.
“حسنًا، سأتناول القليل فقط.”
“لا! لا يُمكنكِ أنْ تكتفي بالقليل. يجبُ أنْ تأكلي لتستعيدي قوتكِ. لقد أخبرتُ الطهاة أنْ يُعدّوا لكِ أطباقًا خفيفة لا تُتعب المعدة، واخترنا فقط ما تُحبينه، لذا عليكِ أنْ تأكلي كُل شيء، مفهوم؟”
ناولتني الملعقة وأشارت إلى المائدة.
لَمْ يكُن بوسعي سوى أنْ أُذعن، فغرفتُ ملعقةً مِن حساء الدجاج ووضعتُه في فمي. كان الحساء دافئًا، ومع دخول حرارته إلى جسدي، أحسستُ فعلاً ببعض القوة تعود كما قالت كايا.
“ما رأيكِ أنْ تذهبي اليوم في نزهةٍ إلى وسط المدينة؟”
“إلى وسط المدينة؟”
“نعم. لقد كنتِ مشغولةً للغاية في التحضيرات لحفل الخطوبة وكل شيء آخر. رُبما آن الأوان لتأخذي قسطًا مِن الراحة وتغيري أجواءكِ.”
“رُبما… لِمَ لا؟”
لَمْ تكُن فكرةً سيئة. في الحقيقة، لَمْ أحصل على وقتٍ خاصٍ بي منذُ أشهر.
ظننتُ أنْ القليل مِن الاسترخاء لَن يضرّ.
“سأستدعي السائق ليُحضّر العربة فورًا. بعد الانتهاء مِن الطعام يُمكنكِ الانطلاق مُباشرةً.”
“حسنًا… شكرًا لكِ، كايا.”
***
‘لَمْ أخرج بمفردي هَكذا منذُ وقتٍ طويل.’
ما إنْ وصلتُ إلى وسط المدينة، حتى استقبلتني المباني الملوّنة والروائح الحلوة.
كانت الشوارع تعج بالناس، وصدحت بعض المحلات بأغانٍ مرحة.
أمام محلّ كعكٍ ضخم يقبعُ في قلب المدينة، كان العطر الحلو يتسلل للخارج. رأيتُ بعض العشاق يدخلون المتجر وهم يمسكون بأيدي بعضهم البعض، ضاحكين بسعادة.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 14"