كحّ والتر وهو يلهث من قلة الهواء ، فألقى به كريس أرضًا بعنف…
انكمشت ملامح والتر بسبب الإهانة والغضب…
“هل تنوي معارضة أوامر سمو الأمير الثاني؟”
رد كريس بابتسامة باردة:
“نحن لا نسمع سوى أوامر ولي العهد فقط…”
حاول والتر التهديد قائلًا:
“جلالتها الإمبراطورة لن تقف مكتوفة اليدين …”
ضحك كريس بينما ينظر إلى الساحر الأسود المغمى عليه وقال:
“آه ، يبدو أن هذا الرجل ذو أهمية كبيرة لجلالتها إذن …”
شحب وجه والتر فجأة حين أدرك خطأه الكلامي …
“لكن ، لماذا ترغب جلالتها بهذا الشخص بشدة؟”
صرخ والتر بغضب وهو يحاول التغطية على خطأه:
“ماذا تعني بكلامك؟!”
رفع كريس كتفيه بلا مبالاة وقال:
“أنت من يجعلني أفكر بأمور غريبة ..”
فأجاب والتر بنبرة مليئة بالغضب والكبرياء المجروح:
“ستندم على هذا اليوم حتمًا!”
بصق والتر على الأرض بغضب قبل أن ينسحب ..
ضحك كريس وقال بسخرية:
“آه ، كم هو مخيف!”
ضحك أعضاء القسم الأول معه بصوت عالٍ ..
نظرت إيرين إلى الساحر الأسود الذي قبضت عليه بنظرة باردة وقالت في نفسها:
‘دومينيك كلون ..’
كان هذا الرجل أحد أتباع زعيم الطائفة السحرية الذي فتح بوابة العالم السفلي ، وهو أيضًا من تسبب في مقتل ديتريش ومايكل …
‘إذا حققنا معه…’
ربما يكون الطريق إلى زعيم الطائفة السحرية قد فتح ، ويمكن بذلك منع فتح بوابة العالم السفلي ..
شعرت أخيرًا بأنها وجدت خيطًا يمكنها التمسك به في هذا الظلام ..
—
مرت أسبوع منذ وفاة الإمبراطور ..
تعافى ولي العهد من مرضه ، وافتتحت قاعة الاجتماعات المركزية في القصر الإمبراطوري ،
ساد الجو صمت ثقيل ومهيب في القاعة ..
“هل لم يصل بقية أفراد العائلة الإمبراطورية بعد؟”
“يبدو أنهم سيتأخرون قليلًا.”
تبادلت الشخصيات الحاضرة أحاديث سطحية فقط ، إذ كانوا يعلمون جميعًا ما الموضوع الذي سيُطرح في هذا الاجتماع ..
ساد صمت متوتر وهم ينتظرون دخول أفراد العائلة الإمبراطورية ..
في تلك اللحظة ، دخل رجل ذو شعر أشقر لامع بخطوات واثقة وساقين طويلتين ..
“سمو ولي العهد ، هل حالتك الصحية تحسنت؟”
أضاف الوزراء كلمات قلق واهتمام ، فأومأ راينهارت برأسه ، بدا أنه استعاد نشاطه بعد يومين من الراحة ..
“جلالتها الإمبراطورة! وصلتِ أخيرًا.”
قالت الإمبراطورة بنبرة حازمة:
“لنبدأ الاجتماع.”
بدت علامات الاستغراب على الجميع عدا ولي العهد ، لأن الأمير الثاني لم يصل بعد ..
تحدث أحد الوزراء الذي بدا الأكبر سنًا والأكثر صرامة وقال:
“يجب أن نقرر أولًا من سيشغل العرش الشاغر …”
راقب الجميع ملامح الإمبراطورة وولي العهد ..
قال دوق ليكاون: “في ظل الوضع الحالي ، يبدو أن تتويج ولي العهد هو الخيار الأكثر أمانًا …”
أيدته دوقة بيتزيل قائلة : “من حيث الشرعية أيضًا ، يبدو هذا الحل مثاليًا …”
ولكن دوق ماينارد رد بنبرة حادة: “حديثكِ يوحي بأن الأمير الثاني لا يمتلك الشرعية ، انتبهي لكلامكِ ، يا دوقة.”
توجهت نظرات دوقة بيتزل الغاضبة نحو دوق ماينارد وقال:
“هل تأمرني بالصمت؟”
“لا… ليس هذا ما قصدت…”
تلعثم دوق ماينارد ..
فتحت دوقة بيتزيل مروحيتها وأجابت بسخرية:
“حقًا ، أشعر بالأسى ، أن أُهان علنًا في مثل هذا المكان الرسمي؟ سأحتفظ بهذا الموقف في ذاكرتي …”
شعر دوق ماينارد بالقشعريرة ، كانت دوقة بيتزيل رئيسة نقابة المعلومات ، وتعرف أسرار جميع النبلاء ، إثارة غضبها لم تكن فكرة جيدة ..
قالت بيتزل بابتسامة ماكرة خلف مروحتها:
“لماذا لا نناقش هذه الأمور الآن؟”
تحدث راينهارت أخيرًا بصوت هادئ:
“الجميع متوتر جدًا ..”
ثم وجه نظراته نحو الإمبراطورة وقال:
“ما رأي جلالتكِ؟”
نظر إليها بعينيه الخضراوين العميقتين ، مما أثار ارتباك الإمبراطورة ، إذ لم تكن تتوقع أن يطلب رأيها ..
‘بالطبع… كنت أظن أنه سيعلن رغبته في اعتلاء العرش …’
ظنت الإمبراطورة أنه بمجرد أن يعتلي العرش ، ستتمكن من العثور على دليل يثبت أنه قتل الإمبراطور لتصمه باغتصاب الحكم وتطيحه …
‘ألم يكن ما يريده هو السلطة؟’
كانت تشعر بارتباك شديد ، معظم النبلاء لم يتمكنوا من إخفاء ارتباكهم من سؤال راينهارت ، باستثناء شخص واحد فقط: دوقة بيتزيل …
قالت الإمبراطورة وهي تنظر إلى راينهارت:
“أليس من الأفضل أن نبحث أولاً عن قاتل الإمبراطور؟”
ثم أضافت بنبرة حذرة:
“إذا اعتلى ولي العهد العرش مباشرة ، فقد يبدو ذلك وكأنه قتل الإمبراطور واستولى
على الحكم …”
أجاب راينهارت بهدوء دون أن يظهر عليه أي اضطراب:
“أنا أؤيد هذا الرأي أيضًا ، يجب أن نعثر على قاتل جلالته أولاً …”
لم يظهر عليه أي شيء يدل على أنه قاتل الإمبراطور ..
على العكس ، كان صوته مليئًا بالغضب المكبوت ، وكأنه ابن حزين فقد والده حقًا ..
‘…هاه.’
ضحكت الإمبراطورة بسخرية ، لكنها شعرت بخوف غريب يتسلل إلى أعماقها ..
‘لقد استهنت به …’
كانت تظن أنه مجرد جبان ذكي بعض الشيء ، لكنها لم تتوقع أن يتعامل مع الأمور بهذه الطريقة ..
قالت بنبرة حاسمة: “حسنًا ، لنبدأ بالبحث ..”
اتخذت الإمبراطورة قرارها بناءً على ما فهمته من الوضع الحالي ..
بات واضحًا أن الشخص الذي سيتهم بقتل الإمبراطور سيكون مصيره الموت ..
كانت تدرك الآن أنها أصبحت مجبرة على دخول هذه اللعبة السياسية القاتلة ..
‘لا يمكنني التراجع الآن …’
فهي لا تعرف ما الحيل التي قد يخطط لها ولي العهد للإطاحة بها ..
‘راينهارت ..’
لذا ، يجب أن تسقطه قبل أن يتمكن من التحرك ضدها ..
—
“هذا الرجل لا يفتح فمه أبدًا ، إنه أول شخص بهذا العناد أواجهه ..”
نظر كريس إلى الساحر الأسود دومينيك كلون الذي كان جسده مغطى بالكدمات والجروح .
تمتمت إيرين بصوت منخفض لكريس قائلة:
“اسمه دومينيك كلون ، إذا واصلنا التحقيق معه ، قد نحصل على اسم زعيم الطائفة ..”
نظر كريس إليها بريبة وقال ساخرًا:
“يا إلهي ، هل أنتِ الزعيمة الحقيقية للطائفة؟ كيف تعرفين هذا؟”
لم تجبه إيرين ، لكن ملامحها أظهرت انزعاجها ، ما جعل بعض أعضاء الفريق يوبخون كريس ..
“كيف يمكنك قول مثل هذه الإهانة لشخص؟”
“كنت أمزح فقط…”
اعتذر كريس لها بتوتر:
“آسف …”
أومأت إيرين برأسها وقالت:
“لا بأس.”
كانت تلك المزحة قد تجاوزت الحد فعلاً ..
ثم تابع كريس وهو ينظر إلى دومينيك:
“لكن ، يا له من شخص عنيد ، كيف لا يفتح فمه ولو مرة واحدة؟”
بدأت إيرين تفكر ، كان السحرة السود يؤمنون بشكل أعمى بزعيمهم ..
‘الإيمان …’
هذا هو ما يجب عليها استهدافه…
قالت بصوت هادئ لكن حازم:
“دومينيك كلون ، لقد تخلى عنك زعيمك بالفعل …”
ارتعش جسده فور سماعه اسمه ..
كانت مجرد معرفتها لاسمه كافية لتجعله يشعر بالخوف منها ، لأن اسمه كان سريًا للغاية ..
‘لو لم أطلع على الوثائق السرية لكيم تاي هيون ، لما عرفت اسمه …’
كان هذا هو الشيء الوحيد الذي استفادت منه من علاقتها بمساعده ..
تابعت بصوت بارد:
“أنت مجرد أداة لنشر الفساد ، لن يأتي أحد من الطائفة لإنقاذك …”
بصق دومينيك دماً مختلطاً باللعاب على الأرض وقال بصوت غاضب ، وعيناه مليئتان بالدماء:
“فلتعتقدي ما تشائين …”
كان يحدق في وجهها بصمت ، نظرة مفعمة بالعدائية لم تحرك ساكنًا لدى إيرين ، التي فتحت فمها ببرود قائلة:
“لو كنتَ حقًا مهمًا له ، لما تخلى عنك بهذه السهولة ، هل تجرؤ على الادعاء أنك تعرف زعيمك جيدًا؟”
ساد الصمت للحظة ، ولأول مرة ، اهتزت نظراته إليها قليلاً ..
تابعت بصوت ثابت:
“من برأيك يعرف أكثر ، أنت أم أنا؟”
قرأ كريس نواياها وأكمل قائلاً بنبرة ساخرة:
“يبدو أن القائمين على المهمات يعرفون كل شيء …”
ارتعشت ملامح وجه دومينيك بغضب مكبوت .
“تباً…”
حافظت إيرين على تعبيرها البارد دون أن تظهر أي انفعال ، على العكس ، برود ملامحها كان يضرب على أوتار قلقه …
‘إلى أي مدى يمكن أن تعرف هذه المرأة؟’
‘القائم بالمهمة…’
نعمة نزلت بوحي إلهي …
‘شخص يعرف كل شيء؟… لا، لا يمكنني السماح لثقتي بأن تتزعزع …’
ومع ذلك ، ظل سؤال يطارد ذهنه:
‘لكن كيف عرفت اسمي؟’
لم يكن الأمر مقتصرًا على اكتشاف وجوده السري داخل جماعة السحرة السود ، بل تجاوز ذلك إلى معرفة اسمه الشخصي ، الذي كان محفوظًا بسرية تامة ..
كان دومينيك ، قائد العمليات الميدانية في الجماعة ، يصرّ على ضبط أعصابه ..
قال بنبرة ساخرة تحمل في طياتها التحدي:
“إذن ، لماذا لا تسألين حاكمكِ عن مكان زعيمنا؟ لماذا تلجئين إلي؟”
ردت إيرين ببرود ، مخفية كذبها تحت ستار هادئ:
“أعطيك فرصة للتوبة ..”
كان الكذب على السحرة السود أمرًا سهلاً بالنسبة لها ..
أضافت بصوت بارد:
“يمكنك أن تختار البقاء كأداة متروكة ، أو تحاول إنقاذ حياتك الفارغة تلك …”
بالطبع ، لم تكن تنوي إطلاق سراحه
‘إنه قاتل كلوي …’
ترجمة ، فتافيت …
التعليقات لهذا الفصل " 97"