“ولي العهد ، كيف يمكن الجزم بأن ما فعله لويد كان سعياً وراء الهيمنة؟”
أدركت الإمبراطورة أنها أصبحت في موقف دفاعي ، واهتزت أطراف شفتيها قليلاً ..
سأل الإمبراطور ، الذي كان يراقب الوضع بصمت:
“أحضروا قائد فرقة البحث الأولى …”
“حاضر …”
بعد لحظات ، دخل كريس ، قائد فرقة البحث الأولى ، إلى قاعة الاجتماع المستديرة ..
سأل الإمبراطور: “من هو الشخص الذي اكتشف هذا الكتاب القديم لأول مرة؟”
أجاب كريس: “القديسة إيزابيلا …”
“هكذا إذن…”
تعمّقت التجاعيد حول عيني الإمبراطور ، ثم قال: “أحضروا القديسة إيزابيلا …”
شحب وجه كيم تاي هيون أكثر ..
لم يمضِ وقت طويل حتى ظهرت امرأة جميلة ذات شعر فضي طويل ، بدت إيزابيلا مرتبكة قليلاً بسبب الموقف المفاجئ ، ولم تفعل سوى أن طرفت عينيها …
“هل استدعيتني؟”
سألها الإمبراطور بلهجة مُهيبة:
“اشرحي بالتفصيل كيف تمكنتِ من العثور على هذا الكتاب القديم …”
بصوت مرتجف ، أجابت إيزابيلا: “أنا… لقد وجدته مصادفةً وسط الحشائش فقط…”
“هل تعنين أنكِ لا علاقة لكِ بهذا الأمر؟”
“نعم…”
سألت إيزابيلا بوجه بريء:
“هل حدثت مشكلة ما؟”
قال كيم تاي هيون بسرعة محاولاً تهدئة الموقف:
“بما أن إيزابيلا قديسة ، فهي لا تعرف البروتوكولات الرسمية ، يا جلالة الإمبراطور …”
كان من الوقاحة أن يطرح أحد عامة الناس سؤالاً على الإمبراطور أثناء الحديث ..
لعن كيم تاي هيون داخلياً:
‘يا لها من امرأة غبية …’
أدركت إيزابيلا حينها أنها ارتكبت خطأ ، فظهر الذعر على وجهها الشاحب وهي تقول:
“آسفة… أعتذر بشدة…”
بدا واضحاً أنها لا تعرف شيئاً ، وكانت تبدو بريئة تماماً ، ومع ذلك ، توهجت نظرات الإمبراطورة التي كانت تراقبها بحدة وكأنها عثرت على فريسة …
قال الإمبراطور بتعب واضح وهو يأمرها بالخروج:
“يمكنكِ المغادرة الآن ..”
انحنت إيزابيلا برأسها وغادرت القاعة على عجل ..
نظر الإمبراطور بعد ذلك إلى لويد إلفيوس بنظرة كانت أقرب إلى نظرة عدو من كونها تجاه ابنه ..
وقال بحزم:
“بما أنك خدعت الجميع لإشباع رغباتك الأنانية ، سيتم نقل مكان إقامة الأمير الثاني على الفور إلى القصر الجنوبي …”
“جلالة الإمبراطور!”
كان هذا القرار أشبه بنفي فعلي ..
صرخ كيم تاي هيون محتجاً:
“هذا العقاب قاسٍ جداً!”
كانت الإمبراطورة تراقب بعينها كيف أن نظرات الإمبراطور لم تكن متعاطفة ..
كان السبب وراء اتخاذ الإمبراطور هذه الإجراءات الصارمة واضحاً:
‘الرغبة بالسيطرة …’
على الرغم من جبنه وضعفه ، إلا أن الإمبراطور كان يمتلك طمعاً هائلاً ، فقد كان يُبعد بهدوء أي شخص يهدد مكانته ..
فهمت الإمبراطورة ذلك بسرعة وراحت تدافع قائلة:
“جلالة الإمبراطور ، لويد ارتكب حماقة فقط لأنه أراد نيل رضاكم ، يمكنكم معاقبته بأي طريقة ، ولكن أرجوكم ، تجنبوا نفيه!”
صورت الأمر وكأن لويد لم يكن يطمع بسلطة الإمبراطور ، بل أراد ببساطة أن ينال اعترافه كابن ..
لكن الإمبراطور ظل صامتاً ولم يُظهر أي رد فعل ..
قال بصوتٍ خافت يعكس شيخوخته:
“يُرفع الاجتماع الآن ..”
كانت كلمات الإمبراطور ترن في أرجاء القاعة ، مما أنهى الجلسة ، أدركت إيرين أن نظرات النبلاء الموجهة إليها قد تغيرت تماماً …
“إذن… كل تلك الأمور التي كان الأمير يحرص عليها…”
“كانت لأنها اختيرت لهذه المهمة؟”
دخلت كلماتهم المتقطعة إلى أذنها كهمسات متفرقة ..
“إذن ، الشائعات قد انتشرت بالفعل في العاصمة …”
أدركت إيرين متأخرة أن الفضيحة التي تربطها بولي العهد لم تكن منتشرة فقط داخل صفوف الفرسان ، بل أيضاً في الدوائر المركزية ..
بدأت أصوات متفرقة تصل إلى أذنيها عبر الحضور ، شعرت برغبة ملحة في مغادرة هذا المكان ، لكنها صمدت والتزمت بدورها ..
قال سيدريك ببرود وهو يحيل نظره في النبلاء المثرثرين بنظرة قاسية:
“قاعة الاجتماع ضجيجها مفرط ، الاجتماع قد انتهى بالفعل …”
فجأة صمت النبلاء وكأنهم اتفقوا على ذلك مسبقاً ..
في تلك اللحظة ، تقدم راينهارت من مقعده واقترب من الإمبراطور قائلاً:
“لقد طلبنا من الكنيسة البابوية إثبات أن إيرين ليكاون هي المكلفة بالرسالة ، فور حصولنا على شهادة الإثبات ، سنعزز أفراد الحراسة على الفور …”
أومأ الإمبراطور برأسه قائلاً:
“افعل ذلك …”
بعد أن حصل راينهارت على موافقة الإمبراطور ، زفرت الإمبراطورة بعمق ، محاولة السيطرة على غضبها العارم ..
‘لويد ، ذلك الأحمق! …’
لقد تجرأ ونفذ خطته بشكل فردي ، وأدى ذلك إلى هذه الفوضى ..
كان من السذاجة أن تنخدع بثقته المبالغ فيها حين قال إنه يمكن الاعتماد عليه ..
على مر التاريخ ، نادراً ما كان أي أمير نُفي يتمتع بفرصة النجاة إلا إذا كانت لديه أدلة قوية تبرئه ..
‘كيف يمكنني تجاوز هذا الموقف؟ …’
اضطرت الإمبراطورة إلى الاعتراف بأن الوضع قد خرج عن سيطرتها ، حيث إن نفي لويد يعني فقدانها لمكانتها وسلطتها …
كانت بحاجة إلى خطة جديدة ..
خطة تنقلب بها الأوضاع لصالحها تماماً ..
—
في اليوم التالي لنهاية الاجتماع ، تم نفي الأمير الثاني لويد إلى القصر الجنوبي ..
وفي الوقت نفسه ، طلب دوق ليكاون تعيين كلوي وديتريش ، الأخوين التوأمين ، كفرسان مؤقتين للعائلة الإمبراطورية بهدف رسمي:
“حماية المكلفة بالرسالة …”
في الظروف العادية ، كان الطلب سيُرفض ، لكنه حصل هذه المرة على استثناء خاص بالموافقة ..
تسببت الأخبار بحدوث ضجة كبرى في العاصمة …
اختلفت ردود الأفعال ، لكن الرأي السائد كان كما يلي:
“تعزيز سلطة ولي العهد …”
وبذلك كان من الواضح لمعظم الناس أن وريث عرش إمبراطورية إلفيوس قد تحدد بالفعل ..
في هذه الأثناء ، وبينما كانت إيرين تتجه إلى مكتب راينهارت بناءً على استدعائه ، قال لها عند لقائها:
“أعتذر ، لقد جعلتكِ تتدخلين دون استشارتكِ …”
اعتذر راينهارت بينما كان يفكر في الليلة الماضية بقلق ، بعد أن اكتسب مهارة قراءة النصوص القديمة ..
كان التساؤل الرئيسي الذي سيطر على ذهنه:
هل من الحكمة أن يقود هذه المواجهة بنفسه؟
وكان الجواب: “لا.”
صحيح أن تدخله الآن قد يثبت سلطته كإمبراطور ، لكن مشاركته في هذه اللعبة ستضعه في موقع يبدو فيه كأنه يتلهف للسلطة ..
“أعلم أنك فعلت ذلك من أجلي …”
ردت إيرين وعيناها الحمراوان الحالمتان تتأملانه بعمق وهدوء يشبه دفء النار ..
فقال راينهارت بصدق:
“لكن كان لديّ دوافعي الأنانية أيضاً …”
لم يكن يستطيع أن يكذب أمامها ، أو أن يتظاهر بأنه نزيه تماماً ..
أجابت إيرين بثبات:
“لا بأس بذلك ، حتى هذا استخدمه …”
ثم نظرت إليه بعزم وهي تكمل بجرأة:
“أنا أريد انتصارك ، يا مولاي …”
كانت عيناها الحمراوان تشعان بحرارة أشبه بلهيبٍ متقد ، مما أثار دهشة راينهارت بينما راقب هذا التحول الدراماتيكي فيها ..
ثم تساءل بهدوء:
“…لماذا تبذلين كل هذا من أجلي؟”
شعرت إيرين بنوع من الشعور المألوف ، كان قد طرح هذا السؤال ذات مرة في الماضي ..
لكن الإجابة كانت ستتطلب منها الإفصاح عن كل ما حدث قبل عودتها إلى الماضي ..
“هذا…”
بدت تلك الذكريات كأنها خفايا مؤلمة لا ترغب في كشفها ..
كانت تشعر بالخزي والضعف والمرارة ، ولم تكن تريد الحديث عنها مع أي شخص ..
خصوصاً مع راينهارت ..
لذا أجابت بإصرار:
“لأنني أؤمن أن هذا هو الجواب الصحيح ..”
لن تخطئ مرة أخرى بوضع ثقتها في شخص مثل كيم تاي هيون …
“الإيمان…”
تمتم بكلماته ، وكانت عيناه غارقتين في تأمل عميق ..
بريق عينيه الخضراوين ، الذي كان مظلماً وعابساً ، بدأ يتضح تدريجياً ويتوهج بحكمة ..
ثبت بصره مباشرة في عينيها الحمراوين ، مما جعل إيرين غير قادرة على التراخي في ظل التغير المفاجئ في الأجواء …
بدأت شفتيه المرتبتين بالتحرك ببطء:
“لقد كرستِ نفسكِ لخدمتي كسيّد لكِ منذ أن كنتِ صغيرة ، هل اتخذتِ هذا القرار منذ ذلك الحين؟”
كل سؤال يطرحه كان يخترق نقاط ضعفها بلا هوادة ..
أدركت إيرين هذه المرة أنها لا يمكنها الفرار ..
سأل:
“أريد أن أعرف لماذا فكرتِ بي كسيّد جدير بالثقة …”
صمتت ، كانت غارقة في التفكير العميق ،
‘كيف يجب أن أجيب؟ …’
لم تكن ترغب في تقديم أعذار سطحية ..
فقد كان صريحاً معها عندما كشف لها عن أفكاره الحقيقية ..
كشف السيّد عن مشاعره الحقيقية لأحد أتباعه يعد شكلاً عظيماً من أشكال الثقة …
‘إنه يثق بي كثيراً…’
لم ترغب إيرين في خيانته ، قررت أن تخبره جزءاً من الحقيقة ..
قالت بحزم:
“أنا أعلم عن المستقبل ، عن دمار العالم ، وعن أن طمع الأمير الثاني في السلطة إذا لم يتم منعه ، لن يمكننا تجنب هذا الدمار …”
اهتزت نظرات راينهارت ..
“…هل هذا أيضاً إحدى قدرات المكلَّف بالرسالة؟”
“نعم …”
رأت إيرين أن عودتها بالزمن إلى الوراء كانت هبة إلهية كجزء من قدراتها كمكلَّفة ..
ولهذا السبب ربما ترك لها الحاكم تلك الذكريات المؤلمة ..
كان وجه راينهارت يشير إلى أنه لديه العديد من الأسئلة ..
بصعوبة ، تحركت شفتاه وسأل:
“في المستقبل ، كيف كنتِ؟”
توقف نفس إيرين للحظة غير متوقعة ..
“لماذا… هذا السؤال تحديداً؟”
كان من أكثر الأسئلة التي تجد صعوبة في الإجابة عليها ..
لاحظ راينهارت الحيرة الواضحة على وجهها ، وضغط عليها قائلاً:
“أجيبي ، إيرين ليكاون …”
هذه المرة لم يكن ينوي التراجع ، كانت عيناه تعكسان إصراراً لا يتزعزع ..
رغم صمتها ، لم يتراجع نظره الحاد الثابت عليها ، مما أوضح نيته الواضحة في الحصول على إجابة ، كان شخصاً مختلفاً عن ذي قبل ..
قالت أخيراً:
“أنا…”
لم تستطع الهروب من السؤال ..
“…متُّ.”
اهتزت نظراته بشكل عنيف ..
“ماذا؟”
بعد أن أفصحت عن الحقيقة ، لم يعد من الصعب عليها متابعة الحديث ..
“لأكون دقيقة… لقد مت أثناء القتال …”
قالت ذلك بهدوء ..
“وكان ذلك النهاية …”
ترجمة ، فتافيت ….
التعليقات لهذا الفصل " 89"