في الشمال ، في غرفة النوم الإمبراطورية الصامتة ، كانت الأجواء كئيبة وخاوية مع غياب ضوء القمر ..
وسط الظلام لم يكن يُسمع سوى صوت أنفاس ثقيلة تشبه صوت سلاسل تقيد أنفاس رجل ..
طَرق طَرق ..
“…من هناك؟”
أجاب الإمبراطور بصوت متعب ومثقل بالإرهاق ..
“أنا ، يا مولاي …”
“…راينهارت؟”
لم يكن الإمبراطور مرتاحًا لوجوده في غرفة النوم في هذا الوقت من الليل ، لكنه فتح فمه قائلاً:
“ادخل ..”
ثم ، انفتح الباب ببطء ..
كانت ملامح وجه راينهارت غير مرئية بوضوح بسبب الضوء المنبعث من خلفه ..
“جئت لأطمئن على صحتك وسلامتك ، يا مولاي …”
صوته ، كالمعتاد ، هادئ ومنخفض ..
راينهارت ، مثل والدته السابقة ، يمتلك شخصية هادئة ولطيفة ، وحتى ساذجة ،
عندها فقط ، ابتسم الإمبراطور ابتسامة مسترخية ..
“أنا بخير …”
“هل خضعت لفحص طبيب القصر؟”
بدأ الإمبراطور يشعر بالضيق والإرهاق ، فأجاب بلهجة عابرة:
“نعم ..”
“حسنًا.”
في تلك اللحظة كان من المفترض أن يغادر راينهارت ، لكنه لم يتحرك ..
شعر الإمبراطور بأن شيئًا غريبًا يحدث وسأل:
“هل لديك أمر تود قوله لي؟”
“هناك أمر أود استفساركم عنه يا مولاي ..”
كانت هذه هي أول مرة يطيل فيها راينهارت البقاء في غرفة نوم الإمبراطور ، بدا أن الجو يوحي بأمر خطير ..
“ما هو؟”
اختفت ابتسامة الإمبراطور تدريجيًا ..
“أريد أن أعرف ما الذي ترغب به حقًا يا مولاي …”
“ولماذا تسأل عن أمر واضح؟ السلام والاستقرار للإمبراطورية …”
قال الإمبراطور ذلك بينما كان يراقب وجه راينهارت بعناية …
“رجاءً ، أعطني إجابة صادقة ، على الأقل لي وحدي …”
قال راينهارت بهدوء:
“مولاي ، بل أبي ، أريد أن أساعدك ..”
تذكر الإمبراطور راينهارت طوال تلك الفترة ،
كان دائم السؤال عن صحته ، وكان يتحمل عنه المسؤوليات عندما كانت حالته الصحية تسوء ، بل وحتى الأعمال غير الضرورية والبسيطة …
‘لوسيا ، لقد أنجبتِ ابنًا رائعًا ..’
حتى لوسيا ، حبها له كان نقيًا وخالصًا ، ابتسم الإمبراطور برضا ..
”راينهارت ، مجرد كلماتك تعني الكثير بالنسبة لي …”
“أنا دائمًا أفكر في صحة والدي …”
قال راينهارت بابتسامة حزينة ..
“لأنك الوحيد الذي تبقى لي من عائلتي ..”
كلمات راينهارت جعلت الإمبراطور يشعر بالرضا والاطمئنان ، فقال:
“ولكن الحل ليس بيدك …”
“… هل هو بيد الإمبراطورة؟”
اهتز الإمبراطور للحظة ، وكان ذلك كافيًا لراينهارت لفهم كل شيء …
بما في ذلك السبب وراء استعادة الإمبراطور
لـ لويد ..
كل شيء أصبح واضحًا تمامًا له ..
“فهمت الآن ، إنه لأمر مريح أن هناك طريقة لاستعادة صحة والدي …”
راينهارت انتقل متعمدًا إلى منطقة تغمرها الظلال ، حيث لا يظهر تعبير وجهه بوضوح ..
“راينهارت… أنت الوحيد الذي يهتم بي بصدق …”
الإمبراطور ، الذي كان على دراية بالخلافات بين الإمبراطورة وراينهارت ، تأثر جدًا بإخلاص ابنه …
“أتمنى أن يستمر والدي في الحكم لوقت طويل …”
راينهارت لم يظهر يومًا طمعًا في السلطة
أثار هذا فضول الإمبراطور الذي قرر لأول
مرة أن يسأله سؤالًا مباشرًا:
“ماذا تريد أنت؟”
عطش الإمبراطور بعد هذا الحديث الطويل ، فاحتسى رشفة من الشاي ..
حينها ، اقترب راينهارت خطوة إلى الأمام ،
وبانت ملامحه بوضوح وهو يخرج من الظل …
“لقد تحققت أمنيتي للتو …”
قال راينهارت بكلمات غامضة ، نظر الإمبراطور إليه نظرة متشككة وأخذ رشفة أخرى من الشاي …
ثم شعر بنار مشتعلة في داخل جسده …
“كووك!”
تموج الدم في فمه ، وسعل بشدة ، بينما كان راينهارت ينظر إلى الإمبراطور وهو يسقط ، كان تعبيره خاليًا تمامًا من العاطفة وجافًا ….
“أنت…”
راينهارت كان يراقب التغيرات في الإمبراطور بعناية …
النظرة التي كان يوجهها إلابن لأبيه كانت غير قابلة للتصديق ، فهي قاسية بقدر ما كانت باردة ، كما لو كان ينظر إلى شخص لا يختلف عن الآخرين …
بينما بدأ بصر الإمبراطور يزداد ضبابًا وتراجعت أنفاسه ، جاء الصراخ فجأة …
“النجدة! سقط الإمبراطور!”
صرخ راينهارت ، وجهه مغطى بصدمة شديدة ، لكنه فعل ذلك بعد أن فقد الإمبراطور وعيه ..
على إثر كلامه ، دخل الخدم متأخرين وهم في حالة من الذهول بعد أن شاهدوا الموقف
وجاء جميع موظفي القصر الذين تم استدعاؤهم في المساء …
“… لقد توفي …”
جميعهم ترددوا في الكلام ، وابتلعوا لسانهم في صمت ، أما راينهارت ، فقد أغلق عينيه بإحكام ، ومكث صامتًا وهو يذرف الدموع …
“جلالتك…”
رأى الخدم وموظفو البلاط الموقف بحزن بالغ ، متأثرين بإخلاصه الظاهر لوالده ..
لم تدم لحظات الصمت طويلًا قبل أن يدخل كلٌّ من الإمبراطورة ولويد ، وقد بدا الذهول على وجهَيْهما …
“ما… ما الذي حدث هنا؟!”
أوضح لهم الأطباء الأمر بالتفصيل ، كان وجه الإمبراطورة شاحبًا من الصدمة ، ولويد أيضًا لم يستطع تصديق ما حدث …
“لقد مات الإمبراطور؟”
وصل الخبر بسرعة إلى الوزراء الرئيسيين ، ما دفعهم للحضور سريعًا ..
“هل مات جلالته بتسمم؟”
همس راينهارت وهو يمسح عينيه المتورمتين من البكاء:
“لا شك أنه الفاعل نفسه الذي حاول تسميمي …”
لكن ، في نفس الوقت ، شعرت الإمبراطورة برعشة باردة تسري في عمودها الفقري ،
من ذا الذي يمكن أن يفكر في قتل الإمبراطور؟
‘في الحقيقة… لا يوجد أحد…’
حين التقت عيناها بعيني راينهارت ، غمرتها قشعريرة مرعبة ..
“سأعثر عليه وأعاقبه دون رحمة …”
تحدث بصوت يغمره الغضب ، في حين حاولت الإمبراطورة بكل جهدها أن تكتم صرخة عارمة ..
‘إنه أنت! أنت من قتل الإمبراطور!’
عرفت بحاستها الغريزية أن راينهارت كان المسؤول عن هذا الفعل ..
‘لكن… كيف يمكنني التصرف؟’
لم تكن قادرة على البوح بما تعرفه ، فقد قُتل الإمبراطور بنفس الطريقة التي كاد راينهارت أن يموت بها …
كان من المستحيل تفسير الأمر إلا باعتباره من فعل الشخص نفسه …
‘هذا ما كان يخطط له…’
شعرت بأنها سقطت في شراك خطته المحكمة.
ارتجفت شفتيها وهي تحدق فيه ..
لم يكن يخطر ببالها أن راينهارت سيكون قادرًا على اتخاذ خطوة كهذه ..
كانت دائمًا تعتقد أنه سيبقى هادئًا ومستكينًا كما كان دائمًا ..
لكنه تغير تمامًا ..
اقترب راينهارت منها ، ونظر إليها مباشرة ، بعينين مليئتين بالغضب والكراهية ، وقال:
“أعدكِ يا أمي… سأكشف عن الفاعل …”
‘أنتِ أيضًا ستلقين ذات المصير ..’
كانت تلك الرسالة الصامتة التي حملتها نظراته …
“أرجوك… اعثر على المجرم الذي قتل جلالة الإمبراطور …”
قالت الإمبراطورة بصوت مرتجف ، محاولًة كبح ارتعاش شفتيها ..
“سأفعل …”
مرّ راينهارت بجانبها ، وفي اللحظة نفسها ، شعرت ببرودة حادة تخترق عمودها الفقري ،
‘ما هذا الشعور؟’
في تلك الأثناء ، كان كيم تاي-هيون في حالة من الارتباك الشديد ، عاجزًا عن استيعاب مجريات الأحداث …
‘هذا… تطور مختلف تمامًا عن أحداث القصة الأصلية …’
*. *. *.
القصور الشرقية …
لم يستطع كيم تاي هيون إخفاء تعبيراته المحبطة بعد أن تبع الامبراطورة ..
“ما الذي يحدث هنا؟”
صفعة!
وجهت الامبراطورة صفعة على خد كيم تاي هيون …
“أهه”
“لو لم تقم بتلك الأفعال السخيفة…”
بدا الدم بوضوح على وجهه بعد أن خدشته أظافرها ..
“..اغههه”
أطلق لويد الشتائم ..
”كيف تجرؤين على ضربي…”
حاول كيم تاي هيون أن يضرب الامبراطورة ، لكن الأشخاص ذوي الأقنعة السوداء ظهروا وقيدوه …
”م… ماذا يحدث هنا؟”
أومأت الامبراطورة بعينها ، وأجبر الأشخاص ذوو الأقنعة السوداء كيم تاي هيون على الركوع ..
“كنت أظن أن روحًا ناضجة قد دخلت ، لكن لم أتوقع أن يدخل مثل هذا الأحمق!”
وضعت الامبراطورة قدمها على وجه كيم تاي هيون في هذه اللحظة المهينة ، كان كيم تاي هيون يرتجف خجلاً من الوضع …
”بسبب تلك الخدع التافهة التي فعلتها ، وصلت الأمور إلى هذا الحد …”
”راینهاردت قتل الإمبراطور …”
نظرت الامبراطورة إلى كيم تاي هيون كما لو كانت تسأله لماذا يجب أن تشرح له ذلك أيضًا.
وجهه أصبح شاحبًا من الصدمة ..
”كيف علمتِ بذلك؟”
“ألم تدرك ذلك من سياق الأحداث؟”
أرادت الامبراطورة أن تجد دليلا على أن ولي العهد هو من قتل الإمبراطور ، لكنها فشلت في ذلك ..
كان من الواضح بشكل مخيف أن التغطية كانت محكمة ومدروسة …
”من تعتقد أنه سيكون التالي؟”
اقتربت الامبراطورة من كيم تاي هيون وأشارت بينه وبين نفسها بإصبعها ..
“إما أنا ، أو ستكون أنت …”
أدرك كيم تاي هيون الجدية الكاملة للموقف وغير من أسلوبه ..
“ماذا يجب علي أن أفعل؟”
لم يكن ليقوى على الموت هنا ، لم تكن الكبرياء هي المهمة ، كان الأمر يتعلق بحياته …
“هل يجب أن أقتل راينهاردت؟”
“أنت حقا غبي …”
تنهدت الامبراطورة …
“إذا قمت بقتل راينهاردت في هذه اللحظة ، ألن يشك الناس فينا؟”
“صحيح ، فالأمر كذلك …”
وافق کیم تاي هيون على كلامها ..
“أنت تمثل الخير المطلق ، أما هو فيمثل الشر المطلق …”
قالت الامبراطورة ببطء ..
”لجعله يبدو كذلك ، نحتاج إلى سبب مقنع .”
ترجمة ، فتافيت …
التعليقات لهذا الفصل " 94"