“…أوه ..”
أطلقت إيرين أنينًا وهي تفتح عينيها ، متألمة من وخز في صدرها…
“إيرين!”
“انتِ! هل عدتِ إلى وعيكِ؟!”
ركض ديتريش نحوها وهو يصرخ…
“ضوضاء مزعجة…”
كانت إيرين منزعجة من الأصوات الصاخبة التي ضربت أذنيها فور استيقاظها …
“أوه ، بحق السماء ، ظننت أنكِ كنتِ على وشك الموت!”
رفع ديتريش صوته أكثر دون أن يبالي ، كان كلٌّ من كلوي ومايكل ينظران إليها بعلامات ارتياح ظاهرة ..
قال الطبيب الملكي بوجه متحيّر:
“إنه لأعجوبة!”
في تلك اللحظة ، سأل آلان ، الذي لم يُعرف متى ظهر ، وهو ينظر إليها:
“هل أنقذكِ الحاكم؟”
أومأت إيرين برأسها قليلًا ، وبمجرد أن استعادت وعيها ، شعرت بأن حالتها الجسدية تحسنت بشكل ملحوظ ..
هز آلان رأسه بحزن وأطلق تنهيدة عميقة ..
“آه… إنه لعنة الحاكم …”
نظر إليه الجميع بنظرات مستفسرة عن معنى كلماته ..
“أن تُحرم حتى من الراحة… هذا أمر مرعب ..”
نظر إليه الإخوة الثلاثة من عائلة ليكاون كما لو كانوا ينظرون إلى مجنون ..
“ما به هذا؟”
“هل هو في الواقع أحد أتباع الدين المعادي للحاكم؟”
رد مايكل بجدية على كلام ديتريش ..
فهمت إيرين المعنى الحقيقي وراء كلمات آلان ، فقد كان آلان كريستيان دائمًا مطيعًا لإرادة الحاكم ، لذلك اعتقد أن إيرين أُعيدت إلى الحياة قسرًا بواسطته ….
قالت بسرعة لتزيل سوء فهمه:
“هذه المرة كان قراري…”
“ماذا؟”
اتسعت عينا آلان بدهشة ، بدأت نظرة الأمل تظهر تدريجيًا في عينيه الرماديتين المليئتين بالحيرة ..
“أن يستمع الحاكم لكلمات أحدهم… هذا أمر لا يُصدّق …”
تمتم آلان بهذه الكلمات ، ثم حاول فجأة مغادرة الغرفة ، لكن أحدهم أمسك بذراعه ، وكانت كلوي هي من أوقفته …
“إلى أين تذهب؟ تفقد حالة إيرين أولًا …”
“أليس هناك الطبيب الملكي؟”
قال آلان بجدية ..
سألته كلوي بوجه بلا أي تأثر:
“ما الذي يجعلك مستعجلًا إلى هذا الحد؟”
“أريد الذهاب إلى غرفة الصلاة وطلب إزالة قدرتي… لذا ، رجاءً ليتوقف عن هذا العنف معي …”
لم يكن آلان ، الذي يفتقر إلى اللياقة البدنية ، قادرًا على مقاومة قوة كلوي ، بدأ وجهه يتحول إلى لون شاحب …
“شكرًا على الإطراء ، لقد عززتُِ عضلاتي قليلًا …”
سألت كلوي بوجه متعجب:
“ما القدرة التي تريد أن تطلب إزالتها؟ قدرتك على التطهير؟”
“ليست قدرة التطهير…”
وجه آلان نظرة استغاثة إلى إيرين ، في إشارة منه إلى أنه لا يريد الإفصاح عن قدرته ، فهمت إيرين تلك النظرة وقالت:
“كلوي ، أطلقي سراحه …”
كانت إيرين تدرك جيدًا أن قراءة أفكار الآخرين باستمرار دون أي إرادة حرة ليس
أمرًا جيدًا ..
أطلقت كلوي يديها عن آلان بتردد ووجهها يُظهر عدم الرضا ..
“همم…”
“شكرا لك ، يا آلهي …”
تمتم ديتريش بدهشة وهو يشاهد هذا الموقف..
“ما هذا؟ لماذا أصبح متدينًا فجأة؟”
نادته كلوي باسمه بنبرة صارمة ، مما جعله يدير نظره بعيدًا متظاهرًا بعدم الاهتمام ..
بينما كان آلان على وشك مغادرة غرفة الضيوف ، عاد إلى إيرين فجأة وأمسك يدها بشدة ..
“!!”
بينما كان الجميع مذهولين من التصرف المفاجئ ، بدأت هالة بيضاء تدور حول جسدها ..
“إنتِ بخير ، اهتمي بصحتكِ ، واشربي ماءً دافئًا…”
قال آلان هذه الكلمات قبل أن يختفي بسرعة ، وكأنه أنهى مهمته تمامًا ..
نظر الإخوة الثلاثة إليه بنظرات حائرة ، غير قادرين على فهم تصرفاته ..
“كم يومًا بقيت مستلقية؟”
كان مايكل هو من أجاب على سؤال إيرين ..
“عشرة أيام …”
فتحت إيرين فمها بدهشة ، غير مصدقة .
“ماذا…؟”
لقد أغمضت عينيها للحظة لتتحدث مع الحاكم ثم استيقظت فقط ..
“إذن ، هل ولي العهد بخير؟”
“أنتِ… حقًا غريبة.”
هز ديتريش رأسه بإحباط ..
“لماذا؟”
“كنتِ على حافة الموت لمدة عشرة أيام ، ومع ذلك تتحدثين عن ولي العهد؟”
“إذن ، ما حال الأمير؟”
تجاهلت إيرين كلماته وسألت مرة أخرى ..
“آه… إنه بخير في الوقت الحالي …”
تنهدت إيرين بارتياح عندما تأكدت من الحقيقة ..
لكن الجو بدا غريبًا ، لاحظت إيرين أن وجه ديتريش كان يحمل تعبيرًا غامضًا ..
‘ما الذي حدث؟’
قررت أنها بحاجة إلى رؤية الأمر بنفسها ..
شعرت أن جسدها قد تعافى تمامًا وبدأت في النهوض ..
“إلى أين تذهبين بهذا الجسد؟”
“يجب أن أتحقق من سلامة ولي العهد بنفسي …”
“والدنا يتولى حمايته …”
توقفت إيرين عند كلمات مايكل …
“لماذا والدنا؟”
‘وليس أنت؟’
نظرت إليه بتلك النظرة ، فتنهد مايكل وبدأ يتحدث:
“لقد توفي جلالة الإمبراطور …”
ماذا؟ شعرت وكأن صاعقة ضربتها ..
‘هذا مختلف عن القصة الأصلية …’
لم يكن الإمبراطور ليموت في هذا الوقت في القصة الأصلية ، فتحت إيرين فمها وسألت:
“ما سبب الوفاة؟”
“تسمم …”
ليس المرض إذن ، فمن هو الجاني؟
“الآن ، ولي العهد يقود القسم الأول من البحث بعد تأكيد أن الجهة التي سممتكِ هي نفس الجهة المتورطة …”
تذكرت إيرين السبب الذي جعلها تسقط مغشيًا عليها ..
“…ماذا حدث لإيزابيلا؟”
“تم سجنها ، لكن قيل إن عقلها تضرر بفعل السحر الأسود …”
لم تستطع إيرين فهم هذا الوضع وظلت صامتة ..
‘السحر الأسود؟’
تذكرت عندما قال راينهارت إن الاثر قد استجاب داخل القصر الإمبراطوري ..
‘هل اقترب الساحر الأسود من إيزابيلا؟’
ولماذا في هذا التوقيت تحديدًا؟
“يجب أن ألتقي بولي العهد …”
كانت إيرين متأكدة أن الإجابات على كل هذه التساؤلات موجودة لدى راينهارت ..
—
مر ثلاثة أيام على وفاة الإمبراطور ..
كان مكتب ولي العهد مزدحمًا بشكل غير اعتيادي ..
وجوه جميع الحاضرين هناك بدت شاحبة بسبب العمل الشاق ليلًا ونهارًا ..
“جلالتك ، نرجو الموافقة على هذا …”
“حسنًا ..”
مع ذلك ، لم يكن وجه ولي العهد يحمل ملامح الحزن على وفاة الإمبراطور ..
على العكس ، بدا هادئًا ومتزنًا ..
أولئك الذين لا يعرفون قصته اعتقدوا أنه يكتم حزنه بصمت ، مما جعلهم ينظرون إليه بشفقة أكبر ..
‘ما هذه المأساة؟’
لاحظ راينهارت ذلك فجأة ، وشعر بموجة عارمة من كره الذات تجتاحه ..
شعر بضيق في التنفس ، لكنه لم يستطع إظهار ذلك لأي شخص ..
كيف يمكنه أن يقول ذلك؟
أن يعترف بأنه قتل والده بيديه ..
‘هذا اختياري …’
الموت لا يمكن التراجع عنه ..
حتى لو عاد بالزمن ، لاتخذ نفس القرار ..
ومع ذلك ، كانت الكوابيس عن إيرين وهي تموت تطارده في أحلامه ..
زاد ذلك من إنهاكه النفسي ..
ما زالت صورة إيرين وهي تسقط وهي تتقيأ الدماء محفورة في ذاكرته بوضوح ..
‘رجاءً…’
مجرد تذكرها جعل راينهارت يجد صعوبة في التنفس لوهلة …
عض شفتيه ووجهه شاحب للغاية ..
“جلالتك ، ما رأيك في أن تأخذ قسطًا من الراحة؟”
كان مساعدوه المقربون قلقين على صحته ، معتقدين أنه محطم بسبب وفاة الإمبراطور ..
“أعتذر لإظهاري هذا الجانب …”
“لا داعي للاعتذار ، كيف يمكن لأحد أن يظل متماسكًا في مثل هذا الوضع؟! …”
لأنه كان دائمًا لطيفًا ، هادئًا ، ومهذبًا مع من حوله ، لم يخطر ببال أحد أن يكون هو من قتل الإمبراطور …
اعتقدوا أن الألم النفسي الذي يعانيه أمر طبيعي ، خصوصًا بعد أن فقد مساعده المخلص ثم والده على التوالي ..
بينما كان الجو مشحونًا بالحزن ، دوّى صوت طرق على الباب …
“هل لي بالدخول ، جلالتك؟”
ما إن سمع راينهارت الصوت حتى هرع ليفتح الباب على الفور ..
”ايرين …”
بمجرد أن رأى إيرين ، شعر وكأن كل همومه قد انزاحت تمامًا …
ارتخت أعصابه فجأة ، مما جعله يتكئ على الحائط دون وعي …
امتلأت عيناه الخضراوان ، التي بدت كالغابة ، بالدموع ..
“…جلالتك ، هل تبكي ..؟”
تفاجأت إيرين من دموع راينهارت وسألت بغير وعي ..
لفت ذلك انتباه الجميع داخل الغرفة ..
رسم راينهارت ابتسامة مرتعشة على شفتيه المرتجفتين ..
“…أنا سعيد أنكِ على قيد الحياة ..”
ترجمة ، فتافيت ….
التعليقات لهذا الفصل " 95"