”لماذا أخفيتها؟ …”
مر هذا السؤال بخلدها ، لكنها أرادت سماعه مباشرة من فمه ..
“…لم أرغب في إرسالكِ إلى ساكار .”
لم يكن هذا مبررًا مقنعًا لإخفاء والدها الحقيقي ، فإخفاء أفراد العائلة الملكية يُعد جريمة خطيرة في أي مملكة ..
ألم يكن هذا القرار لحماية العائلة؟
نظرت إيرين إليه بعينين تملؤهما الشك ..
“هل هذا هو السبب فقط؟ وليس لأنك لم ترغب في أن أكون بذرة للانشقاق؟”
“أنا صادق ، أنتِ ابنتي وابنة نيوب …”
قابل سيدريك نظرتها مباشرة ، وكأنه يبرهن على صدقه ، دون أدنى تردد في عينيه الزرقاوين ..
“نيوب… أو أمي ، ماذا حدث لها؟”
أطلق سيدريك تنهيدة عميقة ، وبدأ يتحدث وقد ارتسمت على وجهه ملامح تفكير عميق ..
“كانت نيوب مخطوبة في الأصل لابن شقيق الإمبراطور ، كان ذلك في الواقع وسيلة لتعزيز الروابط مع العائلة الإمبراطورية.”
كانت هذه أول مرة تسمع فيها إيرين عن هذا الأمر ، مما يعني أنه كان سرًا داخليًا ..
“لكن نيوب ألغت الخطوبة من جانب واحد ..”
أدركت إيرين على الفور أن وراء ذلك حدثًا كبيرًا ..
“كانت نيوب فتاة تتوق للحرية بطبيعتها.”
ارتسم الحنين على صوت سيدريك ، حينها بدأت إيرين تفهم كيف سارت الأمور ، فعادةً ما تكون الخطوبة مع العائلة الإمبراطورية أداة لتوطيد العلاقة بين العائلة والنظام الملكي ..
‘لكن إلغاءها من طرف واحد… هذا لا يُعد تصرفًا مألوفًا ..’
“عندما اكتشف والدها ذلك ، قام بإقصائها من العائلة ونفيها إلى الأبد …”
أظهر سيدريك نظرة غضب واضحة ..
“فقط لأنها خالفت إرادة ليكاون …”
أدركت إيرين أنها كانت تحمل فهمًا خاطئًا تمامًا عن سيدريك ..
لم يكن محبًا لليكاون ، بل كان يكرهه ، ولهذا لم يكن يهتم بما سيحدث له ..
“…في ذلك الوقت كنت جبانًا ، ولم أستطع منع ذلك.”
تلطخت ملامحه بالندم ..
“بعدها عاشت نيوب في ساكار وتزوجت من رجل دون أن تعرف هويته الحقيقية ، وأنجبتكِ …”
لكن لسوء الحظ ، كان ذلك الرجل هو هاكان …
“عندما اكتشفت نيوب هوية ذلك الرجل ، حملتكِ على ذراعيها وعادت إلى هنا ، رغم أنها كانت في حالة صحية متدهورة ، وسط عاصفة ثلجية قاسية …”
عيناه الزرقاوان أصبحتا مليئتين بالغضب القاتم ..
“…ثم ، أمي…”
بدأت إيرين تخمن السبب وراء وفاتها ، ارتجف صوتها ولم تستطع إكمال حديثها ..
“نعم ، كانت حالتها ميؤوسًا منها …”
جلست إيرين على الأريكة وقد شعرت بآلام شديدة في صدرها …
دموعها انهمرت بغزارة وغمرها الغضب ، لكنها لم تعرف تجاه من يجب أن توجه هذا الغضب.
“…نيوب كانت تحاول حمايتكِ من هاكان ، وقد عهدت لي برغبتها.”
قال سيدريك بنبرة حازمة ..
“أنتِ ابنتي ..”
لكن إيرين لم تعد تسمع شيئًا مما يقوله ، أصابها صمم وكأن أذنيها أصبحتا عاجزتين
عن الاستماع ..
عندما رأى سيدريك تعابير وجهها ، خيمت الكآبة على ملامحه ..
“…أنا آسف ، إيرين.”
“أريد أن أكون بمفردي.”
قالت إيرين بصوت خافت ..
تمنت لو أن كل ما حدث كان مجرد مشهد في مسرحية هزلية ..
—
من جهة أخرى ، كان كيم تاي هيون غارقًا في الغضب بسبب ارتباكه ..
بحسب القصة الأصلية ، كانت دوقة بيتزيل بمثابة ورقة رابحة قادرة على تغيير قواعد اللعبة بالكامل ..
لكنها رفضته وجهًا لوجه ..
‘اللعنة ، هل هناك أي شيء يسير وفقًا لما أريد؟! ..’
كانت الإمبراطورة تعتمد على قوى بارزة مثل عائلة ماركيز كلود ودوق ماينارد ، ولكن ظهرت متغيرات جديدة ..
“ليكاون …”
نظر إلى إيرين وهي تخرج من قاعة الانتظار ، عندما لاحظ أنها لم ترتدِ الخاتم الذي قدمه كهدية صلح ، أدرك أنها امرأة ضيقة الأفق بلا شك ..
‘المرأة يجب أن تكون متفهمة ..’
مؤخرًا ، سمع خبرًا يفيد بأن الخاتم الذي أهداه لها وُجد في محرقة القمامة ..
‘اللعنة ، ولماذا يجب أن يكون الأمر كذلك…؟’
كل ما يحتاجه كان بيد إيرين ليكاون ..
إنجازات قسم التفتيش الأول ، إعجاب دوقة بيتزيل ، وقوة عائلة ليكاون ، كل ذلك كان مرتبطًا بها ..
“جلالتك ، تبدو قلقًا …”
تحدثت إيزابيلا بصوتها الرنان الذي بدا كحبات اللؤلؤ تتدحرج ، أمسك كيم تاي هيون بيدها وقال بلطف:
“إيزابيلا ، أنا محظوظ بوجودكِ بجانبي ..”
“…ههه ، لا تقلق.”
قبضت إيزابيلا بيدها الصغيرة وقالت بحزم:
“سأتخلص من كل العقبات التي تعترض طريق جلالتك!”
“يا لكِ من لطيفة.”
ضحك كيم تاي هيون وربّت على رأسها كما لو كان يداعب جروًا صغيرًا ، احمر وجهها خجلًا ، وبدأ هو بممازحتها بلطف ..
“هل تشعرين بالحرج؟”
“أوه ، توقف عن المزاح!”
“هههه.”
انتشرت همسات بين النبلاء حول العلاقة بين كيم تاي هيون وإيزابيلا ..
“يبدو أن صاحب السمو الثاني والقديسة قريبان جدًا.”
“أجل ، هل سيخطبها؟”
وصل هذا الحديث إلى مسامع إيرين ، شعرت وكأن ماءً باردًا انسكب على رأسها ، في وسط دوامة الأسرار المتعلقة بأصلها ..
‘الخطوبة…’
كانت تعلم أن إيزابيلا لا يمكن أن تكون خطيبة كيم تاي هيون ..
‘لقد طلب الزواج من دوقة بيتزيل …’
تذكرت المشهد بوضوح ، عندما بكت إيزابيلا بحرقة بعد أن تقدم لخطبة دوقة بيتزيل ..
حتى أنها قدمت لها منديلًا لمواساتها ..
‘كان ذلك تعاطفًا لا طائل منه ..’
من الذي واسى الآخر؟ شعرت إيرين ، التي أصابها نفس الجرح من طلبه الزواج من دوقة بيتزيل ، بنفس المرارة ..
قال لها كيم تاي هيون:
“على أي حال ، دوقة بيتزيل بالنسبة لي مجرد ورقة جوكر ، ورقة تُستخدم مؤقتًا ثم تُلقى ، أما الشخص الذي أحبه حقًا فهو أنتِ يا إيرين.”
كان من السهل أن تتخيل أنه قال الشيء نفسه لإيزابيلا ..
“ماذا سيحدث الآن؟”
أعلنت دوقة بيتزيل للتو رفضها الوقوف بجانبه عبر رفض طلبه للرقص ..
بدأت إيرين تتساءل كيف سيتصرف كيم تاي هيون بعد ذلك ..
كان ينظر إلى النساء كأدوات لتحقيق طموحاته ، وكوسيلة للتغلب على عقدته تجاه راينهارت ..
‘لن أدع الأمور تسير وفقًا لرغباته بعد الآن ..’
نظرت إليه إيرين ببرود ، ثم اقترب شخص ما منها ..
“سيدة إيرين ، نلتقي مجددًا هنا.”
كانت إيزابيلا ..
وقفت أمام إيرين بابتسامة مشرقة ..
لم تكن هذه المواجهة مريحة بالنسبة لإيرين ، لكنها انحنت لتحيتها باحترام ..
“مرحبًا.”
“أنا آسفة بشأن ما حدث سابقًا.”
اعتذرت إيزابيلا وكأنها تشعر بالندم حقًا ..
نظرت إليها إيرين بعينين مليئتين بالدهشة ..
هل تقدم اعتذارها بهذه السهولة؟
ما زالت تتذكر النظرة الحادة التي كانت تصوبها نحوها وهي تعض على شفتيها من شدة الغضب بسبب كرامتها المجروحة ..
“…لا بأس.”
شبكت إيزابيلا يديها معًا وبريق في عينيها ..
“لقد كنت أنظر فقط لأنني لم أرَ فارسًا أنثى من قبل ، لم أكن أعلم أن ذلك قد يبدو غير مهذب ، لكن الأمر مذهل حقًا!”
لم تصدق إيرين أيًا من كلمات المدح تلك ، فهي تعرف جيدًا ما كانت إيزابيلا تقوله عنها في السابق ..
“همم ، وما فائدة أن تحمل امرأة سيفًا؟ في النهاية الرجال لا يحبون هذا النوع من الأمور ، أليس كذلك؟”
“إيرين ، لا تعلمين كم أشعر بالأمان عندما تحملين السيف!”
إيزابيلا ، التي كانت تحب كيم تاي هيون ، كانت دائمًا ترى إيرين ، حارسته الشخصية ، كشوكة في عينها ..
والآن فجأة ، تزعم أن المرأة التي تحمل السيف مذهلة؟
‘تتظاهر فقط ..’
كانت دوافعها واضحة لإيرين ، وشعرت بالضيق يتصاعد في داخلها ، لكنها سيطرت على مشاعرها وردت بهدوء:
“شكرًا لكِ …”
“أريد أن أكون صديقة لكِ في المستقبل ، ما رأيكِ يا السيدة إيرين؟”
“بالطبع ، يسعدني ذلك ..”
رغم أن إيرين أرادت أن تعبر عن مشاعرها الحقيقية ، إلا أنها أدركت غريزيًا أن هذا ليس الوقت أو المكان المناسبين لذلك ..
‘ما الذي تخفيه؟ ..’
كانت إيرين على يقين بأن إيزابيلا تضمر شيئًا ما ..
ومهما كان هذا الشيء ، إذا كان يستهدف إيذاءها ، فستكون مستعدة للتصدي له بكل قوتها ..
ترجمة ، فتافيت ..
التعليقات لهذا الفصل " 77"