غادر سيدريك المكان ، تاركًا وراءه عبارة واحدة:
“عليّ الاستعداد من الآن فصاعدًا …”
نظرت إيرين إلى وجه راينهارت المعقّد ، فازداد شعورها بالذنب ..
هي من تسبب في هذه الفوضى ..
“أعتذر بشدة …”
تأملها راينهارت بصمت قبل أن يتحدث ..
“أعتقد أن الدوق سيفعل ما بوسعه ، لكن…”
عيناه الخضراوان ، التي تشبه الغابة ، خفت بريقهما ..
“علينا أيضًا التفكير في أسوأ الاحتمالات ..”
بعد فترة صمت طويلة ، تحركت شفتاه مجددًا ..
“ما رأيكِ؟ هل لديكِ أي تعلق بهذا المكان؟”
كان سؤاله يبدو خفيفًا ، لكنه عكس جديته وحذره ..
لم تكن إيرين تتوقع مثل هذا السؤال ، فتملكتها الحيرة لبعض الوقت ..
“التعلق…”
كان هناك الكثير من الأشخاص والأشياء التي يمكنها التفكير فيهم …
عائلتها في عائلة ليكاون ، ومن يعيشون في منزلهم ..
وأيضًا ..
‘وأيضًا الفساد ..’
نهاية العالم ، المهمة التي أوكلت إليها ..
نظرت إيرين إلى راينهارت ..
“لقد استجاب ريفيدور داخل القصر الإمبراطوري ، أليس كذلك؟”
شعرت بعدم الارتياح ..
هذا يعني أن هناك ساحرًا أسود في القصر أيضًا ..
ومع أنه لم يُقبض عليه بعد ، إلا أن راينهارت كان بإمكانه التعامل مع الأمر ، حتى لو لم تكن موجودة ..
“إنه قوي بما يكفي ليصمد وحده داخل القصر …”
قبل ست سنوات ..
تذكرت حين قال لها بتلميح أنه لا يمكنه الوثوق بأي أحد ..
إذا رحلت هي أيضًا إلى ساكار ، فسيخوض المعركة وحيدًا تمامًا. .
‘سيصبح قتالًا وحيدًا بحق…’
القتال وحدك شعور مؤلم ومليء بالعزلة ،
تجربتها في ساحات المعارك علّمتها مدى قساوة ذلك الشعور ..
لم تكن تريد أن يمر راينهارت بتلك المعاناة أيضًا ..
بينما كانت تنظر إلى راينهارت بصمت ، بدأ وجهه يحمر تدريجيًا ..
سعل بخفة وحاول تجنب النظر إليها بسرعة ..
“كح كح …”
نظرت إليه إيرين بحيرة ..
هل هو على ما يرام؟
هل أصيب بالمرض فجأة؟
“جلالتك ، هل تشعر بعدم الراحة؟”
“لا ، ليس الأمر كذلك ، أنا بصحة جيدة.”
راقبته إيرين بصمت ، ثم انحنت له قليلًا ..
“يبدو أن صحتك ليست على ما يرام ، سأغادر الآن ..”
“قلتُ إنني بخير …”
“استرح جيدًا ..”
لم تمرض إيرين من قبل أبدًا ، لكنها قررت أن راينهارت يبدو ضعيف البنية وغادرت مكتبه بسرعة ..
“آمل أن يكون بخير …”
شعرت بالقلق دون أن تدري السبب ..
—
بعد مغادرة إيرين ومرور الوقت ، كُسر الصمت بصوت طرق على الباب ، ودخل مساعد راينهارت ..
“طلب الأمير الثاني مقابلة الإمبراطور …”
تنهد راينهارت وهو يتكئ على كرسيه ، وظهر على وجهه تعبير من الضيق ..
“ما الإجراء الذي ترغبون في اتخاذه؟”
“اتركه وشأنه.”
أجاب راينهارت بحزم ، مما جعل المساعد يتحدث بقلق قائلاً:
“هل سيكون ذلك جيدًا؟ في هذه الحالة ، قد تتهم بالخيانة.”
رد راينهارت بهدوء ، مع بريق من البرودة في عينيه الخضراوين:
“بالطبع ، ذهب ليخبر عن لقاء إيرين ليكاون مع هاكان …”
“لويد إلفيوس…”
فكر راينهارت في التغييرات التي طرأت على الأمير الثاني منذ حادثة السقوط من الحصان ،
فقد تحول تمامًا ، فبدلاً من كونه أرعنًا لا يهتم بصورته ، أصبح أكثر دهاءً وشرًّا ..
تساءل راينهارت: “هل يمكن أن يتغير الإنسان بهذا الشكل بعد حادثة سقوط؟”
وأطلق في رأسه فرضية مقلقة:
‘ربما تغيرت روحه…’
إذا صحت هذه الفرضية ، فهناك طريقة واحدة فقط لذلك:
‘السحر الأسود ..’
لكن ، بما أن السحر الأسود جريمة تُعاقب بالموت الجماعي ، كان التعامل مع الأمر يتطلب حذرًا كبيرًا لتجنب المخاطر ..
قال راينهارت بهدوء:
“الجرأة على الحديث عن الخيانة… لن يمر هذا بسهولة …”
ابتلع المساعد ريقه بتوتر ، إذ شعر أن الموقف يتجه نحو شيء خطير ..
—
في اليوم التالي ، الساحة الأولى في القصر الإمبراطوري ..
أثارت الأخبار التي انتشرت حديثًا حماسة الجميع ، فتجمع عدد كبير من الناس في الساحة ..
“ما الذي يحدث بالضبط؟”
“يبدو أن هاكان ودوق ليكاون سيتبارزان.”
مواجهة بين سيد السيف الشهير لعائلة إلفيوس وحاكم مملكة ساكار المطلق ..
كانت معركة منتظرة بشدة ، خاصة أن ولي العهد أشرف على تنظيمها ..
“سمعت أن الأجواء بينهما كانت سيئة في حفل الميلاد… هل لهذا السبب يتقاتلان؟”
ظاهريًا ، كانت معركة ودّية ، لكن الواقع كان صراعًا على حقوق الوصاية ..
بالنسبة لأهل القصر الذين لم يعرفوا الحقيقة ، كان الأمر مجرد تسلية ..
“مهما كان ، لا يمكن تفويت هذه الفرصة.”
“سيكون ممتعًا جدًا.”
نادرًا ما تُتاح الفرصة لمشاهدة مثل هذا النزال ، لذا حتى الأشخاص المشغولون قرروا أن يحضروا ، مما جعل الساحة مكتظة بالحضور ..
صرخ أحدهم فجأة:
“هاكان قد وصل!”
كان هاكان أول من ظهر في ساحة المبارزة ،
كانت هالته المهيبة ، التي تميز المفترسين ، تحيط بجسده ..
رغم تعابيره الهادئة ، كانت عيناه مشعتين بحدة ..
أولئك الذين يعرفون هاكان شعروا بمدى جديته تجاه هذه المبارزة ..
كانت إيرين تراقب هذا المشهد وتتنهد بتوتر
“…آه.”
شعرت بالاضطراب لأنها كانت تعتبر نفسها السبب وراء ما حدث ..
عندها تحدث راينهارت بجانبها بهدوء:
“بغض النظر عن النتيجة، فهذا ليس خطأكِ.”
كانت كلماته وكأنه قرأ ما في قلبها ، وبشكل غريب ، شعرت بالراحة بسببها ..
“…أبي.”
تمتمت إيرين عندما رأت سيدريك يدخل الساحة بعده ..
كان يرتدي زي الفرسان الرسمي للمرة الأولى منذ مدة طويلة ، وتقدم بخطى ثابتة نحو ساحة المبارزة ..
كانت نظراته هادئة ومستقرة.
عرفت إيرين هذه النظرات ..
كانت ذات النظرات التي رآتها عندما واجهت الموت بدلاً من كيم تاي هيون ..
وفور أن أدركت ذلك ، شعرت بوخز وألم غريب في صدرها ..
“استعدوا.”
بشكل استثنائي ، تم تعيين قائد فرسان البلاط الإمبراطوري حكمًا لهذه المبارزة ..
“ابدأوا.”
لكن كلا الرجلين لم يتحركا على الفور ، بل تبادلا النظرات وكأنهما يدرسان بعضهما البعض ..
“…”.
صمت الجميع ، ولم يُسمع سوى أنفاس المبارزين في هدوء المكان ..
كانت نظرات الاثنين المتباعدين متقابلة تمامًا.
“تشينغ!”
حدث ذلك في لحظة ..
لم يستطع أحد رؤية حركتهما ، لكن سيفيهما تلاقيا وكأنهما قد اتفقا على ذلك مسبقًا ..
قال هاكان بابتسامة ساخرة:
“تبذل جهدًا كبيرًا …”
شعر سيدريك بكل القوة التي تنتقل عبر السيف بصمت ، لمع بريق بارد في عينيه الزرقاوين ..
“إنها قوة طاغية.”
كان يشعر بالقوة التدميرية الفريدة لشعب ساكار ..
كلما طالت المبارزة ، أصبح في وضع غير مواتٍ ..
قرر سيدريك تغيير حركاته لتصبح أكثر مرونة وسرعة ..
وانقلبت الأجواء ..
مع هجماته الحادة والقوية ، بدأت الابتسامة الواثقة على وجه هاكان تتلاشى تدريجيًا ..
لم تستطع إيرين أن تبعد نظرها عن سيف هاكان منذ البداية ..
‘سيف هاكان غريب ..’
رغم أن مظهره بدا كسيف عادي ، إلا أن انكسار الضوء عليه كان مختلفًا عن سيف سيدريك ..
لم يلاحظ الجمهور هذا الاختلاف الدقيق ، وكانوا يركزون فقط على المبارزة ، يتنقلون بين الإعجاب والآهات ..
قال هاكان بصوت خافت وقد اختفت الابتسامة تمامًا عن شفتيه:
“يجب أن ننهي هذا الآن ..”
ثم هاجم سيدريك بقوة أكبر من أي وقت مضى …
“تشققق!”
في تلك اللحظة ، تحطم سيف سيدريك ..
“إيرين!”
سمعت صوت راينهارت يناديها ، لكنها كانت قد انطلقت بالفعل نحو ساحة المبارزة ..
عمّت الفوضى حول الساحة ، وفي اللحظة التي كاد فيها سيف هاكان يلامس عنق سيدريك …
“ما الذي تفعله؟”
قبضت إيرين على ذراع هاكان وأوقفته ، ما جعله ينظر إليها بغضب قاتل ..
لكن عندما أدرك من أوقفه ، اتسعت عيناه بدهشة …
“أنتِ…”
كانت عينا إيرين الحمراوان تشتعلان كاللهب المتأجج ..
“إنها مباراة تافهة.”
قالت بصوت ثابت مليء بالحدة:
“السيف لا يليق بمن لا ينوي خوض مبارزة عادلة …”
ترجمة ، فتافيت ..
التعليقات لهذا الفصل " 81"